ياسين لمقدم
الحوار المتمدن-العدد: 4271 - 2013 / 11 / 10 - 08:43
المحور:
الادب والفن
شجاعة الحسناء
هرولت الحشود في أثر الحصان، وكان أخو العريس قد تخطف الإزار المتطاير الذي انكشف عن العروس حتى قبل أن يستقر به الحال على الثرى. وفي هرولته لتعقب الجواد تجاوز الجميعَ وقد تخلص أغلبهم من نعالهم الخشنة المصنوعة من الحلفاء أو من إطارات عجلات المركبات. سارع الكل إلى المطاردة الطويلة التي ابتعد فيها الحصان عن المدشر بمسافة طويلة وعلى ظهره تدافع الفتاة عنها السقوط متمسكة بكل قوة برأس السرج بيد وباليد الأخرى تحاول الإمساك بالعنان الذي انفلت تحت رقبة الجواد.
توارى الفرس والعروس عن الأنظار وراء الهضاب البعيدة، والجموع المتعقبة تراودها الوساوس عن مصير الفتاة.
وبعد محاولات متكررة وجهد مضن تمكنت الفتاة من أسباب السيطرة على الحصان الجامح بعد الوصول إلى اللجام، فتوجهت به إلى أقرب خيمة تسأل أهلها ثيابا بعد أن فقدت إزارها ولم تعد تستتر بغير أثواب خفيفة تشي بحسن خلاب وبشرة صافية ناصعة البياض.
أدخلتها صاحبة الخيمة بعد أن تخلصت من زوجها بتكليفه بتوثيق الفرس، وبعد أن نهرت أولادها ليتواروا بعيدا خارج الخيمة. ودار بين السيدتين حوار ودي خلال اللحظات القليلة التي كانت فيها العروس تلبس إزرارا أبيض منحته إياها صاحبة الخيمة.
وفي هذه الأثناء بدأت تصل المجموعات المتعقبة تباعا إلى الخيمة التي لجأت إليها الفتاة وأبدوا ارتياحهم لسلامتها وفخرهم بشجاعتها. متبادلين الهمس عن مآل هذا العرس الذي شهد لحظات كادت في مرات كثيرة أن تعصف به لولا الألطاف الإلهية وحكمة كبار القبيلة. ثم عادوا أدراجهم تتقدمهم فارستهم، يحثون الخطى في وجهتهم إلى مدشرهم ليتداركوا هذا التأخير غير المقصود فالشمس بدأت في الانحدار وراء الأفق الغربي ولا يزال أمامهم مشوار عرس قد يطول بأحداثه غير المنتظرة.
#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟