|
الحراك المدني العراقي .. آراء وملاحظات
سلام ناصر الخدادي
الحوار المتمدن-العدد: 4262 - 2013 / 11 / 1 - 23:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خلت الساحة العراقية ، وعلى مدى عشر سنينٍ مضت ، من أي صوتٍ فاعلٍ ومؤثر للقوى اليسارية والحزب الشيوعي تحديداً ، باعتباره الحزب الأقدم تأسيسا ونضالا والأكثر تجربة في العمل النضالي ، والأوسع انتشارا في عموم العراق عن باقي الأحزاب الوطنية أو الدينية . ورغم زوال نظام حكم اتسم بالشمولية وتصفية معارضيه وخنق الحريات ، ومجيء عهد جديد كانت السمة الأبرز له ظهور الأحزاب والتيارات والحركات والصحافة العلنية والمطبوعات ، حيث فتح الباب إمامها على مصراعيه ، مع اتساع مساحة العمل الميداني العلني لتشمل الجميع دون استثناء ؛ حتى إن بعض الأحزاب والحركات أنشأت بعد سقوط النظام عام 2003 ، ولم يكن لها عمقا جماهيريا تفاعليا او فكرا مؤدلجا ، بل كانت إفرازا لظرفٍ مرحلي آني . ورغم هذا ، إلا إننا لم نرَ تأثيرا واضحا او فاعلا للقوى التقدمية واليسارية عموما ، وللحزب الشيوعي تحديدا ذو الماضي العتيد والنضال المشهود ، وقيادته للجماهير ردحا من الزمن ، وتقديم قادته والعديد من كوادره للإعدام والسجون والملاحقات ، وهو صاحب المساحة الأوسع في العراق والذي انضم الى صفوفه النخبة الواعية والطبقة المثقفة من أطباء ومهندسين وضباط وشعراء وكتاب وفنانين ، الى جانب الكادحين من عمال وفلاحين وكسبة . لم نرَ استثمارا واضحا وتعريفا بهذه الهوية الوطنية المفخرة ، امام جيل عاش زمنا يُصاب بالهلع والخوف من مجرد ذكر اسمه !!. أمام جيل لم يُذكر له سوى التشويه وحجب الحقائق عنه .. ولم يسمع الا ما يريد الأعداء أن يُسمعوه له !!. أمام جيل عاش عقدة الازدواجية بين الإيمان والإلحاد .. بين البحث عن الحقيقة في كومة زيف وأوهام . امام هذا التشابك من افرازات سنين حبلى بالأضداد والهزائم والغياب القسري للقوى التقدمية ، حتى حلت مرحلة الجفاف الثقافي ، والجدب المعرفي لعقدين متتالين ، وما رافقهما من حرب طاحنة استمرت لثماني سنوات ثم حصار جائر استمر 12 عاما .. ليصبح الانسان العراقي بالنتيجة ، مسلوب الارادة مسلوب الوعي ، وقد تأصل فيه الخوف من المجهول اضافة لتحطيم ما حوله من البنى التحتية والعمران والتطور . بعد عام 2003 وما شاهده من كم هائل من الفوضى والدمار والقتل وإباحة الدم ، وإشهار السلاح كهوية علنية !.. وانتشار الميلشيات بشكل كثيف ، والتي باتت اليد الطولى لأحزاب رفعت شعار الدين والإسلام هو الحل ، وأعلنت بوضوح انتماءها لمرجعيات ، ونصب على رأس الهرم بعض المعممين ( كهوية دينية ) . أمام هذه المتغيرات ، وما استجد على الساحة من صراع ونفوذ قوى ، نرى تراجعا واضحا وكبيرا لليسار العراقي بكافة قواه ورجالاته ومفكريه للأسباب التالية : أولا .. انتشار واسع مفروض ومدعوم لأحزاب وحركات وتيارات إسلامية بميليشيات مسلحة تملك خزينا كبيرا من المال والسلاح .. استطاعت بشتى الطرق واختلافها ، من كسب عدد كبير من المنتسبين . ثانيا .. المد الإعلامي الإسلامي الذي بات يشكل ظاهرة كبيرة وعلامة ذات بصمة واضحة من خلال : أ .. المنابر وقراءها ، والجوامع والحسينيات وأئمتها ، والذين ما انفكوا يدلون بآرائهم وأفكارهم بشكل يومي وأسبوعي والذي غلب عليها نشر رسالتهم بيسر، اضافة الى تكفير وإسقاط الآخر . ب .. القنوات الفضائية التي دخلت معظم البيوت وأجبرت المحلات على مشاهدتها فقط دون غيرها .. وأصبحت النافذة الوحيدة للتبليغ والتشريع والفتوى . ج .. الكتب وباقي المنشورات الكراسات ، التي تطبع وتوزع دون رقيب او حساب . هنا ، اكتفى التيار اليساري والديمقراطي بماضيه ومآثره ، وتعكز على رموزه ومناضليه ، دون تقديم البديل .. حتى وان ظهرت بعض برامج و رؤى اتسمت بجديتها وأشارت بوضوح الى الى خارطة طريق صحيحة .. لكن السؤال : هل ترجمت تلك البرامج الى واقع الحال ؟؟ هل استفاد اليسار العراقي من فشل الإسلام السياسي في الحكم ، والتقرب اكثر الى الشعب ومعاناته ؟؟ هل التصق بهموم المواطن ؟؟ ام اكتفى بالتنظير تارة ، والمقارنة مع عهد الزعيم عبدالكريم قاسم تارة اخرى؟؟ هل دافع اليسار العراقي ، والذي يضم اغلب المثقفين في صفوفه ، عن واقع الثقافة المتردي والتي عصفت به رياح الافكار الناقمة على كل فكر علمي تحرري ، وطعنته بالصميم بنعته بالملحد والعلماني الكافر ؟؟ جميل جدا ان نرى ونسمع هنا وهناك ، عن أحزاب عقدت مؤتمرا لتقييم مسيرتها وتقويم ادائها .. ووضع الأصبع على الجرح كما يقال .. فلماذا لا تبادر الاحزاب هنا الى النقد الذاتي الذي تتبناه فكرا ، وتحيد عنه ممارسة ؟؟!!... هل سألت ، او رف لها طرف ، عن عشرات ومئات الكوادر والشخصيات التي ( انسلخت) طوعا وكراهية عن بيتها الام ؟؟ سؤال اخير : هل تعي احزاب التقدم ، انها باتت هياكل خاوية .. يصعب عليها الحصول على مقعد واحد ، الا بتحالفات عديدة وكبيرة حتى مع المختلفين فكريا معهم ؟!!...
#سلام_ناصر_الخدادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقوقنا بين الأدعية والنذور !!...
-
القادة الجدد والصناديق الفارغة
-
المندائيون .. وقانون انتخابات الأكثرية !!
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|