|
حكايا و أساطير من رُبى كرمسير /1
احمد الحمد المندلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 4269 - 2013 / 11 / 8 - 12:29
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
بسم الله الرحمن الرحيم حكايا و أساطير من رُبى كرمسير /1
المقدمة: **الأسطورة نوع من القصة الشعبية المنقولة شفاهياً،لا مؤلفاًَ معروفاً لها.يمتزجُ في نسيجِها الواقع بالخرافة،و تُروى بأساليبَ متنوعة ، تتناقلُها الألسُنُ منذُ آلاف السّنينَ،و تعكسُ الصراعُ بين إرادة ِالخير و إرادة الشّر.. و روح العداء و روح الإصلاح ..فتتوارثُها الأجيالُ تُراثاً شعبيّاً أدبيّاً،يرويهِ القصّاصونَ في الليالي،بهدفِ التّسلية،وكذلك الامهات لأطفالهن للتهدئة ،و الشيوخ للأحفاد و الفتيان لأخذ الحكم و النصائح و غيرها من المجالات الحيوية في المجتمع.و لكلِّ أُسطورةٍ أساسٌ و مغزى و أسلوبٌ،أمّا مضمونُها فهو التّنديدُ بالظّالمينَ و المجرمينَ الذينَ يعيشون على الإستبداد و الفسادِ.و عادةً ما تنتهي الأُسطورةُ أو الحكايةُ الشعبية بفوزِ الخير على الشّرِ،و الإنسان البطل على الحيوان المتوحش،و هكذا في بقية المجالات.و المجتمع الكوردي في منطقة كرميان أو كرمسير له أساطيره الجملية و حكاياته الرائعة بنفس الأهداف السابقة (الصراع بين الخيرِ و الشرِّ)، وزرع بذور المحبة و الصلاح في نفوس الناشئةنو نبذ الكراهية و الروح العدوانية ؛و غيرها من الفضائل و مكارم الأخلاق..و خلال رحلتي الثقافية (معايشة و قراءة) أصبحت لدي مجموعة من تلك الاساطير و الحكايا .و سميتها: (حكايا و أساطير من رُبى كرمسير). نبدأُ بسرد قسمٍ منها مع ذكر المنطقة التي ولدت فيها الأسطورة أو الحكاية ،أو اشتهرت فيها: الحكاية الأولى: جنّي الجبل يذكرها الدكتور محمد تقي جون كالآتي: ** توجد خرافات و أساطير و حكايات كثيرة عن الحب و البطولة و أحاديث عن الجن ،و هذه الأحاديث لقربهم من تصديقها كل من يقصها يدّعي انها وقعت معه أو يضيف اليها بقدر،أو يدّعي أنه رأى الجن فكأنها إذا لم تقع له الآن ستقع له في المستقبل، و منها : و من ذلك ما روي عن شخص إدّعى أن الحادث وقع له في جبال بشتكو،إذ يذكر المتحدث أنه دخل في غار (ئشكه فت) و معه غزالة صادها ،أخذ يقطع اللحم ليسلكه في سفود (صيخ) من أغصان الشجر القوية .و إذا بجنيٍّ يدخلُ عليه ؛ كان قصير القامة جداً و عيناه بوضع طولي و شعره كثيف يصل الى الأرض . و طفق الجنيُّ يقلد حركاته بالضبط و يأكل معه و كأنه داخل مرآة في تقليده أي حركة وأي تصرف يقوم به هو. عندها خاف الرجل و تأكد بأنه جنيٌّ (طنطل) ،و إنه سيقضي عليه لا محالة .و بعد تفكير توصل الى تدبير،فمدَّ يده الى قطعة شحم ،ثم قربها من النار حتى أخذت تذوب ،ثم قربها من شعر رأسه ،فما كان من الجنيّ إلا أن فعل الشيء نفسه ،و لكنه مسح الشحم بشعر رأسه الكثيف فعلاً و لم يقربه كالرجل . و بعدها أخذ الرجل عوداً أشعله بالنار و قربه من شعر رأسه أيضاً ، فما كان من الجنيّ إلا أن أدخل العود المشتعل في رأسه ،و عندها اشتعل شعره و صار الجنيّ قطعة نار هائجة . حاول الجنيّ أن يطفئ نفسه بلا فائدة ،فخرج من الغار و هو يصيح بصوت قويٍّ رددته الجبال و زاد من صداه الإنفجاري الليل الساكن ،و كان يصيح (من بخوه م كردم = أنا فعلتُ ذلك بنفسي)، عندها تخلص الرجل من جنيّ الجبل (1). ***** الحكاية الثانية: معزة هياس **يُحكى أنَّ أحد الإقطاعيين المتنفذين في بعض مناطق تواجد الكورد في الزمن الغابر،والذي كان يطلق عليه مصطلح (كيوخا) و يعني عمدة البلد. كان يمشي في سوق البلدة مع نفر من أتباعه الذين كانوا يرافقونه و يسيرون خلفه،فرأى فتاة جميلة شغف فؤاده حبُّها، و أراد أن يمتلكها و الزواج بها ،إلا أنّه سأل عنها فعلم أنَّ الفتاة متزوجة من أحد الفلاحين يدعى (هياس) فتشاور مع المقربين من أتباعه بكيفية الزواج من هذه المرأة الجميلة.. فاقترح عليه أحدهم أن يدبّر مكية للحصول على هذه المرأة ، و ذلك بأن يستدعي زوج هذه المرأة هياس و يتراهن معه على مبلغ من المال قدره ألف دينار في حالة فوزه،مقابل طلاق زوجته في حالة خسارته كي يتزوجها (الكيوخا)،وقد قبل هذا الرجل الفقير مرغماً كونه لا يستطيع رفض طلب هذا الإقطاعي . (و فحوى الرهان هو جلب معزة،و إيداعها في بيت هياس و تقديم أحسن العلف لها لمدة شهرين من قبل أتباع الكيوخا،فإذا زاد وزن المعزة عن وزنها الأصلي الذي كانت عليه قبل مدة شهرين،فأنَّ هياس سوف يخسر زوجته الجميلة؛وإذا لم يزد وزن المعزة خلال هذه المدة فأنّ هياس سوف يربح ألف دينار مع الحفاظ على زوجته). فهرع هياس مسرعاً الى منزله كئيباً حسيراً مغتمّاً ،فسألته زوجته عن سبب هذا اليأس و القنوط و الإحباط الذي أصابه فجأة؛ فشرح لها قصّة الرهان مع الإقطاعي . ففكرت زوجته الوفية طويلاً بهذا الموضوع،و كيفية النجاة من هذه المعضلة الكبيرة،وكانت تحبّ زوجها حبّاً جمّاً،وأخيراً اهتدت الى فكرة ذكيّة و هي: أن تجلب ذئباً و تربطه بالقرب من المعزة بعد أن يغادر المكلّفون بتغذية المعزة يومياً . فالمعزة بعد أن تعلف جيداً يومياً و بمجرد أن يقع بصرها على هذا الذئب الجائع الهائج المفترس تكاد تفارق روحُها جسدها من هول الموقف و خوفها الشديد من الذئب،فتلفظ ما تأكله يومياً من ذلك العلف الكثير،وجرت الحال على هذا المنوال لغاية إنتهاء مدة الشهرين المتفق عليهما حسب شرط الرهان،فتهيّأ الإقطاعي(الكيوخا) مع حشد من أتباعه..وكلّه أمل و ثقة بالفوز بإمرأة هياس الجميلة،ألا أنَّه سرعان ما ذهبَت آماله أدراج الرياح ،و بهت مدهوشاً بعد أن رأى بأم عينيه بأنَّ المعزة ظلّت محتفظة بوزنها كما كانت هي قبل شهرين.. فخسر الرهان،وسأل الفلاح هياس بعد أن عاهده بالأمان ومنح قطعة أرض زراعية له إذا ما باح له بسرّ بقاء المعزة على وزنها دون زيادة أو نقصان، فحكى له هياس فكرة زوجته الوفية بجلب الذئب و ربطه مع المعزة كلّ يوم بعد علفها،فضحك الإقطاعي،وأوفى بعهده..فأصبح الكورد الفيليون يضربون المثل بالشخص الذي ينعم الله عليه بالخير العميم فيبقى محافظاً على حالته السابقة و لم يتغير نحو الأفضل بقولهم للشخص:(إنّك مثل معزة هياس) و باللغة الكوردية – اللهجة الفيلية (ت و كو كيكسي هه ياسيد)..(2) احمد الحمد المندلاوي باحث في الفلكلور الكردي الفيلي Ahmad.Alhamd2013 @yahoo.com ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الهوامش: 1- قصة الكورد الفيليين /د.محمد تقي جون .ص 160 2- صحيفة صوت الفيلي العدد: 49 في 2/11/2009م .
#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عشيرة اللَّك:عمق في التاريخ
-
الأسماء الشعبية للكورد الفيلية/1
-
ليتَ الحضارة..
-
القلبُ و البوّاب..
-
مالي فتنتُ بقدك المياس!!..
-
أتدري من أتاك يا بحر جاوة..؟؟
-
قيمتها كالماء..
-
لطائف من الأشعار المتبادلة بين علماء النجف/ 3
-
لطائف من الأشعار المتبادلة بين علماء النجف/ 2
-
لطائف من الأشعار المتبادلة بين علماء النجف/ 1
-
عرفناك نسراً..
-
أمثال كردية من مندلي/قسم 3
-
تباهي العلب الفارغة..
-
فم العذارى..
-
يا أمَّ أحمدَ ..
-
إنَّما الدنيا لديَّ
-
روضة نوروزية
-
من آلامِ تفجيرات رمضان
-
مُدانٌ ..مُدانْ
-
أندرياس
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|