أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالسلام سامي محمد - ملا ادبخانة !!!














المزيد.....

ملا ادبخانة !!!


عبدالسلام سامي محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4278 - 2013 / 11 / 17 - 21:56
المحور: الادب والفن
    


في الماضي و عندما كنا اطفالا اتذكر جيدا ذلك الرجل الفقير المعدوم ,, و الذي كان الجميع لا يعرفون اسمه الحقيقي سوى لقبه المستمد من مهنته المتداولة و المتعلقة بتنظيف و افراغ محتويات البالوعات من الفضلات البشرية ,, فكان الجميع يسمونه بملا الادبخانة اي ( الملا الذي يفرغ البالوعات ) حيث قامته الناعمة القصيرة النحيلة النحيفة ,, و حيث علامات الارهاق و الكبر و الشيخوخة على ملامح وجهه المجعد ,, و زييه الكوردي القديم ,, و حذائه المطاطي اللاستيكي الاسود التعبان ,, و المالك لعربة قديمة يجرها حمار كبير السن من المقدمة ,, وكان من البديهي ان يعلم الناس به قبل الوصول اليه و قبل رؤيته من خلال الريحة الكريهة التي كانت تتصاعد من موقع عمله ,, حيث افراغ محتويات البالوعات كما اسلفت ,, و كان الملا المعدوم يعمل لوحده في هذه المهنة الصعبة ,, و مسؤول لوحده عن افراع جميع بالوعات المدينة ,, المدينة التي كانت بحد ذاتها على شكل قرية صغيرة و متخلفة ,, حيث بيوتها الطينية القديمة ,, و اءزقتها الضيقة غير الصالحة لسير و وقوف المركبات ,, و عندما كان الرجل المسكين يحصل على طلب من احد الاشخاص بضرورة تفريغ بالوعة منزله ,, فما كان عليه الا و ان يتوجه في الصباح الباكر و بصحبة عربته و ابنه الصغير الى المكان المخصص ,, و كان ابنه كعادته يحمل وعاءا او سطلة في احدى يديه ,, و على كتفه الاخر حبل طويل ملوف و مربوط في احدى نهايته بيدة او ماسكة السطلة ,, وبعد قيامه برفع الغطاء عن فوهة البالوعة ,, كان ياءخذ السطلة من ابنه و ينزله من فوهة البالوعة الى الاسفل كي يتم تعبئتها و ملؤها بالفضلات الموجودة ,, ثم كان يقوم بسحبها بواسطة الحبل المربوط الى الاعلى,, ليفرغ من تلك المحتويات الثمينة !!! في الصهريج او البرميل الكبير ,, وبعد اتمام عمله اي تعبئته الكاملة للصهريج ,, كان عليه ان يقود الحمار و بصحبة ابنه الذي كان يساعده في كل تلك العمليات ,, الى طرف من اطراف مدينة زاخو,, حيث البساتين الخضراء الكثيرة و الجميلة ,, ليفرغ من تلك الحمولة اي الفضلات في مكان خاص لها و بالاحرى قرب مدخل احدى البساتين ,, حيث كانت تستخدم تلك الفضلات بعد مرور بضعة اشهرعليها او سنة ,, كسماد طبيعي لتقوية التربة الزراعية ,, و كان يرجع بعدها مرة ثانية لاءعادة نفس العملية السابقة من جديد ,, حتى يفضي البالوعة بكاملها من محتوياتها القذرة و النتنة جدا,, و التي ما كان يتحمل ريحتها الا هو و ابنه الصغير و حماره الكبيرالمسن ,, و للتاءكد من صحة عمله هذا ,, ما كان عليه في نهاية الامر الا و ان ينزل هوو بنفسه عن طريق السلم الخشبي الى داخل اعماق البالوعة ,, ليتاءكد عيناه فعلا من حقيقة الامر,, و من حقيقة ان كانت البالوعة فعلا فارغة تماما المحتويات القديمة ,, .
استمر هذا الانسان المعدوم و برفقة ابنه الصغير و حماره الهلكان على هذه المهنة و من دون كلل و ملل ,حتى وافاه الاجل ,, ثم اخذ على عاتقه مهام تلك المهنة المذكورة ابنه الوحيد ,, الذي تعلم مهارة المهنة من والده المرحوم ,, و الذي اكتمل و اصبح شابا يافعا قويا و متمرنا بعد ذلك ,, و بعد مرور بضع سنوات تطورت تقنية تنظيف البالوعات ,, فكان ابن الملا المرحوم يقوم باءفضاء البالوعات عن طريق سيارته القديمة التي اجرها لهذا الغرض ,, و كان اهل البلد يسمونها بالكرسيدس المحملة ايضا لصهريج اكبر بكثير من الاول ,, و المزود ايضا بمضخة تعمل بالطاقة الكهربائية ,, و في احدى اطرافه خرطوم غليظ و طويل ,, و اذا كان يتعذر عليه ايصال الكرسيدس الى المكان المخصص بسبب ضيق الازقة ,, فاءنه كان يقف بسيارته المشهورة في مكان بعيد ,, و يقوم بربط و مد خراطيم كثيرة بعضها بالبعض الاخر حتى تصل نهاية الخرطوم الى الهدف المعني والمكان الذي يستوجب تفريغه ,, لكن ابن الملا المرحوم لم يستمر كثيرا على مهنته هذه ,, حيث تلقت هذه المهنة بعد بضعة سنوات الكثير من المنافسة من قبل الاخرين الذين كان وضعهم المادي اقوى بكثير من وضع ابن الملا ,, حيث اتو بسيارات افضل من سيارته القديمة التعبانة ,, و بهذه الطريقة فقد صاحبنا المسكين مهنته الموروثة ابا عن جد ,, ليعمل بعد ذلك كسائق عادي بين القرى ,, بعد ان زال و تخلى عن الصهريج المشيد على مؤخرة الكرسيدس ,, ليجعل منها سيارة حمل عادية لنقل البضائع و قوالب الثلج و الفواكه و الحمولات الاخرى .
اعتقد لولا الحظ و لولا وجود ملا الاءدبخانة و ابنه الصغير,, اللذان خدما مدينتنا و اهلها اكثر من جميع الاحزاب و المسؤولين و الحكام و الحكومات و الانظمة المتعاقبة ,, لما كان بمقدور اي انسان تحمل تلك المهنة الصعبة و القذرة ,, و تلك الريحة القوية المزعجة الكريهة الى ابعد الحدود ,, فالف شكر مني و نيابة عن اهل زاخو للمرحوم ملا ادبخانة و ابنه الوحيد و حماره ,, و الف رحمة على روحه الطاهرة ,, و كم كان رائعا من اهل بلدنا و المسؤولين فيها باءن يتذكرو خدمة و اخلاص ذلك الانسان الفقير,, و ان يردو اليه القليل من جميله و خدمته العظيمة وو عن طريق وضع نصب تذكاري لهذا الانسان الفقير المعدوم الرائع و ابنه و حماره ,, الذي ضحو باءنفسهم و صحتهم و قواهم الجسدية و النفسية في سبيل خدمة مدينتنا و اهلها ....



#عبدالسلام_سامي_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين المسيس قنابل موقوتة !!
- باءختصار
- نحن و مصيدة الامام و الملا !!! / قصة واقعية / القسم الثالث و ...
- نحن و مصيدة الامام و الملا !!! / قصة واقعية / القسم الثاني
- نحن و مصيدة الامام و الملا !!! / قصة واقعية / القسم الاءول
- لتبقى كوردستان و العراق وطن الجميع
- عبدي قتك و المعاون الصارم / قصة واقعية
- لا يغير الله ما بقوم حتى ...... !!!
- لماذا نحن في الحضيض !!!
- سنبقى ابد الدهر قردة ,, ما لم نغير من سلوكنا !!!!
- النفط و الكباب !!!!
- حين تموت القضية !!!!
- شقي العراق و نهايته المذلة المخزية !!!


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالسلام سامي محمد - ملا ادبخانة !!!