أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي ( 19 )














المزيد.....

منزلنا الريفي ( 19 )


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4281 - 2013 / 11 / 20 - 00:32
المحور: الادب والفن
    



جدته...

مقبرة ذات شعر أشعث ؛ أشجار قديمة ذات جذور منتصبة في العمق، أي عالم هذا ؟ إنه الخوف يحرس الموتى ؛ الأشجار تحرس كل شيء، أما العروش الشيباء التي تحلق عاليا فهي بمثابة سقف لسجن رهيب ؛ أين أنا يا أنت ؟ و أين أنت يا أنا ؟
قبور متراصة، صمت قاتل، وعلى الضريح مناديل تعبث بها الرياح، بعض منها عمها الذبول، وأخرى بدت ممزقة حزنا على زوار تركوها كأم فقدت ابنها إلى الأبد، في داخل الضريح شموع منطفئة يعمها الوحل، أما الجدار فيظهر على وشك الانهدام . تلك هي مقبرة يحيط بها السدر .
تبدو كالبذرة العجفاء، كالأرض الموات، لا شيء يمت إلى الحياة، وسماء تسكنها شمس كالرماد ؛ ذات يوم كنت تتجول بين الشواهد والأسماء، باحثا عن شجرة الأنساب، وحالما بلقاء الأجداد، وماضي الدوار ؛ كنت تسأل من هذا و ذاك، وكانت جدتك عند عتبة الجواب، لكن ها أنت تهيم دون عنوان، بينما هي سكنت بين اللحد والتراب .

**************
خرجت من اللحد إلى المهد، من الجد إلى العبث، من الماء إلى الوحل، من السحاب إلى المطر، من الوجود إلى العدم .
تحولت إلى ذرة تفيض حرية، وإلى عدم يفيض انسيابية ؛ تنساب المياه نحو اللامعنى، بينما هي تنساب في اللاوجود لتصل إلى الوجود .

*************
مزقت الكفن، وردمت القبر، وقفت مستقيمة تفيض حياة ؛ تراءت لها جموع من الموتى، ومن بين هذه الجموع فقيه يهذي كالكائنات المقعقعة التي ما إن تضغط عليها حتى تصدر صوتا غير نابع من إرادتها ؛ تراءى لها بشر يتطاحنون، ومؤمنون كالأبقار يهيمون نحو دفن الغريزة والحياة .
وصاحت من مكانها :

" أيها الموتى !
أيها المؤمنون !
يا من دفنتموني للتو ؛ إنكم أنتم الموتى ؛ لا أنا ؛ أنا حية بحياة الكون، إنني ذرة من ذراته، أصيكم بالغريزة والحياة، لا التقوى والممات، إنكم بعبادتكم وابتهالاتكم، وبصومكم تنبذون الحياة من أجل اللاحياة ؛ تعتقدون، لكن ليس الاعتقاد هو الحقيقة ؛ تؤمنون، ليس الإيمان هو الحقيقة ؛ الإيمان وهم و أفيون لراحة البال والضمير، أما الحقيقة فهي مرة كالعلقم .
أيها الموتى !
أخرجوا من سجنكم ؛ من موتكم ؛ من نبذكم للحياة ؛ من قتلكم لذواتكم ؛ من سفككم للدماء تحت ذريعة الدين .
أيها الموتى !
لقد عدت إلى الحياة، وما للحياة من معنى إلا في أحضان الطبيعة ؛ الطبيعة الكامنة في ذواتنا، وخارج عن ذواتنا، هيا فلنتجول في تضاريس أجسادنا، ولنطلق العنان لغرائزنا ؛ في أجسادنا تتراءى وديان وحقول وعيون وأنهار .
هيا يا رفاق ! يا رفيقات ! عودوا إلى الطبيعة لتفهموا سر الخلود وسر الحياة " .
وأخذت تراب لحدها، وسارت تدفن جموع المؤمنين، أما أرواحهم الخبيثة، فصارت تتبخر منتقلة إلى كهوف السماء .
بتاريخ :13/11/2013

*************
كلا ...! يا هذا الذي يتجول بين دروب العبث، كنت تسبح في بركة الموت، وفي عالم طاله الخوف والتهديد والوعد، وها أنت تسبح وحيدا متفكرا متأملا، وها أنت تقرأ نبوءة تناشد الحياة .
في مدرستك تلقنت الموت، واستعداء الحياة، وفي صلاتك تعلمت الجبن و الخوف، أما بين أحضان منزلك الريفي طردت المرض والبؤس، وتركته يمتح من عبق الطبيعة، ومن رقصات الطيور .

*************
تبعث صديقتك (...) برسالة إليك : " أحبك يا عمري !! "
أما ما ينبعث من المذياع : " الحب والجمال " .
ولكن ما أحوجنا إلى فلسفة الحياة لتقتل الموت الساكنة في الديار - منزلك الريفي .

واد زم - المغرب / 13-11-2013



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شحوب وغروب
- منزلنا الريفي ( 18 )
- منزلنا الريفي ( 17 )
- منزلنا الريفي ( 16 )
- دموع حبيبتي
- منزلنا الريفي ( 15 )
- الغروب
- منزلنا الريفي ( 14 )
- منزلنا الريفي ( 13 )
- المواطن - شعيبة - ( 3 )
- زوابع وخريف
- من واد زم إلى زحيليكة : رحلة في ثنايا الريف
- ذكريات...أمواج متلاطمة ...يونس...المهدي
- كابل
- المواطن - شعيبة - ( 2 )
- المواطن شعيبة
- منزلنا الريفي ( 12 ) / ( بني كرزاز...مواقع - أسماء - ملاحم - ...
- منزلنا الريفي ( 11 )
- منزلنا الريفي ( 10 )
- دروس في الرقص


المزيد.....




- جيمس كاميرون يشتري حقوق كتاب تشارلز بيليغريمو لتصوير فيلم عن ...
- كأنها خرجت من أفلام الخيال العلمي.. ألق نظرة على مباني العصر ...
- شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير ...
- وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح ...
- مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد ...
- أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه ...
- وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا ...
- عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب ...
- موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر ...
- بأغاني وبرامج كرتون.. تردد قناة طيور الجنة 2023 Toyor Al Jan ...


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي ( 19 )