وليد فتحى
الحوار المتمدن-العدد: 4287 - 2013 / 11 / 26 - 19:30
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
"فى فترة زمنية وجيزه من بعد ثورة يناير 2011م تعددت الدستور المصرى مابين تعديل وأضافة وتغيير وأشتمل عليه حوار مدنى من جميع الفئات مابين مؤيد ومعارض وحذر ومتحفظ ,ومازالت
المناقشات حول كتابة الدستور الجديد 2013 تحتل المرتبة الأولى فى وسط المجتمع المدنى والأحزاب والشارع المصرى بل والأقليمى والدولى ,ومن الجدير بالذكر أن وضع الدستور وكتابته يشكل
محورا رئيسيا فى السياسات القادمة على جميع المستويات الأقتصادية والسياسية والأجتماعية والثقافية,ولكن على الرغم من جميع تلك المناقشات والجدل الدائر حول الدستور وأنما لا توجد قاعدة عامة
ننطلق منها وبشكل علمى لنقد أو تأييد بنود الدستور فى المسودات الجديدة,فغالبية المصريين يرون دائما فى تلك المناقشات مجرد رفاهية لا أحد يمتلكها غير فئة معينة من الجماهير والتى تمثلها الأحزاب
والمجتمع المدنى ,وأن حقيقة الحياه من وجهه نظر غالبية الشعب هى الأنصراف الكامل من أى توجه سياسى أو ررؤية معينة ألا الحياة الكريمة وتحقيق مطالب فى الشأن الأقتصادى والأجتماعى,وأذا لم
يتحقق من خلال بنود الدستور فأنهم يمتلكون (حياه موازية) لعالم السياسة والصراعات الحزبية ومابين الرؤى المتباينة والمختلفة ,لذلك وقبل الأتفاق النهائى على بنود مسودة الدستور القادم وقبل طرحه
الى الأستفتاء العام فى منتصف يناير المقبل فأن غالبية الجماهير سوف يؤيدون الدستور حتى دون قراءته ظنا منهم بأن لمجرد الموافقة على الدستور فهذا سيحقق الأستقرار وتستمر الحياه ,وللأسف
الشديد وجود تلك النظرة الأستسلامية هى نظرة واقعية عند غالبية الجماهير ليست فى مصر فقط وأنما فى جميع البلدان العربية وأيضا العالم الثالث.
فمصر وغيرها من الدول التى ترى فى الحاكم أو السلطة هى الأمان لحياتها حتى لو كانت تلك السلطة ظالمة وأستبدادية ,وتلك نظرة ثقافية قديمة متواجده فى المجتمع منذ قديم الأزل ويتم توريث تلك
التقاليد الثقافية كما تورث باقى الأشياء.
ولكن على الرغم من كل هذا فلابد وأن نستعرض بنود المسودة الجديد للدستور المصرى 2013م والذى تم مناقشاته والتصويت عليه داخل لجنه الخمسين وأيضا تم الموافقة عليه,ومحاولة أسداء نظرة
نقدية من واقع علمى ومن خلال رؤية أقتصادية أجتماعية وبأطار الدولة المدنية ,ففى المادة الأولى من تلك المسودات هذه العبارة(الأسلام دين الدولة,ومبادئ الشريعة الأسلامية المصدر الرئيسى للتشريع)
فهذه العبارة تمت أقرارها من خلال دستور 1971م والذى أقره السادات حتى يعطى لنفسه الحق فى السيطرة على الدولة المصرية تحت دعوه الحق المطلق فى السلطة والحكم بأسم شريعة الأسلام ,
وما تسمى بدولة العلم والأيمان ومن يخرج على تلك الدوجما أو يعارض السلطة فأنه خرج من حظيرة الأسلام والمجتمع,فثورة يناير 2011م قد أندلعت حتى تكسر شوكة الظلم والطغيان,وحتى تحقق
معايير الدولة المدنية بالتوازى مع الحقوق الأقتصادية والأجتماعية فى مصر,والدولة هى دورها العام والأساسى تحقيق تلك العدالة الأجتماعية دون تمييز ولا أضطهاد عنصرى بسبب الدين واللون
أو العرق أو غيره,فالدولة بشكلها العام لا دين لها وأنما الدين يخص فقط الفرد أو مجموعه من الأفراد دون توجيه أو صدام مع الأخر,وبالتالى أنشاء دور العبادة هو حق بالتوازى مع جميع الأفراد فى
المجتمع ,وليس بسبب الأغلبية التى تتدين بالدين الأسلامى تقوم الدولة بأغفال الأخر ,فالدولة ليست دورها بأن تكون مسلمة أو مسيحبية أو حتى يهودية وأنما دورها تحقيق المعايير المطلبية لغالبية
المجتمع الذى يتكون من فقراء ومعدومين,وبالتالى القانون المدنى وحده هو الفيصل المحورى والعام للفصل مابين الجماهير ,ومبادئ الشريعة الأسلامية هى جزء من مبادئ دولية عامة ,فهى ليست
مميزه عنه وأنما جزء من المجتمع الدولى,وبوجود مثل هذه المادة فسوف تسترجع نفس المنظومة الأستبدادية والنظرة الأنحطاطية مثلما كان فى السابق .
ومن خلال تلك المادة العنصرية جاءت المادة الثانية من مسودة الدستور المصرى ونصها (مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصريين المصدر الرئيسى للتشريعات)ولذلك تم فصل
المصريين على وطن واحد وهموم واحدة على أساس الدين ,فهذا النص ومثله من النصوص هو نفس معيار العصور الواسطى ومحاكم التفتيش والسيطرة على المجتمع وفرقتهم على أساس الاعتقاد,
بالأضافة الى وجود عقائد وأديان أخرى غير الأديان والعقائد الأبراهيمية الثلاثة ,فلا يوجد بند تحدث عن العقيدة البهائية أو الشيعة أو غيرها من العقائد.
وفى المادة 21 مكرر ونصها (لا يجوز فصل من العمل فصلا تعسفيا وذلك على النحو الذى ينظمه القانون) ومن المعترف والمعمول به حاليا بأن القوانين المصرية منذ الأربعينات وحتى اليوم توجد
مواد وبنود لمناهضة العامل من الأساس ,وتوجد الالاف من القضايا المرفوعة ضد الدولة نفسها وشركات القطاع الخاص وقطاع الأعمال قى مجلس الدولة لتعديل تلك القوانين أو ألغائها لان يعطى
الحق لصاحب العمل للفصل التعسفى وتشريده وأهدار حقوقه تحت أى دعوى ,ولا أحدا يتحرك وقد جاءت تلك المادة ليعطى الحق أكثر وأكثر للفصل التعسفى وتشريد العمال خاصا بأسم القانون أيضا,
وفى المادة 29(الأضراب السلمى هو ما ينظمه القانون) ولن أتحدث عن ترسانة القوانين التى تقف عائقا ضد الأضراب أو التظاهر السلمى تحت دعاوى الأمن القومى وتعطيل سير المرور والعمل
وخلافه من الحجج المعروفة قديما وحتى يومنا هذا , فكلنا أستيقظنا من النوم ووجدنا قانونا تم تفعيله منذ عدة أيام مايسمى (بقانون التظاهر الجديد) والذى يمنع التظاهر ألا بعد موافقة أمنية من قسم الشرطة
وبالتالى من حق أقسام الشرطة أن تلغى التظاهر دون أبدداء أى سبب ,وأذا حدث تظاهر فأن القانون يجرمه بالحبس ومحاكمته جنائيا بأحكام لربما تصل الى خمسة عشر عام وغرامة 100 ألف جنيه ,ولقد
جاءت المادة 29 من مسودة الدستور الجديد ليعطى الحق لأى سلطة جديدة أو نفس سلطة العسكر حاليا للقمع والأستبداد للحفاظ على نفسها من أى تظاهر أو مطالبة للتغيير ,وفى النهاية نجد القوانين
ستجرم المطالب الأقتصادية والأجتماعية وتحل سياسية الدولة بالأسلوب الأمنى الحقير وأستغلال النفوذ والجميع صامت صمت القبور وعلى رأسهم المجتمع المدنى والأحزاب المدنية سواء اليسارية
والليبرالية..
وفى المادة 27 الخاص بميزانية صحة المواطنين(تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الأنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومى,وتسمح الدولة مشاركة القطاع الخاص فى خدمات الرعاية
الصحية وفقا للقانون) وواضح من هذه المادة بأن النسبة ضئيلة جدا جدا وبالتالى يمكن القطاع الخاص أن تسيطر على منظومة الصحة بمقابل المال ومن لا يمتلك فمصيره دائما الأهمال والتجاهل وبالتالى
الموت على أبواب المستشفيات العامة ,ولا أريد أن أتحدث عن كمية الفساد وأحتقار المرضى من الفقراء داخل المستشفيات وموتهم من الأهمال وعدم وجود الحد الأدنى من التجهيزات الصحية,ووجود
مستشفى واحدة فقط لخدمة 5 محافظات مثل مستشفى الجامعى جمال عبد الناصر بحى الشاطبى بالأسكندرية ,ومستشفى مثل القصر العينى الذى يخدم محافظات القاهرة الكبرى وعدد من محافظات
شمال الصعيد ,وغيرها من تلك المأسى ,وبدلا من زيادة المساهمة فى الأنفاق على الصحة من الموزانه العامة نجد أن تلك النسبة هى نفس النسبة التى كانت مخصصة فى العهود القديمة,وبالتالى لا شئ
نغيير ,ومن يدفع الثمن دائما هم الفئات الفقيرة والمعدومه الذين يمثلون الأغالبية العظمى من الشعب.
وعلى نفس هذا المنوال نجد المادة المخصصة للتعليم مثل المادة 20 ونصها (التعليم ألزامى حتى المرحلة الثانوية أو ما يعادلها ) ومادة 24 مكرر(نسبة الأنفاق الحكومى على البحث العلمى 1%) وفى
هذان المادتين فمن الواضح أن التعليم لمن تمتلك أسرته فقط ولا عزاء للفقراء,والدولة التى تخصص فقط 1% من مخصصاتها الى البحث العلمى فهى دوله غير حضارية وبها سلطة أنحطاطية
ومستبدة أنما مخصصات الأمن وحماية السلطة وشراء أسلحة من أمريكا ودول أروبية وقنابل مسيلة للدموع والعصا والهرولات وغيرها من أدوات التعذيب تأخذ ميزانية ضخمة جدا جدا من جيوب
المصريين لحماية السلطة ,لكن الصحة والتعليم والبحث العلمى ومخصصات السلع الغذائية والمعدومة لا وجود لها على خارطة الطريق من خلال دستور هو نفس بنود دستور السادات والقمع
والأرهاب وحماية السلطة وقمع الفقراء والمعدومين وحماية فئه رجال الأعمال وكبار الموظفين ورجال الشرطة والجيش ويذهب الباقى الى السجون والقتل والأرهاب بدعوى القانون والدستور,ومما
يؤكد على تلك الرؤية وجود المادة 12 بعد الموافقة عليها فى لجنة الخمسين ونصها(لنظام الأقتصادى يشجع الأستثمار ,وكفالة الأنواع المختلفة للملكية) وبالتالى تنسحب الدولة من دورها الأساسى
فى العدالة الأجتماعية وحقوق المواطنيين والفئات الفقيرة والأكثر فقرا والطبقة الوسطى من الفئة الدنيا لصالح القمع والديكتاتورية والأضطهاد والفساد وحماية طبقة جديدة مسيطرة الأن أو تريد أن تسيطر
مع وجود طبقة نظام مبارك من مايسموا برجال الأعمال واللصوص الجدد والأغنياء الجدد.
وفى المادة 15 من بنود مسودة الدستور ونصها (يمنح حق أستغلال الموارد الطبيعية بقانون فى المحاجر والمناجم والملاحات وغيرها..)وبالتالى تسقط جميع حقوق المواطنين لصالح ثراء فئة معينة
تحت دعوى الأستثمار وأنما فى حقيقة الأمر أن تلك الموارد الطبيعية هى حق الشعب ولا توجد دولة من حقها أستغلالها وتأجيرها الى القطاع الخاص لأن بهذه النقطة سوف تتندمج مصالح طبقة رجال
الأعمال فى السلطة الجديدة وبالتالى أستغلال النفوذ وتكتل الثروات من صمت المواطنين وتحت دعوى القانون والدستور أيضا .
وتوجد بنود كثيرة من مسودة هذا الدستور سئ السمعة والذى يرسخ لمفاهيم الديكتاتورية والظلم والأضطهاد فى المواد 20 و 27 مكرر و59 و 96 وغيرها ومضمانيها أن المواطنين لدى القانون
سواء وهم متساوون ومعاقبة من يقوم بالتهجير القسرى وتجريم التعذيب وكلها جرائم لا تسقط بالتقادم,ومن الجدير بالذكر أن مثل تلك البنود فى الدستور والقوانين المكملة من قانون العقوبات والجرائم
كلها قوانين شكلية وغير مفعلة لأن الألاف والى الان من حالات التعذيب والقتل والأجرام وأستغلال النفوذ ووجود التمييز والأضطهاد والعنصرية وكلها متواجدة فى المجتمع المصرى وبشكل واضح
,ووجود أطر مناقضة لتلك القوانين وبنود الدستور لتقنيين الأوضاع الأجرامية التى تمارسها السلطة الحالية والسابقة أو أى سلطة ستتواجد فيما بعد ,وبأن هذا الدستور ليس دستورا وضعا للشعب
كما يظن العاطفيون والحالمون وأنما وضع خصيصا كما فى دستور الأخوان 2012 والبنود الدستورية التى وضعتها المجلس العسكرى فى مارس 2011 وغيرها من التعديلات ,كلها نصوص
شكلية ولكن فى حقيقة الأمر كلها عناوين ومضامين واضحة لحماية فئة معينة من سلطة جديدة وعملية أستبدال وجود فى مراكز السلطة بديلا عن وجوه كانت متواجدة فى حقب مبارك والسادات ,
ولا أمتلك غير ترديد عبارة واحدة وهى (الثورة مستمرة)...
#وليد_فتحى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟