|
تعليق على مقال سؤال النهضة والحداثة لابراهيم الحيدري
علاء الأعرجي
الحوار المتمدن-العدد: 4278 - 2013 / 11 / 17 - 17:27
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تعليق على مقال سؤال النهضة والحداثة لابراهيم الحيدري المنشور في الحوار المتمدن الغراء د.علاء الأعرجي
الأخ الفاضل البروفسور إبراهيم الحيدري أعزه الله
أقدر كل التقدير لفتتكم الكريمة لمشاركتي في الاطلاع على هذه المحاضرة القيّمة. كقراءة أولى للمحاضرة ، مع إشارات سريعة، من أهمها:
1) تستعرضُون بصفحات معدودة، وبكفاءة عالية، المسيرة الفكرية/التاريخية الطويلة للمجتمع العربي الإسلامي خلال 14قرناً تقريباً. وهذا ليس أمراً ميسوراً. 2) المحاضرة جامعة لأهم الاتجاهات الفكرية لتلك الفترة بكثافة وموضوعية. 3) ركّزتم، بين أمور أخرى، على "التعدد والتنوع والتمازج الثقافي مما أدى إلى تحويل الثقافة العربية - الاسلامية آنذاك(أي في مرحلتها المتقدمة) الى ثقافة عالمية،كما تقول بحق. وهذه نقطة جديرة بالتنويه. وقد يمكن أن نضيف إلى ذلك؛ إن الحضارة الحديثة(خصوصا من جهة ثقافتها العالِمة) لم تَعُدْ حضارة غربية بل عالمية، أي أصبحت مُلكاً لجميع الشعوب. وإن العرب قصروا كثيراً في الاغتراف منها، بل فشلوا في تبيئتها لثقافتهم، كما ذكرتم، بسبب تغلب "العقل المجتمعي" الماضوي بتعبيري. بينما استفادت منها دول أسيوية تبدأ باليابان والصين وتايوان وماليزيا وكوريا وغيرها من بلدان النمور الآسيوية. 4) أشرتم إلى أهمية تحول الحضارة العربية الإسلامية، إلى مرجعية ثقافية لعصر النهضة الأوربية. وأرى أنها مناسبة جيدة للتنويه بهذه النقطة. لكنّ التنويه بفضل العرب على الحضارة الغربية الحديثة، بوجه عام، أصبح -خلافاً للمفروض- يشكل عائقا في سبيل نهضة العرب، كما تعلمون. وفي هذا الصدد يقول جمال الدين الأفغاني "العربي يعجب بماضيه وأسلافه وهو في أشد الغفلة عن حاضره ومستقبله".
5) في مجال محاولات التحديث، أشرتم إلى الدعوة "لتحديث الفقه عن طريق فتح باب الاجتهاد وربط الخطاب الديني بمقتضيات العصر". وأنتم تعلمون جيداً أنه حصل العكس تماماً؛ إذ حورب جميع الذين حاولوا الاجتهاد بشدة وبعنف أحياناً، ابتداء من محمد عبده إلى نصر حامد أبو زيد وبينهم علي عبد الرازق ومحمود محمد طه وعلي الوردي وغيرهم، مما أسْكتَ المبدعين الآخرين الذين فضلوا السلامة. وهذا مثالٌ واحدٌ على تغلب موجِبات "العقل المنفعل"، الخاضع لـ"العقل المجتمعي" السائد والمتخلف، على تطلعات "العقل الفاعل" ، مما أدى إلى تخلفنا عن رَكب الحضارة، وبالتالي فشلنا الذريع في جميع ميادين التقدم الحضاري، وخضوعنا المُشين للآخر.(لاحظوا فصل" العقل الفاعل المُبدِع ينشئ الحضارات"، ص 170، في كتاب "أزمة التطور الحضاري..." المتوفر لديكم) 6) في شرحكم المكثف؛ المختصر والوافي، لـ"صدمة الحضارة"تشيرون إلى مسألة خطيرة أدت إلى فشل النهضة العربية، حيث تقولون بحق: "يلاحظ الباحث الاجتماعي أنه كلما يفقد المسلمون قيادة عالمهم يتحولون الى العقيدة الإسلامية يبحثون فيها ثانية عن هويتهم الضائعة والتخلص من محنتهم وضياعهم". وهذا ما نلمسه اليوم في الوطن العربي، ما قد يؤدي إلى فشل الربيع العربي أيضاً، وبعد أن استبشرنا بالثورة العربية التي كانت ثورة شعبية تلقائية في البداية ، لأول مرة في تاريخ العرب على الأقل. وأنا أضيف أن "العقل المجتمعي العربي"، بوجه عام، مايزال عقلاً ماضويا ًبامتياز، لأننا لسنا ورثة الحضارة العربية الإسلامية العظيمة، بل نحن ورثة الفترة المظلمة، التي قضت على جميع مكتسبات العصر الذهبي، لأن هذه الفترة هي الأقرب إلينا زمنياً، فضلا عن أنها استمرت قرابة سبعة قرون عِجاف. 7) ذكرتم أسباب فشل النهضة العربية الحديثة، بتفصيل وعمق. فنحن نتفق معكم في الأسباب الخمسة التي وردت في المحاضرة، وكلها تصب في خانة تحميل العرب المسؤولية الكاملة في هذا الفشل. ولكن ألا تعتقدون أنه يمكن إضافة سبب آخر مساعد، ألا وهو دور "الآخر" في إعاقة النهضة؟ وهو عامل مهم لاسيما إذا أخذنا بعين الاعتبار دور أولاد العمّ في القضاء على جميع بوادر النهضة، بل تصفية علمائها، كما حدث في العراق. ومع أنني أرى أن مسؤوولية الآخر تتضاءل أمام مسؤولية الأنا، على وجه العموم، إلا أن هناك رأياً قدمه الجابري يستحق الاعتبار، كما أرى. وهو أن الحضارة الغربية عندما بدأت نهضتها La Renascence ، لم تكن توجد حضارة تنافسها او تضايقها، فتطورت بحرية كافية. بينما تتعرض النهضة العربية اليوم إلى المضايقة من جانب الحضارة الغربية نفسها، بتفصيل نؤجله، تحاشياً للإطالة. 8) المهارة الأدبية والفكرية في ملاحظتكم الأخيرة في دخول الحضارة الحديثة من الأبواب الخلفية. وكنت أتمنى أن يتاح لكم الوقت الكافي للتوسع في هذه النقطة على نحو أكبر. حيث تلاحظون، بلا شك، أن بقاء العرب كمستهلكين لنواتج العلوم والتكنولوجيا الحديثة، وعدم مساهمتهم في إنتاجها ناهيك عن تطويرها، يعني زيادة عمق وسعة الفجوة الحضارية بيننا وبين "الآخر"، مما سيؤدي بالتالي؛ إلى زيادة نفوذه وتحكّمه بمقدراتِنا، ومضاعفة هيمنته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، كما يحدث فعلاً اليوم. ونلاحظ انكم أشرتم إلى جزء من هذه النقطة في مكان ما. والحديث يطول ويتشعب في هذه النقاط الهامة. 9) أسعدتني ملاحظتكم السريعة عن فكرة التناشز الاجتماعي لدى أستاذنا الوردي. وقد لاحظت أنك أشبعتها بحثاً في كتابكم المتميّز عن الوردي(ص154-164). 10) سرتني إشارتكم إلى المفكر محمد أركون (في المراجع) الذي أحترمه كثيراً، هو والجابري، على الرغم من اختلافي مع الأخير في بعض النقاط المهمة. وختاماً، لن أدعي أن هذه الإشارات العابرة ـ تستوعب أهم النقاط في المحاضرة؛ بل هي خربشات على حائطها العالي فحسب. وقد تكون لنا عودة إلى بعض هذه النقاط المهمة التي يمكن أن تفتح باباً للنقاش والتحليل في وقت آخر. وبهذه المناسبة، أشكر بتقدير كبير، الأخ البروفسور طارق إسماعيل، إذ شرفني بالتعرف عليكم.كما أنوه باعتزاز بصديقنا المشترك البروفسور فؤاد البعلي، لأنه كان همزة الوصل بيني وبين هذه النخبة المتميزة من الأساتذة العراقيين والعرب، حيث تشرفت بالتعرف عليكم وعلى البروفسور أياد القزاز والبروفسور محمد الخاقاني. واقبلوا تقديري واحترامي. علاء الأعرجي
مواضيع ذات الصلة ************************************** سؤال النهضة والحداثة (1/2) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=357715 سؤال النهضة والحداثة 2-2 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=365087
#علاء_الأعرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|