أماني فؤاد
الحوار المتمدن-العدد: 4290 - 2013 / 11 / 29 - 00:21
المحور:
الادب والفن
في أقل من دقيقة..
هي ذات المساحة ، المسافة بينهما لا تتعدي مائة سنتيميتير، منذ زمن ــ ولأول مرة ــ وحدهما.
ــ تَصورت هي للحظة أن بمقدور ذراعيه أن يطولا نصف الكرة الأرضية البعيدة ، تلك التي قذفها الوجود بينهما ، أن يضمها في خطفة حانية بين ضلوعه ، يُسكنها خلاياه ، مثل أول لقاء لهما بين جدران..
ــ ربما خطر له أن يفعل ..
ربما تصور أنها لن تلتصق بالجدران المواجهة له علي هذا النحو ، أنها ستأتيه تغوص بصدره ، طاوية لواجهات الأيام المعدنية القاتمة .
ربما لم يعد يريد أن يقترب .. لكنه يعرف أنه لم يزل يهفو .. لماذا يعشق الخطان المتوازيان الدائرة ؟ يتساءل .
ــ كانت ستفعل.. منعها حياؤها أن تذهب .. خافت أن تجد صدا .. تعايشت مع اختراعه في الغياب .
في المصعد .. وضع يديه بجيبه ، وانكمشت هي بزاوية بين جدارين..
ــ ــ ــ
علي شاكلة نفس هذه المساحة ذاقا معا أول السحر ، ضمها إليه ، أخذها كزهور بيضاء تتناثر بين ضلوعه ، وارتفعا ليتخطيا كل الجدران ..
ــ لم تزل تتطاير فوق سحابها كلما تمثلته يَلمسُ روحها علي هذا النحو الحاني ..حين كانت علامات الاستفهام تقفز بداخلها تسألها عن الجدوي ، كانت تقيدها وتنفيها ، فهي لم تزل تشعر دفئه بقلبها.
ــ ــ ــ
لم يكن يشغل المائة سنتيميتر بينهما اليوم جبال شاهقة ، ولا محيطات شديدة الزرقة ، لم تعو فيها الذئاب ، فقط صرخَ الصمتُ الحائر بين عينيه ويديه ، وارتعش توقها الذي لم يفارق جدران خوفه .
ــ خشيت إن خطت نحوه لن تجد رائحة زهر الرمان الذي تعشقه بمسامه ، وهو يهرب إليها من فتحة زر قميصه..
ــ ربما إن طالت ذراعه نصف الكرة الأرضية البعيدة ، لن يمكنها العودة ، أكثر ما يخشاه ضياع الحلم ، وأن يفقد معه الواقع . يقول لذاته .
ــ ترجوه عيناها الصدق ، البوح .
ــ فيخاف الشوق..
ــ فتسأله : ما الغربة ؟
ــ لم تتحرك شفتاه .. تذكَّر أنه قال لها ذات مرة : وأنتِ بصدري لا تخشِ شيئا .. عالمك أنا .
افترقا .. لكنهما لم يغادرا الذكري ..
#أماني_فؤاد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟