|
المسؤولية التاريخية في مواجهة الارهاب
مؤيد عبد الستار
الحوار المتمدن-العدد: 1219 - 2005 / 6 / 5 - 11:29
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
تفاقمت العمليات الارهابية في العراق منذ سقوط النظام الصدامي في نيسان 2003 ، واشتدت بعد انتشار قوات التحالف الدولية في العراق اثر اقرار الامم المتحدة قانون احتلال العراق . لم يكن الارهاب خلال عهد العصابة العفلقية بعيدا عن حياة العراقيين في طول البلاد وعرضها ، فقد تعرض العراقيون كافراد واحزاب وطوائف وتكوينات اثنية ودينية الى مختلف صنوف الارهاب المنظم، وكانت مؤسسات الدولة في حكومة البعث الصدامية واجهزتها الامنية تتفنن في مطاردة المواطنين وتعذيبهم اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ونفسيا، فكانت تحرم الكرد من شغل المراكز الوظيفية الهامة ، وتحرم اقليم كردستان العراق من التخصيصات المالية التي تساعد على تطوير المشاريع البلدية والصناعية والزراعية في المنطقة، وقامت بمنع تجهيزات الوقود ومشتقات النفط عن المنطقة طوال سنوات كعقوبة ضد الشعب الكردي لاخضاعه واجباره على ترك الكفاح المسلح الذي كان يواجه به سلطة البعث الجائرة، و حرمت قطاعات واسعة من العرب الشيعة من الامتيازات والوظائف في الدولة ، وقطعت عن مناطقهم الموارد التي تطور المدن الواقعة في الوسط والجنوب ، ومنعت المدن الشيعية من استقبال زوار العتبات المقدسة من داخل العراق وخارجه ، مما أضر بشكل مباشر في دخول المواطنين التي كانت تعتمد على السياحة الدينية وزوار المراقد المقدسة.اضافة الى ضرب المدن الكردية بالقنابل الكيماوية ، وتجفيف الاهوار في الجنوب . كما مارست شتى انواع التنكيل والقتل والاغتيال بحق منتسبي القوى والاحزاب الوطنية ، واعملت سيف القتل بالرموز السياسية في البلاد ، و قامت بطردها ونفيها وتهميشها، مما اجبر العديد من القادة الذين نجوا من الاغتيال والقتل الى الفرار من العراق واللجوء الى دول العالم مثل سوريا وايران والدول الاوربية وغيرها، كما مارست شتى صنوف الارهاب ضد المسيحيين مما حدا بهم الى الهجرة الجماعية من العراق بشكل كثيف اثر وصول عصابة البكر – صدام الى السلطة ، وقامت كذلك بتهجير وتسفير الكرد الفيليين الى ايران بحجج واهية ، مثل التبعية الايرانية، وعدم الولاء للبعث وغير ذلك، ولم تتوانى عن محاربة الصابئة والايزديين والتركمان والشبك والكلدانيين والاشوريين ، وحرمتهم من الامتيازات التي اغدقت بها على الفئات المتعاونة معها وخاصة من ابناء محافظات معينة كالموصل والرمادي وتكريت، تحت غطاء طائفي وعنصري ، أضر بابناء تلك المحافظات وجعلهم في موقع لايحسدون عليه. لاشك ان البعض استفاد فائدة كبيرة جراء التماهي مع سياسة نظام صدام الاجرامية، وخدمته لصدام اثناء الحربين مع ايران والكويت، واستفادت العشائر الكبيرة التي جندت ابناءها في صفوف القوات المسلحة والميليشيات والجحوش لحماية النظام الصدامي من ثورة الشعب العراقي الذي قام بمحاولات جريئة للخلاص منه، حتى جاء اليوم الذي قوض فيه التدخل الامريكي العسكري ، والقوات المتحالفة ، قمة الهرم السلطوي القمعي في العراق، وانهى اسطورة النظام الصدامي المجرم ، دون قتال يذكر، او بطولات اعتاد رأس النظام التشدق بها مع زبانيته ، فاذا به رهين حفرة حقيرة ، بائس خائف ، لايستحق رحمة ولا شفقة جراء مااقترفت يداه بحق الشعب والامة. بعد ان فقد البعثيون السلطة ، وعطف الناس الذين لن ينسوا جرائمهم، دخلوا في غيبوبة الصدمة الاولى ، حتى استطاعت فلول العسكريين المهزومين ورجال مخابراته وعصاباته المنهارة، تجميع قواها، والتحالف مع قوى سلفية ظلامية ، متمرسة في القتال الانتحاري ، منبثقة من بوادي الجهل والتخلف، لاهدف لها سوى العمل على تخريب اي توجه ديمقراطي في المنطقة ، وعلى استعداد لان تعمل في خدمة الانظمة التوليتارية المتخلفة، ودكتاتوريات العالم العربي والاسلامي ، ولاتتواني حتى من الاتفاق مع الشيطان من اجل تحقيق تصوراتها المريضة في اقامة نظام طالباني تعيش في مستنقعه ، وتشرب من دماء الناس الابرياء الذين تحرص على جعلهم قطيعا اميا متخلفا جاهلا يحقق لها احلامها المريضة . إن تحالف القوى البعثية مع القوى الارهابية المتطرفة القادمة من وراء الحدود، يجردها من الحق في حمل اسم مقاومة ، لتصبح مافيا ارهابية تمارس جميع انواع القتل الدنئ ، وتستمرئ الولوغ في دماء الابرياء من ابناء شعبنا العراقي دون تمييز بين طفل وامراة ورجل مدني وعسكري. وتتحمل المناطق التي تقدم الدعم اللوجستي ، وتأوي هؤلاء المجرمين مسؤولية تاريخية، فان انتشار عصابات القتل والتفخيخ في مدن غرب العراق مثل الرمادي وسامراء وتكريت وغيرها، يضع ابناء وعشائر ورجال علم ودين تلك المدن امام مسؤولية تاريخية كبيرة ، فالاجيال القادمة ستقرأ تاريخ الاباء الذين وقفوا في صف المجرمين لقتل ابناء بلدهم، ولن يجدوا كلمة طيبة يذكرون بها، تماما مثل ماحدث في العديد من بقاع العالم ، واخر شاهد على ذلك ما ظهر اليوم في البوسنة (سربنتسيا) ، من تطهير عرقي قام به الصرب ، مما اضطر رئيسهم الى الاعتذار علنا عن تلك الجرائم، ولكن هل سيكون الاعتذار كافيا لمسح عار تلك الجرائم عن جباه الاباء الذين اقترفوا الجريمة الكبرى في حق الابرياء. نتمنى ان يستطيع ابناء تلك المحافظات العراقية الخلاص من العصابات الاجرامية ، وتنظيف مدنهم من هؤلاء الاوغاد ، الذين لم ياتوا الى وطننا العراق ليزرعوا الزهور بل لقتل من يخالفهم في الرأى والدين والمذهب ، وهذا ما لاينفع العراقيين لانهم عاشوا مئات السنين دون ان يكون للتطهير العرقي أو المذهبي سبيلا لعيشهم معا أو خلقا لسلوكهم في الحياة.
#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كونداليزا رايس ... ماهكذا تورد الابل
-
اللور في كتابات مينورسكي ... ملاحظات واشارات
-
تحايا بلون البنفسج الى هؤلاء الشيوعيين الاماجد
-
ذكريات في رحاب السيد المسيح عليه السلام
-
مؤتمرات القمة العربية ... في ميزان الفشل والنجاح
-
استحقاقات مستعجلة للمرأة العراقية بمناسبة يوم المرأة العالمي
-
الكرد الفيليون .... نحو مشاركة ايجابية اوسع في الانتخابات ال
...
-
نتائج الانتخابات: مبروك للعراقيين .... مبروك للفائزين
-
من اغتال رفيق الحريري
-
الشعب العراقي مدعوالى تأييد ترشيح المناضل جلال الطالباني لمن
...
-
أصابع بلون البنفسج .... دبكات كردية
-
النخبُ الاول من أجل الانتخابات
-
تضامن الكورد في الانتخابات دليل على وعيهم السياسي لتحقيق أما
...
-
لماذا خرجت قناة الجزيرة عن طورها
-
لماذا لاتنتخب بعض المحافظات العراقية
-
تطوير ثقافة الاكراد الفيلية مساهمة في تطوير الثقافة العراقية
-
لا دفاعا عن ايران..... ولا زغرا بالشعلان
-
آفاق استخدام اللغة الانجليزية في كردستان
-
الانتخابات والدول المجاورة للعراق
-
شهادة حب لكردستان
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|