أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد الحمّار - تونس: الجري مثل الوحوش وحكومة الريتوش














المزيد.....

تونس: الجري مثل الوحوش وحكومة الريتوش


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4265 - 2013 / 11 / 4 - 13:58
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


"هناك إيديولوجيا تأخذ الكثير من الجهد لزرعها : إنها لا إنسانية حتى أنه من الصعب إدخالها في رؤوس الناس، وهي أن تعتني فقط بنفسك وتنسَى أي شخص آخر. ونسختها المتطرفة هي نسخة آين راند (فيلسوفة وراوئية أمريكية من أصل يهودي روسي: 1905- 1982). في الواقع، هناك محاولة عمرها 150 سنة، تحديدا، لمحاولة فرض هذه الطريقة في التفكير على الناس."

إنّ هذه الإيديولوجيا، كما يميط عنها اللثام نعوم تشومسكي في المقتطفات أعلاه، مطبقة اليوم في تونس وفي المجتمع العربي كافة إن لم نقل في العالم بأسره. و قد يكون سَريان مفعولها في بلدنا قد بلغ الذروة بعد"الثورة" في بلدنا. وهو أمر مضحك حقا. فهو مما يدلّ إما على أنّ الثائرين أردوها ثورة بعنوان "الرأسمالية الفردية"(وهو المصطلح الذي تعرف به الإيديولوجيا)، وإما على أنها ثورة ضد كل أشكال العنف، بما فيه العنف الرأسمالي الذي تستبطنه هذه الإيديولوجيا.

في الواقع لا يمكن بأي وجه من الوجوه أن نسند الاحتمال الأول. فهو غير وجيه بالمرة بل ويتناقض مع الشعارات التي رفعها الشعب في ما بين 17 ديسمبر و14 جانفي من سنة 2011 لعزل الرئيس السابق ومنه للتعبير عن الرغبة في حياة كريمة تتلخص في عبارات "خبز" و"حرية" و"كرامة وطنية". اللهم إلا إذا كان المقصود بأن بالمنتفعين بالخبز سوف لن يكونوا كل الناس وبأنّ الحرية المطلوبة سوف تكون بناءً عليه فقط تلك التي تُرسخ مبدأ الداروينية الاجتماعية والقائل بـ"البقاء للأفضل" أي للأقوى وللأكثر ثراءً (و هو ما يعبر عنه التونسيون في المثل الشعبي بـ "حوت يأكل حوت وقليل الجهد يموت") وبأنّ الكرامة تتمثل في تجويع الأغلبية على حساب أقلية مستنزِفة لخيرات البلاد وذات عقلية كمبرادورية.

يبقى الاحتمال الثاني هو الأقرب إلى طموحات شعب ذي 15 قرنا من الاعتدال والوسطية في كل شيء. لكن يبدو أنّ إرادة هذا الشعب تمّ تزويرها حتى أنها لم تعد قادرة على التعبير سوى عمّا تكنزه النسخة المزوّرة حيث إنّ مجتمعنا يعاني من ظواهر اقتصادية فجة وخارجة عن سيطرة السلطة. وإلا فكيف يُسمح للعديد من ذوي الشغل القار أن يتعاطوا تجارة أو صناعة أو مهنة إضافية تدرّ عليهم بمداخيل مالية تفوق الخيال أحيانا بينما يبقى أكثر من نصف مليون نسمة معطلين عن العمل. وإلا فكيف لا تراقب السلطة من يمتهنون التجارة والصناعة ممن لا يدفعون الضرائب المتخلدة بذمتهم والحال أنّ أسلاكا مثل الموظفين والمدرسين والعملة مضطرون لدفع الضريبة مباشرة من رواتبهم وأجورهم.

إنّ العدالة الاجتماعية، والعدل حسب الفقهاء في الدين أعلى المقاصد شأنا، لا تتطلب فقط الاتفاق حول شخصية مستقلة لتشكل حكومة تسيّر شؤون البلاد في المرحلة الحالية لتوصلها إلى مرحلة الانتخابات المقبلة وإنما تتطلب أيضا وبالخصوص أن تكون الشخصية المفتش عنها والحكومة التي ستنكب على شؤون العباد والبلاد من ذوي التصوّر الثوري العالمي، أي أن تكون دارية ومُلمّة بمضمون وأهداف الحركات الثورية المعاصرة والمناهضة للرأسمالية المتوحشة على غرار "احتلوا وُول ستريت". حينئذ يكون الردّ على قوى الهيمنة الاقتصادية العالمية بمَثلٍ عربي متداول في أكثر من بلد (وفي أغنية جميلة للبحريني أحمد الجميري) "لو جريت جري الوحوش غير رزقك ما تحوش".

في كل الأحوال لا نريد بتنويهنا بمثل هذه التحديات أن نسيء الظن بالفاعلين السياسيين ولكننا نتحسر كثيرا لمّا نشاهد هؤلاء يخوضون في الشؤون الآنية للبلاد بطريقة عادة ما تكون خالية من البُعد الثوري أي أنها تتخذ الديمقراطية فقط بصفتها شعارا لا بصفتها وسيلة للبحث عن سبل النجاة الاقتصادية والاجتماعية المتناسبة مع ظرف عالمي دقيق ومتحوّل. و فهل بعد جري الفاعلين جري الوحوش سيَقبل التونسيون بحكومة "ريتوش"؟



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس: الكُتّاب الفاسدون وعودة الرجعية
- تونس بين الإرهاب والفهم المتجدد للإسلام
- تونس: اغتيال الأمنيين واغتيال العقل
- هل سيخرج التونسيون إلى الشارع؟
- في بلاد ما وراء الشرعية والانقلاب
- تونس: في ضرورة الانقلاب الثالث
- تونس: الإسلام بين اليمين و اليسار والحوار بين النفاق والوفاق
- إدماج الإسلاميين لإنجاح المبادرة الوطنية التونسية !
- تونس على ذيل وزغة !
- تونس وكل العرب: اليوم سهرٌ وغدا أمرٌ
- نحن وأمريكا والربع ساعة الأخير
- تونس أكبر من الأحزاب وأغنى من النواب
- الإسلام السياسي فُضَّ فماذا بقي؟
- تونس ومصر: واقعٌ متأسلم ودامٍ، ونخب منتهية الصلوحية
- تونس: اقتراح بعث سلطة من الفكر الإسلامي لتعديل السياسة
- تونس: إنقاذ وطني بلا سلطة للتجديد الديني؟
- المجتمع والإخوان: طرقُ الباب بلا تطرّق إلى الأسباب؟
- مصر وتونس: انقلاب الضلالة أم انقلاب على العمالة؟
- تونس: على النهضة أن تغير اسمها أو أن تتحول إلى جمعية
- تونس: توحيد العقيدة التشريعية ضمانة الإنقاذ الوطني


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد الحمّار - تونس: الجري مثل الوحوش وحكومة الريتوش