|
مفهوم شكل البناء الأداري لأقليم الدولة والأشكالية في بناء الدولة اليمنية
رياض طه شمسان
حقوقي و أكاديمي
(Reyad Taha Shamsan)
الحوار المتمدن-العدد: 4275 - 2013 / 11 / 14 - 17:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مفهوم شكل البناء الأداري لأقليم الدولة والأشكالية في بناء الدولة اليمنية رياض طه شمسان مفهوم الدولة في القانون الدولي يتمثل بوحدة ثلاثة عناصر وهي: و جود اقليم للدولة وسكان متواجدون بشكل دائم و وجود سلطة تفرض سيادتها على كل اقليم الدولة وقدرتها على الدخول في علاقات مع الدول الأخرى. وفي علم الدولة والقانون، شكل الدولة عبارة عن ظاهره اجتماعية معقدة ويتمثل بثلاثة عناصر مترابطة ومتكاملة في ما بينها: - شكل ادارة الدولة ويتضمن بناء الأجهزة العليا لسلطة الدولة ونظام تشكيلها وتوزيع الصلاحيات فيما بينها. - شكل نظام حكم الدولة ويعني مجمل الأساليب والطرق لممارسة سلطة الدولة، وهو جزء لا يتجزأ من نظام الحكم السياسي وهذا الأخير مفهوم اوسع من الأول، لأنه لا يتضمن فقط الأساليب والطرق لممارسة سلطة الدولة، وانما ايضاً ممارسة السلطة السياسية بشكل عام التي تشارك فيها إلى جانب الدولة الأحزاب و منظمات المجتمع المدني من خلال المنظومة السياسية (النظام السياسي). - شكل بناء الدولة الأقليمي ويعني التقسيم الأداري والسياسي والجغرافي والقومي لبنية الدولة، والذي من خلاله يتبين مدى خصائص العلاقة المتبادلة بين الأجزاء المكونة لبنية الدولة الأقليمية وبين الأجهزة المركزية والمحلية لسلطة الدولة. وجميع الدول من ناحية شكل البناء الأقليمي تنقسم إلى دول موحدة - بسيطة، ودول اتحادية - مركبة - فدرالية. الدولة البسيطة تتكون من وحدات ادارية لا تتمتع بأي سيادة وتخضع للأجهزة المركزية لسلطة الدولة. وضمن هذه الدول توجد دول مركزية و دول لامركزية، وضمن النوع الثاني توجد دول لا مركزية ذات حكم محلي واسع الصلاحيات، و دول ذات حكم محلي كامل الصلاحيات - اقليمية، وتوجد ايضاً دول تجمع مابين المركزية واللامركزية مثل تركيا واليابان. ومايميز الدول المركزية واللامركزية بدرجة اساسية، في الثانية يتم انتخاب رؤساء الوحدات الأدراية او المحافظين بينما يجري تعيينهم في النوع الأول، بالأظافة الى ذلك في الدول اللامركزية تتمتع الوحدات الأدارية بصلاحيات في حل قضاياها بصورة مستقلة وخاصة في الدول التي تعيش فيها اقليات قومية او لغوية وثقافية او دينية، حيث توجد فيها وحدات ادارية ذات حكم ذاتي على خلاف الدول المركزية. وتوجد ضمن الدول البسيطة ما يطلق عليهم بالدول الأقليمية. ومن حيث توزيع الصلاحيات بين السلطة المركزية والمحلية يمكن تقسيم الدولة البسيطة إلى: - دولة بسيطة ايسلندا، كالومبيا، لبنان، بولندا ... الخ - دولة بسيطة مركبة ( مختلطة) التي يوجد ضمن مكوناتها الأدارية اقليم او عدد من الأقاليم ذات حكم ذاتي مثل بريطانيا، الدنمارك، الصين، البرتغال، اوكرانيا وفنلندا. - دولة بسيطة مركبة ( اقليمية) وهذا النوع من البناء الأدراي للدولة البسيطة يقوم على مبدأ اللامركزية ايضاً ويتكون من اقاليم ذات حكم ذاتي كأيطاليا واسبانيا وجنوب افريقيا وسرلانكه وغيرها. و الدولة الإقليمية - هي الدولة البسيطة اللامركزية التي تتألف بشكل كامل من كيانات عامة مستقلة تملك الحق في التشريعات المحلية. وتمثــل الدولــة الإقليميــة شــكلا متطــورا لبنيان الدولة الأقليمي ففي الوقت الذي فية تحتفظ الدولة بنفــس الإطــار الدســتوري للدولة البســيطة إلا ان اســتقلالية الســلطات المحليــة لم تعــد إداريــة فحســب بــل سياســية ومؤسســية أيضــا، و يصبح لديهــا صلاحيات خاصــة بهــا ذات طابــع تشريعــي يكفلهــا دســتورالدولة. والنظام اللامركزي في هذا النوع من الدول يرتقي إلى مستوى النظام الفيدرالي. و في الحقيقة لا توجد دولة بسيطة بالمعنى الحرفي للمفهوم القديم ، حيث توجد كثير من الدول البسيطة عندها البرلمان يتكون من مجلسين بريطانيا، هولندا، ايرلندا ، اسبانيا، ايطاليا وغيرها . في بعض الدول البسيطة الحديثة تنمو الصلات بين المدن والوحدات الأدارية بين مختلف الدول ، واحياناً تعقد اتفاقيات ثقافية و اقتصادية ثنائية ومتعدده، وهذا النوع من العلاقات يطلق عليه ما يسمى بالتعاون العابر للحدود. واحياناً ضمن الدول البسيطة، المقاطعات ذات الحكم الذاتي فيما يتعلق بالمجال الدولي تتمتع بأمكانية اكبر من المقاطعات الأخرى في نفس الدولة. و في ما يخص الفدرالية فهي عادة ما تنشأ من خلال رغبة دول مستقلة ذات سيادة بتشكيل دولة اتحادية تتنازل كل واحدة منها عن بعض سلطاتها الداخلية وعن سيادتها الخارجية. وتتميز كل دولة فدرالية بخصائصها التي تحددها عدد من العوامل من بينها تاريخية وقومية وثقافية ... الخ . اقليم الدولة الفدرالية يتكون من عدد من الكيانات السياسية تتمتع بصلاحيات واسعة وتمتلك دساتير خاصة بها شريطة أن لا تتعارض مع الدستور الفدرالي. وفي الدول الفدرالية السلطات العليا التشريعية والتنفيذية والقضائية تخص الجهاز الفدرالي. وفيما يتعلق بالسياسة العامة الخارجية للدولة الفدرالية تقوم به الأجهزة الفدرالية امريكا، المانيا، البرازيل ... الخ. الدول الفدرالية تمتلك انظمة موحدة فيما يتعلق بالقوات المسلحة والمال والضرائب والنقد. ورئيس الدولة هو القائد العام للقوات المسلحة ورئيس القضاء الأعلى . و في العالم توجد كثير من الدول الفدرالية ويبلغ تعدادها تقريباً في الوقت الحالي 27 دولة. و بحسب مستوى التطور الأقتصادي والسياسي يمكن تقسيمها إلى عدد من المجموعات و بدرجة اساسية إلى : دول عالية التطور( الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، كندا، المانيا، واستراليا) ، دول متطورة ( سويسرا، بلجيكا، النمسا)، ودول متوسطة التطور ( البرازيل، الأرجنتين، المكسيك، فنزويلا، ماليزيا، والهند، البوسنا و الهرسك) ودول نامية ( الأمارات المتحدة العربية، العراق، باكستان، نيجيريا، النيبال، اتحاد سانت كريستوفر ونيفيس، إثيوبيا ، وبابوا غينيا الجديدة و ولايات ميكرونيزيا الموحدة و جزر القمر)، و الدول ذات البنية الأجتماعية التقليدية ( تنزانيا و الصومال) . وجميع هذه الدول بغض النظر عن الأختلاف في مستوى التطور الأقتصادي والسياسي و الأجتماعي ممكن من حيث طريقة تشكيلها جمعها في مجموعتين . - دول تشكلت من الأعلى من خلال اللامركزية للدولة البسيطة ، التي فيها منح المركز جزء من الصلاحيات للمكونات المحلية ( النمسا، بلجيكا، البرازيل، والمانيا، روسيا...الخ) وفي عدد من هذه النوع من الدول صاحب هذه العملية الأنتقال من الأنظمة السياسية الأستبدادية إلى الأنظمة الديمقراطية ( المانيا، روسيا، يوغسلافيا السابقة و البرازيل). - دول تشكلت من المستوى الأدنى وخاصة من الدول الكنفدرالية إلى الفدرالية من خلال رغبة الدول ذات السيادة في النظام الكنفدرالي في تشكيل اجهزة الدولة الموحدة والنظام القانوني الموحد( الولايات المتحدة الأمريكية، النمسا وسويسرا). والفدرالية من حيث نظامها وتأدية وظائفها تتميز بثلاثة انواع وهي: الفدرالية الجغرافية و الفدرالية القومية - اللغوية الثقافية، والمخلطة الجغرافية والقومية. والدول الفدرالية التي تتشكل على اسس جغرافية اكثر ثباتاً واستقراراً من غيرها ( الولايات المتحدة الأمريكية، المانيا وسويسرا، )، ولكن هذه الدول تتميز بغالبية قوميتها الواحدة . وفيما يتعلق بالفدرالية القومية فهي حالياً على الواقع العملي غير موجوده وقد قامت حينها كلاً من ( الأتحاد السوفياتي السابق، تشيكوسلفاكيا ويوغسلافيا ). والفدرالية المختلطة القومية والجغرافية ( روسيا، بلجيكا، كندا، الهند ). وفي الدول المتعددة القوميات يعتمد النظام الفدرالي على العامل الجغرافي والقومي بغض النظر عن مستوى التطور الأقتصادي والأجتماعي والسياسي. فيمكن أن يكون في دول متطورة مثل روسيا و كندا وبلجيكا وغيرها، وفي الدول المتوسطة النمو كالمكسيك والهند ...الخ، و في الدول النامية كنيجيريا مثلاً. و البناء الفدرالي إلى هذا المستوى او ذاك يعكس المكونات القومية لشعوب هذه البلدان. و في الفدرالية المختلطة الجغرافية والقومية تتمتع الكيانات السياسية بسيادة اوسع من الفدرالية الجغرافية وأن كانت اقل من الفدرالية القومية . ففي هذا النوع الأخير لا تعتبر الكيانات السياسية دول ذات سيادة لأن نشاطهم فيما يتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية مرتبط بالصلاحيات التي يمنحها المركز الفدرالي. و من ناحية مستوى المركزية الفدرالية توجد عدد من النماذج وهي: الفدرالية الديمقراطية الليبرالية مثل امريكا وروسيا و المانيا وسويسرا وبلجيكا. والفدرالية المركزية مثل البرازيل والهند وغيرها. والنموذج شبه الفدرالي - نيجيريا و الأمارات العربية المتحدة وغيرها. التحديد القانوني والفعلي للصلاحيات بين المركز الفدرالي والكيانات الفدرالية او دول الأتحاد تقرها قواعد الدستور الأتحادي التي يتضمن عدد من المسائل التي فيها فقط يحق للأتحاد دون غيره اصدار القرارات و القوانين . وجميع المسائل الأخرى الذي لا يتحفظ عليها الدستور تقع تحت صلاحيات المجالس التشريعية للكيانات الفدرالية. ففي امريكا مثلاً ضمن الصلاحيات الأستثنائية للأتحاد تدخل التجارة الدولية والسياسة الخارجية والدفاع - اعلان الحرب و تنظيم مؤسستي الجيش والشرطة وتمويلها، والقائد العام للقوات المسلحة هو رئيس الدولة . وجميع المسائل الأخرى تقع تحت صلاحيات الولايات. و الدستور الألماني يحدد أن الصلاحيات الدستورية تخص المركز الفدرالي فقط. وبشكل عام مكونات الأتحاد الفدرالي تتمتع بأستقلالية كبيرة في الشؤون الداخلية اما فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية فهي تتركز في يد المركز الفدرالي. وتوجد بعض المكونات لعدد من الفدراليات التي تتمتع بحق عقد الأتفاقيات الدولية لدائرة محددة من المسائل، كالتنسيق في تنظيم الشؤون الحدودية ، الثقافية ، الصلات الأقتصادية وتكون تحت رقابة او اشراف الحكومة الفدرالية. ضمن هذه الدول المانيا، سويسرا، النمسا وإلى حد ما الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا. و معروف دولتين من الدول الدول الفدرالية وهما الأتحاد السوفياتي السابق و يوغسلافيا السابقة الذي كان بدساتيرهما مكونات ذات سيادة، مما كان يعني هذا اعطاء الحق بالمطالبة على الحصول على الأعتراف الدولي بحق الشخصية الدولية. وكانت اوكرانيا وروسيا البيضاء قد حصلتا على الأعتراف الدولي نتيجة لعضويتهما في الأمم المتحدة. ولكن في حقيقة الأمر هذا النوع من الشخصية الدولية يحمل خصائص شكلية قانونية للشخصية الدولية في القانون الدولي، وكانت حينها لأسباب سياسية دولية نتيجة قلة الدول الأشتراكية في منظمة الأمم المتحدة. من ناحية أخرى اثناء عقد الأتفاقيات الدولية المتعددة الأطراف خاصة في مجال حقوق الأنسان الولايات المتحدة تستخدم ما يسمى بالتحفظ الفدرالي الذي بموجبه السلطات الفدرالية تأخذ على عاتقها المسؤولية التي لا تدخل ضمن صلاحيات الولايات. و عادة ما تفضل الدول عقد الأتفاقيات الدولية مع السلطات المركزية الفدرالية. اللجنة الدولية للقانون الدولي اعترفت بأن الأتفاقيات التي يتم عقدها فيما بين ولايتين من اعضاء الدولة الفدرالية تتمتع بنفس ما تتمتع به الأتفاقيات الدولية بالتماثل ، وفي حالات اخرى يستخد ما يسمى بالتشابة في مبادئ القانون الدولي للأتفاقيات فيما يتعلق بهذا النوع من الأتفاقيات ولكن ضمن دائرة الدستور الفدرالي . و توجد خمسة مبادئ أساسية في نظام الفيدرالية ، التي تقوم عليها الدول الاتحادية المعاصرة : 1) حظر الأنظمام إلى دولة أخرى او الانفصال ، وهذا هو ما يضمن السلامة الإقليمية للدولة : 2) الحظر من جانب واحد تغيير الوضع القائم في أي مكون سياسي من مكونات الاتحاد ، لأنه يؤثر على مصالح المكونات الأخرى :3 ) حرية حركة الناس والسلع ، الخ في جميع أنحاء الاتحاد ، أي لا ينبغي أن تتحول الحدود الداخلية إلى حدود دوليه: 4) سيادة القانون الاتحادي : 5 ) وحدة أسس نظام الدولة . و بأختصار تتصف الدولة الفدرالية بأنها دولة واحدة، كالدولة البسيطة تماما، من حيث وجود دستور اتحادي واحد، وحكومة اتحادية واحدة، وبرلمان اتحادي واحد، ومحكمة اتحادية واحدة، وجيش اتحادي واحد و في نفس الوقت الفدرالية تعني تشكيل دولة واحدة من عدة كيانات من الدول التي تمتلك بعض الاستقلالية القانونية والسياسية. وتعتبر الفدرالية وسيلة لتحقيق الديمقراطية وخاصة في الدول المتعددة القوميات والدول الكبيرة من حيث المساحة والسكان ، لأنها تتيح مشاركة الشعب في العملية السياسية على عدد من مستويات سلطة الدولة. و الفدرالية ليست حالة قانونية وسياسية دائمة، فالتاريخ شهد دول مرت بعدد من مراحل المستويات الأتحادية للأجزاء المكونة للدولة و التي تحولت لاحقاً إلى دول بسيطة كأيطاليا مثلاً. في حالات أخرى كما حصل بعد الحرب العالمية الثانية تم الأنتقال من البناء الأتحادي لجزء من اجزاء الفدرالية الهندية وتحول هذا الجزء إلى دولة فدرالية مستقلة وهي باكستان حالياً. او تفكك الدولة الفدرالية إلى دول مستقلة كما حصل في تشيكلوفاكيا والأتحاد السوفياتي السابق وجورجيا و السودان و غيرهم . و من مميزات الفدرالية: - اسهامها في تنمية الديمقراطية ، حيث تقدم مستويات إضافية من المشاركة الديمقراطية للمواطنين والأحزاب السياسية. وتتجلى العلاقة بين الفيدرالية والديمقراطية في حقيقة توزيع الصلاحيات بين المركز و المكونات الاتحادية . - عدم مركزية السلطة و الفصل بين السلطات ، وضمان وحدة و سلامة الدولة. ففي الوقت الذي لا يجري فيه عدم تجزئة السيادة يتم تجزءة التفويض بالسلطة الناتجة عن السيادة بين المركز والمكونات الفدرالية مع أولوية السلطة الفدرالية. - اللامركزية المحددة للسلطة وتقسيم التفويض في ممارسة السلطة الذي يضمن الوحدة والتكامل للبنية القانونية والسياسية للدوله مع استقلالية اجزاءها المكونة. - تشكيل ضروف أكثر ملائمة لمعالجة قضايا حقوق الأنسان والأقليات. ولهذا، فإن الفيدرالية الحقيقية لا يمكن تحقيقه إلا في مجتمع ديمقراطي . - الفدرالية عباره عن نظام واحد و متكامل وفي نفس الوقت بحث مستمر عن التوازن السياسي بين الأتحاد الفدرالي وأجزاءه المكونه على اسس التوافق القانوني. - تضمن وحدة وتوافق تنوع المصالح لكل اقليم. - تحمي المجتمع من التطلع الأستبدادي للمركز في الدولة البسيطة ومن النزعات القومية الأنفصالية المحلية، لأن نظام الضوابط والتوازن السائد في مركز الدولة الفدرالية هي طريق التوافق الوطني نحو الوحدة الفدرالية التي تحمي المجتمع من التطلع الأستبدادي للمركز ومن النزعات القومية الأنفصالية المحلية. - الفدرالية من حيث الجوهر أكثر ديمقراطية و أقل مركزية من الدولة البسيطه، لأن نظام الضوابط والتوازن السائد في مركز الدولة الفدرالي المتمثل بتقسيم السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية عمودياً يضاف إلية توازن آخر في التفويض في السلطة افقياً بين المركز والمكونات الفدرالية . وعادةً في الدولة الفيدرالية يوجد اتجاهين ( في تفاعل وتضاد مستمر ): اتجاة الجذب و الطرد المركزي . الحكومة الاتحادية لا يمكن أن تتطور إلا نتيجة هذا للتفاعل بين هاتين القوتين ، كحل وسط او توافقي بين المركزية المتشددة و اللامركزية الزائدة. وفي حالة اختلال التوازن بين هذين الأتجاهين تكون النتيجة اما فدرالية شبيهة بالدولة البسيطة او تفكك الفدرالية إلى دول مستقلة. وغالباً ما يرتبط مفهوم "الفيدرالية " مع مفهوم "الديمقراطية ". و لكن بطبيعة الحال و على الواقع العملي ، لا يعني مطلقاٌ أن كل فدرالية تلازمها الديمقراطية ولا كل ديمقراطية تلازمها الفدرالية ولا تنبثق احداهما من الأخرى وأن كانت الفيدرالية تتيح المزيد من فرص الديمقراطية ومشاركة قطاعات واسعة من الشعب خاصة الأقليات. وبشكل عام ، الفدرالية الحقيقية لا يمكن تحقيقها إلا في مجتمع ديمقراطي. الحالات او الأسباب لتشكل الدول الفدرالية مختلفة ومتعددة ومن ضمنها: - رغبة دول مستقلة في تحقيق مصالح اقتصادية وأمنية مشتركة لا يمكن الوصول إلى تحقيقها إلا من خلال الأشتراك في السيادة، وعادة ما تعمل هذه الفدراليات (الانضمامية) على تقوية الحكومة المركزية ومنع الأكثرية من التعدي على أية ولاية. وقد اتبعت هذه الطريقة في إنشاء دول فدرالية متعددة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا وأستراليا. - تفكك دولة كبيرة بسيطة ( متعددة القوميات ) يعاني سكانها من مشاكل اجتماعية وسياسية واقتصادية، و وجود اختلاف في اللغة والعادات والثقافات والموارد والثروات، فتعمل مكونات شعبها القومية على المطالبة باستقلال تام عن سيطرة الحكومة المركزية، وتقرير مصيرها ثم تعمل الكيانات المفككة على تشكيل دولة واحدة هي الدولة الفدرالية وفق نظام إداري فدرالي. مثال الدولة الفدرالية الناشئة عن تفكك دولة بسيطة هي المكسيك 1857 والأرجنتين 1860 والبرازيل سنة 1891 وتشيكوسلوفاكيا سنة1969، اوتطوير نظام دولة من النمط المركزي إلى النمط الفدرالي بسبب احتمال حدوث انفصال قد تقوم به الأقليات، وهذا النوع من الأنظمة الفدرالية يعطي لبعض الولايات الحق في امتلاك صلاحيات سيادية خاصة بها كما هو الحال في مجال اللغة والهوية الثقافية في ( الدول المتعددة القوميات ) في نفس الوقت تحتفظ الحكومة المركزية والأكثرية بمجال واسع من السلطة، وعلى هذا تأسست الهند وبلجيكا وكندا . ويجب الأشارة هنا فيما يتعلق بحل قضايا الأقليات بأن الفدرالية ليست البديل الوحيد عن أنظمة شكل البناء الأداري لأقليم الدولة البسيطة ، فمثلاً عندما تكون هناك جماعة تشترك في ما بينها بخصائص دينية أو عرقية دون أن تتواجد بشكل مركز في منطقة ما معينة، فعندها يمكن تدبر أمر هذه المجموعة المبعثرة جغرافياً بمنحهم الاستقلال الثقافي والشخصي دون إعطائهم حكما ذاتيا في المناطق التي يعيشون فيها، بالإضافة إلى تمثيلهم في أجهزة الحكومة المركزية التي تحتاج إلى الإجماع دون الأغلبية في اتخاذ قراراتها. ويلاحظ في الفترة المعاصرة التوجه العالمي المتزايد نحو اللامركزية ومبادئ الفيدرالية . وهذ نتيجة طبيعية لدناميكية التطور العالمي في مختلف المجالات في ظل العولمة التي و بشكل متنامي تشمل جميع أنحاء العالم وهذا من شأنه أن يرفع من اهمية المسائل العامة المتعلقة بالأدارة المشتركة لعمليات التطور العالمي بشكل عام و على المستوى الداخلي بشكل خاص، وديمقراطية العلاقات السياسية داخل و مابين الدول ، وهذا من الطبيعي يتطلب استخدام الأشكال السياسية للأدارة اللامركزية على مستوى الدول و الفدرالية الاتحادية و الكونفدرالية وغيرها من التكوينات الأقتصادية والسياسية على مستوى العلاقات ما بين الدول . وهذه الأخيرة مرتبطة بدرجة رئيسية بضرورة رفع مستويات التعاون بين دول العالم والشراكة في التصدي معا للتحديات العالمية المتنامية في هذا العصر . و الفدرالية العالمية في هذا الشكل أو ذاك قد تكون في المستقبل واحدا من أفضل أشكال الجمع بين حالة التكامل و نزعات التفكك في العالم الحديث ، وتوطيد السلام و الأمن ، مع الحفاظ على سلامة سيادة الدول الوطنية . وبالنسبة لليمن فهي بدرجة اساسية محتاجة لبناء دولة حديثة من حيث المضمون - دولة مدنية . اما الحديث عن شكل البناء الأقليمي او الفدرالي للدولة فمن السابق لأوانه ، والسبب الرئيسي يكمن في أن المجتمع اليمني مجتمع تقليدي- مناطقي وقبلي ويعاني اساساً من غياب دولة المؤسسات الحديثة. وما جعل البعض يفكر بشكل البناء الأقليمي لدولة اقليمية ( والحديث هنا لا يدور عن الأقليمية الجيو سياسية وأنما الداخلية) او الفدرالية هو حماية المنطقة او القبيلة من نفوذ قبائل او مناطق اكثر قوة ونفوذاً، وايضاً مصالح النخب المحلية التي تتمتع مناطقها ببعض الموارد الطبيعية اكثر من غيرها من مناطق اليمن، ولكن يبقى السبب الرئيسي هو ضعف الدولة المركزية و غياب الدولة المدنية الحديثة في ظل استمرارية نظام الفساد والمحسوبيات والأدارة السيئة و الذي تسيطر فيه دائماً النخب الحاكمة المركزية على كل الموارد والمساعدات و القروض الخارجية، و ايضاً يمثل مخرجاً مناسباً في ظل المعطيات المستجدة في اليمن لتقاسم النخب السياسية النفوذ و الحيلولة دون قيام نظام ديمقراطي من المحتمل أن يهدد مصالح النخب المركزية و المحلية ، اي بمعنى تطوير الشراكة بين النخب السياسية دون سواها على اسس جغرافية. والمشكلة في اليمن ليست في شكل البناء الأقليمي لأدارة الدولة وانما في ماهية الدولة، فمصر تفوف عن اليمن من حيث عدد السكان و المساحة، و تتواجد فيها اقليات بنسبة كبيرة بينما في اليمن نسبة ضئيلة جداً ولا توجد عندها مشكلة في شكل البناء الأداري لأقليم الدولة بينما على العكس من ذلك في اليمن و ليبيا الأقل سكاناً . اضافة إلى عوامل اقليمية ناتجة عن طموح بعض الدول الأقليمية في محاولة اعادة تشكيل نظام العلاقات الدولية الأقليمي على اساس التقسيم الأقليمي الداخلي لبعض دول المنطقة. وفي حالة البناء الأداري الأقليمي او الفدرالي للدولة اليمنية بوضعيتها الحالية في ظل بقاء نظام الفساد والمحسوبيات والأدارة السيئة ما سيحصل هو فقط استنساخ هذا النظام على مستوى المكونات الأقليمية او الفدرالية ليس إلا. وفي اليمن لاتوجد اي قوميات تنادي بالأستقلالية عن الدولة المركزية و لكن للأسف يوجد تنافر وكره مناطقي وقبلي و مذهبي عند بعض الناس بسبب التأثيرات الأجتماعية والأقتصادية لنظام الفساد والمحسوبيات والأدارة السيئة الممنهجة، وضعف التنمية وهذه ظاهرة خطيرة ستكون لها تأثيرات ليس فقط في اضعاف الهوية الوطنية المشتركة وانما في اضعاف بنية المجتمع والرابطة الوطنية للسكان التي مازالت ضعيفة في اليمن كشعب وليس قبائل و وطن و احد وليس مناطق متعددة، وهذا بدورة سيؤدي على الغالب إلى ايجاد دويلات قبلية- مناطقية تتطلع إما للأنتقام من بعضها او إلى السيطرة على الآخرين تسود فيما بينها علاقات صراع و توتر سياسي و ربما حروب. و حل القضية الجنوبية كقضية شعب لن يأتي إلا من خلال بناء الدولة المدنية الحقوقية وليس من خلال شكل البناء الأقليمي لأدارة الدولة . أما إذا كان الحديث يدور حول القضية الجنوبية كقضية نخب جنوبية وليس شعب في ظل بقاء نظام المحاصصة الذي يمثل امتداداً لنظام الفساد والمحسوبيات والأدارة السيئة وأن تميز عن سابقه في اتساع دائرة الشراكة وتقاسم النفوذ الجغرافي فهذه مسألة اخرى. وفي ما يتعلق بمعالجة جميع المظالم سواء في الجنوب او الشمال بدءاً من 1990م من الأفضل أن يكون من خلال قانون العدالة والمصالحة الوطنية الذي يجب أن ينشأ على اساس المعايير الدولية لحقوق الأنسان. و السبب في تأييد الفدرالية من بين بعض اعضاء الحوار من قوى التغيير و الديمقراطية و الذين غالبيتهم لا يمتلكون معارف علمية في شؤون السياسة و الدولة و القانون سوى الثقافة العامة في هذه المجالات يكمن في عدم استيعاب مفهوم الدولة البسيطة و الدولة الفدرالية والأستناد على فكرة الدولة البسيطة على و اقع الدولة اليمنية كنموذج سيئ لهذا النوع من الدول، بينما الحقيقة هي شئ آخر فالدولة اليمنية ليست دولة حديثة اساساً، ولا يمكن أن تكون نموذجاً لأستيعاب مفهوم الدولة البسيطة. الدولة في اليمن ايضاً تقدم نموذجاً سيئاً لنموذج الدولة الأسلامي بأعلانها بأنها دولة اسلامية، بينما الدولة الديمقراطية كسويسرا مثلاً التي لا يتعدى سكانها من المسلمين أقل من 12% اقرب بكثير إلى القيم الأسلامية من غيرها من الدول ذوي النسبة المطلق من المسلمين التي تعلن في دساتيرها بأسلاميتها، ابتداءً من ضمان حقوق الأنسان وانتهائاً بالرفق بالحيوان و الحفاظ على البيئة. و لا يمكن النظر إلى الفيدرالية بمعزل عن العوامل الاقتصادية، ودون الأخذ في الاعتبار المصالح العامة للشعب . الفيدرالية هي أداة عامة لتنظيم الدولة، التي تتجاوب مع كل معايير التكامل والوحدة، وفي نفس الوقت الاستقلالية الواسعة للمكونات الفدرالية التي تكون لديها القدرة او مؤهلة على ادارة نفسها. و من خلال جميع المعطيات الداخلية و الخارجية من الضروري: - تحديد مرحلة بناء الدولة في اليمن لفترة خمس سنوات تبدأ بأنتخابات برلمانية مؤكدة في موعدها بحسب الجدول الزمني للمبارة الخليجية و ايضاًرئاسية او اعادة الأستفتاء على استئناف تولي الرئيس الحالي ولايته لفترة خمس سنوات في حالة التوافق من جميع القوى و الأحزاب السياسية. و كما هو معروف بأن الفترة الأنتقالية في اليمن محددة بعامين بدأت في 25 فبراير م 2012 و ستنتهي في 25 فبراير 2014 م و فقاً للأتفاقية الدولية للمبادرة الخليجية. و إذا كان سبب اطالة الحوار هو بفعل اعاقة بعض القوى، فكان يجب معاقبتها من قبل المجتمع الدولي في حينه، ولا يعطي هذا مبرراً للتمديد، لأن هذا ستكون له آثر سلبية على مجمل العملية السياسية. - التوافق على توكيل المهام لحكومة كفاءات ليس لها اي علاقات بأي احزاب بغض النظر عن ما تفضي إليه الأنتخابات البرلمانية القادمة. و مصالح الشعب اليمني والمجتمع الدولي تتطلب أن يكون اليمن مستقراً. و لا يمكن أن يكون اليمن مستقراً دون أن يكون موحداً على الأقل في فترة غياب المجتمع المدني. و وحدة اليمن دون نظام ديمقراطي مسألة غير ممكنة أن لم تكن مستحيلة. ولكي يكون اليمن مستقراً و موحداً من الضروري بناء دولة مدنية حقوقية - دولة النظام و القانون. وهذه حقيقة قائمة يفرضها واقع حاجة تطور المجتمع اليمني والدولي على حد سواء، وعلى جميع الأحزاب والقوى السياسية أن تحدد مشاريعها السياسية من هذا المنطلق أن ارادت أن تواكب وتيرة التطور الداخلي و الخارجي لليمن و تحافض على مكانتها و مصالحها . ونجاح الأحزاب في ضمان مصالحها بشكل مستمر من الممكن فقط في حالة أولوية المصالح الوطنية أمام المصالح الحزبية ، وهذا يعتمد على مدى قدرة كل حزب على استيعابة لهذه المعادلة. و مؤتمر الحوار يجب أن ينهي اعمالة دون ابطاء، وتقديم جميع مواد مؤتمر الحوار إلى لجنة دستورية بأخصائيين في علم القانون الدولي والدستوري لكي يتم قراءة خلاصة افكار جميع القوى السياسية المشاركة و تحديد مستوى الوعي السياسي و صياغة دستور دولة النظام والقانون - الدولة المدنية الحقوقية. و أن استفاد او لم يستفد المتحاورون من الحوار بأستيعاب مفهوم معادلة المصالح الوطنية و الحزبية سيكون هذا كافياً لأنهاء الحوار اعمالة مع الفارق طبعاً في كلتى الحالتين، لأن استمرارية الحوار في جميع الحالات لا يخدم إلا قوى سياسية واحزاب تريد الحفاظ على الواقع السياسي الراهن دون تغيير و اشخاص مشاركين في الحوار يريدون أن يحصلوا على المزيد من المنافع المادية المغريه. فمن ناحية ثقة المواطن اليمني بمخرجات الحوار الوطني التي تلبي مصالحة وتطلعاته بدأت تتضائل بشكل سريع لطول فترت الحوار و عدم وضوح الأفق السياسي الديمقراطي في اعماله، يرافق هذا ايضاً تدهور الأحوال المعيشية والأمنية والأنسانية وتدني القيم الأنسانية إلى حد كبير، ومن ناحية أخرى وتيرة تسارع تطور الأحداث تفرض قضايا جديدة تتطلب بالضرورة اتخاذ حلول فورية وحاسمة، وعدم انهاء مؤتمر الحوار في موعده لن يؤدي فقط إلى دخول المتحاورين في متاهات لا تخدم بناء الدولة ولكن ايضاً تقضي على ما تبقى من مقومات الدولة التي يصعب تصنيفها والخروج عن القضايا الرئيسية و الدخول في صراعات سياسية اقصائية. و وجودالتوازن السياسي النسبي بين احزاب اللقاء المشترك وحلفاءه من جهة و حزب المؤتمر الشعبي وحلفاءه من جهة أخرى في ظل غياب مشروع وطني مشترك بينهما سيؤدي إلى بقاء الأوضاع السياسية على حالها وربما اطالت الفترة الأنتقالية أن حصل ستؤدي إلى زيادة تدهور الأوضاع العامة ، لأنه كما يبدو احزاب اللقاء المشترك تريد أن يختل هذا التوازن لصالحها حتى تضمن نجاحها المؤكد في الأنتخابات القادمة، و حزب المؤتمر الشعبي يريد على الأقل الحفاظ على هذا التوازن حتى انتهاء الفترة الأنتقالية معتمداً على امكانياته و موارده المادية و البشرية التي تفوق إلى حد ما ماهو عند احزاب اللقاء المشترك مع المراهنة على أن خصومه السياسيين لم يتمكنوا خلال هذه الفترة القصيرة التنسيق فيما بينهم لتقديم مرشح مشترك للرئاسة يحظى بشعبية، و ايضاً على أمل أن يضعف التحالف بين احزاب اللقاء المشترك بسبب عدم و جود التجانس الفكري كما يتصور، و استغلال ضعف الحكومة القائمة الذي هو شريكاً اساسياً فيها للترويج السياسي بأن الأوضاع العامة حالياً اسوأ من فترت انفراده بالسلطة قبل الثورة. وهذا التوازن السياسي النسبي بين احزاب اللقاء المشترك وحلفاءهم و حزب المؤتمر الشعبي وحلفاءه يعوض قوى التغيير والديمقراطية عن ضعفها. وعلى قوى التغيير و الديمقراطية سوى كانت داخل او خارج الأحزاب أن تستفيد من هذا التوازن من اجل فرض اجندة وطنية تعمل على ايجاد اسس دائمة للدولة المدنية الحقوقية و ليس مؤقته مرحلية لمرة واحده، و الدفع بالأمور نحو الأمام و العمل على عدم اطالة العملية السياسية، لأن في هذا التأخير خطورة على المستقبل السياسي الديمقراطي لليمن، و إذا ما تمكنت قوى التغيير فرض الأجندة الديمقراطية هذا بدوره سيعمل على ايجاد تغييرات ديمقراطية داخل مكونات جميع الأحزاب وأن كانت متفاوتة وأن كانت ليس إلى حد كبير، ولكنها ستسهم إلى هذا الحد او ذلك في تحقيق العملية الأنتقالية من نظام الفساد و المحسوبيات و الأدارة السيئة إلى نظام ديمقراطي. فكما هو ملاحظ بدلاً من العمل على المطالبة بصياغة قانون العدالة الأنتقالية والمصالحة الوطنية و ارسا اسس الدولة الحديثة والحكم الرشيد و اتخاذ اجراءات حازمة بشأن قضايا الفساد، تجري محاولة بعض القوى السياسية اقصاء بعضها البعض بمختلف الأساليب و الطرق، و ما المطالبة باتخاذ ما يسمى بقانون العزل السياسي او الغاء قانون الحصانة، إلا دليلاً بسيطاً على ذلك. وقانون الحصانة المطلقة و قرار العزل السياسي أن تم اتخاذه يشكل هو ايضاً خرقاً للقانون الدولي لحقوق الأنسان. فأي جرائم او انتهاكات لحقوق الأنسان ارتكبت من قبل اشخاص تمت ادانتهم يجب أن يخضعوا للمسائلة القضائية العادلة، في نفس الوقت كل انسان من حقه أن يمارس السياسة والتعبير عن ارائه بكل حرية. و من لا يحق له تولي الوظائف العامة وخاصة العليا فقط هو من صدر بحقه حكم قضائي متعلق بأنتهاك حقوق الأنسان او الفساد وبأحكام قضائية (كعقوبة جزائية) او فقدوا ثقة الشعب وليس بقرارات سياسية. و قانون الحصانه ممكن فهمه فقط على اساس انه اجراء قانوني لتحصين افراد كانوا يزاولون مهام سياسية و في مراكز اتخاذ القرار السياسي من المحتمل أن يتعرضوا لاحقاً لملاحقات سياسية انتقامية من خصومهم السياسيين، لأنه في ظل غياب الدولة المدنية الحقوقية لا يمكن أن يحصل خلاف ذلك، وهذا ما اكدته كثير من الوقائع في العديد من الدول التي تعاني من انعدام الديمقراطية وضمان حقوق الأنسان والتي فيها كانت المحاكمات سياسية وليس قضائية، مما يشكل هذا انتهاكاً جسيماً جديداً لمعايير العدالة وحقوق الأنسان يظاف إلى تاريخ العملية السياسية في تلك البلدان. ناهيك على أن القضاء في اليمن لا يعاني فقط من عدم الكفاءة والنزاهة وعدم الأستقلالية وأنما ايضاً من القصور الكامل في استيعاب امكانية تطبيق المعايير الدولية لحقوق الأنسان في المجال الداخلي لنفاذ القانون اليمني، و معروف لخبراء القانون وجود التناقضات الكبيرة فيما يتعلق بحقوق الأنسان و معايير العدالة القضائية والقانون اليمني. و اجهزة التحقيق والنيابة هي الأخرى ليست افضل حالاً. و هذا لا يعني مطلقاً خلو هذه المؤسسات من الكوادر ذات الكفاءة و النزاهة، و لكنها تشكل نسبة قليلة و غير مؤثرة. اضافة إلى ذلك من الضروري اتخاذ قرار بشأن الأعداد لصياغة قانون او تعديل القوانين بشأن تولي الوظائف العامة الذي يتضمن حق تولي الوظائف العامة بحسب الكفاءة والأختصاص، و تحديد شروط تولي الوظائق العليا بما يضمن عدم ممارسة الفساد و الطموح في الحفاظ الدائم على المنصب او التوريث او الأستبداد او تحقيق مآرب شخصية محتملة. و منع عمل الأقارب في نفس المؤسسات الحكومية ، مع الأخذ بعين الأعتبار الصلة العشائرية و القبلية . ومنع مزاولة العمل التجاري لموظفي جميع اجهزة سلطة و ادارة الدولة، القوات المسلحة، اجهزة النيابة و العدل، المحاكم، اجهزة امن الدولة و وزارة الداخلية. كما يمنع من مزاولة العمل التجاري جميع الأشخاص الذي تمت ادانتهم بجرائم الفساد. و تقديم الإقرارات بالذمة المالية ليس فقط لموظفي المناصب العليا للدولة وأنما ايضاً كادر الوسط. وتقديم تقارير سنوية شفافة عن مصروفاتهم و مصادر الدخل، ويستطيع اي مواطن الأطلاع عليها بكل حرية. و جميع القرارات و القوانين يجب أن لا تتناقض مع الألتزامات الدولية للدولة اليمنية وخاصة فيما يتعلق بحقوق الأنسان، و لا تتناقض مع المعايير الدولية لحقوق الأنسان والديمقراطية . وهنايجب التنويه إلى أن مؤتمر الحوار الوطني ليس مجلساً تشريعياً و لا يمثل الشعب وانما يمثل احزاب و قوى سياسية، تم تعيين مشاركيه بطريقة انتقائية وليس ديمقراطية، وأن كان من بينهم يوجد مخلصون للقضايا العامة. ، بالتالي لا يحق له صياغة اي قوانين، فمهته سياسية و محددة و مزمنة. البناء الأقليمي لشكل الدولة في الفترة التمهيدية يفضل أن يكون لامركزي، مع تغيير بسيط فيما يتعلق بالوحدات الأدارية الجنوبية والشمالية على أن تحافظ على حالة ما قبل الوحدة عام 1990م. وبعد خمس سنوات تأتي الأنتخابات الرئاسية والبرلمانية الغير منقوصة ويتم الأستفتاء بعد ثلاث سنوات على ابقاء شكل البناء الأقليمي للدولة على حالته، او شكل الدولة البسيطة المركبة ( الأقليمية - ذات الأقاليم) او فدرالية بأقليمين او اقاليم متداخلة . وفي حالة اختيار البناء الفدرالي يستمر خمس سنوات ويجري اعادت الأستفتاء على إبقاء الوضع على حالته او العودة إلى الدولة البسيطة المركبة او الأنفصال بين الشمال والجنوب. و على الدول الداعمة لليمن أن تقدم الدعم والمساندة اللازمين من خلال خطط الأستثمارات في مختلف قطاعات الأقتصاد اليمني المبنية على دراسات اقتصادية علمية وليس من خلال السيولة النقدية التي تساعد في تكريس نظام الفساد والمحسوبيات والأدارة السيئة. و ممكن ايضاً بناءً على هذه الدراسات تقديم الأموال النقدية فقط لأنشاء او تطوير البنى التحتية التي تخدم الأستثمار في مجال الصناعة والتعدين و تحت اشرافهم المباشر ، وليس من اجل رفاهية المسؤولين في الدولة و أغتنائهم السريع وفتح مشاريع خارج اليمن. وعلى الحكومة القادمة المشكلة أن تقوم بأتخاذ الأجراءات القانونية اللازمة لتسهيل ظروف الأستثمارات الأجنبية و توفير الأمن والضمانات الضرورية لنجاح النشاط الأستثماري.
#رياض_طه_شمسان (هاشتاغ)
Reyad_Taha_Shamsan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نهاية الشرعية الوطنية والصلاحيات الدولية للسلطة السياسية في
...
-
الواقع السياسي في مصر وغيرها من بلدان النظام الأنتقالي والمع
...
المزيد.....
-
مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-.
...
-
إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
-
صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق
...
-
الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف
...
-
سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
-
ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي
...
-
مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا
...
-
أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
-
كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|