نادين عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 4281 - 2013 / 11 / 20 - 09:19
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
لم يصدر حتى الآن قانون الحريات النقابية، الذى تم إعداده برعاية وزير القوى العاملة السابق د. أحمد البرعى، وناضلت من أجل إقراره جميع الاتحادات النقابية المستقلة، كونه يحافظ على حقهم العمالى فى تشكيل نقاباتهم وحريتهم الإنسانية فى اختياره. لم يظل قانون الحريات النقابية أسير أدراج المجلس العسكرى سابقاً فحسب، بل رفضه أيضاً وزير القوى العاملة الإخوانى السابق. وحتى الآن، لم يصدر هذا القانون، رغم أن وزير القوى العاملة الحالى من المناصرين له!
بالطبع، هذا وضع غريب جداً! ففى الوقت الذى أعطى فيه العمال إشارة جادة بأنهم على استعداد لتنظيم أنفسهم والتفاوض مع المسؤولين فيما يخص حقوقهم المشروعة، لم يعرهم أحد انتباهاً، بل أصرت الإدارات الحكومية فى معظم الأحيان على التعامل مع قيادات النقابات الجديدة ليس باعتبارهم قيادات نقابية تسعى لتنظيم صفوف العمال والدفاع عنهم، ولكن باعتبارهم قيادات لحركات احتجاجية غير منظمة بغية نزع الشرعية عنهم وإضعاف موقفهم. فهل يعقل أن تواجه القيادات العمالية الممثلة لقواعدها هذا الكم من العراقيل، رغم أن تواجدها بشكل منظم يضمن لأى نظام عدم انفجار الوضع الاجتماعى بشكل عشوائى؟
والحقيقة هى أن أزمة التمثيل هذه لن تدفع سوى إلى زيادة الاحتجاجات العمالية! فالمراجع لبروز هذه الأزمة فى السنوات الماضية يدرك أن تفاقمها نتج بالأساس عن غياب أى تمثيل حقيقى للعمال. ففى ضوء غياب ممثلين لهم أو وجود ممثلين «لا يمثلونهم»، كما هو الحال مع الاتحاد الرسمى، أصبح الاحتجاج وسيلة للتفاوض مع الدولة أو صاحب العمل قبل أن يكون وسيلة لتحقيق المطالب. ورغم أن قوة أى نظام سياسى تكمن فى قدرته على دمج أكبر قدر من القوى السياسية والاجتماعية للحصول على دعمها لقراراته، يبدو أن السلطة السياسية غير واعية لخطورة رفض أو تجاهل تقنين النقابات الوليدة.
وأخيرا، نؤكد أنه لو لم يدرك المسؤولون خطورة إعادة إنتاج نفس نمط العلاقات القديمة، ستدخل البلاد فى نفق مظلم. فالوضع لم يعد يحتمل أسلوب «المسكنات» الذى كان يتبعه النظام القديم، بل بالأحرى يحتاج إلى تغييرات وإصلاحات بنيوية أكثر جذرية. أحد هذه الإصلاحات الملحة هى إعداد الإطار التنظيمى لعلاقات العمل، فمنطق الدولة «المتفرجة» أحيانا و«الحاضنة» فى أحيان أخرى لابد أن ينتهى، كى يحل مكانه منطق الدولة «المنظمة» وليس بالضرورة «المتدخلة». لن تستطيع الدولة أن تستكمل طريقها من دون أن تسعى لصياغة عقد أو اتفاق اجتماعى جديد بينها من جهة وبين القوى الاجتماعية الصاعدة من جهة أخرى، عقد جديد يعيد تنظيم علاقات السلطة والمجتمع على نحو يعبر عن التغييرات التى شهدها كل منهما مؤخرا.
#نادين_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟