|
نحن نعرف طريقنا!!! ثورة أكتوبر الاشتراكية بعد 96 عاما
ميشيل يمين
الحوار المتمدن-العدد: 4272 - 2013 / 11 / 11 - 22:02
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
نحن نعرف طريقنا!!! ثورة أكتوبر الاشتراكية بعد 96 عاما يقولون في التاريخ إنه يعيد نفسه. ليس طبعاً في التفاصيل الخارجية ولا في المشهد الذي لا بد أن يتفق وطبيعة العصر، بل في ما يدور في العمق، في رحم الأحداث. وها هي اليوم رحم الأحداث حبلى بالحاجة إلى "نسخة جديدة" من الثورة الاشتراكية لعام 1917 في روسيا . تلك الثورة لم تكن ترغب بها البرجوازية الروسية أبداً، فعرقلت قيامها وجهدت لسحقها ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً. وهي الآن أيضاً تكرهها بكل جوارحها. بعد عام 1917، كتب الأمير ليفن A.Liven يقول: " البلشفية هي في المقام الأول حركة معادية للدين، معادية للأخلاقيات. فلم يبق شيء من تلك المبادئ التي كانت أساس الثقافة الإنسانية". والحق أن الثورة البلشفية لم تبقِ فعلاً حجراً على حجر من "أخلاقياتهم" ومن "ثقافتهم"، المستندة إلى "الحق المقدس" يتمتع به الأغنياء وأبناء الذوات لأجل استغلال الشعب العامل بلا رحمة، والحفاظ على الفاقة والجهل بين أبنائه. ذاك الأمير نسي فقط أن يذكر أن تلك المجزرة التي ارتكبها البلاشفة بحق "مبادئ" طبقته، جعلت من الممكن لتسعة أعشار سكان روسيا أن يعيشوا بكرامة ويعملوا لمصلحتهم هم، وليس من أجل إثراء الطفيليين من أبناء الذوات، أي أن يشعروا فعلا بأنهم من بني البشر . وليست البرجوازية الروسية بعيدة عن ليفن وأمثاله في صب لعنتها على الثورة اليوم. فآباء الكنيسة مثلاً عبروا عن سعادتهم عندما فجر مجهولون نصباً تذكارياً لفلاديمير لينين لثلاث سنوات خلت بالقول إنهم فرحون جداً "لأن هناك شباباً يكافحون الوحش الضاري". وهذا يعيد إلى الأذهان قول زعيم ثورة أكتوبر: كون البرجوازية تكرهنا مثل هذا الكره يبين بوضوح وجلاء حقيقة أننا نحدد تحديداً سليماً للشعب السبل والوسائل لإسقاط حكم البرجوازية. أما السلطة البرجوازية فتعمل على "الوقاية" من الثورة بالدعوة إلى الحفاظ على "الاستقرار" الذي بدونه، كما يزعمون، سينهار كل شيء، وعلى وحدة الأمة، وتثير الخوف من أنها لن تتحدث إلا إلى المعارضة التي "تتقدم بمطالب متحضرة" (هذه المعارضة أجلِست في مقاعد البرلمان الروسي الحالي الدافئة وهي غير ذات صلة بتطلعات الشعب). وتكتب الصحف البرجوازية تقول: " لأجل أن يتغير البلد تغيراً جدياً يجب ان تمر أجيال بأكملها...". وما هذا إلا تبرير إيديولوجي لما يحصل من انقراض للشعب الروسي حالياً. فهم يقصدون أن أي تذكر لكل ما هو سوفيتي واشتراكي سيموت مع هؤلاء، وحينئذ لن يعود هناك أي عدوى "ثورية". مثل هذه "الأسطوانة" راجت في عام 1917 أيضاً، ولكنها لم تساعد البرجوازية آنذاك، ولم تمنع من اقتحام فصل الشتاء. وهي لن تساعدهم الآن أيضاً . على الرغم من كل الضغوط والمضايقات من جانب البرجوازية. وعلى الرغم من حقيقة أن الجزء الأكبر من سكان روسيا لم يكن ليسمع حتى بالبلاشفة قبل العام 1917، لأنهم كانوا منغمسين حتى رؤوسهم في الكدح من أجل لقمة العيش ولا حول لهم ولا قوة على المشاركة في الحياة السياسية، نفذت أفكار الحزب اللينيني وتغلغلت دعواته إلى أفئدة الناس، و استحوذت وعيهم. فزمجرت عاصفة أكتوبر. ذلك أن قيام الثورة أصبح ضرورة ومطلبا وحاجة موضوعية. وأن المسألة انطرحت كالآتي: إما هم وإما نحن. إما الإطاحة بطبقة البرجوازيين ومُلاّك الأراضي، وإما الهلاك. وها هي المسألة نفسها تنطرح اليوم أيضاً . "أمامنا يوم جديد!"... هذا ما يقوله ساكنو الكرملين وكلامهم فارغ طبعاً. فـ"اليوم الجديد" الذي يتحدثون عنه ماثل أمام كل مرأى ومسمع. صورة المدن الروسية الصغيرة تُختصر بالأبنية المتداعية، المهجورة، المحطّمة النوافذ، تلك التي كانت في زمن الاتحاد السوفيتي تخدم الناس كدور للثقافة وللسينما، وكمستوصفات تحمي صحتهم وصحة أبنائهم. صورة الخراب هذه اليوم تقابلها أرتال السيارات الفخمة الأجنبية الصنع. هذا هو الوجه الحقيقي للرأسمالية الروسية المنبوشة من قبرها الذي كانت دفِنت فيه إبان أكتوبر والمعادةِ إليها الحياة. إنها التدمير المتعمد لكل ما يخدم الشعب العامل، من أجل ترف حفنة وقِحة من الأثرياء الجدد. فليس هناك "أمامنا" أي شيء يسر ويُفرِح . مر بعد قيام الثورة المضادة أكثر من 20 عاما. وبلد السوفييت في عام 1920 وعام 1940 غيره في الأعوام الحالكة الآن، والفرق بين ما كان عليه وما آل إليه كالفرق بين السماء والأرض. اتخذ البلاشفة حالة روسيا ما قبل الثورة في عام 1913 الأكثر ازدهارا اقتصاديا نقطة انطلاق وأظهروا أن جميع معدلات النمو الذي حققته روسيا في ظل حكمهم تضاعفت مرات بل عشرات المرات. وها هي الآن السلطات تخشى حتى أن تقارن "إنجازاتها" بإنجازات العام الأسوأ في حياة الاتحاد السوفياتي، عام 1990. ذلك أن المقارنة هذه ستسفسر عن فضح التدمير اللاحق بفروع صناعية بأكملها، والعودة إلى مؤشرات الأداء في بدايات القرن الماضي وحتى قبل الماضي، وعموما فضح "أعجوبة" تحويل الاقتصاد من الاقتصاد الثاني في العالم إلى اقتصاد مصدّر للمواد الخام إلى "البلدان المتقدمة". وهكذا، نجد أنفسنا مرة أخرى أمام خيار: إما... وإما. إما أن يعثر العمال الروس في أنفسهم على همة وقوة تحثهم على تغيير النظام الاجتماعي السائر بهم إلى الكارثة، وإما أن تقع هذه الكارثة إياها. الكارثة الاقتصادية والسياسية والوطنية . قبل تلك الثورة، بذل لينين الكثير من الجهد في المعركة الفكرية مع جميع ضروب المشككين وأساطين التخويف والتهويل بأن الطبقة العاملة لن تكون قادرة على الاستيلاء على السلطة، أو أنها إذا ما قبضت على السلطة فلن تستطيع البقاء فيها ولو يوماً واحداً (لنتذكر حتى مقولات تروتسكي في هذا السياق مثلاً- المترجم). وها هي اليوم جوقة المعسكر البرجوازي ومعسكر "مستنفدي القدرة على الثورة " (الحزب الشيوعي الروسي مثلاً) تزعم أن الناس لا مجال لاستنهاضها اليوم من أجل القيام بالثورة، فهم رأوها بأم العين كما رأوا الاشتراكية، وأصيبوا، حسب زعمهم، بخيبة أمل، ولذلك نصّبوا في روسيا مجدداً النظام الرأسمالي . كل هذا نجيب عليه نحن بهدوء لينين وثقته بأن الثورة الاشتراكية ليست فصلاً مفرداً، ولا عمل لحظة تاريخية محددة، ولكنه حقبة كاملة من الثورات التي تتخللها موجات مد وجزر، تقدم وتراجع. وأن الهزيمة واردة دائماً، ولكن الطبقات الطليعية كانت تقتحم العالم القديم وتحرز النصر لا مرة ولا مرتين، بعد أن تتعلم من تجربة الهزيمة. وها نحن اليوم، بجريرة ما حدث في الاتحاد السوفيتي من ثورة مضادة برجوازية، بتنا نعيش فترة هزيمة الاشتراكية. ولكن هذه الفترة ستمر. ولقد تعلمنا بعض الأشياء. على سبيل المثال، أدركنا حقيقة أن استعادة النظام الرأسمالي يمكن أن تتم تحت الراية الحمراء ومع الحزب المسمى رسميا الحزب الشيوعي وبقيادته. وفي هذا الأمر بالذات، وليس في الاشتراكية، أصيب الناس العاملون بخيبة أمل. وهم اليوم تائهون في البحث عن الخلاص من فحشاء الرأسمالية، فيقعون بين الحين والحين في أوهام ومسارب جانبية تدسها لهم البرجوازية بلباقة. أما نحن فعلينا أن نجيب عن سؤالهم "كيف؟" بالقول: "بنضالكم أنتم! فقط بالتغيير الثوري للنظام القائم". ونحن واثقون من أن الطرّاد "أورورا " سيطلق نيران مدافعه مرة أخرى. أما على سؤال: متى سيفعل ذلك؟ فنجيب: إن الأمر يعتمد على عوامل لا مجال للقفز فوقها، وسيكون علينا أن نؤمّنها ونكتسبها. زعيم ثورة أكتوبر قبل شهر من حصول الانتفاضة قال في توصيفه لهذه العوامل: الناس على مقربة من اليأس، ونحن نعطي كل الشعب مخرجاً صحيحاً ومؤكداً؛ معنا معظم الطبقة الثورية وأغلبية الشعب، ومعنا سلامة وضع حزبنا العارف بثقةٍ طريقه. والأمر الأخير هو الأمر الأهم الآن. ويجب أن يتم نقله إلى وعي الجماهير العريضة من عمال وكادحي روسيا . وكما أوصانا فلاديمير لينين : "أن تقوم الثورة أو لا تقوم أمر لا يتوقف فقط علينا. ولكننا سوف تفعل ما علينا فعله، وهذا الفعل لن يضيع أبداً". عن جريدة "ترودوفايا راسيا" (روسيا العاملة) العدد 18 (407) عام 2013
#ميشيل_يمين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحن نعرف طريقنا!!! ثورة أكتوبر الاشتراكية بعد 96 عاما
المزيد.....
-
لبنان يسارع للكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسرا في سوريا
...
-
متضامنون مع «نقابة العاملين بأندية هيئة قناة السويس» وحق الت
...
-
التصديق على أحكام عسكرية بحق 62 من أهالي سيناء لمطالبتهم بـ«
...
-
تنعي حركة «الاشتراكيين الثوريين» ببالغ الحزن الدكتور يحيى ال
...
-
الحزب الشيوعي يرحب بمؤتمر مجلس السلم والتضامن: نطلع لبناء عا
...
-
أردوغان: انتهت صلاحية حزب العمال الكردستاني وحان وقت تحييد ا
...
-
العدد 584 من جريدة النهج الديمقراطي
-
بوتين يعرب عن رأيه بقضية دفن جثمان لينين
-
عقار -الجنود السوفييت الخارقين-.. آخر ضحاياه نجم تشلسي
-
الاجرام يتواصل في حق عاملات وعمال سيكوم/سيكوميك
المزيد.....
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
المزيد.....
|