|
حريق لا يزال مشتعلاً*
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4273 - 2013 / 11 / 12 - 15:01
المحور:
الادب والفن
سنة حريق عامودا قبل الحريق بعد الحريق على هذا النحو ، يدخلُ حريقُ سينما عامودا ، ليس ذاكرة أبنائها فحسب، وإنّما ، ذاكرة أبناء الجزيرة السورية برمتها، بل ذاكرة الكرد ، أجمعين ، أنى كانوا، وأيان كانوا ، ذلك لأنّه يشّكل وشماً جديداً في روح هي رهن الوشوم ، بل الكي الأزلي ، منذ أن تهجّت سورتها ، ورعت قطعان ملامحها الخاصة في بدايات البزوغ والأسفار … هكذا يؤرخ الكرد كلماتهم ، وخطاهم ، وأصداءهم من خلال ايقاظ أسراب الكوارث في أيمة الدم ، ومن هنا فإننا لنجد في الذاكرة الكردية إشارات واضحة ، وعبارات صارخة تقطر أسى ، وتنضح فجائعية مثل : يوم أطيح برأس فلان سنة احتراب قبيلتي كذا .. وكذا عام الثلج الثقيل او الثلج الأحمر اثر صدور الفرمان ال … أجل .. ان مفردات مثل : هجرة / مذبحة/ مقتل/ غزوة/ حرب/ منفى/ نهب/ خديعة/ إعصار/ طوفان/ مجزرة/ سفر برلك/ دمار/ خراب/ إبادة إلخ …تتأجج في اللغة الكردية ، وتترك ندوباً في الروح ، ولعلّ هذا هو السرّ في أن حنظل الكارثة ، وعلقم الألم ، يتقاسمان أغنية هذا الإنسان على مرّ الدهور ، هذا الإنسان الذي يعني له الماضي ميراث الدم ، ولا يرى في حاضره غير القرابين التي ينحرها في محراباته ، وهو يواصل الصلوات لتخطي الراهن الكالح .. الألم، الدم الهائل. الألم في كل مكان يظللّه هذا الإنسان . لا منجاة من براثنه ، ولا خلاص من فخاخه المنصوبة على ارض الكرد ، وفي ثنايا حكاياته ، وحله وترحاله، انه المشرش بلا هوادة في دمه وفي أغاني حبّه ، المتجذر دائماً في أبهاء حلمه ، يعتري حكمته كالعلّيق الخريفي ، ويتواري في شدوه نفحاً من اوّار سماويّ داهم .لا مناص منه … أجل انه الصليب على ظهره.كذا ..!.. الحادي لرفوف أطياره، وماعزه ، ووعوله ،..ومدارج جباله وسهوله يداهم ناظريه هولاً اسطورياً يبدع أصناف الفزع والأذى، والهيار، في الأرضين، والآماد .. لا مناص منه ، أنّى يتوغل على مقربة من حكمته العالية ، وصورته، وامجاده ، وبأسه المتأهب في الكلام ، والخطا ، والذكريات المريرة ، والمدماة والمتلظية … هذا بعض الحزن الكرديّ …! موجز بلاغة الأسى لا مانع إذاً …؟ ستهمي خارج العويل ، وترنو إلى مشاهدة الّلهب والرماد ، كي توقظ الفراشات من غفوة الروزنامة المعلّقة على الحائط الزردشتي ، ما دام صوت أمك الجبلية لما يزل يتصادى في أذنك : بُني ..! لقد ولدت بعد حريق سينما عامودا ب .. ( …) وتعتصر الذاكرة هكذا تؤرخ لأنفاسك ، خفقات قلبك ، النور المداهم ناظريك لأول وهلة وإنشداه ، كي يبدأ تقويمك الذاتي بالنار عينها ، تلحق بك ألسنته النّهمة أينما حللت ، كي تهرول خلال أيامك على الصراط اللّهبي ، تفوحُ من اسمك رائحة الشواء الأزلي1 لعلك لم تدان خيمة السؤال أيضاً ؟ الفجيعة وآنت، أيُّكما منتمٍ إلى الأخر ؟ تسأل- ثم تيمم ارتباكك شطر المدينة ، المدينة المنكوبة ذاتها ، كي تحط على التواريخ ، أشلاء مدينة ، وحرائق لما تنطفئ في دمك حتى الآن … كأنها محض حرب برحتها للتو ..! كأنها محض خديعة للأزل ..! أيّ ملا …! حوذي النشيد الأول نافخ الزرقة والهبوب أمام الهلع الغامض تطلق أطيار أبجديتك هائمة لتحط على أشجار" التين والزيتون وطور " الجوز والرعاه تدلق دواة الاثرة كي تفضح سائلها المريب . ربع قرن على غفوتك واشجارك لما تكفّ عن فواكهها النارية … بعد، ها انا تلميذ حكمتك ، وأدنى … أقرأُ في أصابعك المحبّرة قوس القزح وأقرّ بحدود حدائقك النائمة منذ ارتباكاتٍ بعيدة … بعيدة .. أيّ ملا ..! هلا برحت دائرة التوق هاتيك ، كي أذكر في بهو اللوحة عمامة الروح ، لا تعصب العين في أزيز الأسئلة ؟ إنها الأسئلة …بلى …1 ها انا أتتبعك ، نوقظ أمّاتنا فرادى في حضن المظنة إصبع على الجهة …! إصبع على الهول …! إصبع صوب زئبق الحلم …! التكايا المبعثرة في تخومك ترتل فيها شدوك الأول ، كناراً من يقين وماءٍ وتقويم … أي مواثيقٍ تكون – بربك – أبلغ من هذه … ؟ ها انا في حضرتك عطارٌ أثير ، قفّاء غيوم ، رفاء جهات واجمٌ ككتابٌ مغلق، وراءك كل ما اريد الآن .. الشهود الثقاة .. ذواتهم …! جمهرة الكريات المغتسلة في دارة القلب دهاء الأدلة … الكلام الذي ينوس بين بيوتات الطين وتل شرمولا وهو يرومُ مدارج الهوريين في اوركيش المسميات المعطلة في انتظار من يربت على أكتافها علانية الهمس الذي كنت تترصده ، وترمح على دروبه قامتك المطرية الروح التي أسرى بها الوخز ، وأنت تعول حين انسكاب غيوم الدمع من عيون ثكالاك الجزراويات في مدينتك المفجوعة عامودا . أو الترجمة المرتبكة للشجرة !Dar. صنو قامشلي – العنوان الأخير لرفوف قطاك قامشلي بلى، ذات القامة المبللة – أيضا، أو مدينة القصب في عجالة التأويل المجاز المترف وحزمة الاحتمالات الموارية رجوتك اغفر لي ترهاتي الهلامية وادن يا ملاي ..يا مولاي بعثر شهاداتك في لبوس الحبر ! ولأدنُ كذلك ، من عتاباتك تلميذاً ، محض تلميذ في مدار الأولين … ما للرنيم الأشهب يوائم سكر الزجاج ،ولا يتورع عن ريحان المجاز ، ذاهلاً على مفترق طرق كأنه لن يجيء قط ..؟! كأنه محضُ توريات كأنه محض أصداء … فحسب … أي غوثٍ أرضيٍّ مدبرّ كان يخرجُ بالصبية " المدللين " ، وينشر فلذاتك .. أنت في فم تلك المحرقة ، واحداً تلو أخر، كأنهم أعطية البللوط كي تمضي إلى خاني وجزري عساهما يقولان في المقام ما تريد … حتى يربدّ نهر الخنزير يتيماً في حواشي المكان … لعله النجل الأغرّ وحيداً كان يحتضن أفق الطفولة هناك ؛ كي يذوي معها ، ولا يرتاعُ من مغبة ، أو طفل أو امرأة ، يتركهما شاهدين على خراب مديد لعلّه طود الشهامة الكردي . أبوه أشعل نار المدينة الأولى ضدّ الدخلاء وهو يداهم نار الخديعة بروحٍ حافية عزلاء إلا من شهوات الجبل، بلى … لأرسمن معك حديقة الأسماء قليلاً1 أيا ملا … يا جميل … يا عزيز… لم تبقِ لي ما يحيجني إلا فوضى الشكوك ، ولأنسجن شباكي على نولك ، عسى أن أهيء ملتقى قوس قزح،واضوّي شعاب الحكمة المنسية طويلاً … هذه محاكمتك وأنا تلميذ صغير ..صغير قاضِ من تريد !، ولن تعوزك موشورات أخرى، أحماض أخرى أصابع أخرى ، كي تحملنا على سيساء اليقين ، وتزيل غبار أكاذيب لا يُسمى ، ولايُدانى ، ولا يزول ها أنا أسمعك …! أرتدُّ إلى إفادتك ، وفتواك على مقربة من دمعة حرّى ؛ يتركها خدنُ الجهةِ ذاتها مأخوذاً بخيوط الغواية . - مهلاً كي أقرأ الاسم أيضاً1 أقرأُ وجهي في مرايا جد بعيدة … جد قريبة لأذهلنَّ أمامَ سطوة الشحوب الموروث منذ بداية الخليقة، أحايث يخضور الكلام ، زهاء نسيانٍ كامل. وأكثر أي ملا!! ليكن إذاً ، على رسلك ، ها أنا أُجسَّر الأصداء في أسفل الجبَّ ؛ ولا أداري الحبل، والأيدي ، والحجل ، أو ترى في الخَلَف مخايل النباهة إزاء الهيار المحكم ؛ فصد الدم الأعمى … والحنكة التي تأكل أطفالها . أي ملا …ملاي …ملاذي … رائد النار والكلام المغيب لعلّي أجيءُ بعد محض نقش آخر ضئيل في الخريطة ، كي أربت على رياحينك، قرمز الأثير، ابلّغك فحوى النفير في هلِّ النبوة المنقلبة في قِدر العرفان . قامشلي 29-3- 2000 . اعيدت الصياغة 18 –11-2000 *- هذا عنوان فرعي من استطلاع أجريته حول مدينة القامشلي بعنوان : قصة بناء مدينة يرويها معمرون لا يزالون أحياء- (وكان مخصصا لمجلة العربي الكويتية 1994 وأجيز للنشردون جدوى ولقد نشر فيما بعد في أكثر من مكان للنشر ) ولعل ابرز منبر نشر فيه فيما بعد جريدة خبات الكردية . **مقدمة كتاب"حريق سينماعامودا"تأليف ملاأحمدي نامي-ترجمة صلاح محمد-الصياغة اللغوية والتدقيق:إبراهيم اليوسف نشرعام2000
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مؤلف النص الإلكتروني في مرحلة -مابعد الموت-
-
خريطة المكتبة
-
المكتبة
-
الأبُ الديناميُّ
-
ما الأدب؟
-
مشعل التمو: بورترية أول
-
البُعد الرابع
-
لماذا التراث؟
-
عاصمة الياسمين
-
-استعادة طه حسين:
-
ثقافة الخلاص
-
استنساخ -سانشو-
-
مختبرات دهام حسن للتحليل النفسي
-
جحيم الثقافي فردوس السياسي
-
ملحمة النسر
-
سلالم النفس
-
التاريخ..1
-
صناعة الألم:
-
موت الذاكرة
-
-دائرة الطباشيرالقوقازية-
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|