|
فخاخ الكلام لعمر حمّش وعبق الابداع
جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)
الحوار المتمدن-العدد: 4283 - 2013 / 11 / 22 - 12:07
المحور:
الادب والفن
فخاخ الكلام لعمر حمّش وعبق الابداع فِخاخ الكلام مجموعة قصص قصيرة جدا للأديب عمر حمّش صدرت في الأيّام القليلة الماضية عن دائرة النشر في وزارة الثقافة الفلسطينية في مدينة البيرة، وتقع المجموعة التي صمّم غلافها واخراجها خالد عبد الهادي في 50 صفحة من الحجم المتوسط، تحوي بين دفاتها عشرات القصص القصيرة جدا. والأديب عمر حمّش من رواد القصة القصيرة بعد الاحتلال، وشغل عضوا منتخبا في هيئته الادارية، عمل محررا في مجلة الكاتب المقدسيّة، وكان قد تعرض للاعتقال عدة مرات، و صدرت له قبل هذه المجموعة مجموعات قصصية وروائية أخرى منها: - أزهار إلى مقبرة المخيم –مجموعة قصصية- صدرت عن اتحاد الكتاب الفلسطينيين عام 1990م. - الخروج من القمقم مجموعة قصصية صدرت طبعتها الأولى عن اتحاد الكتاب الفلسطينيين عام 1992م وطبعتها الثانية عن وزارة الثقافة عام 2001م. - عودة كنعان –مجموعة قصصية- صدرت عن اتحاد الكتاب الفلسطينيين عام 1996م. - في حزيران قديم - رواية – صدرت عن وزارة الثقافة عام 2001م. - قصص فلسطينية/ مجموعة مشتركة صدرت عن اتحاد الكتاب الفلسطينيين عام 2003م. - العديد من القصص القصيرة والمقالات في الصحف والمجلات. تعرفت على الأديب عمر حمّش شخصيّا في ثمانينات القرن الماضي عندما كنّا سويّة في الهيئة الادارية لاتحاد الكتاب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، لكنّني عرفته قبل ذلك من خلال كتاباته القصصيّة التي كانت تنشر في الصّحافة الأدبية المحلية، فقد كانت بداياته القصصية بدايات جادّة قويّة ولافتة، فهو من جيل الشباب الذين أسّسوا للفنّ القصصي بعد هزيمة حزيران 1967، حيث أن الجيل السابق وجماعة "الأفق الجديد" قد غادروا البلاد أثناء تلك الحرب المشؤومة أمثال ماجد أبو شرار، في حين قام المحتلون بابعاد آخرين منهم أمثال محمود شقير وخليل السواحري، وبقي آخرون مثل جمال بنورة وصبحي الشحروري. وظهر قاصّون جدد أمثال: زكي العيلة، سامي الكيلاني، غريب عسقلاني، عبدالله تايه، عمر حمّش، زياد حواري، مفيد دويكات، محمد أيوب، فضل الريماوي وآخرون...وطبعا لا يمكن اغفال قاصّي الدّاخل الفلسطيني ومن أجيال مختلفة أمثال، اميل حبيبي، محمد على طه، محمد نفاع، طه محمد علي، رياض مصاروة وغيرهم. أمّا القاصّ عمر حمّش فقد بدأ كتاباته قاصّا مجيدا، ثم كتب الرّواية، وبعدها كتب مئات الأقاصيص، أو ما يعرف بـ"القصّة القصيرة جدا". وهو من القلائل الذين يجيدون فنّ القصّ الوجيز، ويشار اليهم بالبنان في بلادنا. ففي مجموعته الأخيرة "فخاخ الكلام" ينتقي كلماته بعناية فائقة، ويصوغ جملته بلغة شاعرية معتمدا على التكثيف اللغوي الذي من خلاله يختصر رواية في أقصوصة مكونة من بضع كلمات، فيدهش القارئ، ويجبره على تلقّف الأقصوصة متمعنا ومتفكرا، فدعونا نأخذ بعض الأقاصيص على سبيل المثال، ومنها أقصوصة"نصف انسان" ص8، وهذا نصّها: "منذ تمّ قصفُه، وكلّما الشمس الى غسق تميل، يمضي فوق عربته الواطئة، ليطرح السّلام على قبره الموعود، وعلى ساقيه المكفّنين يتلو الفاتحة، منذ تمّ قصفُه." ونلاحظ هنا كيف اختزل الكاتب حربا، ومعاناة وألَما، وعلاجا في المستشفى، وفقدانا لأعضاء في جسم الانسان، وقبرهما لتنتظرا بقية الجسد عندما تحين الوفاة. والقارئ لهذه المجموعة القصصية سيتضح له أن الأديب حمّش يستمد مضامين قصصه من واقعه المعاش، فهو فلسطيني، ولاجئ في قطاع غزة، ويعيش معاناة الحصار والحروب الظالمة التي يشنها المحتلون على فلسطينيي القطاع، وبالتالي فهو يلتقط مواضيعه من قعر المعاناة، ومن هنا يأتي غضبه وصدق عاطفته، وثورة الانسان في داخله. وفي أقصوصة"تحرير"ص9 ونصّها: "صبيّ المنفى كهلًا صار، يرقرق دمعه، وهم بالدّعاء يمسحون له بقايا قمره الغرب." وهو هنا يفجّر مخزون غضب يختزنه أبناء الشعب الفلسطيني، الذين يولدون ويموتون في المنفى أو تحت الاحتلال، وهم لا يسمعون عن التحرير سوى الدّعاء، وكأن الدعاء مخدّر الى يموت الانسان، وما لم يقله الكاتب هنا، ولكنه يُقرأ ما بين السطور هو: أنّ التحرير بالعمل لا بالدعاء...وهو في هذه الأقصوصة يختصر رواية المنفى والتشرد والحلم بالعودة. وفي أقصوصة تخمة ص22 وهذا نصّها: "كان ضعيفا ضعْف صرصار، فالتحق بفصيل ثوريّ، فصار عظيما بحجم عشرة رجال" وهنا ينتقد أديبنا بشدّة من تسلقوا دروب الثّورة، والتحقوا بتنظيمات فاستغلوها لمصالحهم الذاتية، ومع أنّهم كانوا مغمورين لم يسمع بهم أحد، إلّا أنهم وجدوا من يقوم بتلميعهم، ونفخهم الى درجة التضخم ليحسبوا أنفسهم بأنّهم أصبحوا قادة. اللغة: لغة الكاتب فصيحة بليغة، مكثّفة ولافتة بجمالياتها. ملاحظة للناشر: كنت أتمنى لو أنّ الناشر قام باخراج ومنتجة هذه المجموعة القصصيّة بطريقة تليق بقيمتها الأدبيّة الكبيرة، فأن توضع ثلاث أو أربع أو خمس أقاصيص في صفحة واحدة أمر غير لائق. 22-11-2013
#جميل_السلحوت (هاشتاغ)
Jamil_Salhut#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بدون مؤاخذة- التكفيريون والمرض النفسي
-
يوميّات ابراهيم جوهر المقدسية
-
رواية-كلام مريم- لمحمود شقير في ندوة مقدسية
-
بدون مؤاخذة-الحلول بيد أمريكا
-
بدون مؤاخذة-الذكرى التاسعة لاغتيال الرئيس الرمز
-
مسرحية شخصيّة هامّة وشرّ البليّة
-
الشاعر نزيه حسون في اليوم السابع
-
القابضون على الألم في اليوم السابع
-
بناء الانسان من خلال التراث
-
تحرير الأسرى فرحة ستكتمل
-
رواية-كلام مريم- لمحمود شقير والثورة الثقافية
-
الشاعر نزيه حسّون مشتعل في لحظة عشق
-
-رواية- القابضون على الألم لمحمد عميرة
-
درس أيسر الصيفي الأخير في اليوم السابع
-
أيّام العيد
-
أوراق مطر نسب أديب حسين المسافر في ندوة مقدسية
-
المعلم يتعلم
-
أوراق مطر نسب أديب حسين المسافر
-
التدبير المنزلي في مدارسنا
-
التعليم اللامنهجي
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|