أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد الحافظ الغلبزوري - أصداء لا صوت لها














المزيد.....


أصداء لا صوت لها


عبد الحافظ الغلبزوري

الحوار المتمدن-العدد: 4269 - 2013 / 11 / 8 - 08:43
المحور: كتابات ساخرة
    


أصداء لا صوت لها
إنه يوم الجمعة، نغتسل ونتعطر ويلبس بعضنا البياض ، وفي المسجد نتخطى الرقاب لنبلغ الصفوف الأمامية، مقدمين بذلك الدليل على ورعنا ، وتحذرنا ملصقات على الأعمدة أن نضع الحذاء أمامنا، فلا مسؤول هناك عن ضياعها ! نتبلد أمام خطيب متشدق، يحس بنفسه أكثر من إحساسه بما يقول ، لقد زاد المنبر لقامته أمتارا إضافية، وفي الخطبة يحثنا على الزهد في الدنيا ، وينبئنا عن حديث منكر ونكير ، نتثاءب لطولها، ونصلي على الرسول متى ذكر أجمعين ، ثم ندعو بالحفظ للأمير .
ونقوم للصلاة ، نصطف لنكون كأسنان المشط سواسية ، وينهر بعضنا البعض لملء الفجوات ، وبلحن خاص تقرأ الآيات - ظاهريا على الأقل – يبدو أن الخشوع قد تحقق.
ونتزاحم عند الباب أثناء الخروج – نضيق ذرعا ببعضنا -، مع السلام ينطقها الإمام ، تعلو أصوات الباعة على أنين البؤساء من الأرامل يمسكن أيتاما نياما متسخين ، ومن المعطوبين بيد أو رجل واحدة ، وممن يشهر في وجهك وصفة طبية كتبت في السنة الماضية لإجراء عملية جراحية، ويبكي ! الكل يعلم أنه لابد مما يقدمه من ضمانة ، بعض "المحسنين" يطوف عليهم جميعا ، لا يحرم أحدا من درهمه، ما ينفقه يبدو ضئيلا مع سيل الدعاء بالرحمة الذي يلاحقه.
ننتشر في الأرض ، وتجذبنا إلى واقعنا أكثر ، فننسى جهنم وننسى الجنة . ونحن عائدون إلى البيوت ، نترافق في الطريق إخوة غرباء ، نغتاب بعضنا وندعو بالخير عند الافتراق ، ونمسح على رأس طفل صغير يلعب عند رأس الزقاق ، ونتملى جلبابا منحسرا أمامنا ، يستفزنا لضيقه، ثم نغض بصرنا وقد نستغفر الله عن الزلة .
وبين لقمة وأخرى ، نتابع على الشاشة مسيرة النماء يستكمل صرحها لبنة لبنة .
تقرير عن مستشفى جرت إعادة طلائه ، ووزعت على المرضى أغطية جديدة ، وقالوا : " الحمد لله ، لقد تحسنت الخدمة ".بعده ، نشاط تحسيسي حول "حقوق المعاق" ، يتحدث المحاضرون والمتدخلون والمنتفعون إلى "كومبارس" أمامهم مقعدين على كراسي متحركة ، لا يفهمون عنهم ما يقولون حول "تحسين الولوجيات "و"المواثيق الدولية" ، لا يهم فقد جيء بهم لتوثيق الحدث وأخذ الصور لتعزيز ملف الجمعية .
ينفض الجمع ، ويدفع أب بئيس عفيف كرسيا مهترئيا لإبنه الذي يمسك بيديه قنينة ماء صغيرة ، يتشبث بها ، أعطيت له مكافأة لحضوره واعترافا رمزيا بوجوده – وكم فرح لذلك -، مع صرير العجلات كان الأب شارد الذهن ووجه ابنه السمح مع براءته وبالرغم منها ترتسم عليه أسئلة. وكان "المقدم" الذي حضر اللقاء قد استلم التقرير فورا، وسجل في مذكرة صغيرة من كانت له من المتدخلين نبرة عالية.
واختتمت النشرة كالعادة بالدعوة إلى توخي الحذر وعدم الإفراط في السرعة ، وأظهرت حادثة سير مروعة فامتعضت وجوهنا وتأسفنا وقلنا: " حفظك يا رب ، الحمد لله على العافية".
وودعتنا المذيعة بابتسامة اضطرها خلل تقني غير متوقع إلى إطالتها، وجمعت الأوراق أمامها بانزعاج بعد تصحيح الخطإ وتجاوز الورطة.
وعلى إيقاع الموسيقى الأندلسية تمددنا في كسل وغفونا ... وبقيت القطة تنظر من أسفل الطاولة إلى المجموعة بلا مبالاة واضحة، وبدون أدنى رغبة في التجاوب .



#عبد_الحافظ_الغلبزوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه ...
- تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل ...
- تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون ...
- محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا ...
- الفيلم الفلسطيني -خطوات-.. عن دور الفن في العلاج النفسي لضحا ...
- روى النضال الفلسطيني في -أزواد-.. أحمد أبو سليم: أدب المقاوم ...
- كازاخستان.. الحكومة تأمر بإجراء تحقيق وتشدد الرقابة على الحا ...
- مركز -بريماكوف- يشدد على ضرورة توسيع علاقات روسيا الثقافية م ...
- “نزلها حالا بدون تشويش” تحديث تردد قناة ماجد للأطفال 2025 Ma ...
- مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد الحافظ الغلبزوري - أصداء لا صوت لها