أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - (!! ... وماتَ البلبلُ وحيدا)














المزيد.....


(!! ... وماتَ البلبلُ وحيدا)


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 1218 - 2005 / 6 / 4 - 12:10
المحور: الادب والفن
    


هَمْـهَـمَـتْ بجواري وهي تــُــلــَّوحُ بيدها تشيرُ إلى أحد الأقفاص المتناثرة هنا وهناك:
- ماتَ البلبل ..!
ترصدّتُ الأسَى في نبرة صوتها . ارتعشتْ شفتاي . حشرجَ صوتي:
·أحقـًا مات..؟!

****

المطر ينهمر ببرود . أرفع رأسي للسماء . أتنفس بعمق .
ياااه .. كيف سرتُ كل تلك المسافة من البيت الى المقبرة دون أن أشعر بعري قدميّ... دون أن يشعر أحد أنّيّ بدأت أغوص في الوحل اللزج.
·هكذا ببساطة رحلَ ..!!
تركني وحيدة .. بعدما اختمرتْ عجينة القلب .
أين منّي يده , تمتدّ الآن نحو تنــّور الشّوق لتتناول أرغفة طازجة من حبّ شهيّ ...؟! يحتقن الحلقُ بغصّة .
عاش في دمي اكثر من عشرين ربيعا , ورحلَ قبلَ عشرين دقيقة.
أغصاني مُثقلة بثلج الفُراق .
ألوّحُ له بمنديل أبيض ولا يراني .. ولا أحد من المـُشيعين يراني.
ها هو ممدذّ داخل كفن لا يدري بحالي.
أذرفُ الدّمعَ كحبات خرز تنفرط عن خيط الحلم ..كلّ حبّة تحرق آمالي , وهو ما زال ممددّا داخل كفن لا يراني.
أنفثُ أنيني بخارًا أسودا .. يخنقني .. يجلدُني .. يقتلني .. وهو ما زال ممددّا داخل كفن لا يأتي ليرأفَ بحالي.
أصواتهم تكلل جبيني: يا زوجة الشهيد تهللي.
يسقط قلبي بين ضلوعي .
لقد فقدتُ اليوم حبيبا ..فقدتُ أكسجينَ رئتيّ.... لو يدرون ..!!..
مَن سيُهديني بعد اليوم حقول القمح ؟ ... مَن ..؟
مَن سيُدثرني بشال حنانه ليقيني من زمن النكبة ..؟ .. مَن..؟!
مَن سيجعلني فصولا أربعة بعد اليوم .. مَن ..؟!
الصمت .. فخُ الحلم .


***


على حُبّ كبير... تعاهدنا وتواعدنا .. وكان جذع شجرة الزيتون شاهدا على وشم قلبينا . منذ بدأنا نجري كالأرانب البريّة فوق السهول والحقول وكلّ مَن حولنا يُرددّ:
( سلمى لسالم وسالم لسلمى )
نمتْ بذرةُ الحبّ في تُربة خصبة وأورقتْ أملا بالارتباط المُقدّس.
لكن .. كانَ المسمار الذي دقّه سالم إلى شهادتينا الجامعيّة على حائط الانتظار , مقصلة للحلم...!!
بحث وبحث عن عمل يكفل لنا كرامة الارتباط..
وقبل أن يعثر على بصيص أمل .
اغتالته طلقة قنّاص محترف في مظاهرة عفويّة قبل عشرين دقيقة .


***


-آآآآه سالم ..! الوجع سمكة ُ قرش ٍ تنهشُ القلب .
-عُد إليّ يا حبيبي .
أنادي بصمت خافت ولا أحد يسمع . ولا أحد يُجيب .
لا أحد يملك سوى تعاويذ التعزيّة.
قدماي تغوصان عاريتتين داخل الوحل .
رطوبة الأرض تُنعشُ عروقي .
أغوصُ في ملامح وجه حفظتهُ عن ظهر حُبّ . أتزوّدُ من حنانه .الأمل الأبيض لليوم الأسود. أسمعه ..كأنّي به يهمسُ الآن من داخل كفنه بعشق :
- سلمايَ أنا لكِ ..
أرتلّ :
·بل أنا يا عمري لكَ ... -انت ِ لست أنثى عاديّة ..! أنتِ وطنٌ يا سلمى .
·أنتَ وطني وأماني وموئلي ودُنيايَ .
- سلماي أنا زيتونة ٌ نابلسيّة دائمة ُ الخُضرة .


***


أستفيقُ من هذيانيّ المحموم على أيد تصافحني وأخرى تحضنني وهمهمات تواسيني .. وخطوات راحلة .
تتعلق نظراتي بالشاهدة .
آآآآه كم أفتقده.. !! .
أهو الخريف إذن؟ أما من ربيع محتمل ..؟!
كيف أقوى على الأحزان من بعده..؟!
أتذّكرُ قولا كان خبزه الفلسفيّ اليوميّ :

" إذا كنتَ تريدُ قوس قزح , عليكَ أن تحتمل المطر "

أنتشي ...
تنتفضُ أغصاني المثقلة بثلج الفراق .
أرفعُ رأسي إلى السماء من حيث يأتي عوني ..
أغرزُ رجليّ أوتادا في الأرض الرطبة .
أسيرُ للأمام لا ألوي على عودة.
لا أنظرُ خلفي .
يذوب الثلج .
تخضّر ُ الحقول وترتوي السهول .
أرى ..قوس قزح على عرض الأفق.
غدا, لا بدّ أن يجفّ الوحل .
غدا, لا بُدّ أن تُشرقَ شمس ٌ.


**


عادَ صوت جارتي متعاطفا مشلولا :
·ما أصعبَ أن يموتَ العصفورُ وحيدا , داخل قفص .
أيقظتني نبرة الحزن المزمن في صوتها من هذيان مؤقت . رفعتُ عينيّ إلى السماء . تعلقت نظراتي بغيمة بيضاء . هتفتُ باصرار:

- لو ماتَ بلبلٌ واحد لا بدّ أن يُولد من رحم الأرض ألفٌ وألف ُ بلبل صامد. لا بدّ يومــًا أن تــُكسرَ كلُّ الأقفاص لتحيا الطيور في الفضاءالرّحب حرّة طليقة كما كـُتـِبَ لها منذ بدأالخليقة ..
لا بدّ ...لا بُدّ ..!

___________
2002







#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من كلّ سماء ٍ ومضة
- ...ريتاي مجنونُكِ أنا
- ستبقى خالدًا ** قصة ليست قصيرة
- أحبّكَ ... أبعد من كلّ اتجاه أوسع من كلّ مدى
- ... ورأتِ العاشقة ُ أنََّّ كلَّ ما باحتْ بهِ حسنٌ جدًّا
- الندم ُالأخير
- أعطني حنانًا كفافَ فرحي
- أنثى الطيور الشريدة
- رسائل ُ اللحظة الأخيرة .....1
- رسالة من فوق الحاجز
- شتاءُ ريتا الأخير
- لكَ قبلَ أن يتبرعمَ جرح - ورطة
- ما لي ولكم يا أولاد ال...
- أنثى الحرائق - ومضة قصصيّة
- هل قرأ أحد ..؟! ---- لا تقرأوا .
- القارعة
- ومن لا يعرفُ ريتا --- شذرات
- سيدةُ الحكاية
- الْمَرْأة في مَـرَايــَا د. صَالِح سَعِد ** دراسة حول رواية ...
- ما زلتُ مسكونة ً بمخاض قصيدة


المزيد.....




- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - (!! ... وماتَ البلبلُ وحيدا)