|
إرهاصات تشكيل حكومة الأقليم -3-
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4286 - 2013 / 11 / 25 - 10:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تتسابق هذه الأيام ، المحطات التلفزيونية والوسائل الإعلامية الأخرى ، في أقليم كردستان ، على إجراء المقابلات مع الناشطين والمُهتمين بالشأن العام ، وكذلك فسح المجال للمواطنين لإبداء آراءهم ، حول الحكومة القادمة ، والتي من المُفتَرَض ان تكون حكومة مواطَنة وليستْ حكومة أحزاب ، حكومة توفير الخدمات وتنفيذ الوعود ، وليستْ تحقيق أجنداتْ حزبية ضيقة . أستغربُ حقاً من العديد من الآراء ، التي تستسهل الأمور ، وتعتبر ان مُجّرَد إشتراك جميع الأحزاب في الحكومة المقبلة ، يجعلها حكومة مواطَنة ، دفعة واحدة ! . أتعجبُ من التوقعات المتفائلة أكثر من اللازم ، والتي تفترض ، ان الفساد المُرّكَب المُزمِن المُتوطِن ، في هيكل إدارة الأقليم منذ سنوات طويلة ، بل رُبما منذ تأسيس الأقليم .. سوف يختفي ب " قرار " فوقي ، أو يزول ببساطة . لنكُن واقعيين وصريحين ، في هذه النُقطة : .. بالنسبة للسُلطة ، أي سُلطة ، ان ممارسة الفساد أسهل كثيراً من الإلتزام بالمبادئ ! .. وان خرق القانون وتجاوز الدستور ، أكثرُ راحة وأكثر جلباً للفوائد والإمتيازات ، من الخضوع للقانون وتطبيق بنوده على الجميع بدون إستثناء ! . وفي حالتنا ، منذ الأيام الأولى لبزوغ أقليم كردستان ، في ظروفٍ صعبة .. فأن الأمراض رافقتْ ولادته ، ولم يسعَ الحزبان اللذان هيمَنا على السلطة بعد الإنتخابات الاولى ، الى مُعالجة هذه الأمراض ، بل بالعكس ، فلقد قاما ب ( الإستحواذ على الموارد والتعتيم المتعمد على كميتها وأوجُه الصَرف / تقسيم السلطة والنفوذ بينهما مناصفة / الإبعاد التدريجي للأحزاب الأخرى عن المشاركة الفعلية في صنع القرار / تشكيل بيشمركة وقوات أمن عائدة لهما كُلٌ في منطقته / الإحتراب الداخلي بسبب الخلاف على توزيع الموارد بينهما / التداخل الفَض للحزبَين مع الحكومة والإدارة ... الخ ) . أكثر من عشرين سنة ، جرتْ الامور على هذه الشاكلة ، وتشكلتْ خلالها ، طبقة طُفيلية من أشباه المافيات المُسيطرة على معظم مفاصل الحياة في الأقليم .. وهذه الطبقة الطفيلية الأخطبوطية ، والتي هي من " إفرازات الفساد المُزمن " .. لن تقبل ان تُؤخَذ منها إمتيازاتها ، ببساطة .. بل ستقاوم بمختلف الوسائل .. وستدافع عن مصالحها بِكُل شراسة ! . المُشكلة ، ان جذور الفساد بأنواعه ، مترسخة في الحكومة والإدارة ، والحزبَين الحاكمَين لأكثر من عشرين سنة ، إنغمسا في تكريس الفساد ، بل حّولاهُ الى " إسلوب حياة وطريقة حُكم ! " ، وحتى الأحزاب الأخرى خارج السلطة ، ساهمتْ ( بسكوتها أحيانا وإنسياقها وراء سياسات الحزبَين أحياناً أخرى ) بإدامة الفساد في الأقليم . إذن ، تحقيق الشفافية في العمل الحكومي ولا سيما في الجوانب المالية ، وجعل النزاهة عنوانا .. ليستْ عملاً سهلاً ، ولا درباً مُعّبداً يمكن سلوكه بسلاسة .. فالبيروقراطية التي ترّبتْ على الفساد ، لن تستسلم بهذه البساطة .. أما إذا كان في نِية حركة التغيير والحزبَين الإسلاميَين ، كشرطٍ للإشتراك في الحكومة المقبلة ، ان يتم التعامُل مع ملف الفساد ، ب [ أثَرٍ رجعي ] ، أي بإخراج الأوراق القديمة .. فأن الأمر سيكون أكثر تعقيداً ، بل قريباً الى المُحال ! . إذ مَنْ يستطيع مثلاً ، إسترجاع أراضي وممتلكات الدولة ، والتي وُزِعتْ على المسؤولين والمُقربين والحاشية ، منذ سنوات وسنوات ؟ مَنْ بإمكانه إستعادة كُل الأموال العامة المهدورة هنا وهناك ؟ .. أرى ان ذلك لن يحدث في حالة تشكيل " حكومة ذات قاعدة عريضة " أو " حكومة توافُق " يشترك فيها الجميع . أعتقد ان " فتح صفحة جديدة " ، يعني ان الأموال والأراضي والممتلكات العامة التي تم التصرُف بها ، من قِبَل الحزبَين الحاكمَين لأكثر من عشرين سنة ، بعيداً عن العدالة في التوزيع .. ذهبتْ الى غير رجعة ، وأصبحتْ أمراً مُسّلماً به . أقصى ما يُمكننا توقعهُ من الحكومة العريضة القاعدة ، المُقبلة ، أن يتم تحجيم " الفساد " والحَد من بعض مظاهره الإستفزازية . ولو تحققَ ذلك ، فأنه سيكون بداية جيدة ، لبناء ديمقراطية حقيقية .. بالتدريج . فمعركة العدالة والنزاهة والديمقراطية ، تتطلبُ نَفساً طويلاً وتحمُلاً كبيراً وقُدرة على المواجهة والتحدي .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألعَنْ أبو الحُبْ
-
التربية والتعليم أولاً
-
إرهاصات تشكيل حكومة الأقليم -2-
-
إرهاصات تشكيل حكومة الأقليم -1-
-
إطلالة على زيارة البارزاني لدياربكر
-
البارزاني في آمَد . إقترابات
-
مشهورٌ ومعروف
-
مُتقاعدينا ... والكلاب الأسترالية
-
كُل شئ على مايرام
-
النشيد الوطني الكردي .. حلالٌ أم حرام ؟
-
مُ.... حامِيها .. حرامِيها
-
المالكي في أمريكا .. والقضايا الأخرى
-
الحُسَين وجيفارا
-
المُخصصات الليلية والترفيه الرسمي
-
نِفاق أحزاب الإسلام السياسي
-
دَفْتَر
-
أمريكا .. تتنّصَت
-
الحجِية .. وصورة الزعيم
-
سيدي المالكي : المُشكلة ليستْ في الهَفْ
-
مأزق تشكيل حكومة الأقليم
المزيد.....
-
-لن تفلتوا منا أنتم ميتون-.. عائلة تتعرض لهجوم -مرعب- من قبل
...
-
هذه الجزيرة البكر تسمح بدخول 400 سائح فقط في الزيارة الواحدة
...
-
اقتلعته الرياح من مكانه.. سيدة تتفاجأ بقذف عاصفة عاتية لسقف
...
-
تحديات تطبيع العلاقات المحتمل بين تركيا وسوريا.. محللان يعلق
...
-
رئيس الأركان الروسي يتفقد مقر قيادة إحدى مجموعات القوات في م
...
-
روسيا.. تعدد الأقطاب أساس أمن العالم
-
أنا ميشرفنيش إني أقدمك-.. بلوغر مصرية تهين طالبة في حفل تخرج
...
-
-نسخة طبق الأصل عن ترامب-.. من هو دي فانس الذي اختاره المرشح
...
-
مقتل 57 أفغانيا وإصابة المئات جلّهم من الفيضانات والأمطار ال
...
-
الحكومة المصرية تنفي شائعة أثارت جدلا كبيرا بالبلاد
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|