عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4270 - 2013 / 11 / 9 - 11:00
المحور:
الادب والفن
كلُّ تلكَ الأشياء البعيدة ..
تبدو جميلة
عدا وجهكِ
وغرفة خافتة الأضاءة
وشيء من الأسى
فوق غبار الستائر .
كلّ تلك الأشياء البعيدة ..
تبدو بعيدة
إلاّ رائحة " الشَبّوي "
التي تفوحُ من ثيابكِ القديمة
السوداءُ .. أو الزرقاء
المُنَقَطّة بالأبيض .
كلُّ تلكَ الأشياء البعيدة ..
تبدو صالحة للحنين
إلاّ النسيان
ذلكَ الذي لايزالُ يحبو ،
مثل قُبَلٍ قصيرة
فوق أصابعكِ الطويلة
التي تشبهُ الليل .
***
مثل بقرة هندوسيّة هادئة
أجوبُ شوارعَ بغداد
باحِثاً عن وجهِها
بين السكاكينِ التي أسْلَمَتْ توّاً .
تلكَ الأرضُ .. أرضي
تقاسَمَتْ " سواد " عينيها
القبائلُ العربيّة الظافرة
وتوَزَعَتْ رائحتها الحلوة
على " أفخاذ " قريش
تاركَةً إيايّ
أُصَلّي لعطشِ النخلِ فيها
صلاةَ الغائبِ
وحدي .
***
كنتُ أراها
كلّ خميس
وحدَها
في الحديقة .
تتهادى كالمَلِكات .
تمشي في درب الظُلُماتِ
كنورٍ غامر .
تدمعُ عيناها اللوزيتان ، السوداوتان ، الخضراوتان ، الزرقاوتان ..
كآلهةٍ تبكي .
في الخميس الفائت
الحديقة خالية
وسيدتي الصغيرة
تزوجَتْ بَدَوّياً
في الرُبعِ الخالي من العُمر .
في هذا اليوم .. يوم الأحد ..
رأيتهُ معها .
نَزِقٌ كثَوْرٍ يافع .
سعيدٌ كبَقرة .
حزينٌ كحمار .
حاِلمٌ .. كبَغلٍ عُمرُهُ ستة أشهر .
لماذا يتزوجُ مخبولٌ
مَلِكَةً كالنور
ويتركني وحدي
أعانقُ ظلّها
في الحديقة ؟
***
ان المطر يستدعي الوجوه البعيدة .
وحين أمدّ يدي الآن ..
يبللها الماء ..
ولا يبللها دمعُ العيون البعيدة .
كثيفُ الأسى ..
هذا المطر البغداديّ
البطيءُ
كأنينِ روحي .
لهذا .. ففي كلّ مزنة حزنٍ ..
أجلسُ لأذرف الحنين ..
فوق أصابعها
التي تشبهُ هذا الغيمَ
وحدي .
***
لَمْ يَعُدْ كلُّ شيءٍ ..
كما كان .
الأذى ، لم يَعُدْ يُسَبّبُ الأذى ..
لجُرْحٍ غائِرٍ في الخشَبْ .
ولا الروحُ تريدُ أن تفتحَ البابَ ،
لِمَنْ يَطْرُقُ البابَ ..
ويُقاسِمُني حنينَ الوسادة .
لمْ يَعُدْ الأسى ..
يهيمُ حُبّاً بالكلماتِ ،
ويحلَمُ بالطَلْعِ النابتِ في الشفتينِ ،
وينتظِرُ القُبلَةَ القادمة .
لم يَعُدْ المساءُ طويلاً بما يكفي ،
لإحصاءِ الدبابيسِ فوق قلبي .
لم يَعُد النهارُ مُضيئاً كما كان ،
ليكونَ وجهُكِ كافياً ،
لقرنٍ كاملٍ من الليل ،
دون نجْمَةٍ واحدة ..
في تلك َالسماء البعيدة .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟