ثامر ابراهيم الجهماني
الحوار المتمدن-العدد: 4276 - 2013 / 11 / 15 - 18:17
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
البِيّاع :
------
شاهدته في شوارع الجزائر المترامية الاطراف طولاً وعرضاً لم أدرك للحظتها أن خلف قطعة القماش البيضاء تلك قصص وحكايات .
في ولاية باتنة عاصمة الاوراس الاشم وحاضرة الثورة الجزائرية لمحته ...رجل عجوز لعبت السنون ورسمت كثيرا في تقاسيم وجهه التعب المنهك ...قصير القامة يعتمر الغترة على رأسه ويربط على أنفه المجدوع قطعة قماش بيضاء يربطها خلف رأسه المدور .
تصرفاته تثير الكثير من المشاعر المتداخلة بين الريبة والشفقة والاستفسار ..انطوائياً يبتعد عن الناس يمشي وحيداً لايجلس في المقهى كما كل الرجال وما أكثر المقاهي هناك/ .. يشتري حاجاته من أقرب بقال في الحي وينزوي الى كوخه الحقير على أطراف الحي .
للوهلة الاولى تبادر للذهن أن حادثة جدع الانف تشوه خلقي أخفاه بقطعة قماش ، أو حادث عرضي ..ترك عقدة في النفس ونفورا من الناس .
ويل لمجتمعاتنا العربية التي تقذف بهؤلاء بعيدا عن حضنها ...هذه الجملة كانت بداية لشعور التعاطف .
لو كان المشهد فريداً لكان مر مرور الكرام ..أما وقد تكرر في كل مدينة زرتها وتطابق المواصفات والمشاعر .. أمر يدعوا للشغف لمعرفة تفاصيل تكرار الحالة .وبالسؤال والاستفسار تبين أن البِيّاع بكسر الباء وتشديد الياء هو مفرد ( البياعة أو البياعيين ) باللفظ الشعبي الجزائري هم مجموعة من الافراد الذين غرر بهم وخانوا ضمائرهم وأوطانهم وشعوبهم وكانوا عونا ً للاستيطان الفرنسي .
تم التعرف عليهم والحكم عليهم بجدع الأنف وتركهم منبوذون بين الناس ..وما أقساها من عقوبة ...
فمنهم من انتحر ومنهم من هاجر والبقية الباقية هذا حالهم ..لا أحد يتعاطى معهم ، لكن تكفيهم تلك العيون التي تشبه المخارز تراقبهم شزرا ً طول العمر .
#ثامر_ابراهيم_الجهماني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟