أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - كيف تغيب قروناً في كهوف الزمان؟














المزيد.....

كيف تغيب قروناً في كهوف الزمان؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1218 - 2005 / 6 / 4 - 12:13
المحور: كتابات ساخرة
    


لم أكن أدري البتة بأن البعض قد أٌخرج من الملة الوطنية ,علي يدي أحد شيوخ الطريقة الإعلامية السمحاء المختصين بعلم الإفتاء الشمولي وفلسفة الإلغاء, مع كثير من الزملاء الأفاضل والأكارم الذين "يثرثرون",و"يهذرون", وينشزون عاليا في الأصوات بعيدا عن الأضرحة المقدسة التي شيّدها معممو الإعلام على مدى عقود من الزمان,إلا بعد أن قرأت فتواه التكفيرية على صفحات مرآة سورية ,معتبرا أن صاحب كل صوت غير ذاك الذي ألفته وسكرت بخمره وبسماعه أذناه,وأدمنته شفتاه,وفرحت لعطاياه كفّاه, هو من الخوارج ,وكفار الشموليات. أولئك المرتدون الذين كسروا احتكاره ,وصحبه الكرام الأبرار للإمامة في دنيا العصمة وعالم الوقار,ورفضوا دفع الجزية على شكل توسلات ,وتضرعات,وتبريكات تتنزل عليهم من آيات الإعلام المعصومين المتربعين على عرش الكلمة منذ بدء الدعوة المباركة الكبرى لعميلة التجهيل ومسح الدماغ.

ولم أكن أدري أن البعض قد تجرأ ونزع الكمّامة عن فمه,وحطم الأغلال وكسر الأصفاد العقائدية التي كبلته لعقود من الزمان ,وتنفس بأكثر مما تسمح به مرجعية الولي الفقيه الإعلامي الأعظم القابع في صومعته بلا منازع منذ عشرات السنين ,بعد أن أمحلت الأرض ,وعقرت النساء,وأصابت العنّة الفحول من الرجال في أرض الخصوبة ,والخير ,والعطاء,والجمال. وقد اعتبر في مقالته -عفوا في فتواه- أن كل من لايكتب في صحفه الشهيرة الغراء,ويظهر على شاشته الشمّاء ,ويقدم فروض الطاعة المعهودة والولاء,وتتبرك جبهته من السجود أمام ملالي الإعلام ,وأولياء السلاطين ,يجب أن يقام عليه الحد ويرمى في التهلكة والأرشيف والنار,ويحرم من العلاوات والمعاش والسيارات,ويعتبر مع المارقين الشذاذ الأشرار.وأن تلك "العتبات الإعلامية المقدسة" التي يغرد بها صباح مساء,محصورة فقط على السادة الأخيار ,ولايحق لأحد من الرعاع و"العوام" وعابري سبيل الأوطان التقرب منها ,ودخولها ,والتضرع لها,وممارسة كتابة نفس التمائم ,والتعاويذ ,والأحراز ,التي تحميهم من عدوى الثرثرة والكلام المباح في كل نازلة ومقام,والعياذ بالله.أولئك المتعيشون على فتات مطبوعات وزارات الثقافة ,وما ترميه عليهم اتحادات الكتاب من فضلات فكرية تُجتر في أمسيات الشعر ,وندوات المنظمات الشعبية . وقد أدلى بفتواه العنيفة,مشكوراً, من خلال بعض الإجتهادات الجديدة التي لم ترد في أصحاح , وأسفار قضاة الأمن ,ولم تلحظ مع تلك "الحدود" الكثيرة الموجودة في قانون المطبوعات,ذاك السيف المسلط على رقاب الكتّاب,وبعد أن غابت بعض الفروض عن عبقرية مشرعي الطاعة العمياء,والصمت الحلال.

ولكن لم تتضمن تعويذته السحرية للغلابة ,والدراويش ,وأصحاب الكار,كيف تصبح مغموراً,ومنتوفاً,ومشحراً,ومعتراً ,ومجهولاً,ومنبوذاً طول الزمان باعتبارها الشعائر الوحيدة المسموح بإقاماتها داخل مقاماته الفيحاء,وكيف تستطيع تبقى أطول فترة ممكنة خارج الزمان ,والمكان,وكل العوالم خلال عقود من ممارسة طقوس التعتيم والإغلاق والمكابرة والحصار,والهذيان. وما الذي جنته أياديه البيضاء خلال كل تلك السنوات من الإنقياد الأعمى وراء آيات الإعلام, سوى التردي ,والبؤس ,وتوزيع شهادات فقر الحال بالجملة على العباد,والإصابة بالطاعون الفكري, والبرص ,والجذام؟

اعذرهم يامولاي, فقد ضلوا السبيل, وطريق الخلاص الذي اهتديت إليه مع رهطك المبشرين الذين ينعمون بفراديس الأوطان المحرمة على المرتدين المارقين من طوائف الأحزاب الشرعية , والمرضي عنهم في تقارير الكتبة,ومحفوظات الخفراء .واطلب لهم العفو والمغفرة عند أصحاب الشأن, ليعودا مرة أخرى إلى حظيرة الأمان مع القطعان المخدرة بنشرات الأخبار,ومسلسلات المساء التي سمح بها الرقباء.واسمح لهم خطاياهم ورزاياهم وخروجهم عن النص المقدس الذي صاغه العرفاء والاستراتيجيون في القلاع ,والحصون ,والأبراج العاجية التي لاتفتح أمام الدهماء.

ولكن ,وفي المقابل ,أين هي أصلا تلك المنابر التي تسمح بصوت غير ذاك الصوت الديناصوري الذي قابلناه مؤخرا في إحدى الحلقات "المشاكسة"على الفضاء,وبدا فيها منتفخا ,ومتورما ,متشنجا ,ومتخشبا وكله لزوم الديكورات والمؤثرات والإخراج,وقد فاته قطار العولمة والحياة ,وظهر وكأنه يتكلم من إحدى دهاليز الإهرامات متحدثا باسم بعض المومياءات المحنطات, وليس ممثلا لشعوب حية ,مطلوب منها أن تنافح, وتكافح في دنيا العولمة,والإنترنت, وغزو الفضاء,ويهرف بلغة تيبست وانقرضت من الكهوف والغابات.

ومن الآن وصاعدا, صار على الجميع الإلتزام بهذه الفتوى الصارمة ,وتلاوة النصوص ,والأحاديث والاستشهادات المسموح بتداولها والمسندة أصولا من قبل هؤلاء الفقهاء,والتطبيل, والتزمير,والمواربة, والتهليل لأصحاب الكرامات,وأزلامهم من آيات الإعلام,وتحويل الهزائم إلى انتصارات,والكوارث إلى احتفالات وطنية وأعياد , والخرائب والأطلال إلى أضرحة مقدسة ومقامات يمارس أمامها السجود وعبادة الأصنام,وعدم الكتابة في أي من المواقع, والجرائد إلا تلك التي تجتر تلك البلاغة الجوفاء والشعارات.وعدم الظهور في أي من الفضائيات ,لأن في ذلك زندقة,وهرطقة كبرى وخروجاً عن طريقة الصمت التي أسس لها آيات الإعلام,وكهنة الأقلام.

وربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا,وهب لنا من لدنك رحمة,واجعل لنا من أمرنا مخرجاً ,واغفر لناماتقدم من ذنوبنا ,وتقبل توبتنا ,إنك أنت التّواب , الرحيم ,الغفّار.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيناريـو الفصـل الأخيـر
- داحـس والغبــراء
- المستجيرون من الرمضاء بالنار
- مبروك عليكم أيها السوريون
- حين تقبع الكرامة في سراويل الطغاة
- مقالب العربـان الإصـلاحية
- صـور صدام والبورنو السياسـي
- شرف الأعـراب المهدور
- حقــوق النسـوان
- كلـــنا شــركاء
- كفاية. . .يافيصل القاسم. . .حرام
- سوريا. . . نظـرة من الداخـل
- سفــراء فوق العــادة
- حكــي إنتـرنت
- كم من العرفاء سيصبح لدينا؟
- أهم الأسباب في لبس البراقع واللثام
- ياليتهم علمانيـون
- متى تكسر جميع الخوابي والجرار؟
- فيـلم عربي طويـل
- محاكمـة البعـــث


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - كيف تغيب قروناً في كهوف الزمان؟