مثنى كاظم صادق
الحوار المتمدن-العدد: 4273 - 2013 / 11 / 12 - 23:40
المحور:
الادب والفن
ربما كثير من المثقفين لا يفرقون بين الشاعرين وأقصد هنا الشاعر الشهير والشاعر الكبير!! ولعل ذلك لخلطهم بين مصطلح الكبير والشهير ، وعدم تحديد الفضاء اللازم لكل منهما ، فالشهير قد يكون شهيراً بصورته الشخصية فحسب ، فهو لا يعدو كونه واجهة شعرية للمحافل والمؤتمرات ؛ نتيجة علاقاته مع هذا وذاك ، والكبير كبير بصورته الشعرية التي قلما يعرفها الناس لأنه قلما يكتب عنه أو يسوق له الإعلام ، إلا أن الخلط كثيراً ما يحدث بينهما ، فقد يدخل الشهير منطقة الكبير !! ويصبح الشهير كبيراً ، وقد كرست عدة عوامل ذلك ، منها ما مر به العراق من عقود كرست خلالها الهالة حول هذا الشاعر او ذاك لأن السلطة نفخت فيه روحها ؛ فأصبح شهيراً بدخوله المناهج الدراسية وتصدره منصات الإلقاء والتسويق له نقدياً وأكاديمياً وصحفياً وتلفازياً ، ولاسيما أننا كنا لا نقرأ سوى صحيفتين ونشاهد قناتين ، يظهر فيهما هذا الشاعر في كل مناسبة حتى بات الناس يعرفونه شاعراً كبيراً ؛ لأنه يظهر في المرئي والمسموع والمقروء وبما أننا من أكثر الشعوب تأثراً بالسلوك الجماعي فقد بات شاذاً أن نقول : إن هذا الشاعر ليس شاعراً كبيراً وإنما هو شاعر شهير وقد تجابه بالسؤال الآتي : وماذا تقول عن الذي كتب فيه وألف ؟! فأجيب أن ما كتب فيه وألف لا يعدو كونه تزلف وتسلق ؛ لكي يقال عن الذي كتب عنه وألف : إنه ناقد كبير !! نعم قد يكون الشاعر كبيراً في الصياغة اللغوية ، لكنه ليس ذا شأن في الإحاطة الشعرية ؛ لذا تغلب صياغته على إحاطته دون أن يشعر بها المتلقي ؛ لأن الصياغة هي مطيبات ومنكهات وتوابل ، يضيفها الى شعره فيشتهر برائحة التوابل التي تغطي على طعم نصوصه فقط ، ثم يأتي الناقد فيشم رائحة قصائد الشاعر الشهير دون أن يتذوقها ؛ ليأتي ما يكتبه دونما مصداقية تذكر أقول : مصداقية وأعني بها المصداقية النقدية التي يغيبها عمداً بذكر الكثير من الاشتقاقات اللغوية الغريبة والسفسطة العجيبة ، وأسماء نقاد الغرب ، فيلوي عنق نظرياتهم ، ووجهات منهجهم إلى ما كتبه هذا الشاعر الشهير ..... إن تزييف مكانة الشعر في العراق بدأ بالتحولات السياسية الكبرى التي مر بها العراق ؛ إذ شوهت هذه التحولات ذات الشعر وذات الشاعر وما أن هبت ريح التغيير حتى أصبح هؤلاء الشعراء كالهندباء التي تتطاير أجزاؤها كبرشوتات غير مستقرة في الفضاء ، لكنهم بقوا مشهورين ، وفي المقابل بقي الشاعر الكبير كبيراً حتى لو لم يكن شهيراً ، فالشهير شاعر آني والكبير شاعر أبدي والزمن خير مصفاة للحكم.
#مثنى_كاظم_صادق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟