|
حركة (عائشة كولكان) و ليلة من المُعاناة الشخصية
حسين جلبي
الحوار المتمدن-العدد: 4263 - 2013 / 11 / 2 - 18:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كالغريق الذي يتمسك بقشة، تلقفت صورة السيدة عائشة كالكان، رئيسة بلدية نصيبين التركية و عضو حزب السلام و الديمقراطية الجناح السياسي لحزب العُمال الكُردستاني، و هي جالسة قُبالة الحدود السورية ـ التركية تعلن أضرابها عن الطعام أحتجاجاً على بناء جدار تركي عازل بين المناطق الكُردية في البلدين، ذلك أنهُ من النادر أن يشهد المرء هكذا موقف قومي كبير من الأخوة الكُرد في تركيا. و هكذا كتبتُ منشوراً حييتُ فيه السيدة كوكان قُلت فيه مُخاطباً أياها بأن (أمثالكِ سيدتي، و هم جدُ قلائل، بلسمٌ يُشفي الكثير من جراحاتنا العميقة العميقة التي تسببت بها الأكثرية المُقيمة في الجهة التي أدرتِ ظهركِ لها..)، و قلتُ أيضاً بأن (نظرات عينينكِ يا أُختاه، و أن لم تنجح في منع مشروع الفصل العنصري، لكنها ستخترق كل الجدران لتنقل إلى قلوبنا رسالة الأخوة و المحبة التي تنشدينها، فشكراً لكِ من القلب). لكن السيدة (كالكان) لم تترك خلف ظهرها تسونامي من الصمت الكُردي على ما يجري في الجهة الكُردية السورية من الحدود فحسب، بل أنها هي نفسها، لم تكتفي بأن تكون جُزءاً من هذا الصمت، بل لعبت دور البطولة في خرقه، ليس بشكلٍ إيجابي، بل بشكلٍ جعل المرء يتمنى أن تكتفي مثل كُتلتها بالسكوت عما يجري أمامها، فقد أساءت أستعمال سُلطاتها كرئيسة لبلدية نصيبين و تجاوزتها للقيام بعمل غير أنساني عندما منعت سيارة أسعاف تابعة للبلدية من نقل جُثمان شهيد عامودا (برزاني قرنو) إلى مسقط رأسه حيثُ كان من المفترض أن يُدفن أيضاً، و هو أحد الشهداء الستة الذي سقطوا برصاص حزبها في مجزرة عامودا الشهيرة، حيثُ كان قد جرى أسعافهُ عندما أُصيب وقتذاك بالجراح ليلفظ أنفاسه الأخيرة على الأراضي التركية، و نُقل عن عائشة وقتها قولها و هي تأمر بإيقاف السيارة التي تحمل جثمان الشهيد الذي وصفتهُ بالأرهابي و الخائن، بأن عليهم أنزال الجثمان، و بأن على من أحضرهُ لأسعافه أن ينقلهُ بالطريقة ذاتها. و لم يكن ذلك العمل الوحيد الذي قامت به كالكان، فقد سبق لها و أن منعت قافلة مُساعدات أنسانية أعدها رجال أعمال و محسنون من دخول المناطق الكُردية السورية من نُصيبين بسبب أصرارها على أن تكون القافلة بأمرة حزبها و لصالحه و بالطريقة التي يشاء، و هو ما جوبه برفض أصحاب القافلة لشروطها مما حدا بهم إلى توجيه قافلتهم إلى أقليم كُردستان و أدخالها من هُناك، و ثمة معلومة شخصية عن قيام هذه السيدة الكُردية بالتفريق حتى بين الموتى الكُرد الذين يتوفاهم الله، فقد سبق لها و أن وضعت سيارة أسعاف في خدمة أحد الذين توفوا في أحدى البلدان الأوربية فتم أدخال جثمانهُ عبر معبر نُصيبين لمجرد أنتمائهً إلى حزبها، في حين يُعاني الكثير من الكُرد الذين يعيشون في الغُربة من أرسال جثامين أبنائهم لدفنها في مساقط رؤوسهم، إذ يتم أدخالها بطريقة التهريب عبر الحدود التركية السورية أو عبر معبر تل أبيض. و هكذا جاءت ردود الأفعال على أكباري لعمل السيدة كولكان الأحتجاجي ضد ما تُسميه الجدار التركي، مما دفعني إلى التساؤل فيما إذا كانت تستحق حقاً أن نُحييها و نشد من أزرها رغم تعاملها اللأنساني مع جثمان أحد شهدائنا و مع أهلنا و تفرقتها في التعامل بيننا لأسباب شخصية و آيديولوجية، تساءلتُ فيما إذا كان يُمكن أن يغفر لها ما تقوم به اليوم ماضيها الذي أصبحنا على أطلاع على بعض ملامحه، و بالتالي فيما إذا كان ينبغي علينا نسيان الماضي، أم أن التعامل مع شهيد بتلك الفظاظة، و كان يمكن لها أن في الواقع أن تقوم بغير ذلك، لن يغفره كل ما ستقوم به من إنجازات حتى لو كانت من مستوى إيقاف مشروع الجدار؟ كتبتُ لأحد الأصدقاء الذي تواصل معي لمناقشة الموضوع مُبرراً موقفي بالقول بأن (الهجمة كبيرة و واسعة و متشعبة، و نحنُ الذين نتصدى لها قلائل كما تعلم، لذلك نسهو أحياناً فتحصل بعض الأختراقات، ألا أن الناس تساعدنا و تغفر لنا هفواتنا لأنها تعرف جوهرنا جيداً، و تدرك بأن لا أجندات شخصية وراء الموضوع). و هنا فأنني أعتذر من شهدائنا و خاصةً في عامودا على أنني أحسنت الظن بحركة عائشة كالكان، و قد سببت لي هفوتي تلك مُعاناة شخصية لبعض الوقت، و أقول للسيدة المذكورة: مهما فعلتِ يا سيدتي، لو لم توقفي مشروع الجدار فحسب بل أزلتِ الحدود كلها من أقصاها إلى أقصاها، و لو لم تتولي رئاسة بلدية كُردية بل رئاسة دولة كُردستان نفسها، فإن ما أرتكبتيه ذات يوم بحق شهدائنا و أهلنا، بسبب من أنانيتكِ المُفرطة و كُرمى لمصالحكِ الشخصية و لمصالح حزبك و أنتصاراً لآيديولوجيتك، فان كل ذلك لن يغفر لك، لأنك كُنتِ تستطيعين في تلك المواقف التصرف بأحسن مما قُمتٍ به أو البقاء على الحياد على الأقل، و أن ما زرعتيه أنتِ و حزبك من جدران نفسية بيننا لا يُشكل ما سيبنيه الأتراك بالنسبة إليه شيئاً، و لا أستبعد نظراً لماضيكِ أن يكون ما تقومين به مُجرد حركة إعلامية سيستفيد منها من يستفيد دائماً من مثيلاتها، لذلك لُمي نفسكِ و أذهبي إلى بيتك، و كُفي عن لعب دور البطولة في مُسلسلٍ فاشل لكي لا تُصبحين ضحية نفسكِ، فأنتِ تُثيرين من السُخرية أكثر مما تثيريه من تعاطف و تضامن. حسين جلبي [email protected]
#حسين_جلبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعلان الصفير العام..
-
التغريبة الكُردية..
-
عن جرح عامودا الذي لن يبرأ و لن يبرُد
-
الأبطال الكُرد المُنسحبون إلى القلوب و شرف المُحاولة...
-
جمهورية البحوث العلمية
-
صنم الأسد في القامشلي: لعنةٌ أم تعويذة؟
-
نهاية مُغامرة الأسد أوجلان
-
بشار الأسد عندما يتذكر أكراده
-
في العالم السفلي للكتابة الكُردية
-
ما بين جبهة النصرة و حزب العمال الكُردستاني
-
يوم المسرح العبثي
-
تطورات كُردية سورية تستحق التنويه
-
نداء سلام من أجل السلام في جزيرة السلام
-
ثمار إتفاق هولير
-
سيخربونها، ثم سيجلسون على تلتها
-
رصاصات في رأس كانْيه
-
سريه كانْيه: الأسئلة القديمة مرةً أُخرى
-
في الوقائع الكُردية الغائبة
-
في القامشلي: تركيا، روسيا و من ثم إيران
-
ممانعة الجيش الكُردي الحُر: حسابات الربح و الخسارة
المزيد.....
-
كان محكومًا بالسجن مدى الحياة.. لحظة لقاء فلسطيني بزوجته في
...
-
لافروف وفيدان يناقشان الوضع في سوريا والقضايا الإقليمية
-
كيف تصادمت طائرتان في أجواء واشنطن؟ تفاصيل غريبة عن حادث مطا
...
-
-نقوم بالكثير من أجلهما-...ترامب يصر على استقبال مصر والأردن
...
-
مظاهرة حاشدة لأنصار عمدة مدينة اسطنبول أثناء مثوله أمام القض
...
-
فرقة البيتلز تعود بالذكاء الاصطناعي وتترشح لنيل جائزة غرامي
...
-
الشرع رئيساً.. بداية لإرساء منطق الدولة أم خطوة نحو المجهول؟
...
-
الجيش الإسرائيلي: إطلاق صاروخ اعتراضي نحو هدف جوي في منطقة ز
...
-
هيئة الأركان العامة الأوكرانية تعترف بوضع قواتها المعقد على
...
-
شبكة -NBC- تكشف تفاصيل جديدة حول حادث تصادم الطائرتين في مطا
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|