عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 4290 - 2013 / 11 / 29 - 18:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لربما يكون القول المأثور (رُبَّ ضارّةٍ نافعة) في محله، وأعني هنا أنّ الكوارث ألتي حلّت بالعراقيين وآخرها فيضانات الأمطار ألتي أدّت إلى هَدم بيوت الكثير من العوائل الفقيرة ووفاة البعض تحت الأنقاض وإجبار البعض الآخر على ترك منازلهم وتوسّدهم العراء بلا مأوى، كَشَفَت المستور من زيف إدعاءات المسؤولين حول إنجاز المشاريع الخدمية التي ضاعت أموالها بين السرقات والتبذير والتخريب، هذا من جانب، ومن جانب آخَر نشاهد كيف تهرع قوى الإسلام الشيعي بالتناغم مع رغبة المرجعيات الدينية بإقامتها الندوات لفرض قانون القضاء الجعفري، غير آبهين بما حَلَّ من مصائب وفواجع جعَلت حتى المؤمنين المنكوبين يكفرون بإيمانهم ويتبرأون من مرجعياتهم الدينية والمذهبية.
فالمؤشرات أعلاه ستساعد القوى المدنية الديمقراطية على وضع برنامج إنتخابي واضح يتضمن القضاء على الفساد وبناء المجتمع وكل ما يرتبط بالإنسان الذي يجب أن ينعم بحياة كريمة من خلال إزالة الفوارق الطبقية الكبيرة ألتي ظهرت في العشر سنوات الماضية بسبب صناعة قوى السلطة للمافيات الطفيلية.
لقد كانت الفترة ما بعد سقوط طغاة البعث في 2003 تمثل حالة الإختبار العملي لكل واحدة من القوى السياسية المدنية الديمقراطية لمعرفة ثقلها في الشارع العراقي. لكن الكثير منها سواء كانت كأحزاب أو أفراد أعطت لنفسها حيزاً جماهيرياً أكبر من حجمها الفعلي (وليس حجمها التاريخي)، إضافةً إلى مرض ألـ (أنا) الذي أصاب الغالبية من الديمقراطيين بالغرور وإقتصار إحتكاك بعضهم بالجماهير عن طريق وسائل الإعلام فقط وليس بالمعايشة الميدانية التي تعطي إستقراء واضح حول ذهنية المواطن بعد الحملات الإيمانية المصطنَعة، وإنحسار تفكيره في تدبير لقمة العيش.
إنّ معطيات الإرهاص الجماهيري الناقم على العملية السياسية وأقطابها حالياً تشجع القوى المدنية الديمقراطية على توحيد جهودها لخوض الإنتخابات البرلمانية القادمة، واضعين نصب أعينهم إستغلال ما تبقى من الوقت لرفع درجة وعي المواطن كي يتسنى له تحديد موقفه وإعطاء صوته لمن يجد فيه الأمل في بناء دولة المؤسسات المدنية الديمقراطية الحافظة لحقوقه.
بألأمس تمَّ الإعلان عن تشكيل – الإئتلاف المدني الديمقراطي العابر للطوائف – الذي يُعتبَر خطوة متقدمة وبالإتجاه الصحيح، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا يكون هذا الإئتلاف عابر للطوائف فقط وليس الإثنيات معها!؟.. إنّ تغييب عبور الإثنيات، يعني، أنّ التنظيمات القومية – الإثنية تجعل إنتمائها القومي مساوي ومكافيء ونِد للمواطنة، وهذه الحالة هي السائدة حالياً لدى قوى الطائفية السياسية، حينما جعلت الإنتماء الطائفي يطغى ويحتل الموقع الأول، وهذا ما لانتمنى أن تقع به كافة التنظيمات والشخصيات الوطنية المدنية العلمانية الديمقراطية، وسيؤثر سلباً على وحدة لُحمة العراقيين.
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟