أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قاسم حسن محاجنة - الحصار - قصيرة قصيرة














المزيد.....

الحصار - قصيرة قصيرة


قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا


الحوار المتمدن-العدد: 4270 - 2013 / 11 / 9 - 10:58
المحور: الادب والفن
    



الحصار – قصة قصيرة
مهداة الى أُمي
وكما في كل حصار ، فحظر التجول هو السائد ، وتم قطع خطوط الهاتف ، وتوقفت الحياة عن الحركة ، لا مواصلات عامة ، لا كهرباء ولا ماء ، وفي اغلب الاحيان يُسمع هدير الاليات التي صنعها الانسان تقصف وترعد ، اصوات تصم الاذان وتخترق جدار الحماية والوقاية ، تتوغل عبر الجسد الى الروح ، فترجف كورقة في مهب الريح ، لم يعد بالإمكان احتمال كل هذا ...
كان الأمر في البداية هينا ، فقد كان بالإمكان تزجية الوقت في مراقبة الاحداث عبر النوافذ التي أُسدلت سُجُفها ، لكن الزجاج تناثر داخل الغرفة بفعل هدير المدافع ، وأصاب صاروخ منطلق من مروحية جانب البيت فتحول الى ركام ، واصبح البيت اشبه ما يكون بإنسان فاغر فمه الاثرم الى اقصى مداه . لكن احتمال التحول الى هدف ثابت لقناص اصبح اكبر بكثير ، مما يثير الرعب في النفس .
اين يُمكن الاختفاء ؟؟ بعد أن أصبح الخارج داخلا والداخل خارجا !!تحطمت حدود المكان ، وفقد ملامحه في زمان غاب عن اذهان الاخرين وتحولت الاحاسيس الى جلمود صخر .
يرى من مكانه خلف الطاولة الجنود يقومون بمهماتهم بحماس يُحسدون عليه ،فقد أوقفوا الحياة عن الحركة ، والناس يُطلون من النوافذ وابصارهم شاخصة الى البعيد ، ينتظرون حدوث شيء ما ، لا يدرون كنهه ، لكنهم يعلقون امالهم عليه ، شيء يُمكنه قلب الامور رأسا على عقب ، قد يكون هذا نوعا من الفنتازيا وهروبا من الواقع .
لكنه ما زال هناك يرقب الاحداث وفي هذه الاجواء العاصفة المذهلة ، خطرت بباله !! كيف يمكن الوصول اليها ؟كم يشتاق الى سماع حديثها ، لكن خطوط التلفون معطلة ، هل يغامر ويحمل روحه على راحتيه ويذهب اليها سيرا على الاقدام مقتحما هذا الحصار ؟ عله يسترد شيئا من نفسه التي تطايرت شعاعا في السماء .
يستذكر كيف كان يرتشف كل كلمة ، ويحسد الخيام على انه كان باستطاعته ان يُطفئ لظى القلب بشهد الرضاب ، ومع ذلك فأن للكلمة طعما وذوقا خاصا . لها طريقة خاصة في لفظ الاحرف تجعل الكلمة وكأنها تتمايل وتتراقص كفتاة مغناج ، كلمات تنساب من فمها كما تنساب خمرة الوجد من روح صوفي مجذوب . لم يحصل بعد ، رغم ان لا حدود للفنتازيا ، على قبلة تكون زاده في صحراء الحياة المحاصرة من الجهات الاربع .
وفي سقف الغرفة ما زال القفص الذي يحبس داخله كناريا غريدا ، متدليا ، لكن الكناري صامت وكأن على رأسه الطير ، وكيف يستطيع طائر أن يقف على رأس طائر ؟؟ لا بد بأنني بدأت بالهذيان .. لا .. فها هو طائر جارح انقض على كناريه وبهذا شله عن الحركة .. ومع ذلك ما زال منزويا في ركن من اركان القفص منطويا على نفسه وقد ضم جناحيه وأخفى رأسه داخلها ...
لقد أتاح له الهدوء النسبي أن يتطلق بخياله نحو الماضي ، حيث اعتادا على اللقاء ، يقفان على ممشى يُطل على منظر طبيعي رائع ، يتكئان على درابزين وُضع هناك ، لكي يتيح للناظرين الاستمتاع بالطبيعة الخلابة . يمضي الوقت بسرعة لا يُحسان به ، يكفيهما من اللقاء ألتملي احدهما بالأُخرى ، وتبادل الاحاديث الشيقة والاستمتاع بجمال الصمت والطبيعة .
طالت فترة الهدوء ، وجمح بخياله بعيدا رغم أنه لم يجرؤ من قبل على ذلك ، لقد أباح لنفسه هذه المرة أن يُعانقها ويقطف من ثغرها قبلة احلى من الشهد وازكى من رائحة الياسمين ، لقد استمتع بلقائها كما لم يستمتع من قبل ، أعطى لنفسه الحق في امتلاكها ، لم يعرف من اين واتته هذه الجرأة المُفاجئة ، من المحتمل بأن الحصار قد زوده بطاقة على التحدي واقتحام الصعاب ، شعر كما لم يشعر من قبل بقدرته عل الفعل وأستمد من هذه الحالة الطارئة رغبة في الانطلاق لملاقاتها وليكن ما يكون ! حتى لو خرج اليها حافيا عاريا كما ولدته امه ، ولو أُضطر الى أن يدفع مقابل ذلك حياته التي اكتسبت معنى جديدا واضح المعالم والتفاصيل .
ودوى صوت قوي ايقظه من حلم اليقظة أو يقظة الحلم ، واندفعت قذيفة مقتحمة الهدوء الذي استكان اليه ، فوقع القفص ارضا ، وانفتح بابه ففرد الكناري جناحيه وطار بعيدا عبر الفضاء باحثا وكما يبدو عن رفيقته !! فتبعته عصفورة نفسه علها تلتقي بعصفورة نفسها ويحدث التمازج معها ، ويستطيع مخاطبتها كما تشتهي نفسه والتقاءها ولو روحيا او زهرة في الربيع .



#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دمعة حرى وابتسامة متشفية ..!!
- حيطان ، أذان وانا غضبان ..!!
- وداعا جميلة
- جزيء بوغز والديالكتيك ...!!
- شمعة لا تنطفئ ..!!!
- المجد للشهداء ..؟؟!!
- لماذا نكتب ؟؟ رد على مقالة الاستاذ سائس ابراهيم
- مؤتمر -تعدد الزوجات والزواج المبكر في المجتمع العربي -اسباب ...
- نساء محظوظات ،ونساء ناقصات ..!!
- الافتقاد للنزاهة العلمية : رشيد مغربي نموذجا ..
- الحجاب الأسود وحجاب التسطيح ...
- جبهتي يا ظافرة ؟؟!! في انتظار اصوات الجنود ..
- الشيخان (قوجمان والنمري ) والمُتصابي أحمد فؤاد نجم
- النقائض وثوريو الشرق ... في نتف الريش المُتبادل
- صناعة سوفييتية - في تسطيح مفهوم العمل ووأد الدافعية
- صناعة سوفييتية - الانسان الجديد 2
- صناعة سوفييتية -في بناء الانسان 1
- صناعة سوفييتية - في النقد الذاتي
- عيدية الحكومة للرأسمال الكبير ..
- السعيد ، كل يوم عنده عيد .


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قاسم حسن محاجنة - الحصار - قصيرة قصيرة