|
برجوازية طفيلية وحكومات فاسدة ..؟
فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي
(Fuad Alsalahi)
الحوار المتمدن-العدد: 4263 - 2013 / 11 / 2 - 22:45
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
برجوازية طفيلية وحكومات فاسدة ...؟ يتضمن هذا المقال قرأة اولية في مظاهر التغيير الاجتماعي والقيمي وفق فاعلية اقتصادية وسياسية من خلال ممثليها وهم ممن لم يكتمل نموهم المدني والثقافي بل ولم يكتمل نموهم الوطني والسياسي. فمن ينظر بهدوء وبتمعن للمشهد العام في البلاد سيجد اننا امام تجار ازمات وتجار حروب .. تجار يبيعون السلع والارض والمبادئ في آن واحد ،، والاصل عندهم المكاسب المالية فقط لاغير ..انظرو الى مايحدث في المدن اليمنية -العاصمة نموذج- تمتلئ العاصمة بمعارض السيارات معظمها مهربة وبمحلات جديدة للسلع الاستهلاكية المظهرية وبانواع جديدة من المطاعم والمقاهي تفوق حاجة المدينة وقدرات سكانها ،، زد على ذلك تدفق الاف من المهاجرين من دول عدة لاحاجة لليمن بهم ولاقدرة لاستيعابهم .. فاليمن يعاني من زيادة في السكان ومعدلات عالية من الفقراء والعاطلين (بطالة سافرة ومقنعة بما في ذلك بطالة خريجي الجامعات والمعاهد ).وهنا يكون للسؤال مشروعيته من مصلحته الدفع بمهاجرين عرب وافارقة الى داخل اليمن ..هل هم احزاب ام مراكز قوى تابعة للخارج ام عملية بيزنس ذات نطاق اقليمي ودولي تجعل من اليمن ساحة لها ..من مصلحته تأسيس جامعات ومعاهد وكليات تغرس التطرف الديني والمذهبي ...ومع ضعف قدرات اليمن من الكوادر المؤهلة في الجامعات كيف تستقبل اليمن طلاب من اكثر من خمسين دولة ومن يشرف عليهم وما خطورة هؤلاء على الامن القومي للبلاد وهل هم محل مراقبة او معرفة من قبل الجهات المختصة .. ومن مصلحته ايواء جماعات ارهابية متعددة الانتماءات . لقد تزايدت المدارس والجامعات وتزايد الغش وشراء الشهادات حتى مسؤولين كبار يشترون شهادات من اجل الوجاهة .ان صنعاء كما غيرها من المدن تظهر نوعا من التوحش تجاه مواطنيها ..فهي كغيرها من المدن تعلي من قيمة الاستهلاك بدون النظر الى الدخل ومصادره .ولايستطيع موظف من راتبه شراء سيارة او شقة او قطعة ارض محدودة حتى لوكانت لبنتين (اللبنة قيمتها اكثر من مليون خارج العاصمة بثلاثين كم) ..هنا يكون المجال مفتوحا لانهيار القيم الاخلاقية من اجل الكسب المالي خارج القانون وخارج الاخلاق والشرع ..ولايستطيع ايا كان ممن يمتلكون سيارات ومنازل كبيرة الا ان جمع ماله بطرق غير قانونية ..فلا وزير او وكيل اونائب او مدير الا وتفنن في ابداع وسائل واليات تمكنه من نهب المال العام واستغلال الوظيفه العامة . كل هذه المتغيرات نجم عنها تغييرات مماثلة في الاخلاق واهتزاز منظومة القيم الدينية والاجتماعية (فالنفاق والتملق والرياء والكذب والمجاملة والاحتيال وتفنن اطلاق الشائعات بين الاصدقاء وزملاء العمل والغدر والخيانة ) وهنا لا اجد عملا ايجابيا واحدا للاحزاب التي تدعي انها تنشر الدعوة والهداية والتي يسميها البعض بالمتأسلمة ولا اجد عملا ايجابيا واحد للمساجد (عدا الصلاة في طقوس شكلية) والمدارس ..المجتمع اليمني تتزايد فيه عمليات التغلغل الراسمالية بصورتها الاستهلاكية -المادية- وتنهار وفقا لها منظومة الاخلاق ..ومع تزايد عمليات الفساد ونهب الثروة الوطنية والتوظيف عبر الارتباط بمراكز القوى وحلفائهم يهرول الكثير نحو امتلاك المال وهنا تكون الهرولة وفق قاعدة ومدباء تم سنه من مراكز القوى والحكومات ومضمونه انه من يريد وظيفة ومركز كبير (وجاهة) أومال اكثر عليه ان يتنازل اخلاقيا (لكي تكون غنيا -ومليونيرا- عليك ان تتنازل اخلاقيا )..ومن هنا يكون السبب الرئيسي في مسار انهيار القيم وانتشار الجريمة الاخلاقية (تجارة الجنس) والمخدرات وانتشار السلاح والقتل وفق تصفيات خارج القانون .. ومن هنا يتم استقطاب الشباب في مهام وممارسات غير انتاجية لكنها تصب في مصلحة مراكز القوى وهو الامر الذي شهدناه خلال العامين الماضيين في استقطاب عدد من الشباب والدفع بهم نحو مهام متعددة ضمن مشاريع ومؤسسات تمتلكها الاحزاب ومراكز القوى ومن هؤلاء بعض ممن تم ترشيحهم لمؤتمر الحوار وهم ما كانو معروفين لاحد في عموم الساحات وبعضهم كان طوال عام 2011 خارج اليمن ونحن نرى مواقفهم نحو مراكز القوى واعتماد اطروحاتهم في الحل السياسي وهنا يستوى كلا الجنسين (ذكورا واناثا) .. من يعمل جولة داخل صنعاء سيجد فيها مئات المهن الحديثة التي لانعرف من المستفيد منها ومن يمولها او يمتلك راسمالها ،، ومن يرى كبار المولات التي تمتلئ بسلع وملبوسات حقيرة في شكلها ولاتتصف باي مظهر من مظاهر الجودة وهي عبارة عن بواقي المصانع الاسيوية التي يتم جمعها عبر كبار التجار من مراكز القوى وبيعها داخل اليمن في مولات كبيرة وبعضها عبر الباعة الجائلين في الازقة والشوارع .. في بلادنا كما دول الربيع صراع سياسي كبير اهم ابعاده انه صراع اقتصادي بين مختلف مراكز القوى والمؤسسات التجارية والمالية والجميع يسعى للحصول على حصص اقتصادية وهنا ظهرت مجموعات جديدة سياسية تستند على قاعدة جهوية تستدعيها للحماية والمساندة من اجل فرض وجودها السياسي والاقتصادي .وللعلم في بلادنا –وعموم المنطقة العربية-تزاوج السلطة بالبيزنس وترابط وثيق بين رموز الدولة والحكومة مع رموز المؤسسات التجارية والاستثمارية وفق انشطة مشتركة باشكال غير مباشرة حينا ومباشرة وعلنية حينا اخر. بل ان هناك ترابط بين رموز سياسية حكومية وحزبية وتجارية محلية مع قوى اقليمية ودولية خاصة في مجالات النفط والغاز والتوكيلات التجارية ومن هنا ندرك صعوبة التوافق السياسي على معالجات للازمة الراهنة وندرك مدى التجاذب بين هذه الاطراف وبين فاعلية لاعبين جدد هم الشباب والثوار الذين يطرحون افكارا واهدافا سياسة واقتصادية تبدوا مثالية للاطراف النافذة من مراكز القوى وحلفائها . وللعلم في بلادنا وبلدان الربيع لايمكن القول بوجود بروجوازية وطنية تسهم في تحقيق التغيير والاستقرا وبناء الدولة بقدر ما نقول ان هناك بيوتات تجارية ومؤسسات تعتمد نفسها كوكلاء (كمبرادور) لمؤسسات اقليمية ودولية الامر الذي يعني غياب برجوازية منتجه تدعم التقدم وتوطين المعرفة والتقانة العلمية ناهيك ان مواقفها من الديمقراطية وحقوق الانسان في محل شك لانها دوما كانت ولاتزال تعتمد منطق الصفقات مع رموز السلطة والحكومة وتدعم ثباتهم في مواقعهم ضدا على اهداف ومطالب الشعب في التغيير السياسي الشامل . نحن امام برجوازية طفيلية غير وطنية عندها استعداد لجمع المال والشهرة والسلطة ولو على حساب الشعب وقيمه واخلاقة بل انها قد تبيع الوطن كله من اجل المال وانها ممكن تدفع بالشعب للاقتتال طائفيا ومذهبيا ناهيك عن دورها في قتل الشعب عبر السلع المغشوشة والفاسدة والعلاج منتهي الصلاحية وغير المطابق للمواصفات العالمية .. كل هذا يتم في اطار رعاية كاملة من حكومات فاسدة تسرق الشعب جهارا نهارا بل نحن امام دولة فاشلة وهي في طريقها للانهيار التام .فوحدة ليبيا في خطر وامام مفترق طرق ،وهناك عبث بوحدة مصر واستقرارها كما في تونس والاكيد تعميم الفوضى الشامل في سوريا ونحن في اليمن نعيش ازمات لامحدودة في مختلف المجالات اهم وجوهها – ينطبق على دول اخرى- اننا امام برجوازية-اوبرجوازيات طفيلية – لاتهتم بالوطن بل بالمال ولاترى الوطن الا مجالا للنهب والغنيمة وليس مجالا للانتماء والمواطنة والعمران البشري..وامام حكومات تشرعن للفساد ونهب الثوات الوطنية ولاتقيم وزنا لاساليب الحكم وفق قيم النزاهة والمحاسبة والكثير من الوزراء واعوانهم والقادة العسكريون هم كبار مالكي المؤسسات التجارية والشركات الخدمية وهم كبار المشاركين للشركات العالمية في مختلف مجالات الاستثمار خاصة في مجال النفط وتسويقه وتكريره . ومن اجل استدامة هذا السلوك السياسي غير السوي تلعب هذه البرجواية الطفيلية دورا هاما في تعميم ثقافة استهلاكية والتقليل من قيم الابداع والعمل وجعل الحصول على المال باي طريقة هو محدد لطموح للشباب وتطلعاتهم وهنا يكون النظر الى الوطن ليس من قيمته التاريخية والثقافية والحضارية وليس من زاوية الانتماء والولاء الوطني بل من زاوية انه مجالا للنهب والغنيمة والشاطر من يكون الاسرع في خطف ونهب ما يستطيع من الاموال والثروات ..؟
#فؤاد_الصلاحي (هاشتاغ)
Fuad__Alsalahi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
-
اليسار الجديد.. رؤية نقدية
المزيد.....
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
-
فيديو مروع يظهر هجوم كلب شرس على آخر أمام مالكه في الشارع
-
لبنان.. عشرات القتلى بالغارات الإسرائيلية بينهم 20 قتيلا وسط
...
-
عاصفة ثلجية تعطل الحياة في بنسلفانيا.. مدارس مغلقة وحركة الم
...
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة من الشرطة في هجوم قرب السفارة الإسرائ
...
-
اتفقت مع قاتل مأجور.. نائبة الرئيس الفلبيني تهدد علنا باغتيا
...
-
العثور على جثة الحاخام المفقود في الإمارات وتل أبيب تعتبر ال
...
-
سكوت ريتر: بايدن قادر على إشعال حرب نووية قبل تولي ترامب منص
...
-
شقيقة الملك تشارلز تحرج زوجته كاميلا وتمنعها من كسر البروتوك
...
-
خبير عسكري روسي: واشنطن أبلغت فرنسا وبريطانيا مباشرة بإطلاق
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|