|
الانسان ( حيوان اجتماعي بألطبع )
سلمان مجيد
الحوار المتمدن-العدد: 4279 - 2013 / 11 / 18 - 13:54
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
مقولة من تلك المقولات التي كانت تتردد على لسان الدكتور ( على الوردي ) في دروسه و محاضراته التي كان يلقيها علينا ، نحن طلاب علم الاجتماع في كلية الاداب التابعة لجامعة بغداد ، و ان الفكرة التي يتضمنها هذا القول ، ان الانسان ينطوي على شقين ، الاول بكونه حيوان تتمثل فيه كل مظاهر و خصائص الحياة ، كألحركة و النمو و التكاثر ، و التي هي عبارة عن نتائج طبيعية لما يحركها من ادوات طبيعية كامنة في طبيعة الكائن الحي ، كان انسانآ او من الكائنات الحية الاخرى ، و المتمثلة بألدوافع و الرغبات الغريزية اللا ارادية ، فأن كل الكائنات الحية تشترك فيها ، وان هذه الغرائز و الدوافع و الرغبات ، لم يقتصر دورها على ارضاء او اشباع حاجة الكائن الحي ، و الانسان منهم و تحقيق التوازن الطبيعي للكائن الحي في حركته و توازنه في سلوكه و فعالياته الطبيعية ، بل الغرض منه ــ كما حددته حكمة الخالق ــ في تحقيق اهداف غاية في الاهمية ، وهي العمل على حفظ النوع ، وذلك من خلال اليات التكاثر الطبيعي ،وهناك موضوعة مهمة تتعلق بألتعبير اللغوي الذي قد لم ينتبه اليه البعض ــ وقد اكون غير موفق في تفسيره ــ وهو مانطلق عليه بالحيوان ، فأني ارى ان هذا التعبير لايقتصر اطلاقه على ما هو متعارف عليه بألحيوان او الدواب من الكائنات الحية ، وحتى النباتات و الاشجار ، فانه من الممكن ان يطلق على الكل ( بألحيوان ) و ذلك لأشتراكهم جميعآ ( بألحياة ) التي تجعلهم جميعآ يشتركون بهذه الخاصية ، ( التي لايعرف سرها الا الله تعالى ) و التي تعبر عن وجودها بما تمنحه للكيان الذي يحتويها ،تلك االخصائص المشار اليها اعلاه ، و المتمثلة بألحركة و النمو و التكاثر ، ودليل سر هذه الحياة و عدم معرفة طبيعتها : ان العلم قد عجز عن معرفة مكانها في كيان الكائن الحي ، وكيفية عملها في اعطاء الكيان الذي توجد فيه تلك الخصائص ( الحركة و النمو و التكاثر ) اذن و استنادآ الى كل ما تقدم ان الانسان كغيره من الكائنات الحية الاخرى التي يشترك معها بتلك الخصائص ، و قد تبرز في الذهن موضوعة : تلك التي تتعلق بفناء بعض انواع الكائنات الحية ، على مدى تأريخ عمر الحياة على الارض ، ان كانت من البشر او من الحيوانات ( الدواب ) او من النباتات ، فأن سبب هذا الفناء لايتعلق بقصور الحياة و خصائصها ، بل يعود الامر الى عوامل خارجية تتعلق بألمتغيرات الطبيعية الاستثنائية ، كما حدث بألنسبة لفناء و انقراض ( الديناصورات ) و حتى لدور البشر في انقراض بعض الكائنات الحية و النباتات نتيجة الجور الذي تتعرض اليه تلك الكائنات ، بسبب الصيد الجائر او ابادة النباتات و الغابات نتيجة لحرقها ، و لم يقتصر الامر على تلك الكائنات ، فقد يمتد الامر الى فناء او ابادة البشر ، نتيجة لعوامل طبيعية او غير طبيعية كالحروب ، حتى ان هناك امم واقوام و اقوام اختفت عن الوجود لاسباب لازالت مجهولة ، مع ان تلك الامم كانت على قدر كبير من التحضر مما يجعلها قادرة على الاستمرار في الحياة ، ان من كل ماتقدم نخلص الى ان الانسان كائن حي تتوفر له كل مستلزمات الحياة الطبيعية الغريزية التي اولآ : تجعله قادر على تلبية احتياجاته الطبيعية ، و ثانيآ : انه يشترك مع ( اشقائه ) من الكائنات الحية الاخرى في ذلك النبض وهي ( الحياة ) . اما الشق الأخر لكيان الانسان هو : ذلك الذي يتمثل بالخاصية الاجتماعية التي يتميز بها الانسان عن الكائنات الحية الاخرى ، و قد يعترض من ليس له دراية بمفهوم الاجتماع البشري ، فيرى ان الكائنات الحية الاخرى كلها تتصف بألعيش الجماعي ، و الرد على هذا الامر غاية في البساطة ، حيث ان العيش الجماعي للكائنات الحية غير البشرية انما هو عيش جماعي فطري و غريزي ، ليس للأرادة الواعية اي دور في تحقيقها و التحكم بمساراتها ، وذلك لان تلك الكائنات لا تمتلك تلك الاداة التي يمتلكها الانسان في التحكم بطبيعته الاجتماعية ، الاوهو ( العقل ) الذي يتميز به الانسان ، و الذي له الدور الاهم في التحكم في طبيعة هذا الاجتماع ، فبألنسبة ( للعقل ) هناك من يرى ان الانسان عندما يولد ( عقله ) هو عبارة عن صفحة بيضاء و ان ما يكتب في هذه الصفحة هو كل ما يمر به ذلك الانسان من تجارب و احداث تترسخ في كيان ذلك العقل ، حيث تصبح الاساس و القاعدة التي بموجبها يحدد ذلك الانسان سلوكه و فعله النفسي و الاجتماعي ، ولم ينس اصحاب هذا الرأي ان للعامل الوراثي دور في تعديل بعض ما يتم اكتسابه من البيئة المحيطة بذلك الانسان ، ان كانت بيئة طبيعية او اجتماعية ، ويستدل اصحاب هذا الرأي و منهم ( الدكتور علي الوردي ) على بعض الاحداث التي اكتشفت مصادفة ، ومنها حادثة اكتشاف الطفلة الهندية ( كمالا ) حيث فقدت في احدى الغابات فاحتوتها بعض من جماعات الذئاب ، فاكتسبت تلك الطفلة معظم ما اتصف به مجتمع الذئاب ، كألعواء و المشي على الاربعة الى غير ذلك ، وعندما تم العثور على تلك الطفلة اجريت عليها عملية اعادة تأهيلها و العودة بها الى طبيعتها البشرية ، فبدأت تستجيب الى ذلك التأهيل الذي كان من نتائجه ، العودة بألسير على القدمين ، واخذت تتلفظ الكلمات البشرية ،بعد ان كان كلامها عبارة عن عواء ، وان هذه التغيرات لم تحدث لو لم يكن للكائن البشري تلك الامكانية المتمثلة ( بألعقل )الذي تميز به على سائر الكائنات الحية ، و التي جعلته قادرآ على ان يتكيف مع الظروف و البيئات الطبيعية و الاجتماعية ، وهناك البعض يرى ومنهم الفلاسفة ان عقل الانسان عند الولادة لم يكن صفحة بيضاء خاليآ من الاوليات العقلية او مايطلق عليه بألبديهيات ، فأن كل عقل بشري يمتلك تلك الاوليات التي بدونها سيصبح عقل الانسان عرضة للأستنساخ حيث سيتعرض الى التبدل و التغيير المستمر دون ثوابت تعمل على المحافظة على طبيعته البشرية ، التي تجعله محافظآ على تلك الصفة ، و الا بدون تلك الثوابت سيصبح عقل الانسان كحيوانات ( السيرك ) حيث تصرفها يتبع ما تعلمته من مدربها ــ مع الفارق ــ خلاصة ما يمكن الوصول اليه من كل الذي تقدم ، ان الانسان هو عبارة عن خليط من الطابع الغريزي الذي يلبي الحاجات الطبيعية لذلك الانسان ، حيث يوفر له الحركة و النمو و التكاثر ، اضافة الى الجانب الاجتماعي الذي لم يخرج عن الطابع الفطري الحتمي ، لأن فكرة ان الانسان قادر على ان يعيش منفردآ غير قابلة للتصديق و غير واقعية ، و هذه من افكار ( الدكتور علي الوردي ) فيرى انه من المحال ان يتحقق الحفاظ على النوع و التكاثر عند البشر ان لم تكن تلك الخاصية تتواجد ضمن الاجتماع البشري ، فأن المرأة غير قادرة على تلبية اي من احتياجاتها الطبيعية مهما كانت بسيطة اثناء حملها و ولادتها دون ان يكون هناك من يعمل على مساعدتها ، و اهم المرشحين لذلك العون هو الرجل ضمن الاسرة ، اذن نخرج من كل ما مر ان الانسان هو كائن طبيعي و هو كائن اجتماعي فطري ، ولكن الغالب عليه هي تلك الصفة الاجتماعية ، و التي للعقل الذي يتصف به الانسان عن سائر الكائنات الحية الاخرى . ( تم ) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#سلمان_مجيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق و خارطته السياسية و احتمالات التغيير
-
( ساعات نصف نهار ) من يوم هزت العالم
-
( الشخصية التآريخية ) و مدى آنصاف ألتأريخ لها
-
مفهوم ( الخدمة الجهادية ) و قانون التقاعد الجديد
-
( الحياة ) هي الاصل
-
هل كان ( علي بن ابي طالب ) أشتراكيآ
-
مطالعات في كتاب (( فلسفتنا )) للشهيد / محمد باقرألصدر : ألقس
...
-
(( ألتوقف عن ألكتابة )) ألأسباب و ألنتائج :
-
مطالعات في كتاب (( فلسفتنا )) للشهيد : محمد باقر الصدر / الق
...
-
مطالعات في كتاب (( فلسفتنا )) للشهيد / محمد باقر الصدر القس
...
-
مطالعات في كتاب (( فلسفتنا )) للشهيد محمد باقر الصدر
-
السياحة و السواح
-
السياحة و انواعها
-
لحظات ما قبل ( النوم ) او ما بين ( اليقظة ) و ( النوم )
-
لو اختفى البشر عن الارض
-
(( الكوسموبوليتية و منظومة هارب )) و اخافة الشعوب
-
(( التفاح )) و الفرز الاجتماعي و تداعيات اخرى
-
(( الدين )) الفطرة و الحاجة
-
(( السرعة و التسارع )) و نقيضيهما ، واثرهما في مستقبل الامم
...
-
(( شاي العروس )) و ثنائيات الحياة .
المزيد.....
-
لون و-رمزية- شماغ الأمير تركي الفيصل بمقابلة CNN يشعلان تفاع
...
-
-لا توجد خطة-.. محلل يصف مشروع ترامب لغزة بـ-غير منطقي- ويؤك
...
-
-لم يعد بإمكاننا التحمل-.. فلسطينيون بغزة يناشدون العالم للم
...
-
السعودية.. القبض على 3 مواطنين ومقيم يمني والأمن يوضح ما ارت
...
-
ما هو حجم الدمار في جنين بعد العملية العسكرية الإسرائيلية في
...
-
حزب البديل من أجل ألمانيا وماسك وشركاؤه: حلم السيطرة على الع
...
-
خبير يكشف سر الوميض الأبيض خلال الزلزال المدمر في تركيا عام
...
-
أستراليا.. إنماء أول جنين كنغر في العالم باستخدام التلقيح ال
...
-
-لا مانع من محو غزة وإسرائيل-.. استقالة موظف من وزارة ماسك ب
...
-
-نيوزويك-: لأول مرة منذ بدء القتال في أوكرانيا.. طائرة تجسس
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|