أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رشيد كرمه - أيام زمان...شربت الرمان















المزيد.....

أيام زمان...شربت الرمان


رشيد كرمه

الحوار المتمدن-العدد: 1216 - 2005 / 6 / 2 - 13:48
المحور: كتابات ساخرة
    


لبغداد ومعالمها وشخوصها و أماكنها الأدبية فضل على الجميع. ولا ينكر أحد من الأدباء والسياسيين ما لبغداد من دور فاعل على الشعر والقصة والمقالة والأغنية والمسرح والرسم فبغداد عاصمة العراق وحاضنة جميع الفنون, ففيها التقى الفنانون العراقيون مع أقرانهم من مختلف دول العالم وأسسو مدارس وتجمعات رائدة في الفن الحديث وفي مختلف فنون المعرفة , ففي بغداد فـسـحا ً من الحرية التي تفتقدها أكثر ( ألوية ) العراق.
ومن يريد المستقبل الواعد والمشرف عليه الدراسة في بغداد , ليتعلم في معاهدها وجامعته ومن يريد الإستزادة في التعرف على الشعر والشعراء والقصة والرواة , والمسرح والمسرحيين والغناء والمغنيين عليه _ الهجرة _ الى بغداد, التي تحتضن الملعب الرسمي الوحيد سواء الملعب الرياضي او السياسي ومن هناك تخطط الإنقلابات ومن هناك يبدأ مصير الوطن ومن يسيطر على بغداد واذاعتها يسيطر على العراق وعلى الجميع.
وبغداد ومنذ تأسيسها تعانق دجلة الخير وتفخر بأبو نؤاس الشاعر والشارع, حيث تصطف على جانبيه حانات وبارات ومقاهي ومطاعم , وما ان تُخيم تباشير غروب الشمس حتى يتعالى من جرف دجلة صوت ام كلثوم .. أعطني حريتي وأطلق يدي .. وانت الحب ... وانت عمري ..... ولسة فاكر ,وو .. وتنفذ اليك روائح عبقة من التاريخ ومن الحاضر تختلط مع روائح شواء السمك( السمك المسقوف ) وشواء اللحم , وما ان تقترب من حانتها حتى تشم رائحة الأكل العراقي ورائحة ولا كل الروائح انها رائحة العرق العراقي بمستكيها وعصريها بأبيضها واسودها ولم لا ؟ فانه شارع أبو نؤاس الشاعر العباسي الذي نسجت حوله الكثير من الحكايات .
وكان أيام زمان في شارع ابو نؤاس ايضا ً .. محلا ً لبيع الشربت , شربت عصير الرمان وكأنما اسس هذا المحل لإشباع حاجة الناس ممن لا يتقربون الخمر والخمارين أ و انه نوع من تحقيق التوازن في هذا المًعلَََم المهم, رغم أن الخمارين وعند انتهاء حفلات الشرب يقصدون ( جبار ابو الشربت ) ليأتمنوه شارع ابو نؤاس كله وليودعوه على امل اللقاء بيوم جديد واعد بالحرية والحبيب .
ولم يكن أحد يعرف من هو جبار ابو الشربت قبل سنة1960 كما لم يكن شارع ابو نؤاس قد تعرف عليه , إذ كان جبار يكنى (بأبو الوطن ) فلقد عاش وترعرع في محلة المهدية في الحلة ولقد كان مساعدا ً لأبيه الحاج عبود الكاسب والقهواتي في آن واحد وكان حاج عبود قد مارس بيع المرطبات المثلجة في ايام صيف العراق اللاهب سيما وقد اُنشأت في عام 1952 في الحلة شركة مساهمة ّذات مسؤوليه محدده ذ .م .م اسمها ( الوطنية ) لبيع المرطبات المثلجة _ الدوندرمة _ . وكان المنادي خلف العربة الخاصة بحفظ المرطبات هو جبار الذي يجوب أزقة الحلة وأسواقها منادياً ( وطن ...وطن ..برد قلبك بالوطن ) وكان الأولاد يهرعون الى آبائهم وأُمهاتهم :لقد جاء ابو الوطن ..أريد وطن .. وربما يبدأ البكاء ,والصراخ والزعل والعويل( بشأن الوطن )ومن هنا و كعادة مجتمعاتنا أرتبط اسم جبار عبود بمهنته و بما يسهل المعرفة به وأصبح يكنى جبار ابو الوطن .....واصبح أولاده من بعده يحملون لقب ابو الوطن .
وبين عام 1952 الى عام 1960 الكثير من الأحداث منها ثورة 22 يوليو المصرية وانتفاضة تشرين في العراق والعدوان الثلاثي على مصر وبيان فاعلية الشيوعيين العراقيين بتعبئة الرأي العام أزاء ما يجري مما ساعد على الإسراع في قيام جبهة الإتحاد الوطني ومما عجل باسهام لجنة الضباط الأحرار في الثورة في 14 تموز 1958 وكان لابد أن تسمى الأشياء بمسمياتها ,, وماتت مثلجات الوطنية في أزقة الحلة وخرائب الجامعيين. وأتجه جبار ابو الوطن لمهنة أُخرى وهي عصر الرمان وبيعه بعد التعامل مع عصيره وتحويله الى شربت الرمان .
وازداد عدد افراد جبار ابوالوطن واثقل كاهله وتعددت المطالب , فكان لابد من التفكير في مصدر رزق جديد سيما وان الأقتصاد العراقي انتعش لتحرره من الأرتباط _بالإسترليني _ واصبحت عائدات النفط تدر للعراقيين دخلا ً مهما ً واصبحت التغذية المدرسية دليلا عمليا على ماقاله قادة الثورة بان لجميع العراقيين حصة بالنفط وعوائده وتحسنت العمله العراقية وتبدلت من _ عانه اربع فلوس _ الى عملة جمهورية وبقيمة خمس فلوس وترددت ترنيمة _ عاش الزعيم الزود العانه فلس _ على السنة الناس . وأزاء كل هذا وغيره كان لابد من التفتيش عن مكان ٍ ومنطقة ٍ أوفر حظا ً من الحلة ولكون جبار عاشق خمرٍ ويريد ان ينال من الحرية نصيبا ً, إذ لا زال يتحاشى شرب الخمر امام والده الصارم والمتزمت الحاج عبود رغم انه اصبح بالعرف الإجتماعي رجلا وابا لعدد من الأولاد والبنات فوقع اختياره على بغداد وفي محل صغير بجانب سينما السندباد وسرعان ما وجدت بضاعته سوقا رائجا ً مما جعله يستأجر محلا _ دكان صغير في شارع ابو نؤاس_تعتليه قطعة كبيرة ( شربت الرمان لصاحبه جبار ) ولم تمضي فترة طويلة حتى غَلب اسم جبار ابو الشربت على الإسم القديم جبار ابو الوطن..
ومرت الأيام ... ودارت الأيام .. وسهر الناس مع سيد مكاوي.. وكل يدعي هذه ليلتي .. وابو نؤاس يوزع لندمائه الكؤؤس وجبار ابو الشربت يغزو بغداد مع ابناءه الستة بشربت الرمان.ويتسلل في ظلمة ظلماء وحش كاسر,ويرتعب الجميع من دراكولا القرن العشرين , حيث بدأ بامتصاص دماء العمال متلذذاً ومنهم شقيق جبار ( ابراهيم عبود ) والذي لم يكن قد مضى على زواجه اكثر من ثلاثة أشهر, ولقد اعتقلته دوائر أمن النظام في معمل نسيج الحلة لتودعه في تراب الوطن الذي احاله البعثفاشيون الى مقبرة جماعية , ومن هناك ومن الحلة حشروا ما تبقى من عائلة ابو الوطن في سيارة عسكرية ليرموهم على الحدود الأيرانية ‘ ليصارعوا الزمن من عادياته بعدماخطف فرح العراق طوفان فريد لم يرى مثله نوح ومن عاصره , وتغرق الحانات والبارات والمطاعم والمركز الثقافي وابو نؤاس وتختنق الأصوات ويختفي البشر وتتلاشى الروائح العطرة لتحل محلها عوادم المجنزرات المتعددة الجنسيات لتنشر سمومها على ضفاف دجلة وتعود العوائل الأصيلة تبحث من جديد على اعشاشها ومنهم ( رحاب ابراهيم عبود ) لتتلمس ما سمعت عن تاريخ بغداد وحكايا اهلها ولتفاجئ بظهور جماعات همجية جاءوا ليثأروامن بلاد الف ليلة وليلة و من ابو نؤاس وندماءه وليغطوا شارعه بسواد مستورد ٍ من الخارج وتنتشر مفارز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باحثة عن الإبتسامة وألأمل التي أخذها معه جبار ابو الوطن أو جبار ابو الشربت حينما توفي كمدا ًوحيدا في بيت من بيوتات المشتل في بغداد ليلة 28 /5/2005 .



#رشيد_كرمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يـسـاراً حتى جبل لزيتون.....
- محبتي لكم اينما كنتم
- العلنية والمكاشفة طريق الشيوعيين الى الجماهير
- لا للديمقراطية الطائفية
- الترياق في العراق
- وعند عشتورة الخبر اليقين
- مناشدة ونداء موجه الى قوى الديمقراطية والى الشعب السوري
- قدسية الوطن ...وأعتصموا بحبل الوطن ولا تتفرقوا
- حيدر وعشق العراق
- الأكراد الفيلية وقود الأحزاب الثورية الوطنية ومحركها الأرأس ...
- لمصلحة من يجري تجاهل الشيوعيين العراقيين؟ ولمصلحة من يجري تج ...
- لمصلحة من يتم تجاهل تاريخ الشيوعيين العراقيين ؟
- الى عمال بلادي ............ الى عمال العالم.............. لك ...
- ممارسة مرفوضة
- الدكتاتورية أسهل ولكنها مدمرة وقبيحة .أليس كذلك؟
- لماذا نحتفل في عيد المرأة
- تحية لكم ....سلاماًًًً....مجداً
- المرأةُ ... الحرية_ أساس الصراع مع الرجعية
- الفرق كبير جدا
- ديمقراطية على الطريقة السويدية


المزيد.....




- الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
- ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي ...
- حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رشيد كرمه - أيام زمان...شربت الرمان