أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي حرك - كتابة التاريخ بالإنجازات















المزيد.....


كتابة التاريخ بالإنجازات


سامي حرك

الحوار المتمدن-العدد: 4282 - 2013 / 11 / 21 - 08:09
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كتابة التاريخ بالإنجازات, لا بأسماء الشخصيات

المحتوى قمت بالتعبير عنه في أكثر من مقال سابق.
والتالي مقتطف من كتاب: :ا(لكنانة, كيف بدأت الحضارة؟)

من وقت مبكر جدًا كنت أتوقف متشككًا أمام روايات شفاهية تتحدث بثقة مطلقة عن بدايات أسطورية للوجود, تضع تسلسلاً لصفحات تبدو كما لو كانت كشوف ودفاتر مسطرة بأسماء وتواريخ ميلاد وسنوات حياة مئات الأسلاف, وكأن أولئك الرواة الشفهيين كانوا مزودين بكاميرات ديجيتال تنقلهم عبر الأجيال والقرون وآلاف السنين! فدائمًا ما شعرت بالقلق وعدم الإطمئنان لتلك الروايات التاريخية بمسوح دينية, حتى وأنا في أقرب حالاتي للتدين, وأقصد بالتدين هنا الإلتزام الشديد بالطقوس الشكلية من الدين, حين مررت بهذه الحالة خلال بعض من مرحلتي المراهقة وبداية الشباب.
هناك مبالغات يرفضها العقل والقلب معًا, لكنها تبقى رغم النقد الداخلي خشية أن يكون ذلك من قلة الإيمان أو إهتزاز العقيدة, وكان البديل لذلك القلق هو العودة لقراءة القصص الأدبية, بعد إنقطاع إستمر معي قرابة ثلاث سنوات, هروبًا من الواقع الخيالي إلى الرومانسية الواقعية, ولم تخِب ظنوني في تلك الهواية, إذ وافقت ميولي وأشبعت حاجتي للإطلاع على العالم, ولو من خلال رؤية أبطال وبطلات قصص نجيب محفوظ ويوسف إدريس ومكسيم جوركي, وغيرهم, فإنتشلتني سريعًا من المراهقة الدينية إلى الليبرالية الثقافية, حيثُ القراءة والكتابة والتفكير, يمينًا ويسارًا ووسطا.
في مرحلة تالية قرأت تاريخ العالم من خلال موسوعات مترجمة إلى العربية, مثل: "معالم تاريخ الإنسانية" هـ.ج.ويلز, و"قصة الحضارة" ول ديورانت, أما تاريخ مصر فقد إعتمدت كثيرًا في قراءتي له على كتب عبد العزيز صالح, ثم موسوعة سليم حسن, ومؤخرًا سعدت بمطالعة تاريخ مصر من خلال مخطوطة تاريخ البطاركة تحقيق عبد العزيز جمال الدين.
في هذه الكتب وتلك الموسوعات (المدنية), نرى تاريخًا آخر, يقترب أو يبتعد عن رؤية الدين للتاريخ, إلا أنه يبقى تاريخًا مقاربًا لواقع العَالم, وليس ناقلاً لروايات الغيب, أي تاريخًا علمانيًا نسبيًا, يتأسس على شواهد علوم الجغرافيا والفلك والإجتماع والآثار, من خلال تحقيق روايات وكتب الجغرافيين والفلكيين والمؤرخين في ضوء الأبحاث والمكتشفات, تاريخًا نسبيًا قابل للتصديق أو التكذيب, كله أو بعضه, قرينة بقرينة ودليل بدليل, لا أحكام مُطلقة يؤمن من يصدقها ويكفر من يكذبها, بل ويوعد بالويل والعذاب الأليم.
ولأننا في هذا الفصل, بصدد دعوة لإعادة قراءة وكتابة تاريخٍ علمي نسبي, فإنه يبدو لي, وفي ضوء نظرية "الكنانة", أن أضع تصورًا لرؤيتي في كيفية إعادة تنسيق وترتيب المراحل الرئيسية لتاريخيّ العلم والعالم, معًا, من خلال تاريخ مصر, وصولاً لتجسيد تاريخي, أقرب ما يكون إلى الواقع وإلى حياة المصريين عبر آلاف السنين, خاصة وقد صارت الحياة في مصر –وفقًا لنظرية الكنانة- هي العصب الرئيسي لحركة التاريخ وأساس الحضارة.
والمنهج المناسب لكتابة ذلك التاريخ, أراه يقوم على أربعة محاور:
المحور الأول: تاريخ العلم مع تاريخ مصر: دمج نظريات وأبحاث العلم في نشأة الكون وحركته, وتكوين الأرض, وكيفية تطور الحياة عليها, الماضي الكوني والماضي الأرضي والماضي الإنساني, معُا في كتاب واحد, ويصاغ ذلك المنهج الموحد ببساطة ووضوح ليضاف إلى صفحات كتاب التاريخ (الكوني/ الأرضي/ الإنساني) المدرسي والجامعي .
المحور الثاني: التاريخ بالأحداث والإنجازات: تقسيم مراحل التاريخ وفقًا للأحداث البيئية (الكونية والأرضية والإنسانية) الكبرى, والإنجازات الحضارية الأساسية, سياسية أو إجتماعية أو علمية أو ثقافية, وليس بالضرورة بأسماء الزعماء والحكام, كما هو الأمر الآن, ليكون كتاب التاريخ عرضًا لقصة الحضارة, كما هو العنوان والمقدمة المبدعة لموسوعة ول. ديورانت, أو ليكون قصة الإنسان عمومًا, وليست فقط قصص الولاة والأمراء والحُكام..
حسب المحورين السابقين فإن التاريخ المطلوب إعادة تنسيق وترتيب مراحله, سيكون أقرب للجغرافيا التاريخية, أو التاريخ البيئي الجغرافي الإحتماعي الحضاري, وذلك في كتاب واحد, أو موسوعة واحدة, هي موجز لتاريخ الكون والأرض والإنسان.
ومع ذلك تبدو أهمية المحورين التاليين في كونهما إطارين عامين متداخلين مع السابقين:
المحور الثالث: الأولوية للزعامات الشعبية والإبداعية: مع الإلتزام في كتابة التاريخ بتسمية الفصول حسب الإنجازات الحضارية, لا أسماء الملوك والحكام فقط, فإن ذلك يعني أن يكون الأساس هو رصد الحركة الإجتماعية والعلمية والفنية للشعب, وليس فقط حركة حكامه, بل أرجو أن تكون تقسيمة المراحل الحضارية بعناوين الأحداث والإنجازات, إمتدادًا لما هو موجود بالفعل في تقسيمة (العصر الجليدي/ العصر الحجري/ عصر النحاس/ عصر البرونز/ عصر الحديد ... إلخ): عصر الفخار/عصر الشادوف/ عصر النورج/ عصر الشرشرة/ عصر الناي/ عصر الهارب/ عصر النول/ عصر الدواية/ عصر المرهم/ عصر النحت/ عصر الزجاج/ عصر بداية الإحتفالات/ عصر المحاكم/ عصر الدرابية/ عصر المستشفيات/ عصر الأختام/ عصر المعاهد والمدارس/ .... وهكذا تسمى المراحل الزمنية حسب قائمة الإنجازات الحضارية الطويلة, ولا يظهر إسم الملك أو الحاكم أو القائد الشعبي إلا إن كان فذًا مؤثرًا فاعلا في تلك المسيرة الحضارية, بل يُذكر إسم العالم أو الباحث أو المخترع كلما أمكن, على أن يشمل شرح الفصول مشهد عام للحضارات والدول المعاصرة لزمن كل فصل.
أما المحور الرابع: معيار التواصل الحضاري: فإنه حين يأتي الحديث عن فترات الإحتلال, فيجب أن لا تكون على أساس الأصول الجينية العرقية للحاكم وأسرته, إنما أتصور وجود ثلاثة شروط موضوعية لإعتبار فترة ما, إما أنها مجرد فترة إحتلال وإنقطاع, أو أنها فترة تواصل حضاري وطني, مهما كانت ووضحت أجنبية الحاكم, والشروط الثلاثة هي:
(أ) أن تكون العبرة بعاصمة الحكم, فالحكم من خلال عاصمة أجنبية هو إنقطاع وحكم إحتلالي بلا مواربة ولا جدال, ولا يستثنى من ذلك الشرط إلا فترة الإحتلال الإستيطاني الهكسوسي, إذ أنه كان عبارة عن تسلل تحول إلى إستيطان فإحتلال فحكم لأجزاء من البلاد من مجموعة متسللين مشردين, لاوطن لهم, إلا الوطن الخيالي المحمول معهم أينما حلوا بحثًا وطمعًا في الكلأ, ولذلك يبدو شذوذهم عن قاعدة الشرط الأول خاصة وأنهم لا تنطبق عليهم باقي الشروط, حيث الشرط الثاني:
(ب) يتعلق بحرص الحاكم على المصالح مصر الوطنية.
(ج) عن الإلتزام بتواصل الأنساق الثقافية والحضارية.



#سامي_حرك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكنانة: قصة التكوين
- -السُبوع- و-الأربعين-, مناوبة بين الربّات الحاميات
- الرقص
- إنها -مصر-, يااا لجنة الخمسين!
- التنمية الثقافية للآثار, إقتصاد المليارات!
- أرباب أم آلهة؟
- قُل: قبطي مسيحي, ولا تقُل: قبطي مصري
- هنحتفل فين السنة دي؟
- ذكرى توحيد القُطرين
- ليلة توت 6251


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي حرك - كتابة التاريخ بالإنجازات