|
معضلة الخروج الآمن في مصر
كوكب محسن
الحوار المتمدن-العدد: 4274 - 2013 / 11 / 13 - 22:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
على افتراض ان القوى الثورية في مصر نجحت في الإطاحة بالرئيس الإخواني وعادت للمربع صفر ، تماماً كما حدث في نهاية ال18 يوما تمردا على حكم مبارك ، هل يمارس الجيش نفس الدور في تحقيق الخروج الآمن لمرسي وأسرته والتضحية ببعض حاشيته لإمتصاص غضب الشعب ، وهل ستختفي الشرطة مرة أخرى من الساحة لتترك الأمن مستباحا في بر مصر . الواقع ان كل الدلائل تشير إلى تفريغ الأماكن الاستراتيجية والمواقع الحساسة في مصر من منافذ جوية وبحرية وبرية وإذاعة وتليفزيون وربما بعض المقار السيادية الأخرى بالبلاد لاحقا للسلطة العسكرية قبل أيام معدودات على الانتفاضة الأكثر خطورة على حكم الإخوان منذ قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير ، الا ان الاختلاف الأوحد هو رصيد من خيبة الأمل والتجربة المريرة لفترة انتقالية عسكرية سادها التخبط والقمع وفرض الحظر والاعتقالات والمجازر من لان لآخر في ظل رفض قاطع من شرائح المجتمع المختلفة . الأمر الأكثر خطورة هو تنامي ظاهرة البلطجة واستخدامها بشكل مقنن في كافة المواجهات بين قوى الاسلام السياسي والقوى الثورية وقوى الفلول التي لا زالت تبحث عن دور في المرحلة الحالية والمرحلة القادمة ، فبعد ان خرجت قوافل البلطجية من الأحياء العشوائية في بداية الثورة لتقوم بدورها المأجور في تشتيت قوى الثورة الشابة ، اصبح اللجوء إليها بشكل أساسي في فض الإضرابات والاعتصامات وملء الفراغ الشرطي الذي شجع على دخول أطنان من الأسلحة غير المرخصة التي تنذر بوقوع مذابح في حال حدوث مواجهات غير متكافئة بين أطراف النزاع في مصر . هذه العوامل مجتمعة تجعل من فكرة الصدام في 30 يونيو مستبعدة إلى حد كبير لان ميزان القوى لن يتحمل اللجوء للعنف وجر الصراع إلى خطر الحرب الأهلية غير مأمونة العواقب ، مع غياب الثقة بين كافة الأطراف سواء كان مؤسسة الرئاسة أو المؤسسة العسكرية أو أجهزة الأمن الداخلي أو ميليشيات الجماعات الإسلامية المسلحة وغير المسلحة وأخيرا ائتلافات الشباب والقوى الثورية . والأقرب هنا هو إعادة إنتاج سيناريو الخروج الامن لمبارك مع مرسي والتضحية به ككبش فداء من الجماعة بعد ان خيب ظن الجماعة نفسها في ادارة البلاد وفتح النار عليها من كافة الأطراف الأخرى بسياساته المتخاذلة والبعيدة كل البعد عن خدمة المصالح الوطنية لصالح تكريس نفوذ الجماعة وزرع كوادرها في كافة المناصب بالوزارات والهيئات المختلفة . الان ان القضية لا تمثل عبئا على الشعب المصري من حيث التخلص منه أو الإطاحة به بقدر ما تفتح البركان من جديد في نفس الأزمة التي تركت المنصب خاليا فقفز عليه العسكر بتهليل ومباركة الجميع رغم معرفة الكل بعدم خبرة المؤسسة العسكرية في ادارة شئون البلاد . إذن مرة أخرى يعود الدفع نحو الحكم العسكري إلى اجل غير مسمى ، بهدف التخلص من الإخوان بعد ان دفع البعض مسبقا نحو انتخاب ممثل الإخوان للتخلص من إمكانية الوقوع في فخ الفلول من جديد ، نفس السياسة الخاطئة في اختيار السيء بدلا من الأسوأ ، في حين انه من المفترض ان يكون البديل الشرعي المنطقي هو من الثوار انفسهم وليس تسليم السلطة على طبق من فضة لهذا آر لذاك خوفا من خوض التجربة ، أو بدعوى عدم الخبرة ، وأظننا اختبرنا بأنفسنا لما يزيد على العامين ونصف المعنى الحقيقي لعدم الخبرة في الحكم الرشيد على يد العسكر تارة والإخوان تارة أخرى . نفترض ان تجربة التمرد هذه للمرة يجب الا تسمح بتكرار السيناريوهات التي أفشلت الثورة في المرة الماضية ، فلا للخروج الامن للرئيس وإخوانه ، ولا للحكم الانتقالي مرة أخرى تحت العسكر ، ولا لعقد الصفقات بين تلك الأطراف على حساب الشعب الذي ساءت حالته الاقتصادية والاجتماعية وتضاعفت معاناته مرات عدة منذ قيام الثورة لا لسبب الا لخياراته الخاطئة وتسليمه مقاليد حكمه لمن في يده السلاح . وقفة أخيرة لإعادة تصحيح الأوضاع ، وان كنا نتصور ان نفس الخطأ يجدد نفسه في 30 يونيو بالخروج بالملايين في الميادين دون خطة واضحة لما بعد إسقاط الحاكم ، وهي الخطوة الأهم من التمرد والثورة نفسها ، لانها تضع كل في نصابه ولا تفتح المجال مرة أخرى للقفز على الثورة واستغلالها لمصالح فرد أو جماعة ، الصدامات التي يمكن ان تحدث في حال عدم عقد صفقة حقن الدماء والخروج الامن للإخوان وحاكمهم في حال تصاعد التمرد على كافة الأطراف التي عاني منها الشعب ربما تؤدي إلى كارثة حقيقية تفتح الباب للتدخل الخارجي وهو ما لم يعد مستبعدا في ظل الأوضاع المتردية للمؤسسات السيادية في مصر ولا سيما بعد الحوادث المتتالية التي تعرض لها الجيش على الحدود الشرقية وهزت من مكانته وشككت في قدرته على السيطرة على المنافذ في المرحلة الحالية .
#كوكب_محسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دولة الظلم ساعة
-
اخر فصول الفاشية الدينية والعسكرية
-
سياسة الرمق الأخير - الأرض المحروقة - بديلا
-
محاكم التفتيش
-
إرفعوا الحماية
-
أثَر الفراشة
المزيد.....
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|