|
يا وجيهة لو سمحتي ركبيني
يحيى الأمير
الحوار المتمدن-العدد: 1217 - 2005 / 6 / 3 - 07:00
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
مع أن مضيفة الطائرة لا تملك شيئا في شأن الركاب ولا في حجزهم والسماح لهم بالصعود أو الهبوط لكنها كانت محور أغنية الراحل طلال مداح : يا مضيفة لو سمحتي ركبيني .. واحذفيني بين رصات المقاعد وهذه المناشدة نوع من إحالة الأمر إلى غير أهله ، والتعلق بمن لا سلطة لهم لإقناع الذات أنها تعلقت وبحثت واجتهدت هذه الأغنية مثال على صوت عاطفي لا عملي ولا معرفي كان في نظري أقرب شيئ إلى مقال الأستاذة وجيهة الحويدر ( فضوها سيرة )والذي جاء صراخا فارغا لا مقام فيه لأي اعتبار ظرفي أو ثقافي حيث أنها تريد أن تنتزع الحق انتزاعا ، والتي أرادت أن تقول فيه كثيرا وبدت لا تتوقف عند حد أو نتيجة معرفية معينة هي خلاصة المقال ، الذي انتهى بلا شئ وتحول إلى تسفيه وتحجيم بحجة أن كل من تحدث في هذه القضية يزايد عليها وعلى النساء وجيهة الحويدر تعلم أن مسألة قيادة المرأة للسيارة ، ليس قضية نسائية فقط ، بقدر ما هو شأن وطني واجتماعي عام ، تماما مثله مثل البطالة وسوق العمل والتعليم التي لا يمكن لأحد أن يلوم وجيهة الحويدر إذا كتبت عن التعليم أو عن الإرهاب أو التطرف بحجة أن من شأن الرجال ولن نسمح للمثقفات أن يلمعن أنفسهن على حساب قضايا الرجال لأن الرجال ليسوا قصّرا في ذلك ، تماما مثلما تطالب هي من المثقفين الكف عن الحديث في قضاياها لا أجد متعة الآن في هذا الرد لأنه لا يوجد محور معرفي يمكن استخلاصه من المقال ، إنما ، إذا قالت وجيهة فاسمعوها : نحن النساء السعوديات لسنا قاصرات، ولسنا اقل شأنا من نساء العالم، ليأتي كل من هب ودب ويتكلم عوضا عنا ويزايد على حقوقنا أولا .. لا يعني أن يطرح موضوع قيادة المرأة للسيارة من رجال على أن النساء قاصرات ، لأن هذا الطرح وغيره من الأطروحات أنما تهدف إلى تفعيل الشراكة عامة مما يجعل حديث النساء عن الرجال أو العكس ليس محل نظر ثم أن نساء العالم اللواتي تستشهد بهن وجيهة لم يقفن أصلا هذا الموقف من الرجال الذين اشتركوا معهم في بحث قضاياهن ، فلم يحدث أن قالت امرأة مصرية مثلا لقاسم أمين أنه رجل هب ودب ليتحدث عن قضاياهن ويلمع نفسه على حسابهن لا أتصور أن محمد آل زلفة أو غيره مهما كان الخلاف معهم هم ممن هب ودب ، ولا الكلمة أصلا بقائمة على أسلوب حوار حضاري ليصبح الذي لا نتفق معه عبارة عن فرد هب ودب خاصة أنه لم يتحدث عوضا عنهن ، ولم يقدم حديثه على أنه كاف وواف لا على ارمأة أن تتحدث بعده ثم تزيد وجيهة : لن نسمح لكم أبدا يا سادة يا مثقفين أن تلمعوا وتبرق أسماءكم على حسابنا. نحن لم نخول أحدا ولا نريد أحدا أن يتحدث عنا وعن أمورنا خارج المواثيق الدولية التي أقرّتها بلدان العالم ومنها السعودية. فنحن لا نقبل أبدا أن تُطرح قضايانا خارج ايطار الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، وبدون الوثيقة العالمية لمكافحة التمييز ضد المرأة. فالطرح الذي عرضه الدكتور محمد آل زلفة على مجلس الشورى مرفوض جملة وتفصيلا، لأنه ساوم فيه على الحقوق الشرعية للمرأة، فالحقوق لم تُقدر قط بالمال، ولم تُحسب أبدا بمعايير الربح والخسارة. كيف يمكن فهم رأي كهذا ، إن وجيهة الحويدر تتحدث بلسان ذكر بدائي ، لا بد أن يدخل إلى ما يراه إثارة لا نصيب له فيها حتى ولو كان دخوله مجرد غبار ، وهو نوع من استحضار النموذج البدائي ( للحرمة) الذي يفترض بوجيهة أنها قد تجاوزته، أما المطلب من هذا المقال وهو أن لا تناقش حقوقهن إلا داخل الإطار العالمي لحقوق المرأة ما معنى : لم نخول أحدا ؟ معناه أن وجيهة تتهم ذاتها أصلا بنموذج المرأة المحتاجة إلى ولي فتختلط لديها الولاية التي يبدو أنها تعانيها كثيرا مع ما هو حراك ثقافي واجتماعي ، إنها تماما مثل الذي يرفض الماء لأنه قد تسبب في غرق أحد أقربائه فيفضل أن يموت عطشا على أن يشرب ، وهذه أكثر أشكال التفكير بدائية ونمطية وما معنى أن الحقوق لا يجب أن تناقش خارج الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ، وبدون الوثيقة العالمية لمكافحة التمييز ضد المرأة ؟ إن هذا نوع من التعلق بالإعلامي والمنتفخ فراغا أكثر من البحث عما هو مجدي وحقيقي وواقعي الأكثر سذاجة حين تتوصل إلى أن ما قدمه د/ آل زلفة من طلب في مجلس الشورى مرفوض جملة وتفصيلا لأنه زايد على الحقوق الشرعية للمرأة !! والحقوق لم تقد قط بالمال ولم تحسب أبدا بمعايير الربح والخسارة هذا الكلام العام والمرتبك لا أرض له أصلا ، وهو مجرد غبار رديئ ، إذ لا يمكن القول أنه حين قال بهذه القضية فإنه زايد على حقوق المرأة ، إذ لا شاهد ولا دليل على المزايدة ، إذا كانت وجيهة تعرف ما هي المزايدة أصلا . وما دخل المال في هذه القضية ولم يطرح ابن زلفة رأيه هذا انطلاقا من أنه يريد أن يوفر للدولة 12مليار ريال ، وإنما كان أبرز ما قام به الدكتور وهو ما استلزم هذه المعلومة أن طرحه ضمن قانون المرور وهو تنزيه للقضية من أي تديين كان قد لحق بها أو سيظل يلاحقها ولا يمكن أن يأتي ذلك إلا إذا طرحت القضية وفق أبعاد اجتماعية وثقافية واقتصادية حفاظا على القضية من أي بعد ديني قد ينسفها في أي لحظة ثانيا .. ترى وجيهة أن الدكتور انطلق من تعليل مهين للمرأة ومحقر لها وهو مسألة الخلوة مع السائق ، ثم تتساءل وجيهة : أي سخف وأي هراء هذا ؟ طبعا يستطيع أي فرد أن يصف أي قول بأنه هراء ، لكن الدكتور حين تناول هذه القضية لم يطرحها من جانب الخوف أو الاستخفاف وإنما أبرز بديهيات التناقض في خطاب التحريم الذي يلاحق هذه القضية ويهيمن عليها ، وهي نقطة تأتي في سياق كشف بطلان التحريم وتناقضه مع نفسه ، لكن وجيهة التي ترى أن هذه الكلمة عار واستخفاف إنما كانت تمثل دور الذكر الذي يدافع في غير لحظات الدفاع ، ويتخذ من مبررات النقاش تهما يرى هو أنه معني بها ، وأنها موجهة إليه إنني بلا شك لا أن أقول بالخشية على المرأة الواعية من مسائل فقهية رلديئة كالخوة والمحرم وغير ذلك ، وخاصة إذا كانت هذه المرأة هي وجيهة ولم يأت الدكتور ويكتب مقالا عن ضرورة طرد السائق لأنه يختلي بنسائنا وإنما جاءت هذه النقطة كحجة في سياق بحث أحقية أن تقود المرأة سيارتها ، وإذا كان ما يمنع هذا الحق هو موقف فقهي فكيف يقع الموقف الفقهي في أكثر المسائل التي يتحرج هو منها ، ويدعي بأن رفضه لقيادة المرأة السايرة خوفا من المحظور ، أفلا يقع المحظور - كما يراه هو - في حالة كهذه ، ثم ذهبت وجيهة إلى نماذج بدائية كآسيا زوجة فرعون ومريم وغيرهن وهو استشهاد بدائي لا مكان له ، وأنا شخصيا يكفيني أن أستشهد بأي امرأة سعودية على أن أستشهد بتلك النماذج الأسطورية لأن قضيتنا ليست في حليب حليمة ولا دراهم خديجة ، ولا مكان أصلا لهذا الاستشاهاد لا سياقيا ولا معرفيا وليست أصلا بطريقة مثلى للدفاع عن قيمة المرأة خاصة أنه دافع واهن لأنه لا ينطلق من موجبات لهذا الدفاع إن وجيهة المؤمنة بأن أقدامها طريق للجنة ،وأن أنهار اللبن والخمر والعسل تكاد تبلل الأرض من تحتها لم توضح ما هي الطريقة التي قال بها الدكتور آل زلفة لتصبح خطأ ، ولا ما معنى أن الحقوق لا تعطى وإنما تنتزع شاء من شاء وأبى من أبى هذا كلام عاطفي متشنج ، يصنف على أنه ردة مدنية وتشنج سافر ، فلماذا لا تذهب وجيهة وتنتزع حقوقها بنفسها ، وما طريقة هذا الانتزاع ومن أن يمكن أن يؤتى ، تتحدث عما تسميه طريقة آل زلفة غير المجدية ، وبالطبع دون أن توضح ما هي تلك الطريقة لا لشئ إلا أن الحويدر تنطلق من موقف لا من رؤية ، وهو موقف يمكن أن يكون دليلا إلى القبض على الجين الثقافي الثائر الذي يحرك وجيهة في مقالتها تلك يتلبس وجيهة في هذا المقال أسلوب أقرب ما يكون إلى وضع ( الضرة) لكنها ضرارة ثقافية ، يصبح الحديث فيها ردحا لا رؤية ، ويصبح الحديث فيها حارا وغير منتج ، وتنتهي غلأى ضياع يفقد كل شئ لكنه يقدم لها شيئا واحدا ، وهو الغبار تتمنى وجيهة الحويدر أن تكون هي التي أثارت هذه القضية وأن تكون هي التي تجني كل هذا الزخم الإعلامي الهائل الذي يحدث الآن مع الدكتور ، بحجة أن الدكتور رجل ، فقط .. هذه هي الحجة ، دون أن تقدم أي موقف نقدي فعلي ، فهي لم تبين أي أخطاء فعلية في موقف الدكتور تستحق منها أن تصفق طربا لإقفال المجلس لهذا الملف وجيهة الحويدر في مقالها هذا هي جزء من الهزيمة النفسية العامة التي غالبا ما تعطي دليلا لكل متشدد لا يرى في النساء إلا ما تراه وجيهة فيهن من موجبات لدخول الجنة ، حيث تقدم وجيهة بمثل مقالها ذلك وثيقة من الصراخ يمكن لأي بدائي أن يحاجج بها السماء بأن نساءا خائفات سائحات قانتات ثائرات لا يعرفن من التحرر إلا مايثير الغبار حول أي مشروع تمسكا بأفكار أصبحت بدائية كفكرة أن المرأة هي من يجب أن تأخذ حقوقها انتزاعا ، وهو كلام يقال مع أبسط درجات الوعي بما هو اجتماعي وثقافي وسائد إن قضايا حقوق المرأة إذا تركت لوجيهة لتنتزعها انتزاعا كما تقول ، شاء من شاء وأبى من أبى فلن تكون جدوى مناشدتنا لها إلا كجدوى مناشدة طلال مداح للمضيفة بأن تحذفه بين صفات المقاعد
#يحيى_الأمير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد اغتيال الحريري ..وفي حمأة التداعيات .. أين سيقف حزب الله
...
-
في المقاومة التقليدية
-
أبناؤنا في الفلوجة
-
أمام الخراب الديمقراطي العربي .. ملكيون .. أم ديمقراطيون خُد
...
-
المجازفات الجهادية .. من رؤية الظرف والمنفعة إلى اتباع صوت ا
...
-
حين يتكرر الرئيس .. هل تجازف أمريكا بعلمانيتها
-
غـــــــــادتان .. نص الكمد
-
في السعودية ..الحرب على الصورة .. الطريق إلى-طاش ما طاش
-
خمسة عشر قنبلة بشرية كانت هديتنا للعالم في بداية قرنه الجديد
...
-
مرة أخرى .. الانتخابات في السعودية بين وعي المؤسسة والوعي ال
...
-
انتخابات في السعودية .. غياب الشرط المدني ووقوع في نواقض الد
...
-
باعة الموت في العراق الجديد - دعاوى الجهاد وصوت المافيا المت
...
-
اسألوه .. عن زبيبة والملك
-
أصدقاء لا يدخلون الجنة
-
الأمريكي من سجان بليد في غوانتانامو .. إلى جلاد بغيض في أبو
...
المزيد.....
-
المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
-
جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا
...
-
في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن
...
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى
...
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %
...
-
نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
-
روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|