|
الارستوقراطيون هم قتلة الحسين !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 4271 - 2013 / 11 / 10 - 14:37
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الارستوقراطيون هم قتلة الحسين ! سهر العامري كثيرون هم من كتبوا عن ثورة الإمام الحسين التي تمر ذكراها هذه الأيام حسب التقويم الهجوي ، وقد أطنب الكثير من هؤلاء في تفاصيل الأحداث التي رافقتها ، وقد بالغ البعض فراح يمزج حقيقة تلك الأحداث بخيال مكذوب التحمت فيه الملائكة مع الناس في تراجيديا حملت أكثر مما حملته الساعات القلائل التي دارت فيها معركة اليوم العاشر من محرم والتي بدأت منذ صباح ذلك اليوم لتنتهي في ضحاه وتسفر عن استشهاد رجال الثورة الذين آثروا الموت على الحياة ببسالة نادرة . لقد تخطى المشاركون فيها مثلما هي عليه الحال في معارك الإسلام الأولى كمعركة بدر الكبرى حاجز القبلية ، ذلك الحاجز الذي انهار أمام مبدأ " المساواة " الذي رفعه المسلمون الأوائل ، وهو المبدأ الذي أثار حفيظة الارستوقراطية القريشية فما كان منها إلا أن رفضت ذاك المبدأ " يريد محمد أن يساوينا بعبيدنا ! " هكذا صرح أبو سفيان ذات يوم ، وعلى الضد من ذلك ظهر في صفوف الحركة الجديدة عبيد وفقراء ما كان لهم أن يحتلوا مكانة في التاريخ لولا ذلك المبدأ ، هذا التاريخ الذي جاء لنا بأسماء : بلال الحبشي ، أبو ذر الغفاري ، صهيب الرومي ، وسلمان الفارسي وآخرون غيرهم . أذعن الارستوقراطيين من قريش وغيرها بعد نجاح الدعوة الاسلامية للأمر الواقع ، وصار بيت أبي سفيان آمنا بحديث عن النبي ، وهذا ما مكن هؤلاء أن يتحينوا الفرص للعودة الى سابق عهدهم ، ولكن بعد حالة نفي للقديم ووصول الى حالة اقتصادية ـ اجتماعية أرقى ، وذلك بقيام الدولة الأموية في الشام ، واستلام معاوية للحكم فيها ، لقد هيأ التطور الجديد وضعا اقتصاديا واجتماعيا للأغنياء من المسلمين ، وصارت الملكية الخاصة بالنسبة لهم شيئا مقدسا يجب الذود عنه بالسيوف ، وتجيش الجيوش من أجله ، فحين صرخ عبيد الله بن زياد بمحمد بن الأشعث الذي يعد من بين كبار الارستوقراطيين من أهل الكوفة قائلا : أنت بين خيارين ، قطع نخيل بساتينك أو صد أهل الكوفة عن الحسين بن علي ! فنهض هو ومن على شاكلته بإنجاز المهمة حين بذل بعض المال هنا وهناك ، وليس هذا غريبا ، فقد اشترى القرآن " المؤلفة قلوبهم بالمال " من قبل ، كما أن المختار طلب من ابراهيم بن الأشتر المتوجه لقتال أهل الشام شراء عبيد الله بن الحر بالمال بعد أن صرح ابراهيم بخوفه من تمرد عبيد الله بن الحر عليه وهو من بين جنوده المبرزين . لقد تراجع الوازع القبلي الذي كان سائدا بين القبائل العربية في مرحلة الرعي على أيامهم في شبه الجزيرة العربية أمام الوازع الطبقي الجديد حين ظهرت عندهم الزراعة وملكية الأرض ، فصار المرادي عبد الرحمن بن ملجم مقاتلا في صفوف الارستوقراطيين من المسلمين ، بينما صار المرادي هاني بن عروة مقاتلا مع مسلم بن عقيل رسول الحسين لأهل الكوفة . واذا كان الحال ذاك مع قبيلة المرادي فهو ذاته مع قبيلة كندة حيث وقف محمد بن الأشعث الكندي مع قتلة الحسين من الارستوقراطيين بينما استشهد الحارث بن امرئ القيس ويزيد بن بدر بن المهاصر مع الحسين وهما من قبيلة كندة التي استوطنت العراق قبل الفتح له . لكن ذاك لا يمنع من أن الجيش الذي قاتل الحسين ، والذي بلغ تعداده أكثر من عشرين ألفا على بعض الروايات من أن يكون بين صفوف جنود من الموالي من غير العرب وكانوا يعدون بالآلاف ، وقد استخدمهم أغنياء الكوفة كمقاتلين أجراء ، فمن بين الذين هموا بحز رأس الحسين بن علي بعد سقوطه على أرض المعركة هو خولي بن يزيد الأصبحي الذي تصفه بعض الروايات بأنه كان أزرق العينين ، كما أن قاتل هاني بن عروة المرادي كان مواليا تركيا عند عبيد الله بن زياد يدعى رشيد ، ومثل هذا فقد انتدب المختار الثقفي أحد مواليه ويدعى رزين لقتال أحد قتلة الحسين من ارستوقراطيي الكوفة الذين هربوا منها ، وأعني به شمر بن ذي الجوشن العامري ، لكن شمر قتله ، وهذا ما اضطر المختار أن يرسل عشرة من خير رجاله بقيادة عبد الرحمن بن عبيد الذي قتل شمر وهو يرجز حوله : يا أيها الكلب العوي العامري * أبشر بخزي وبموت حاضر ِ وعلى ذاك يمكن تشبيه هؤلاء الموالي الذين كان اغلبهم من الفرس ، والذين اشتركوا في قتل الحسين بن علي بجنود مرتزقة في جيش الارستوقراطية العربية التي كانت تحكم مجتمع ما قبل الاسلام في مكة وشبه جزيرة العرب ، والتي حكمت فيما بعد زمن الاسلام ، وإذا كانت تلك الارستوقراطية قد رفضت مساواتها بعبيدها أيام محمد فها هي على زمن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ترفض ولذات السبب القبول بحكم الفقراء الذي بشرت به ثورة الحسين بن علي ، والذين سقطوا جميعا مضرجين بدمائهم في ساحة المعركة من كربلاء . خلاصة القول هي أن المعركة التي دارت في كربلاء يوم العاشر من محرم لم تكن بين الحسين بن علي ويزيد بن معاوية وحسب ، وإنما كانت بين فقراء المسلمين وبين أغنيائهم في صراع هو أشبه ما يكون بالصراع الطبقي على أيامنا الحالية ، وهذه هي سنة التاريخ لعمري .
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التغلغل الإيراني في بلاد الشام (3)
-
التغلغل الإيراني في بلاد الشام (2)
-
التغلغل الإيراني في بلاد الشام (1)
-
انهيار ركن من أركان - الشرق الأوسط الجديد -
-
المتدينون والاستبداد الديني
-
انحسار وباء انفلونزا الاخوان !
-
الجزائر : عين ميناس ومختار الأعور ! (2)
-
الجزائر : عين ميناس ومختار الأعور ! (1)
-
نقمة الامطار في العراق
-
سقوط الاخوان في مصر
-
القذافي حيّا !
-
وما أدراك ما لندن ! (4 )
-
وما أدراك ما لندن ! (3 )
-
وما أدراك ما لندن ! (2 )
-
وما أدراك ما لندن ( 1 ) !
-
الطبقات والصراع الطبقي
-
حال المرأة بعد الثورات العربية !
-
برافو
-
حديث ليبيا ( 5 )
-
حديث ليبيا (4)
المزيد.....
-
فيديو جديد من داخل الطائرة الأذربيجانية يظهر ما حدث لجناحها
...
-
-حزب الله- يدين بشدة الهجمات الإسرائيلية على اليمن بمشاركة أ
...
-
الكويت: ضبط 1.8 حبة كبتاغون داخل مقاعد وطاولات قهوة
-
عدد خطوات المشي المطلوب يوميا لمكافحة الاكتئاب
-
-النسر الأصلع- يصبح رسمياً الطائر الوطني للولايات المتحدة بع
...
-
الجيش الإسرائيلي يؤكد شنّ غارات على مواقع متفرقة في اليمن
-
قفزة في بلاغات الجرائم الإلكترونية بالمغرب.. وخبراء يكشفون ا
...
-
دعوات أمريكية لمنع عودة ترامب إلى السلطة والرئيس المنتخب يحذ
...
-
بوتين: الأوكرانيون -يعاقبون أوروبا- و-يعضون يدها-
-
سحب الجنسية الكويتية من 3700 حالة جديدة
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|