سليمان سمير غانم
الحوار المتمدن-العدد: 4281 - 2013 / 11 / 20 - 00:46
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
((سورية من (سري ) أي السيدة و ( سورية ) من ( سرت ) أي السيدة ...إذ أن (سر ) يعني : السيد العليّ ؛ و مؤنثه ((سرت و سري يعني السيدة العلية .. وما تزال اللغة العربية تحتفظ لنا بالأصل حتى اليوم فكلمة ((سري )) الفصحى تعني : السيد ؛العالي؛ وسراة القوم: سادتهم ؛ و السراة : الجبال المرتفعة ؛ و السروات القمم ؛ و السرو الشجر المرتفع . و (( سارة )) هي السيدة و الملكة .
ومنها كلمة SIR الإنكليزية بمعنى (السيد).و السوريون السراة بمعنى السادة.
و إذا ما أضفنا نون الجمع تصبح (( سرن )) و تعني : السوريين أو السريان)).
و تكتب بالتاء المربوطة لأنها ليست اسم أعجمي بل اسم عربي !)).
لاقى النص في الأعلى رواجاً كبيراً على مواقع الانترنت والتواصل الاجتماعي وتم تبنيه من قبل الكثير من المثقفين حتى. يحمل النص في الأعلى مغالطات كبيرة خصوصاً خلط التاريخ السرياني بالعربي والمعنى السرياني والكتابة العربية، لكننا لن نعلق عليه بشكله الحالي، بل سنحاول التعليق على الثقافة التي تقود إلى هذه التحليلات وهي أصل المشكلة (غياب التفكير العلمي).
درج في الفترة الأخيرة وفي ظل تعرض الهوية الوطنية السورية للاهتزاز وبكثرة على لسان البعض ومن دون سند مادي تاريخي تفسير معنى كلمة سوريا ومن أين جاء والعمل على نسبه إلى شعوب بعينها، من دون مصدر تاريخي موثق، وهنا السؤال الذي يطرح نفسه في ظل سيادة الجهل؛ ما الفرق بين شخص متعصب ينسب سوريا لشعب معين وللفظة معينة من دون سند علمي تاريخي، عن شخص آخر ينسب سوريا لنفسه ولشعبه من دون سندر تاريخي موثق؟
لن ندخل في موضوع التخمينات وموضوع معنى الاسم سوريا ومن أين جاء، لكن من واجبنا توضيح المعلومة الأولى الموثقة تاريخياً للاسم. ومتى ذكر لأول مرة في التاريخ في نص تاريخي واضح. أطلق اسم سوريا ولأول مرة بشكل علمي موثق في العصور الكلاسيكية وتحديداً في كتابات المؤرخ اليوناني هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد. وأطلق حصراً على المنطقة الممتدة من الاسكندرون شمالاً حتى حدود مصر جنوباً ومن البحر المتوسط غرباً حتى البادية والفرات شرقاً.
العصور الكلاسيكية في سوريا: هي العصور التي عاشت فيها سوريا الثقافة اليونانية والرومانية في اللغة والسياسة والأدب. تبدأ العصور الكلاسيكية بدخول جيش الإسكندر المقدوني في القرن الرابع قبل الميلاد إلى سوريا، وتنتهي بالدخول الإسلامي إلى سوريا في بداية القرن السابع الميلادي. استمرت العصور الكلاسيكية في سوريا قرابة ألف عام. يعرف العصران الأولان؛ أي اليوناني والروماني منها بالعصر الكلاسيكي، الذي يمتد من القرن الرابع قبل الميلاد إلى القرن الرابع الميلادي، ليبدأ بعدها في سوريا العصر البيزنطي؛ الذي يعرف تاريخياً بالعصر ما بعد الكلاسيكي.
في بداية هذه العصور بدأ ذكر سوريا في النصوص التاريخية بشكل واضح وصريح. النص الأول الذي ذكرت فيه اللفظة لأول مرة في تلك العصور هو نص يوناني لهيرودوت برز فيه اسم سورية Syria بشكله الحالي وترسخ استعماله فيما بعد للدلالة بصورة أساسية على المناطق الممتدة من جبال طوروس في الشمال حتى حدود مصر في الجنوب، ومن الفرات وبادية الشام شرقاً حتى البحر المتوسط غرباً، أي ان اسم سوريا كان قد ظهر أول مرة في نصوص القرن الخامس قبل الميلاد لدى المؤرخ هيرودوت، ولكن لم يبدأ استعماله على نطاق واسع إلا بعد مجيء الاسكندر الكبير المقدوني والسلوقيين من بعده لحكم سوريا. أما قبل ذلك فكانت سورية الولاية الخامسة في الإمبراطورية الفارسية الأخمينية، وعرفت باسم سترابية «عبر النهر» Abar Nahara، التي كانت تضم حسب هيرودوت (التاريخ: الكتاب 3 الفقرة 91) «كل فينيقية وسورية الفلسطينية وجزيرة قبرص» وتدفع جزية سنوية مقدارها 350 تالنته (وهي وحدة حسابية نقدية تبلغ نحو 26كغ من الفضة)، إضافة إلى تقديم السفن اللازمة للأسطول الفارسي.
النص اليوناني الأصلي لهيرودوت الذي ذكرت فيه سوريا لأول مرة (Σ-;-υ-;-ρ-;-ί-;-η-;- ):
91. [1] ἀ-;-π-;-ὸ-;- δ-;-ὲ-;- Π-;-ο-;-σ-;-ι-;-δ-;-η-;-ί-;-ο-;-υ-;- π-;-ό-;-λ-;-ι-;-ο-;-ς-;-, τ-;-ὴ-;-ν-;- Ἀ-;-μ-;-φ-;-ί-;-λ-;-ο-;-χ-;-ο-;-ς-;- ὁ-;- Ἀ-;-μ-;-φ-;-ι-;-ά-;-ρ-;-ε-;-ω-;- ο-;-ἴ-;-κ-;-ι-;-σ-;-ε-;- ἐ-;-π-;-᾽-;- ο-;-ὔ-;-ρ-;-ο-;-ι-;-σ-;-ι-;- τ-;-ο-;-ῖ-;-σ-;-ι-;- Κ-;-ι-;-λ-;-ί-;-κ-;-ω-;-ν-;- τ-;-ε-;- κ-;-α-;-ὶ-;- Σ-;-ύ-;-ρ-;-ω-;-ν-;-, ἀ-;-ρ-;-ξ-;-ά-;-μ-;-ε-;-ν-;-ο-;-ς-;- ἀ-;-π-;-ὸ-;- τ-;-α-;-ύ-;-τ-;-η-;-ς-;- μ-;-έ-;-χ-;-ρ-;-ι-;- Α-;-ἰ-;-γ-;-ύ-;-π-;-τ-;-ο-;-υ-;-, π-;-λ-;-ὴ-;-ν-;- μ-;-ο-;-ί-;-ρ-;-η-;-ς-;- τ-;-ῆ-;-ς-;- Ἀ-;-ρ-;-α-;-β-;-ί-;-ω-;-ν-;- (τ-;-α-;-ῦ-;-τ-;-α-;- γ-;-ὰ-;-ρ-;- ἦ-;-ν-;- ἀ-;-τ-;-ε-;-λ-;-έ-;-α-;-), π-;-ε-;-ν-;-τ-;-ή-;-κ-;-ο-;-ν-;-τ-;-α-;- κ-;-α-;-ὶ-;- τ-;-ρ-;-ι-;-η-;-κ-;-ό-;-σ-;-ι-;-α-;- τ-;-ά-;-λ-;-α-;-ν-;-τ-;-α-;- φ-;-ό-;-ρ-;-ο-;-ς-;- ἦ-;-ν-;-. ἔ-;-σ-;-τ-;-ι-;- δ-;-ὲ-;- ἐ-;-ν-;- τ-;-ῷ-;- ν-;-ο-;-μ-;-ῷ-;- τ-;-ο-;-ύ-;-τ-;-ῳ-;- Φ-;-ο-;-ι-;-ν-;-ί-;-κ-;-η-;- τ-;-ε-;- π-;-ᾶ-;-σ-;-α-;- κ-;-α-;-ὶ-;- Σ-;-υ-;-ρ-;-ί-;-η-;- ἡ-;- Π-;-α-;-λ-;-α-;-ι-;-σ-;-τ-;-ί-;-ν-;-η-;- κ-;-α-;-λ-;-ε-;-ο-;-μ-;-έ-;-ν-;-η-;- κ-;-α-;-ὶ-;- Κ-;-ύ-;-π-;-ρ-;-ο-;-ς-;-·-;- ν-;-ο-;-μ-;-ὸ-;-ς-;- π-;-έ-;-μ-;-π-;-τ-;-ο-;-ς-;- ο-;-ὗ-;-τ-;-ο-;-ς-;-. [2] ἀ-;-π-;-᾽-;- Α-;-ἰ-;-γ-;-ύ-;-π-;-τ-;-ο-;-υ-;- δ-;-ὲ-;- κ-;-α-;-ὶ-;- Λ-;-ι-;-β-;-ύ-;-ω-;-ν-;- τ-;-ῶ-;-ν-;- π-;-ρ-;-ο-;-σ-;-ε-;-χ-;-έ-;-ω-;-ν-;- Α-;-ἰ-;-γ-;-ύ-;-π-;-τ-;-ῳ-;- κ-;-α-;-ὶ-;- Κ-;-υ-;-ρ-;-ή-;-ν-;-η-;-ς-;- τ-;-ε-;- κ-;-α-;-ὶ-;- Β-;-ά-;-ρ-;-κ-;-η-;-ς-;- (ἐ-;-ς-;- γ-;-ὰ-;-ρ-;- τ-;-ὸ-;-ν-;- Α-;-ἰ-;-γ-;-ύ-;-π-;-τ-;-ι-;-ο-;-ν-;- ν-;-ο-;-μ-;-ὸ-;-ν-;- α-;-ὗ-;-τ-;-α-;-ι-;- ἐ-;-κ-;-ε-;-κ-;-ο-;-σ-;-μ-;-έ-;-α-;-τ-;-ο-;-) ἑ-;-π-;-τ-;-α-;-κ-;-ό-;-σ-;-ι-;-α-;- π-;-ρ-;-ο-;-σ-;-ή-;-ι-;-ε-;- τ-;-ά-;-λ-;-α-;-ν-;-τ-;-α-;-, π-;-ά-;-ρ-;-ε-;-ξ-;- τ-;-ο-;-ῦ-;- ἐ-;-κ-;- τ-;-ῆ-;-ς-;- Μ-;-ο-;-ί-;-ρ-;-ι-;-ο-;-ς-;- λ-;-ί-;-μ-;-ν-;-η-;-ς-;- γ-;-ι-;-ν-;-ο-;-μ-;-έ-;-ν-;-ο-;-υ-;- ἀ-;-ρ-;-γ-;-υ-;-ρ-;-ί-;-ο-;-υ-;-, τ-;-ὸ-;- ἐ-;-γ-;-ί-;-ν-;-ε-;-τ-;-ο-;- ἐ-;-κ-;- τ-;-ῶ-;-ν-;- ἰ-;-χ-;-θ-;-ύ-;-ω-;-ν-;-·-;- [3] τ-;-ο-;-ύ-;-τ-;-ο-;-υ-;- τ-;-ε-;- δ-;-ὴ-;- χ-;-ω-;-ρ-;-ὶ-;-ς-;- τ-;-ο-;-ῦ-;- ἀ-;-ρ-;-γ-;-υ-;-ρ-;-ί-;-ο-;-υ-;- κ-;-α-;-ὶ-;- τ-;-ο-;-ῦ-;- [ἐ-;-π-;-ι-;-μ-;-ε-;-τ-;-ρ-;-ο-;-υ-;-μ-;-έ-;-ν-;-ο-;-υ-;-] σ-;-ί-;-τ-;-ο-;-υ-;- π-;-ρ-;-ο-;-σ-;-ή-;-ι-;-ε-;- ἑ-;-π-;-τ-;-α-;-κ-;-ό-;-σ-;-ι-;-α-;- τ-;-ά-;-λ-;-α-;-ν-;-τ-;-α-;-·-;- σ-;-ί-;-τ-;-ο-;-υ-;- γ-;-ὰ-;-ρ-;- δ-;-ύ-;-ο-;- κ-;-α-;-ὶ-;- δ-;-έ-;-κ-;-α-;- μ-;-υ-;-ρ-;-ι-;-ά-;-δ-;-α-;-ς-;- Π-;-ε-;-ρ-;-σ-;-έ-;-ω-;-ν-;- τ-;-ε-;- τ-;-ο-;-ῖ-;-σ-;-ι-;- ἐ-;-ν-;- τ-;-ῷ-;- Λ-;-ε-;-υ-;-κ-;-ῷ-;- τ-;-ε-;-ί-;-χ-;-ε-;-ϊ-;- τ-;-ῷ-;- ἐ-;-ν-;- Μ-;-έ-;-μ-;-φ-;-ι-;- κ-;-α-;-τ-;-ο-;-ι-;-κ-;-η-;-μ-;-έ-;-ν-;-ο-;-ι-;-σ-;-ι-;- κ-;-α-;-τ-;-α-;-μ-;-ε-;-τ-;-ρ-;-έ-;-ο-;-υ-;-σ-;-ι-;- κ-;-α-;-ὶ-;- τ-;-ο-;-ῖ-;-σ-;-ι-;- τ-;-ο-;-ύ-;-τ-;-ω-;-ν-;- ἐ-;-π-;-ι-;-κ-;-ο-;-ύ-;-ρ-;-ο-;-ι-;-σ-;-ι-;-. ν-;-ο-;-μ-;-ὸ-;-ς-;- ἕ-;-κ-;-τ-;-ο-;-ς-;- ο-;-ὗ-;-τ-;-ο-;-ς-;-. [4] Σ-;-α-;-τ-;-τ-;-α-;-γ-;-ύ-;-δ-;-α-;-ι-;- δ-;-ὲ-;- κ-;-α-;-ὶ-;- Γ-;-α-;-ν-;-δ-;-ά-;-ρ-;-ι-;-ο-;-ι-;- κ-;-α-;-ὶ-;- Δ-;-α-;-δ-;-ί-;-κ-;-α-;-ι-;- τ-;-ε-;- κ-;-α-;-ὶ-;- Ἀ-;-π-;-α-;-ρ-;-ύ-;-τ-;-α-;-ι-;- ἐ-;-ς-;- τ-;-ὠ-;-υ-;-τ-;-ὸ-;- τ-;-ε-;-τ-;-α-;-γ-;-μ-;-έ-;-ν-;-ο-;-ι-;- ἑ-;-β-;-δ-;-ο-;-μ-;-ή-;-κ-;-ο-;-ν-;-τ-;-α-;- κ-;-α-;-ὶ-;- ἑ-;-κ-;-α-;-τ-;-ὸ-;-ν-;- τ-;-ά-;-λ-;-α-;-ν-;-τ-;-α-;- π-;-ρ-;-ο-;-σ-;-έ-;-φ-;-ε-;-ρ-;-ο-;-ν-;-·-;- ν-;-ο-;-μ-;-ὸ-;-ς-;- δ-;-ὲ-;- ο-;-ὗ-;-τ-;-ο-;-ς-;- ἕ-;-β-;-δ-;-ο-;-μ-;-ο-;-ς-;-. ἀ-;-π-;-ὸ-;- Σ-;-ο-;-ύ-;-σ-;-ω-;-ν-;- δ-;-ὲ-;- κ-;-α-;-ὶ-;- τ-;-ῆ-;-ς-;- ἄ-;-λ-;-λ-;-η-;-ς-;- Κ-;-ι-;-σ-;-σ-;-ί-;-ω-;-ν-;- χ-;-ώ-;-ρ-;-η-;-ς-;- τ-;-ρ-;-ι-;-η-;-κ-;-ό-;-σ-;-ι-;-α-;-·-;- ν-;-ο-;-μ-;-ὸ-;-ς-;- ὄ-;-γ-;-δ-;-ο-;-ο-;-ς-;- ο-;-ὗ-;-τ-;-ο-;-ς-;-.
النص في الإنكليزية:
91) From that division which begins with the city of Posideion, founded by Amphilochos the son of Amphiaraos on the borders of the Kilikians and the Syrians, and extends as far as Egypt, not including the territory of the Arabians (for this was free from payment), the amount was three hundred and fifty talents-;- and in this division are the whole of Phenicia and Syria which is called Palestine and Cyprus: this is the fifth division. From Egypt and the Libyans bordering upon Egypt, and from Kyrene and Barca, for these were so ordered as to belong to the Egyptian division, there came in seven hundred talents, without reckoning the money produced by the lake of Moiris, that is to say from the fish-;- without reckoning this, I say,´-or-the corn which was contributed in addition by measure, there came in seven hundred talents-;- for as regards the corn, they contribute by measure one hundred and twenty thousand bushels for the use of those Persians who are established in the "White Fortress" at Memphis, and for their foreign mercenaries: this is the sixth division. The Sattagydai and Gandarians and Dadicans and Aparytai, being joined together, brought in one hundred and seventy talents: this is the seventh division. From Susa and the rest of the land of the Kissians there came in three hundred: this is the eighth division.
من لديه معلومات أو نصوص تاريخية موثقة في سوريا سواء من العرب أو السريان وذكر فيها اسم سوريا صريحاً قبل نص هيرودوت اليوناني في الأعلى عليه أن يطرحها للتوضيح ولدعم كلامه أو فرضيته، قبل أن يتكلم في التاريخ ويفسر معاني الكلام، فالتاريخ بحاجة إلى توثيق ومن دون ذلك فلا مصداقية لأي حديث في الأحداث التاريخية، فالتاريخ لا يوجد في وسط لا يملك معطيات توثيقية تحدد المصداقية والموضوعية.
إرث سوريا ليس بحاجة للتضخيم والتهويل في الموضوع التاريخي أو الأثري فهي بلد مهم تاريخياً وثقافياً، لكن أشد ما يلزمه اليوم ترسيخ الواقعية وبناء شخصية واقعية تصف ما هو مادي أو ما هو موجود فعلاً ولا تعيش في الأوهام الغير موجودة!
.المعلومات الواردة في المقال: المؤرخ هيرودوت (التاريخ: الكتاب: 3 الفقرة: 91)
#سليمان_سمير_غانم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟