أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عباس علي العلي - ملامح العالم الكوني بعد عالم الحداثة














المزيد.....

ملامح العالم الكوني بعد عالم الحداثة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4265 - 2013 / 11 / 4 - 13:32
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


من طبيعة الفلسفة أن تطرح التساؤلات وتحاول أن تجيب عليها دون أن تبني تلك الإجابات على الاحتمالية والظن وتستعين بالقراءة على أسس العقل والعلم العقلي وهذه هي وظيفته الأساسية والتي يجب أن تدركها في كل مرة وهي تواجه لتحديات الفكرية الإنسانية, فإننا هنا نتساءل معها ما هو تصور العالم الذي سيأتي بعد انهيار فكرة العولمة, وما هي القراءة المتوقعة للأحداث بعد أن أوضحنا أسباب تهافت الفكرة أصلا وعلى عدم ملائمتها للطبيعي والبديهي من حركة الوجود والفكر تأريخيا وعمليا وعقليا, وأظن أن الإجابة ليست من السهولة بمكان من أن نقرها دون فهم أسباب انهيار عالم يبدو للأن قويا ومتماسكا وقادر على المواجهة البينية ومع الأخر المناقض.
ومن البديهي أيضا أن أي فكر يستند في مبررات إنشائه أو إحداثه على عوامل الحرية والاحتكام إلى الزمن ويستمد قوته منه, لابد أن يكون عرضة للتغير والتطور بل وللتبدل استنادا إلى نفس القاعدة وحيث أن العولمة كان للزمن والتأريخ دورا محركا في نشأتها وتطورها فهو ملزم بالتوافق والاستجابة لهذا العامل ولا يمكنه إعفاء نفسه من حكم هو أصلا قابلا لأن يجعل الأشياء تبدو أسرع نحو التطور, ومن هذه المقامية نتبأ بأن العولمة قابلة على أن تشهد المزيد من التغيرات والتبدلات التي قد تطيح بذاتها إلا إذا ظن المنادون بها أنها غاية الكمال الفكري ومنتهى الأبداع الإنساني وإن عوامل الزمن لا تدرك هذا الفكر بالشيخوخة لأنه مصون ومستعصم بكماله الذاتي.
كل تطور فكري واجتماعي وفلسفي لابد أن يرتبط بالذاكرة والذاكرة التي نقصد هي ذاكرة الأنا بوصفها مفكرة ومنتجة للمعرفة, وبوصفها الثاني أنها محل للمعرفة فيبدو أن التجدد الفكري والمعرفي لديها قابل أيضا للاستجابة لعوامل الزمن وما ينتج من تفاعل الزمن مع الفكر هو ميل طبيعي تطوري وارتقائي لا يجعل للبنيان الفكري مجال للاستقرار الدائم ولا يسمح بأن يكون محلها الماضي فقط ,الماضي الذي تناهضه العولمة ومن قبلها الحداثة وما بعدها, يتساءل بول ريكور ويجيب عن هذه العلاقة بين الذاكرة وبين التطور فيقول ((لست أدري لكني لا أقول يا لشقاء التاريخ بالفعل هناك امتياز لا يمكن رفضه للتاريخ وهو الامتياز الذي يسمح ليس فقط بتوسيع الذاكرة الجماعية إلى ما وراء كل ذكرى فعلية، بل كذلك بتصحيح ونقد وحتى تكذيب ذاكرة مجموعة معينة حين تنكمش على ذاتها وتغلق نفسها على آلامها الخاصة بها حتى أنها تصبح عمياء وصماء أمام آلام الجماعات الأخرى وتصادف الذاكرة معنى العدالة في طريق النقد التاريخي)) .
التأريخ عند بول ريكور مسار الزمن وعلاقته بالنقد, علاقة تمتد من الأنا والذاتية لتنتهي عند إجمالي الفكر والمعرفة, فيرى أن التاريخ والمعرفة يسيران إلى جنب دون أن يتخلف المعرفي عن التأريخي بل هو وجه من أوجه التأريخ وجه يفصح عن ماهيات الذات والأنا ((تبقى المسألة الأساسية في كل هذه الأمور مسألة كتابة وإعادة كتابة، مسألة بناء وإعادة بناء، مسألة رؤية، مسألة تأويل ومعنى ذلك، بحسب تنوع أنظمة المقاييس هذه، أن ما يظهر عندما نغير المقياس ليس هو التسلسل، وإنما العلاقات التي بقيت خفية على المستوى الماكروتاريخي إن مفهوم المقياس في الهندسة يهم المؤرخ "لأن عملية كتابة التاريخ هي بمعنى معين عملية هندسية"، ذلك أن "الخطاب التاريخي يُبنى على طريقة عمل ناجز، وكل عمل ناجز يدخل ضمن محيط مشاد سابقا، إن إعادة قراءة الماضي هي إعادة بناء، وأحيانا على حساب تهديمات مكلفة, البناء والهدم وإعادة البناء هي أعمال مألوفة لدى المؤرخ)) .
عندما يكتب مؤرخ عن تأريخ العولمة عليه أن يفكك كما يقول بول ريكور وأن يهدم وأن ينتقد ثم يعود ليبني من جديد هذا البناء وهذه القراءة التأريخية ستتجه دوما إلى قراءة علاقة الأسباب بالمسبب وكشف ترابط العلة والمعلول أنها البحث عن الجذور وعن علاقة هذه الجذور بالنتائج وفق نسغ صاعد ونازل ولا يكتفي بالقراءة العرضية للأشياء, عليه أن يبحث من أصل الحركة ومنشأتها وتوالد ما ينشأ من كل علاقة بعيدا عن التسلسلية التي لا تكفي وحدها لبيان حركة المجتمع ونجاعة منتجه الفكري والفلسفي والسياسي والاجتماعي أنها قراءة عميقة وشاملة لا تترك للمواضيع فرصة الإفلات من التنقيب وحتى الجزئيات الدقيقة ستكون لها حصة في القراءة والبناء والهدم واعادة البناء.
المؤرخ المنصف والذي سيتحمل لوحده مسئولية تبرير وترميز وتحديد القيم التأريخية سيعاني من كثرة التجزئة والنزول إلى أعماق الجذور الشعرية لكل الموضوع باعتبار أن دقائق الجذور هي المسئولة الأولى عن دفع الحياة وهي التي تتحمل نقل العناصر من البيئة إلى أعلى تفرعات الموضوع الخارجية ,ومن تلك التفرعات سيكتشف علاقة الأنا بالعولمة الأنا التي تعني عند من أطلق فكرة العولمة هي الأنا التي تحركها نزعة التزاحم والتصادم مع الأخر ليرتفع إلى الذات الغربية ولمعنى الحرية عندها القائم على نكران الأخر بل محاولة تحجيمه والاستحواذ على مجاله الحيوي, هي الذات التي لا تقبل المنافسة التشاركية ولا ترضى بأن الذات الأخرى هي ذات محمية بالحرية التناظرية وبالتالي فإن سعيها في الوجود هو التخلص منها أو على الأقل تهميش دورها للحد الذي يجعل منها في علاقة محدود في أطار العبودية, الذات الغربية ذات مستبدة خالية من البعد الطبيعي والأخلاقي للكون الإنساني فهي تسير عرجاء تتعكز على وجودها وظل هذا الوجود.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرب السياسي
- إختراق الجدار
- حوار الجدران
- قوة العقل
- أوهام الصراع الغربي مع الإسلام
- النظام العالمي الجديد ومقاربة الصراع والسلام
- الفرق بين مفهوم القوة والقدرة
- أثبات ونفي الموت
- الانضباط والإنضباطية في الفكر الإسلامي الأصيل
- الأحلام مصدر قلق إنساني
- الإنسان وليد البيئة
- الدين قاعدة حقوق وواجبات
- أشكالية الفكر الإسلامي مع النص
- الأختلاف في نظرية الحاكمية
- الأحلام وضروريات العقل
- البداوة وعقدة أوباما
- أمركة العالم الكوني , مخاطر وتحديات
- حتمية الوجود الكوني للانسان
- خصائص العقل الفطري
- الحداثة العقلية ومفهوم التفكر


المزيد.....




- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...
- شاهد ما رصدته طائرة عندما حلقت فوق بركان أيسلندا لحظة ثورانه ...
- الأردن: إطلاق نار على دورية أمنية في منطقة الرابية والأمن يع ...
- حولته لحفرة عملاقة.. شاهد ما حدث لمبنى في وسط بيروت قصفته مق ...
- بعد 23 عاما.. الولايات المتحدة تعيد زمردة -ملعونة- إلى البرا ...
- وسط احتجاجات عنيفة في مسقط رأسه.. رقص جاستين ترودو خلال حفل ...
- الأمن الأردني: تصفية مسلح أطلق النار على رجال الأمن بمنطقة ا ...
- وصول طائرة شحن روسية إلى ميانمار تحمل 33 طنا من المساعدات
- مقتل مسلح وإصابة ثلاثة رجال أمن بعد إطلاق نار على دورية أمني ...
- تأثير الشخير على سلوك المراهقين


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عباس علي العلي - ملامح العالم الكوني بعد عالم الحداثة