|
الكوتة لا تحقق المواطنة
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 4277 - 2013 / 11 / 16 - 11:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يُطالب مسيحيون كثيرون بأنْ يضمن الدستور حقهم فى نسبة فى المحليات والبرلمان. ولأنّ شعبنا المصرى تعرّض للإقصاء (وخاصة المسيحيين) منذ سيطرة الضباط على حكم مصر منذ فجر الأربعاء الأسود 23 يوليو1952، وكان الأكثر دلالة أنّ حركة ضباط يوليو لم يكن فيها مسيحى واحد ، ولأنّ التراث الإقصائى استمر لأكثر من ستين سنة. فترتب عليه عدم المشاركة السياسية بفضل سيطرة الحزب الواحد الذى بدأه عبد الناصر حتى مبارك. وما ينطبق على المسيحيين ينطبق على المرأة المسلمة. إزاء هذا الميرات المُعادى للمواطنة ، والذى يصعب علاجه فى زمن قصير، فإنّ العقل الحر يرى (على مضض) أنه لا بأس من النص فى الدستور على كوتة للمسيحيين وللمرأة لدورة أو دورتيْن على الأكثر. مع مراعاة أنّ هذا الإقرار لن يحل المشكلة من جذورها. لأنّ العبرة ليست فى مقاعد البرلمان ، وإنما فى المناخ الثقافى والاجتماعى بشكل عام . وطالما أنّ ذاك المناخ لم يستقر ولم يترسّخ فيه مبدأ (المواطنة) ستظل كل الافرازات البغيضة ضد المسيحيين وضد المرأة كما هى . والاغتيالات وحرق الكنائس وطرد المسيحيين من بيوتهم ومن قراهم إلخ لن يتوقف. أى أنّ منهج الإقصاء سيستمر طالما استمرالعنف . وما أقوله لا يدخل ضمن قراءة (الغيب) إنما هو قراءة للواقع . ولعلّ أعضاء لجنة الخمسين الذين وافقوا على تعديل دستور الإخوان الذى ودّ واضعوه أنْ يعودوا لعصر الكهوف ، وحبس مصر فى تلك الكهوف المظلمة ، فكان من المفترض على أعضاء لجنة الخمسين رفض ذاك الدستور البغيض وليس تعديله. وضرورة التمسك بصياغة دستور جديد يليق بثورة 30يونيو، لعل ذلك يؤكد أنّ المناخ الثقافى والاجتماعى لم يتغيّر. خاصة وأنّ تلك اللجنة بها أعضاء من ممثلى التيارات الإسلامية الرافضين والمُعادين للمواطنة. أزعم أنه بدل التشعلق بحبال مهترئة مثل (الكوتة) يكون البديل مرحلة جديدة من (النضال الفكرى) تبدأ بإقرار مادة (الأخلاق) كبديل لحصة الدين ، فيجلس الطفل المسيحى بجوار الطفل المسلم ، يتعلمان بعض آيات من القرآن ومن الأناجيل عن حب الأسرة واحترام الصغير للكبير. وعطف الكبير على الصغير. مع نماذج من كتابات الحكماء المصريين أمثال الحكيم (آنى) عن العدل والحب ونبذ الظلم والكراهية. هذا الإجراء لو تم سيقضى على الآفة التى بدأها ضباط يوليو52 عندما قرّروا فصل أبناء مصر من الأطفال فى حصة (الدين) ومن هنا بدأتْ مرحلة التمييز الدينى ، فترسّخ فى وجدان الأطفال أنّ الانتماء هو للدين وليس للوطن ، مع تنامى شعور الغربة والاغتراب ، فهذا مسلم وذاك مسيحى ، أى تعمد نفى ( المصرية ) عند الأطفال ، فى حين أنّ القاعدة فى العلوم الإنسانية (خاصة الفلسفة) أنّ الدين شىء (ذاتى) بينما (الموضوع) هو (الوطن) وأنّ الأوطان سبقتْ الأديان . وترتب على ذلك أنّ الطفل عندما يكبر، يضع ديانته قبل وطنه. وكانت الكارثة الثانية عندما قرّر الضابط كمال الدين حسين الذى تولى وزارة (التربية والتعليم) فى عهد البكباشى عبد الناصر، أنْ أصدر قرارًا باعتبار مادة الدين مادة نجاح ورســـوب ، وهو الأمر الذى لم يحدث قبل كارثة يوليو52. وكذلك النضال الفكرى ضد المادة التى تنظر للدولة على أنها مثل الشخص الطبيعى المؤمن بدين معين . وهذا الخطأ يجب تداركه (حتى لو أخذ عدة سنين) لأنّ الدولة شخصية اعتبارية ليس لها دين ولا تتعامل بالدين. وكذا إقرار حق المساواة التامة فى بناء دور العبادة ، لا فرق بين إسلامية ومسيحية إذا كان الإيمان بحق المواطنة أصيلا وليس زائفـًا. وكما أنّ غلاة الإسلاميين يُخطئون كذلك يُُخطىء بعض المسيحيين ، فقد حضرتُ مؤتمرًا يوم 10نوفمبر2013فى أحد الفنادق الكبرى ، فإذا بمُنسق المؤتمر أو الداعى له يستضيف سيدة من غلاة الداعيات الإسلاميات فيتركها تتحدث بلا تحديد للوقت رغم أنها لم تتحدث فى الموضوع وإنما ألقتْ خطبة مثل خطب يوم الجمعة ، بينما تمتْ مقاطعة د. محمود العلايلى لأنّ حديثه لم يُعجب الداعى للمؤتمر، رغم أنّ د. العلايلى تحدث فى صلب الموضوع ، لكن ما أزعج الداعى للمؤتمر أنّ د. العلاليلى شرح خطورة المادة الثانية التى تعتبر الدولة مثلها مثل الأشخاص الطبيعيين . كما أنه تطرق للاضطهاد الواقع على المرأة ( المسلمة ) فإذا كانت (الكوتة) هى الدواء المر، وهناك إتجاه لإقرار هذا الإجراء فيجب أنْ تكون للمرأة أيضًا حصة فى المحليات والبرلمان ، ولكن هذا الحديث لم يُعجب منسق او الداعى للمؤتمر واعتبره خارج الموضوع ، وقالها صريحة (( المؤتمر دا عشان تقرير حق الكوته للمسيحيين وبس )) أراهن دائمًا على المناخ العام ، وأرجو من المسيحيين المُتشعلقين فى وهم اسمه الكوته أنْ يتعلموا مما حدث قبل كارثة أبيب/ يوليو52حيث كان المناضل المصرى (مسيحى الديانه) ويصا واصف رئيسًا لمجلس النواب. وهو ما لم يتكرّر بعد يوليو52. وكان مرقص حنا نقيبًا للمحامين لأكثر من دورة . كما أنّ أغلبية المسيحيين رفضوا أنْ ينص دستور1923على أية ضمانات للأقلية الدينية. إنه المناخ العام وليس المُسكن المدعو (كوتة) ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من سيسل دى ميل إلى يوسف شاهين
-
رد على الأستاذة أحلام أحمد
-
الحضارة المصرية ودورها الريادى فى الطب
-
مؤامرة صهيونية لإخراج رمسيس من مصر
-
التقدم العلمى فى علم الصيدلة فى مصر القديمة
-
التعليم فى مصر القديمة
-
صراع الحب والكراهية حول معشوقة الأحرار: المعرفة
-
حُمّى السيادة على العالم
-
الدولة State والدسلتير
-
اليهود البشر واليهود النصوصيين
-
تركيا من أتاتورك وإسماعيل أدهم إلى أردوغان
-
سراب اسمه (تجديد الخطاب الدينى)
-
موتسارت : طفل معجزة وحياة بائسة
-
التوراة بين التاريخ والعلم والأساطير
-
النقد العلمى لأسطورة هيكل
-
مدينة أون والادعاء العبرى
-
اسم مصر
-
قاسم أمين : أحد رموز التنوير
-
شهر مصرى صُغنتوت من خمسة أيام
-
فرح أنطون ومحمد عبده
المزيد.....
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|