|
في مواجهة المبررات المتهافتة للاستمرار في المفاوضات
عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 4280 - 2013 / 11 / 19 - 18:44
المحور:
القضية الفلسطينية
فاجأ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ، الشعب الفلسطيني بإعلانه الواضح والصريح ، عشية لقائه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ، بأن الجانب الفلسطيني المفاوض ، سيستمر في المفاوضات لغاية انتهاء مدة التسعة شهور المحددة، والمتفق عليها مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ، " مهما حصل على الأرض " أي رغم عمليات التنكيل المستمرة بحق أبناء شعبنا ، ورغم الحملة الاستيطانية المستمرة ، التي دفعت كل من المفاوضين صائب عريقات ومحمد شتية لتقديم استقالتيهما الشكلية . وكما هو معلوم ، ووفق ما ذكره د. صائب عريقات في مقابلة له مع فضائية الميادين مؤخراً ، فإنه خلال جولات التفاوض السبعة عشرة منذ نهاية تموز الماضي ، وحتى مطلع تشرين ثاني الجاري ، شرع العدو الصهيوني في بناء 5591 وحدة استيطانية ، وقتل بدم بارد (25) فلسطينيا في مختلف مناطق الضفة الغربية ، وواصل الحصار على قطاع غزة . وفي مقابلة هذا التساهل التفاوضي المريب ، من جانب السلطة الفلسطينية نلاحظ غطرسةً وتصلباً إسرائيلياً ، تمثل في تصريح رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو ، في مقابلة حصرية أجرتها قناة 24 news ( بأن تحقيق ما أسماه بالسلام يقتضي أن يلقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس خطابا موازيا - أطلق عليه اسم خطاب بير زيت - وأن يقول في هذا الخطاب " دولتين لشعبين واحدة يهودية تعيش جنبا إلى جنب الدولة الفلسطينية " ) أي يريد ويشترط موافقة الرئيس الفلسطيني على أن (إسرائيل) هي الوطن القومي للشعب اليهودي – يهودية الدولة – مقابل اعتراف ( إسرائيل ) بالدولة الفلسطينية ، دون أن يحدد مكان وحدود هذه الدولة ؟! تصريح عباس باستمرار المفاوضات ، رغم الهجمة الاستيطانية ينطوي على ما يلي : أولاً : أنه يوفر الغطاء السياسي والقانوني لمزيد من الاستيطان في القدس والضفة الغربية ، ما يؤكد حقيقة العلاقة الطردية بين استمرار المفاوضات وازدياد عمليات البناء الاستيطاني. ثانياً : أنه يطلق يد جنود العدو والمستوطنين للاستمرار في عمليات التنكيل بحق أبناء شعبنا ، وانتهاك المقدسات ، وتدمير المزروعات الفلسطينية ومواصلة حصار قطاع غزة . ثالثاً : أن هذا الموقف يؤكد ما سبق وأن صرح به زير الخارجية الأمريكي جون كيري ، أمام لجنة المتابعة العربية في باريس ، وبحضور وزير خارجية السلطة الفلسطينية رياض المالكي ، بأن الجانب الفلسطيني قايض الإفراج عن 204 أسرى بالتنازل عن شرط وقف الاستيطان ، وبمنحة مالية قدرها 600 مليون دولار من جيوب دول الخليج . ولا يغير من حقيقة هذا الأمر ، قول المفاوض الفلسطيني بأن الرجوع للمفاوضات ارتبط بشرط وقف الاستيطان ، وأنه وافق فقط " على الحد الأدنى من البناء الاستيطاني في المستوطنات القائمة أصلاً " ، فمن يوافق على " الحد الأدنى من الاستيطان " يخرق عملياً شرط وقف الاستيطان. ولا يغير من واقع الأمر أيضا، قول الجانب الفلسطيني المفاوض بأن الاستيطان باطل ومرفوض ، وغير ذلك من العبارات الإنشائية التي تستهدف احتواء الغضب في الشارع الفلسطيني. وعلى سبيل التذكير فقط ، نشير بأن المفاوضات منذ اتفاقية أوسلو عام 1993 ، وفرت الغطاء السياسي ، لعمليات الاغتصاب الاستيطاني في القدس والضفة الغربية ، وبلغة الأرقام كان عدد المستوطنات والبؤر الاستيطانية عشية أوسلو (137 ) مستوطنة ، ووصل عددها في نهاية عام 2012 ( 482 ) مستوطنة وبؤرة استيطانية ، وكان عدد المستوطنين في الضفة بما فيها القدس " بضعة آلاف " وصل عددهم في نهاية العام الماضي (562 ) ألف مستوطن ، (53 ) في المائة منهم في القدس ومحيطها . واللافت للنظر أن رئاسة السلطة الفلسطينية ، أقدمت على استئناف المفاوضات في تموز الماضي - بعد مقاطعتها لمدة أربع سنوات - بناء على مبادرة كيري ، رغم عدم موافقة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عليها . وهاهي تمضي في المفاوضات رغم رفض معظم الفصائل الفلسطينية الاستمرار فيها ، ورغم الهجمة الاستيطانية غير المسبوقة ، ورغم عمليات التنكيل المستمرة بحق أبناء شعبنا ، ورغم الاقتحامات المستمرة من قبل قطعان المستوطنين للمسجد الأقصى وشروع الكنيست الإسرائيلي ، في بحث مشروع تعديل قانون حماية المقدسات ليشمل المسجد الأقصى ، توطئة لتقسيمه زمانياً أو مكانياً بين المسلمين واليهود . ويبرر الجانب الفلسطيني المفاوض ، موافقته على الاستمرار في المفاوضات ، رغم كل ما يجري على الأرض من استيطان وتنكيل بثلاث مبررات وهي : أولاً : أنه لا يريد أن يتحمل مسؤولية فشل العملية التفاوضية أمام المجتمع الدولي وخاصةً أمام الراعي الأمريكي . ثانياً: أنه يريد استثمار تحميل (إسرائيل) مسؤولية الفشل ، لكسب واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي إلى جانبه ، في الحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة . ثالثاً : أنه يصبح طليق اليد في الانضمام لجميع المنظمات الدولية المتفرعة عن الأمم المتحدة وكذلك لمحكمة الجنايات الدولية . إن أدنى قراءة لهذه المبررات ، يكتشف مدى تهافتها ، لأن القضية الفلسطينية لم تنشأ قبل سنة أو سنتين ، بل منذ 96 عاماً ، وخلال تلك الفترة جرى اغتصاب فلسطين عام 1948 ، وتم تقديم كل أشكال الدعم العسكري والاقتصادي والتقني للكيان الصهيوني ، من قبل الولايات المتحدة وبقية الدول الغربية ، التي شكلت له مظلة حماية للكيان الصهيوني في مجلس الأمن ، ليستمر في أعمال التهويد والاستيطان دون أدنى عقاب. فهذه الدول تدرك منذ أوسلو وحتى اللحظة أن ( إسرائيل) هي المسؤولة عن إفشال اتفاقات أوسلو – على سوءتها - وعن إفشال واي ريفر وخطة خارطة الطريق وأنابوليس وخطة كيري وغيرها ، لكنها ومع ذلك ستظل تقف إلى جانبها ، ولن تسمح بمعاقبتها ولن تسمح بحصول فلسطين على صفة " دولة عضو " بالضد من الموقف الإسرائيلي ، لأن (إسرائيل ) مصلحة إستراتيجية غربية مضمونة ، وهي عملياً حاملة طائرات أمريكية في الشرق الأوسط ، توظفها باستمرار لتحقيق مصالحها الأمنية والاقتصادية وغيرها. هذا كله من جانب ، ومن جانب ، آخر فإن انضمام فلسطين لبقية منظمات الأمم المتحدة ، ولمحكمة الجنايات الدولية ، لا يحتاج لموافقة الولايات المتحدة والدول الأوروبية ، بعد أن حصلت على صفة دولة غير عضو ( مراقب ) في الجمعية العامة للأمم المتحدة . ما تقدم من مبررات متهافته ، تكشف استمرار أصحاب نهج أوسلو في ذات الطريق ، الذي وضع القضية الفلسطينية على مذبح التصفية ، ما يستدعي من القوى الوطنية الفلسطينية ، أن تتجاوز حالة الارتهان والعجز والمراوحة في المكان ، باتجاه إعادة الاعتبار للإستراتيجية الوطنية الفلسطينية ولثوابت الميثاق الوطني الفلسطيني ، المرتكزة على ثلاث قواعد وهي : أولاً : المقاومة وعلى رأسها الكفاح المسلح ، ونبذ خيار التفاوض باعتبار أن الشعب الفلسطيني كان ولا يزال يعيش محلة التحرر الوطني ثانياً : الوحدة الوطنية الفلسطينية المستندة إلى أولوية المقاومة . وثالثاً : العمق العربي للقضية الفلسطينية ، بحكم أن القضية الفلسطينية قضية قومية بامتياز ، وهي جوهر الصراع العبي الصهيوني .
#عليان_عليان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ذكرى وعد بلفور : نحو إستراتيجية تحدد بوضوح معسكر الأعداء
-
حذار من النهج النيوليبرالي ومن أدوات العولمة القاتلة
-
إرهاصات ثورة اجتماعية وسياسية في السودان
-
الرابحون والخاسرون من الاتفاق الروسي الأمريكي بشأن الكيماوي
...
-
بوتين أذل أوباما في قمة العشرين حيال الأزمة السورية
-
تماسك القيادة السورية يربك الادارة الأمريكية
-
العدوان الامبريالي الرجعي المرتقب على سوريا سيفشل في تحقيق أ
...
-
ثورة 23 يوليو المجيدة : ثورتان في ثورة واحدة
-
كفى رهاناً على جون كيري وعلى خيار المفاوضات البائس
-
حملة مكارثية ظالمة ضد الفلسطينيين المقيمين في مصر
-
اغتيال القائد الميداني رائد جندية استحقاق لتحالف حماس مع قطر
-
في مواجهة الإجراءات التهويدية للنقب
-
مرسي يتسول ود أمريكا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق
-
انكفاء مصر في عهد مبارك والأخوان سهل مهمة (إسرائيل) في حوض ا
...
-
مسلسل المصالحة الفلسطينية وسراب الصحراء
-
الحصار المصري الرسمي لغزة لا يزال مستمراً
-
في الذكرى أل (65) للنكبة : العودة تقترن بتحرير فلسطين
-
نريد قيادات تتصدى لمهزلة - تبادلية - حمد بن جاسم
-
حلف شيطاني بين الإرهابيين في سوريا وبين العدو الصهيوني
-
نحو إعادة الاعتبار لخيار المقاومة ونبذ خيار المفاوضات
المزيد.....
-
إسرائيل: مقتل جنديين في هجوم بمسيرة -من الشرق-
-
لأول مرة منذ بداية الحرب.. الجيش الإسرائيلي يستهدف طرابلس شم
...
-
الجزائر تستغرب من عدم تحديد الجناة في تفجير -السيل الشمالي-
...
-
المغرب.. رصد عوامل تعرض 40% من تلاميذ المملكة للتحرش الجنسي
...
-
بايدن -قلق- مما سيفعله ترامب في الانتخابات الرئاسية، في أول
...
-
تنبأ بـ-طوفان الأقصى-.. -نبي الغضب- يهاجم نتنياهو ويدعوه لفه
...
-
حقيقة وفاة الإعلامي اللبناني جورج قرداحي نتيجة الغارات الإسر
...
-
سيناتور أمريكي: واشنطن أدارت ظهرها للأمريكيين في أحلك لحظاته
...
-
المخابرات الأمريكية تتحدث عن هدف كبير وواسع يسعى له السنوار
...
-
رئاسية 2024.. صمت انتخابي في تونس
المزيد.....
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
المزيد.....
|