|
الوعي الشمولي (1-3) : دولة بني أمية والإسقاط التاريخي
عبدالله هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 1221 - 2005 / 6 / 7 - 10:09
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
نعم إنه وعياً شمولياً يختزن العنف والنزوع الفئوي ويخلق قوى تسلطيه ، فهو مهيئ أن يقمع الآخر إذا ما خالفه في رأي أو سلوك ، فما يؤمن به من أخلاقيات وقيم هو الصحيح وما عداه فسق ومنكر ومجون وكفر وخيانة للدين وقد يكون عمالة للدولة الظالمة أو للشيطان ، أي أن هذا الوعي والفكر وما ينتجه من سلوك ليس افضل من فكر وسلوك الدولة القمعية التي تعتقل بشكل كيفي وتعذب وتقتل وتنفي بل هو أشد منها بطشاً ، ومثالة دولة الحلم على مرأى البصر للمولي وجهه شرقاً ، حيث تتخلق قوى قمع غير رسمية ليست تابعة لجهاز الدولة فهم من فتوات الشوارع والطلاب المتزمتين الدراويش ، فهي جماعات تطلق على نفسها أنصار حزب الله مثلاً أو أية تسمية محلية وتتسلح هذه الجماعات بالجنازير والقضبان الحديدية والسكاكين والفؤوس ، هي جماعات ذات بنية بدائية ، تستهدف قوى الحرية المعارضة والقطاعات المدنية المثقفة من طلاب جامعات وأساتذة ومحامين وصحفيين ومفكرين ورجال دين مستنيرين وفئات عديدة من نساء وشباب ومهنيين ، كما يتماثل الوعي الشمولي وبصورة أخرى وبذات القدر بما تمت المغالاة به من تحت قبة البرلمان دفاعاً عن الفضيلة والعفة وإخضاع العواطف الدينية للبسطاء من المواطنين للمناورات السياسية وإلهاب هذه العواطف واستنفارها ضد الفسق والفاسقين بغية كسب تعاطفهم وتداخل ما هو سياسي بما هو ديني ، لكون طارحيه يحملون الصفتين فهم رجال دين وسياسيون ويصبون الى إدراك الهدفين معاً ، مرضاة الله سبحانه ، وتعاطف الناس وكسب أصواتهم في أية انتخابات عامة قادمة ، فهذا الوعي يقول لقطاع الشباب المدجج بالفقر والعوز والذي لا يجد نفسه في حركة واقع المجتمع المدني من مؤسسات ونشاطات ومعاملات وأسواق وملتقيات ومهرجانات واحتفالات ودور عرض سينمائية ومقاهي وربما معاهد وجامعات ، يقول لهم أنتم طليعة المقاتلين والمدافعين عن الدين والفضيلة والعفة والفقراء من هذه الطائفة أو تلك ، أنتم الأبطال الذين ستخلد أسمائكم إذا ما أنفذتم القصاص في الظالمين أو الفاسقين وهيأتم لمجتمع ودولة بلا مظالم ، وأنتم بطبيعة الحال أهل الجنة والناجين من النار ، وهذا ما يؤدي الى استفحال وعي التعاطي العنيف بين صفوف قطاع معين من الشباب وهو ما يزيد في الوقت نفسه من إلتباس حركة ذهن القيادات فهم يتموضعون تموضعاً مفروضاً بين واقعين ، فهم يقعون بين واقع لعب دور التهدئة ومحاولة ضبط الانفلاتات وبين واقع مجاراة هذه القواعد الفتية من الشباب لأسباب سوف نأتي على بسطها لاحقاً في سياق التدليل على واقع الإلتباس وإن ما تقدم يعبر فعلاً عن استفحال الوعي الشمولي واتساع نطاقه وإلتباس ذهن هذه القيادات الطارحة له والمستفيدة منه ، فهي أمام هذا الواقع تتنازعها ثقافتين ، الثقافة الموروثة وذات البعد الاضطراري والأزلى لاستفراغ المعاناة المتعددة الوجوه ، وثقافة الواقع الراهن وما تمليه متطلبات الحداثة والتي هي أدوات الخروج من الأزمات أي الثقافة ذات الأسس الديموقراطية ، فهذه القيادات والقطاعـات المؤدلجة تتنازعهـا رمزية ( دولة بني أمية المجرمة ) التي ناوئت حفيد رسول الحق عليه أفضل الصلاة والسلام وهو سيد الشهداء الحسين بن علي سلام الله عليه ورضوانه ، لا بل قتلته بعد أن وجد نفسه وحيداً وذويه ونفر قليل من أصحابه في مواجهة جيشاً جراراً بعد أن أنكفأ وجبن وتلاشى كل من قال له ( نفسي فداء لك يا أمير المؤمنين) إن هذه الثقافة أسست على أن هذه الدولة لم تنتهي بانتهائها وسقوطها تاريخياً ، وإنما هي دولة تولد في كل زمان ومكان ، أي أن هذه الدولة لها امتدادات في كل العصور أي كانت التسميات والمسميات وأن أي دولة حاضرة تحمل ذات الصفات وتمارس ذات الممارسات وهي مسئولة عن العذاب والجوع والفقر والجهل للشعب الذي يقع تحت سلطانها ، وهي بطبيعة الحال مسئولة عن عذاب فئة معينة من الشعب دون عذابات الفئات الشعبية الأخرى حيث أن هذه الثقافة تنفي عذابات الآخرين وتوطن العذاب في الفئة التي ينتمي اليها منتجوا هذه الثقافة ، فبالنسبة لهذه الثقافة فإن دولة بني أمية موجودة في عام خمسون للهجرة ومائتين للهجرة وخمسمائة للهجرة وألف وأربعمائة للهجرة وهي موجودة في شبه الجزيرة العربية ومصر والأردن والمغرب والبحرين والعراق واليمن وليبيا وفي الغالبية الساحقة من المجتمعات الاسلامية ، إن مثل هذه الثقافة هي قاعدة بناء جانب مهم من الوعي العام لدى قطاعات وأجيال من شعبنا وهي ثقافة تستزرع الخصومة ، وبالتالي فإن الخصومة تاريخية لا بل عقائدية ، وهذه بطبيعة الحال لا تتوافق وثقافة تقول بكيانية المجتمع البحريني من حكم ودولة وشعب ، أي ثقافة ذات أسس ديموقراطية تقوم على المصلحة والمواطنة بعيدة عن الارث التاريخي ، وهذا مايوجب أحداث تغيير في طبيعة الثقافة الاستعدائية والتخفيف من وطأة فعل الخلافات في التاريخ الاسلامي عن حياة المواطنين والمجتمع البحريني وتدعيم آليات التوحد والتبادل الحر والديموقراطي للآراء وتحقيق المنافع والمصالح ودرئ ومقاومة سياسات التمييز ، وهذا يعني وبطبيعة الحال مواجهة مع نوع من الناس ونوع من الوعي يريد الجنة وسوف يعتبر ما تقدم من موقف ، والذي يعزز التفاهم والتفهم التاريخيين ويصبو لتحقيق أهداف سامية مثل الوحدة الوطنية وتعزيز حياة ومعيشة الناس هو مجرد ضرب من ضروب الكفر والخيانة للدين والأئمة والخلفاء ، وهذا ما تربت جماهير هذا التيار عليه حياتها كلها وتشربت مفاهيمه ومنها مفهوم أن آخر عكار يجب أن يعادي آخر بحار لأنه يعتبره شريكاً متضامناً مع يزيد ابن معاوية ابن ابي سفيان وأن له حصة في قصور الشام وخراج اليمن التي تملكها الدولة الأموية ، وهو بالتالي شريك في جريمة القتل التي ارتكبت قبل أربعة عشر قرناً وإن هناك من يشحن العوام البسطاء وحديثي السن بهذا الاسقاط التاريخي على الواقع المجتمعي البحريني ، إن هذه الثقافة وهذا الوعي ينتج وبالضرورة معارضة ذات طبيعة طائفية وإن رفعت شعارات وطنية وديموقراطية وأنها تتوافق ومنطق الحداثة والمدنية فيما تطرحه البشرية في عالم اليوم ولكنها تطرحه بشكل انتقائي ، فهي مثلاً مع حقوق الانسان في البحرين ولكنها تقف وتناصر أنظمة تنتهك حقوق الانسان باسم الدين وهي لا تجد حرجاً في ذلك أبداً ، لذلك فإن المواطن البحريني لا يعلم هل الايمان داخل الوطن بمبادئ حقوق الانسان هو الصحيح ؟ أو الايمان بما يجري من قمع بمجتمعـات تطلق هذه الثقافـة على قادتها مسمى ( السيد القائد ) هو الصحيح ؟ وهذا ما يختزن ازدواجية تعبر وبشكل عميق عن محتوى ومضمون قمعي مضاد للحرية في جوهره وجذوره ، فاليوم من خلال صبية يفرضون على الآخرين مسلكاً مجتمعياً معيناً وغداً قد تكون مليشيات على غرار ما يحدث في المجتمعات التي تهيمن عليها الدكتاتورية الدينية ، حيث تنعقد الولاية لشخص عادي ويتسع نطاقها لتتجاوز ولاية الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام حيث أنه لم يكن إلا وحي يوحى ، وإن المشاكل المجتمعية بالنسبة الى هذه الثقافة هي مشاكل طائفة وبرامج النظام وفي جوانبها السلبية هي موجهة الى طائفة ولا تنصرف في سلبياتها الى الطوائف الأخرى وبالتالي فإن الحلول يجب أن تكون طائفية الطابع ، نعتقد بأنه سوف تكون هناك مواجهات حضارية نرجو أن تتمكن القيادات الاصلاحية وقوى الحرية من جميع الطوائف ومن داخل النظام وخارجه خوضها بنجاح في مواجهة قوى وقيادات تيار المحافظين من جميع الطوائف ومن داخل النظام وخارجه ، وهذه المواجهات بطبيعة الحال هي مواجهات فكرية وسياسية سلمية الطابع والوسائل وليست مواجهات بالأيدي والأرجل والأسنان
#عبدالله_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليس من حق ممثل الشعب حمل مطالب الناس من دون موافقة الهيئة ال
...
-
الاعتصام تراجع نهج المقاطعة.. والسداسي&
...
-
رئيس التجمع الديمقراطي إلى النواب: لا تكونوا رقما في تعميق م
...
المزيد.....
-
أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل
...
-
في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري
...
-
ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
-
كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو
...
-
هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
-
خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته
...
-
عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي
...
-
الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
-
حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن
...
-
أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|