علي عبد الرحيم صالح
الحوار المتمدن-العدد: 4287 - 2013 / 11 / 26 - 21:55
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تعتمد نظرتنا للحياة بسلبياتها وإيجابياتها على ما نتذوقه منها من خبرات ومشاعر ، إذ على طعم هذه الخبرات نرى العالم بعيوننا ، ونقدر مدى رضانا على انفسنا وعلى الآخرين ، وشعورنا بالسعادة ، واعطاءها مقدار معين من الاهمية ، لذا فان الكثير من افكارنا العقلانية ، وتفاؤلنا وشعورنا بالأمل والانجاز والخير يعتمد على تلك الحقيقة ، وبذلك فان طعم الحياة وتذوقنا لنكهتها سيحدد توافقنا النفسي وصحتنا النفسية ومدى شعورنا بالارتياح والرضا والقبول .
ويختلف طعم الحياة باختلاف الافراد وما يتوفر لهم من رفاهيه ورخاء واشباع للحاجات ، وكذلك يتوقف طعم الحياة على مدى ما يحققه الشخص من انجاز ، وعلى نظرته لذاته ومعتقداته حول ما يمتلكه من قدرات ومهارات يستطيع من خلالها تحقيق احلامه وطموحاته ، فضلا عن ذلك يشير علماء النفس ومنهم (Taylor & Rogdan,1990) و (Keith,1991) ان طعم الحياة يتوقف ايضا على العائلة التي يعيش فيها الشخص ، وعدد الاشخاص الذين يثق بهم ، وعلى صحته الجسمية ، وممتلكاته ، والرحلات والمغامرات التي يقوم بها ، وحريته الدينية والشخصية في ممارسة ما يؤمن به من افكار لأن هذه جميعا تثري حياة الشخص ، وتجعل لحياته معنا ووجودا وهدفا جميلا ، وتجعله يستمتع بالحياة ويتمسك بها بشدة ، ويبرر (Stark & Goldsbury,1990) هذا التمسك بالحياة بأن تذوق طعم الحياة الايجابي يجعل الشخص يقدر ما فيها من اشياء واشخاص وسيعطيها ثمنا باهضا لا يفرط بها أبدا .
أما فقدان الشخص لطعم الحياة فأنه سيقوده للكثير من المشكلات التدميرية ، إذ على أثره تصبح الحياة فارغة ، ولا معنى لها ، وسيصبح الشخص متشائما وغير راغب في العيش ، وكذلك سيعتقد بأن الحياة مجرد دوامة من الروتين المؤلم ، ومن الهدر الاستمرار والتمسك فيها ، وبذلك فأن هذه الاحداث تنعكس جميعا على صحة الفرد النفسية ، وستصيبه بالاكتئاب ، والقلق من الوجود أو بما سيحمله المستقبل من خبرات مؤلمة قادمة . وهذا ما أكده عالم النفس البرت اليس صاحب نظرية العلاج العقلاني الانفعالي بان فقدان طعم الحياة سيجعل الشخص يعتقد بان الحياة غير جديرة بأن نعيشها ، وأن لا معنى من استثمارها ما دامت ترفض وجودنا وتعذبنا ، لذا لا داعي لأن تستمر لنا وللأجيال القادمة .
إن طعم الحياة ومعناها يتوقف عليّ وعليك عزيزي القارئ ، فنحن من نصع الحياة ، ومن نحدد قدرنا ومستقبلنا ، فان اعطيتني يدك ، وسهلت مطالبي ، وابتسمت لي فأني سأبادرك بالابتسامة نفسها والعطاء نفسه ، فنحن من نذلل الصعاب ، في حين ان رفضت وجودي ، وان لم تجعل لي مكانا بقربك فاني سأبتعد عنك واتركك وحدك ، ومن ثم سيصبح العالم سوادي ومظلم لكلانا ، وسنعاني سويا .
#علي_عبد_الرحيم_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟