أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عبد اللطيف - مسرحية -حفلة عيد الميلاد- بعد خمسة وخمسين عاما















المزيد.....

مسرحية -حفلة عيد الميلاد- بعد خمسة وخمسين عاما


سعدي عبد اللطيف

الحوار المتمدن-العدد: 4282 - 2013 / 11 / 21 - 22:46
المحور: الادب والفن
    



عرض ليرك ثيتر في لندن مسرحية "حفلة عيد الميلاد" لمؤلفها هارولد بنتر الحائز على جائزة نوبل والتي واجهت في عرضها الأول عام 1958، هجوما ساحقا من النقاد ادى الى ايقاف عرضها. وقام المخرج ديفيد فار بتقديم المسرحية على نفس المسرح كنوع من رد الاعتبار اليها باعتبارها عملا دراميا جديدا وسعى الى اعادة اقتناص شيء ما من الصدمة الاولى التي احدثتها وليس تقديمها على اعتبارها مسرحية كلاسيكية جديرة بالاعجاب.

ادى جستسن سالنجر دور ستانلي المختبئ في بيت متواضع يقع على ساحل البحر كرمز للفنان المضطهد الذي يجبر على الامتثال للتقاليد البرجوازية. ولكن ستانلي الذي اشاع الخوف في صاحبة البيت ميك، والتي ادت دورها الفنانة الكبيرة شيلا هانكوك اعلن مقاومته الشرسة لمضطهديه الذين اقتحما بيته وعرضوه لأقسى انواع الاضطهاد. وبلغت المسرحية الذروة عندما توضح ان الرجلين الشريرين كولدبرغ، مثل دوره نيكولاس وودسن، الذي يمثل الجوانب البطريركية لليهودية الأرثوذكسية ومكان، مثل دوره هلويد هجنسن، الذي يمثل الكاثولكية المستبدة هما رمزان يعبران، بطريقة كافكوية متميزة، عن اسقاطات لذنوبه الماضية وان عليه ان يخوض معركته الحقيقية مع شياطينه ذاتها.

وتبقى المسرحية حتى النهاية عصية على التعريف الكامل لأن المخرج فار امسك بمزيجها المتمثل بالواقعية والصور البصرية التي تثيرها اوهام الكابوس اضافة الى مشاهد كوميدية مثيرة للأعصاب تتركنا غير متأكدين عما يجري امام اعيننا: الأضطهاد الفطري للفنان الغريب ام صيرورة تشيئ احساس البطل بالذنب.

كاد فشل المسرحية الاول يؤدي الى تخلي بنتر عن الكتابة المسرحية والتفرغ لكتابة الرواية والشعر. لكن ما الذي جعل النقاد، حينها، يقفون موقفا عدائيا حادا تجاهها؟ وكيف اثبتت هذه المسرحية اصالتها بعد مرور كل هذه السنين؟. قد يتمكن احد ما عبر الاجابة على هذين السؤالين من اكتشاف شيء ما عن العلاقة المضطربة بين الناقد والفنان والروافد الشاحنة للمجتمع الحديث.

استقبلت المسرحية عند عروضها السابقة في مدينتي كامبردج واكسفورد بترحاب حماسي من طلبة الجامعات والنقاد المتعاطفين حتى انهم وضعوها بمصاف اعمال ارنست همنغواي وتي. أس. أليوت حيث وصفت بانها " رائعة، محيرة وغريبة – مثل اعمال كافكا تقريبا توابلها الفكاهة " الى ان قدمت على ليرك ثيتر وكادت تؤدي الى تدمير مهنة بنتر المسرحية وما انقذ بنتر زوجته المؤمنة بموهبته وناقد صاحب رؤيا وصديق متعاطف والبرنامج الثالث في محطة البي بي سي. لاتبدو المسرحية، اليوم تعكس اي شيئ غريب حول حبكتها ولكن في عالم بنتر الغامض بثراء فان هذين الرجلين المضطهدين هم ذاتهما ضحيتان لقوى اكبر منهما.

عندما عرض ليرك ثيتر المسرحية لمدة ستة ايام فقط عام 1958 كان رد فعل النقاد هستريا وتظهر كتاباتهم غضبا محيرا لأن بنتر لم يحاول ان يفسر ما يريد قوله. من هو ستانلي؟ ماذا يمثل كولدبيرغ ومكان؟ وما هي "المنظمة " الغامضة التي ينتميان اليها. ويخبرنا الالحاح على هذه الأسئلة الكثير حول الحالة الثقافية السائدة في نهاية الخمسينات والتي كانت تتوقع من الاعمال الفنية توفير اجوبة عقلانية على اسئلة محددة بوضوح وعلى حلول للمسائل الاجتماعية والفنية.

وبرغم اعتقاد البعض ان المسرح البيريطاني قد تم تثويره على يدي بيكيت في مسرحيته "في انتظار غودو" و اوزبورن في "انظر الى الوراء بغضب" لكن هذا الاعتقاد استحال الى خرافة مريحة لأن العديد من الاشكال القديمة والعادات بقيت دون مساس. واحتاج المجتمع البريطاني الى 50 عاما ليتعرف على الاتجاهات السياسية لبنتر وظهور جمهور يميل، الان، الى دراما تتحاشى الحلول السردية وحلول وعي يفضح بسرعة تقنيات الاضطهاد كما دلت عليه احداث غوانتانامو وابو غريب.

وتدلنا ردود الافعال على العروض الاولى للمسرحية ان الفنان الرؤيوي يتقدم دائما بمسافة واسعة على النقاد وعلى الجمهور الى حد ما. هذا ما برهنت عليه المسرحيات التي قدمت بعد الحرب العالمية الثانية مثل مسرحية يوم القديس لجون وايتنك عام 1954، في انتظار غودو عام 1955، حفلة عيد الميلاد عام 1958، رقصة العريف ميوزكريف لجون آردن عام 1959 و المنقذ لأدوارد بوند عام 1965.

وقال ديفيد فار المخرج الحالي لحفلة عيد الميلاد ان بنتر " يمزج الحداثة الوجودية مع الواقعية البريطانية وبراغماتيتها ". وهذا هو السر الحقيقي لديمومتها: ان احداثها تقع في بيت على البحر لكنها تفتح الباب امام تاريخ اوربا.

ويقدم بنتر سببين احدهما سياسي والآخر شخصي لصمود مسرحية حفلة عيد الميلاد امام تقادم الزمن قائلا: " ان اقتحام رجلين بيت احد ما وبث الرعب في صاحب الدار غدا امرا حقيقيا يوما بعد آخر في حيواتنا. يحدث ذلك على الدوام ويحدث ، الآن، اكثر مما كان يحدث البارحة ولربما هذا سبب العمر الطويل للمسرحية. فهي ليست فنطازيا، انها تتحدث عن امر يغدو حقيقيا يوما بعد آخر". وما مر به من تجارب شخصية قبل عشر سنوات من كتابته هذه المسرحية كادت تودي به الى السجن عدة مرات كانت لها آثارها على حبكة المسرحية.

----------
* سعدي عبد اللطيف: اديب عراقي مقيم في المملكة المتحدة واستاذ سابق للادب الانكليزي في العراق والجزائر. ترجم ونشر عشرات النصوص الفلسفية والشعرية والوثائق السياسية الى جانب ما له من دراسات ومحاولات في النقد الادبي المعاصر والفن.



#سعدي_عبد_اللطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -مأتم الأم الكبيرة- لغابريل غارسيا ماركيز
- البرابرة
- رياض رمزي : نعي مثقف حي تم تأجيل موته عدة مرات
- أنطون تشيخوف والحب والحياة في دراسة لروزاموند بارتلت * / الق ...
- أنطون تشيخوف والحب والحياة في دراسة لروزاموند بارتلت * / الق ...
- أنطون تشيخوف والحب والحياة في دراسة لروزاموند بارتلت * / الق ...
- مئوية صالح الكويتي
- افضل شعراء في اللغة الانجليزية في القرن العشرين
- معرض تشيكلي روسي في لندن ولوحات لبيكاسو و سيزان و غوغان
- هارولد بنتر، الغائب الكبير في الفن المسرحي البريطاني
- ميخائيل باختين ومفهوم الحوار عند دستوفسكي بترجمة لسعدي عبد ا ...
- ميخائيل باختين ومفهوم الحوار عند دستوفسكي بترجمة لسعدي عبد ا ...
- ميخائيل باختين ومفهوم الحوار عند دستوفسكي بترجمة لسعدي عبد ا ...
- سعدي عبد اللطيف يحاور شاكر لعيبي عن قصيدة النثر المقفاة
- حضارة بابل اضفت على لندن بهجة عميقة
- الكتابة واللغات في العراق القديم
- في ذكرى معرض بابل: الاسطورة والحقيقة في المتحف البريطاني
- نبذة موجزة عن تاريخ المتحف البريطاني
- الشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف
- لماذا تجاهل العالم.. الآثاري العراقي الكبير هرمز رسام


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عبد اللطيف - مسرحية -حفلة عيد الميلاد- بعد خمسة وخمسين عاما