|
أخطاء الرئيس السابق محمد مرسى
أحمد سوكارنو عبد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 4283 - 2013 / 11 / 22 - 14:41
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
الرؤساء شأنهم شأن سائر البشر يصيبون ويخطئون ولا يوجد رئيس على وجه الأرض لا يخطئ. الجدير بالذكر أن بعض الأخطاء يمكن تداركها أو تصويبها فى الوقت المناسب وفى المقابل هنالك أخطاء إستراتيجية تؤدى إلى عواقب وخيمة. لا شك أن الرئيس محمد مرسى الذى تولى أمور البلاد فى 30 يونيو 2012م قد ارتكب الكثير من الأخطاء البسيطة التى اعترف بها فى خطابه الأخير يوم 26 يونيو 2013م، كما إنه ارتكب خطأين كبيرين لو تداركهما فى الوقت المناسب لتغير الموقف الآن تماما. من المؤكد أن الله أراد أن يكون شهر يونيو هو آخر الشهور فى حكمه ولعل طيبة الشعب المصرى هى التى أغشت العيون وأوقفت عمل العقول. يقول الله تعالى فى سورة يسن (آية 9): وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون. وفى هذا المقال فإننا سوف نمر سريعا على بعض الأخطاء التى وقع فيها الرئيس السابق أو جماعة الإخوان المسلمين لكننا سوف نتوقف عند خطأين رئيسين لو تداركهما الرئيس لما حدث ما حدث له ولجماعته التى خسرت الجلد والسقط وباتت تواجه اتهامات عديدة كالخيانة والعنف والإرهاب.
قبل أن نقوم بدراسة الخطأين يتعين علينا أن نرصد بعض الحقائق التى تتعلق بعهد الرئيس السابق محمد مرسى الذى أدت مظاهرات عارمة إلى وضع نهاية لولايته فى 3 يوليو 2013م: أولا:- لم تكن الرئاسة موفقة فى إصدار القرار الرئاسى رقم 11 فى يوليو 2012م الذى يقضى بإلغاء قرار حل مجلس الشعب الصادر من المحكمة الدستورية ومن ثم يقضى القرار بعودة مجلس الشعب لممارسه مهام عمله. لم تمر فترة وجيزة حتى اضطر الرئيس إلى سحب هذا القرار وتنفيذ حكم المحكمة الدستورية.
ثانيا: فى 22 نوفمبر 2012م أصدر الرئيس مرسى إعلانا دستوريا جعلت قراراته غير قابلة للطعن أمام أية محاكم وبموجبه يعتبر قراره بعزل المستشار عبد المجيد محمود النائب العام غير قابل للطعن أمام أية جهة. وهذا الإعلان أثار حفيظة القوى السياسية وأدى إلى انقسام الشارع المصرى غير أنه فى 8 ديسمبر 2012م أضطر إلى إلغاء إعلان 22 نوفمبر مع الإبقاء على الآثار المترتبة عليه مما اعتبر التفافا على قرار الإلغاء الذى فقد مفعوله بعد أن أدى الغرض وحقق الهدف.
ثالثا: من المهم أن نشير أن الرئيس مرسى لم يكن مطلق اليد فى اتخاذ القرارات لأنه—كما قال المفكر الدكتور مصطفى الفقى خلال حواره ببرنامج القاهرة اليوم فى مارس 2013—جاء لتنفيذ أجندة الجماعة التى قامت بترشيحه لهذا المنصب. والرئيس مرسى بحكم تكوينه وانتمائه لا يملك أن يخرج عن طوع الجماعة التى تستطيع إقصائه فى أى وقت. والدليل على ذلك أن الرئيس مرسى كان مرحبا بدعوة "لم الشمل" التى تبنتها القوات المسلحة لكنه بعد فترة وجيزة أعلن عن رفضه المضى فى هذا الاتجاه. الدليل الثانى هو أن المستشار أحمد سليمان، وزير العدل السابق، عقب إلقاء الرئيس لخطابه فى 26 يونيو توجه إلى رئاسة الجمهورية حيث أستطاع أن يقنع الرئيس بإصدار بيان لتخفيف حدة التوتر بين الرئاسة والقضاة ولتقليل الآثار الجانبية لخطاب الرئيس وبالفعل ناول الرئيس البيان الذى أعده وزير العدل لمدير مكتبه أحمد عبد العاطى الذى لم يتردد فى تمزيق البيان أمامهما قائلا إن الوقت غير مناسب لإصدار مثل هذه البيانات.
دعنا الآن نتطرق إلى الخطأين الجسيمين اللذين ارتكبهما الرئيس مرسى: 1. إقالة المشير طنطاوى وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكرى السابق والفريق عنان رئيس الأركان السابق. 2. عدم الاستجابة للنداءات التى قام بها الفريق السيسى قبل اندلاع ثورة 30 يونيو. من المعروف أن المشير طنطاوى والفريق عنان بحكم عمرهما لم يشكلا تهديدا للرئيس مرسى والدليل على ذلك أنهما لم يعترضا بقوة حين اصدر الرئيس مرسى الإعلان الدستورى المكمل فى 22 نوفمبر 2012م والذى بموجبه ألغى الإعلان الدستورى الذى أصدره المجلس الاعلى للقوات المسلحة فى 17 يونيو 2012م حيث تشير المادة 56 مكرر إلى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يباشر الاختصاصات المنصوص عليها فى البند 1 من المادة 56 من الإعلان الدستور الصادر فى 30 مارس 2011م لحين انتخاب مجلس شعب جديد ومباشرته لاختصاصاته أى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتولى القيام بسلطة التشريع خلال الفترة التى غاب فيها مجلس الشعب. وكذلك لم يقاوم المشير والفريق عنان حين قرر الرئيس إقالتهما فى 12 أغسطس 2012م وقام بتعيين الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزيرا للدفاع والفريق صدقى صبحى رئيسا للأركان. لعل الأقدار هى التى ساقت الرئيس مرسى لاتخاذ قرارات الإقالة هذه ولو بقى هذان الرجلان—المشير والفريق عنان— فى السلطة حتى 30 يونيو 2013م لما أقدما على اتخاذ القرارات التى أدت إلى نجاح ثورة 30 يونيو وذلك لأن الرجلين كانا قد أصيبا بالملل ولم يسعيا إلى الصدام مع الإخوان.
وحسب ما جاء فى كتاب مصطفى بكرى "اللحظات الأخيرة بين مرسى والسيسى" فإن الفريق السيسى قرر مواجهة الرئيس مرسى بحقائق الأمور التى تنذر بالخطر آملا أن يتخذ الرئيس القرارات التى تحقن الدماء والتى تؤدى إلى تهدئة الأجواء فى الشارع المصرى. وكانت المطالب التى قدمها الفريق أول السيسى قليلة ولا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة وتتلخص فى النقاط التالية: 1. المطالبة بتشكيل حكومة جديدة تخت رئاسة شخصية وطنية مستقلة ويقوم بتشكيلها هذه الشخصية دون تدخل رئاسى إلا فيما يتعلق بالوزارات السيادية. 2. المطالبة بعزل النائب العام المعين وأن يتولى المجلس الأعلى للقضاء بترشيح ثلاث شخصيات قضائية يختار الرئيس من بينهم نائبا عاما جديدا. 3. تشكيل لجنة محايدة لإجراء تعديلات دستورية تتوافق عليها القوى الوطنية على أن يتم تجميد المواد المرفوضة لحين إجراء استفتاء شعبى على المواد المعدلة. 4.إجراء استفتاء جماهيرى على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وأن تتولى لجنة قضائية عليا الإشراف على الاستفتاء.
الغريب أن الرئيس رفض تلبية هذه المطالب مستندا إلى شرعيته كرئيس منتخب وعزاؤه أنه لم يكن يدرك أن جماهير غفيرة سوف تخرج إلى الميادين مطالبين بإسقاط هذه الشرعية. ولو تخيلنا أن الرئيس قبل عرض السيسى بإجراء استفتاء رئاسى مبكر فإنه من المؤكد كان سيحصل على النسبة التى تمكنه من الاستمرار فى حكم البلاد وذلك لأن التنظيم لديه من الخبرة بحيث يستطيع حشد أنصاره للتصويت "بنعم" وقد يستطيع التنظيم أن يلجأ إلى وسائله (بما فى ذلك الزيت والسكر) فى توجيه الناخبين نحو التصويب الايجابى لصالح الرئيس. كما إن نتائج الاستفتاءات فى مصر تأتى دائما "بنعم" ولم يحدث أن قال المصريون "لا" فى أى استفتاء عبر تاريخهم. مثلا قالوا "نعم" للمادة 76 فى استفتاء 1971م التى تحدد مدة الرئاسة بفترتين ثم قالوا "نعم" مرة أخرى فى استفتاء 1981م حين وافقوا على تعديل نفس المادة لتصبح الفترة الرئاسية "لمدد أخرى"أى مدى الحياة. ومن هذا المنطلق فيمكن قول إن إرادة الله هى التى أعمت الأبصار واصمت الآذان ليفقد الرئيس منصبه وحريته ويخسر التنظيم كل سلطاته ومكتسباته وتعاطف الشعب المصرى الذى طالما تمتع به فى الفترة ما قبل ثورة 25 يناير 2011م.
#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعاطف وانتماء بعض المصريين للإخوان المسلمين
-
حتى لا تتكرر المأساة فى مصر
-
فض الاعتصامات فى مصر وردود الأفعال الأجنبية
-
التجربة الإخوانية فى حكم الدولة المصرية
-
رسائل خاصة لأبطال ثورة 30 يونيو فى مصر
-
سد النهضة وطريقة إدارة الأزمات فى مصر
-
التحريض والتهديد والسباب: وسائل لهدم الاستقرار فى مصر
-
التحريض والتهديد والسباب: وسائل لهدم الاستقرار
-
علامات الحزن واليأس تخيم على قاهرة المعز
-
عميد أجرة وعميد ملاكى
-
لماذا تفشل بعض الثورات فى تحقيق أهدافها؟
-
مصر فى خطر
-
النوبة وكتالا: ماذا يريد النوبيون؟
-
درس هيكل بعد انتهاء الحصة
-
ثقافة العنف اللفظى فى مصر
-
أزمة قرارات الرئيس مرسى ودور المستشارين
-
ما الذى يحدث فى أرض الكنانة؟
-
مأزق الثورة المصرية
-
الشعب المصرى وانتخابات الثورة
-
قطار بلا سائق
المزيد.....
-
فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح
...
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|