أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - السيد نصر الدين السيد - جاءنا البيان التالي















المزيد.....

جاءنا البيان التالي


السيد نصر الدين السيد

الحوار المتمدن-العدد: 4262 - 2013 / 11 / 1 - 16:27
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


يهتم خبراء التخطيط الاستراتيجي، عند اشتراكهم في انشاء كيان جديد او في التخطيط لتطوير كيان قائم، اهتماما كبيرا بأمرين. الامر الأول هو الصياغة الدقيقة لما يعرف بـ "بيان الرسالة" Mission Statement. و"بيان الرسالة" هو فقرة قصيرة تتضمن الإجابة على السؤال التالي: ما هو سبب وجود هذا الكيان؟ لذا تتضمن هذه الفقرة القصيرة وصفا مختصرا لـ "الغاية" الرئيسية التى من أجل تحقيقها تم إنشاء هذا الكيان، أي سبب وجوده Raison d’être. هذا بالإضافة إلى إشتمالها على وصف عام للوسائل التى يتبناها الكيان لتحقيق الغاية من وجوده، أو مايعرف بالغايات الفرعية. اما الامر الثاني فيتعلق بما يعرف بـ "بيان الرؤية" Vision Statement. و"بيان الرؤية" هو أيضا فقرة قصيرة تتضمن وصفا لحالة الكيان في المستقبل التي يتمناها القائمون على شؤون الكيان ويعملون على تحقيقها. بعبارة اخري تقدم "الرؤية" صورة ذهنية للوضع المستقبلى المنشود للكيان. وإذا كان "بيان الرسالة" يصف الغاية من وجود الكيان ووسائل الوصول إليها فإن "بيان الرؤية" يقدم صورة مستقبلية لما قد يسفر عنه نجاح الكيان فى تحقيق غايته (انظر الملحق).

ويعود الاهتمام البالغ بهذين البيانين الى ان احدهما، "بيان الرسالة"، يحكم الحاضر بينما يحدد الآخر،
"بيان الرؤية"، الطريق الى المستقبل. ووضوح وصف "الغاية" ودقة صياغتها في "بيان الرسالة" يجعلها أداة فعالة لتقييم أنشطة الكيان وقياس مدى اسهامها في تحقيق الغاية. فأي نشاط لا يسهم في تحقيق الغاية يعتبر عبئا ينبغي التخلص منه، وأي نشاط لا تسهم نتائجه بالقدر الكافي في تحقيق الغاية ينبغي مراجعته. اما "بيان الرؤية" فتعبر كلماته عن طموحات أصحاب الكيان والقائمون على شؤونه وامالهم وهو بذلك يعتبر إطار عام يحدد مسار تنمية الكيان واتجاهه.

وهنا نتوقف لنتساءل: "هل يمكن استخدام مفهومي "الرسالة" و"الرؤية" في تقييم السياسات المتعلقة بتنمية وتحديث المجتمعات البشرية؟" والاجابة هي بنعم فالمجتمع البشري، مثله ذلك مثل أي كيان اجتماعي آخر (مثل شركة، مؤسسة تعليمية، ...)، له غاية من وجوده ورؤية يصوغها القائمين على شئونه. ولقد اعفانا علماء الاجتماع من البحث عن رسالة (او الغاية من وجود) المجتمع. فطبقا لهم فان غاية أي مجتمع، او سبب وجوده، هي توفير الفرص المتكافئة لأعضائه لتحقيق أهدافهم واشباع رغباتهم عبر منظومات الإنتاج والتوزيع والامن والقانون والتعليم والصحة. وهكذا تتطابق غايات المجتمعات البشرية أيا كان موقعها في الزمان او المكان. الا ان الامر يختلف اختلافا جذريا عند الحديث عن "بيان الرؤية" اذ تتعدد الرؤى بقدر تعدد المجتمعات بل تتعدد أيضا في المجتمع الواحد بقدر تعدد القوى الفاعلة فيه. ووجود "بيان الرؤية" هو امر لاغنى عنه لنجاح عملية تنمية أي مجتمع فهو يقدم الإطار الجامع الذي تنتظم فيه وتتكامل عبره كافة أنشطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية والثقافية. ولنا في التجربة الماليزية اسوة حسنة.

اطلبوا العلم ولو في ماليزيا
ماليزيا دولة تقع في جنوب شرق آسيا، تبلغ مساحتها 329.8 ألف كيلومتر تقريباً، وعدد سكانها حوالي 24 مليون نسمة. ويتكون المجتمع الماليزي من ثلاث مجموعات عرقية أساسية: المالايو بنسبة 50.4% من مجمل السكان، والصينيون بنسبة 23.7%، واهل البلاد الأصليين بنسبة 11%، والهنود بنسبة 7%. هذا بالإضافة الى بعض الأقليات من التايلانديين والاندونيسيين والاستراليين والأوروبيين بنسبة 7.8%. ويدين 61.3% من السكان بالإسلام، و19.8% بالبوذية، و9.2 بالمسيحية، والباقي يدينون بديانات أخرى. ولقد حقق هذا المزيج المتنوع، عرقيا ودينيا وثقافيا، معجزة تنموية فريدة وشاملة. فعلى سبيل المثال زاد نصيب الفرد من الناتج القومي حوالي سبع مرات من 2349 دولار سنة 1980 الى 17,675 دولار سنة 2013.

ولقد كُتبت الالاف من الأوراق العلمية والمقالات عن السر وراء هذه المعجزة التنموية وعن أسبابها.
وعلى الرغم مما جاء في هذه الادبيات من مقولات صحيحة الا انها اغفلت سبب الأسباب وهو وجود "بيان رؤية" يصف ما يجب ان يكون عليه المجتمع الماليزي في المستقبل. ويعزي الفضل الى رئيس الوزراء الماليزي الاسبق مهاتير محمد الذي صاغ سنة 1991 "بيان الرؤية" لتنمية المجتمع الماليزي وذلك في إطار ما عرف بـ "رؤية 2020" التي حددت ما ينبغي عمله في الثلاثين سنة القادمة ليصبح هذا المجتمع من المجتمعات المتقدمة. ونص البيان على "ان تكون ماليزيا، بحلول سنة 2020، امة موحدة ومجتمع واثق من نفسه ذو معنويات مرتفعة وقيم أخلاقية رفيعة، مجتمع ديموقراطي؛ ليبرالي؛ متسامح؛ متحاب؛ تقدمي؛ مزدهر؛ يعلي من شان العدالة الاقتصادية والمساواة، مجتمع يمتلك ويسيطر على اقتصاد ديناميكي؛ متين؛ مرن؛ وقادر على المنافسة" (-;-).

ومما يلفت النظر في نص هذا البيان تحديده سقف زمني لتحقيق المجتمع المنشود على ارض الواقع.
هذا بالإضافة الى تبنيه نظرة متكاملة لرفاه المجتمع تأخذ في الاعتبار كلا من مقوماته المادية (أو الاقتصادية) ومقوماته المعنوية (أو غير المادية). وقد شكل ما جاء في هذا البيان الأساس لما يعرف بـ "سياسة الرؤية القومية" National Vision Policy (NVP) ببنودها التسع:
1. مواصلة الإدارة الحكيمة للاقتصاد الكلى Macroeconomic، وتنفيذ سياسات مالية حذرة، ودعم الجهود المبذولة لإقامة اقتصاد معرفي Knowledge-Based Economy،
2. تقوية الاستراتيجيات والبرامج المتعلقة بـ "عدالة التوزيع" لضمان تحقيق المساواة بين المجموعات العرقية وشرائح الدخل المختلفة والمناطق، ومن ثم لتعزيز المشاركة المتوازنة،
3. تعزيز "رفع الإنتاجية" عبر رفع مستوى معرفة وخبرات ومهارات العاملين، ودعم "البحوث والتنمية" R&D، وزيادة الاعتماد على العلم والتكنولوجيا،
4. زيادة قدرة الاقتصاد التنافسية ومرونته عبر تسريع عملية تبنى قطاعات الاقتصاد الرئيسية لعمليات الإنتاج الأكثر كفاءة هذا بالإضافة الى الأنشطة ذات القيمة المضافة المرتفعة،
5. التوسع في استخدام "تكنولوجيات المعلومات والاتصالات" ICT بداخل وعبر قطاعات الاقتصاد وذلك لتسريع عملية النمو،
6. تنمية الموارد البشرية لضمان توفر القوى العاملة التي تتمتع بمستوى معرفي مرتفع وتمتلك المهارات الفكرية والتقنية اللازمة،
7. تبني مقاربة شاملة ومتكاملة للتعامل مع القضايا المتعلقة بالبيئة والموارد الطبيعية وذلك لدعم عملية التنمية المستدامة،
8. مواصلة الارتقاء بـ "جودة الحياة" عبر تحسين طرق التوصل للخدمات الاجتماعية هذا بالإضافة تنمية النواحي الجمالية للحياة،
9. تكثيف الجهود الساعية لإشاعة القيم والصفات الايجابية وتثبيتها في قلوب الماليزيين وذلك من خلال منظومة التعليم والاعلام والمنظمات الدينية.

تساؤل بريء
اليوم، والأمة المصرية تقف على مفترق طرق ويقع عليها عبئ الاختيار، يتداعى الى الذهن تساؤل تلونه تجربة ماليزيا التنموية.
"هل تمتلك أيا من القوى السياسية الفاعلة في مصر تصور متكامل لما يجب ان يكون عليه المجتمع المصري بعد 20 سنة (رؤية)؟"
فقط عندما تتوفر هذه الرؤى المختلفة وتتاح فرصة المقارنة بينها ساعتها تزداد فرصة صواب الاختيار ويمكن القول "جاءنا بيان الرؤية التالي" ...!

الملحق: مثال لبياني الرسالة والبنية
جماعة تحوتي للدراسات المصرية هي جمعية ثقافية أهلية تم تأسيسها بمدينة الإسكندرية عام 1994 وتم إشهارها بحكم قضائي عام 1998.
بيان رسالة جماعة تحوتي
العمل من أجل تحديث مصر من خلال تقديم رؤى عقلانية متكاملة تستند إلى مرجعية ذاتية مصرية حول الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمشروع النهضة المصرية ولقضايا تهيئة الوطن لتبوء المكان اللائق بتاريخه في حضارة الألف الثالثة. هذا بالإضافة إلى العمل على تكوين رأي عام قادر على تبنى هذه الرؤى وتطويرها (الغاية الرئيسية) وتحقيقها من خلال (الغايات الفرعية):
-;- إعداد الدراسات والبحوث ذات التوجه الوطني المصري المستقل والواعي بمتغيرات العصر ومستجداته والعمل على نشرها بكافة الوسائل المتاحة.
-;- التنسيق والتعاون مع مراكز البحوث الوطنية والجهات العلمية والأكاديمية المصرية المعنية.
-;- تنظيم الملتقيات والحوارات والندوات والمؤتمرات.
-;- التأثير على متخذي القرار بالدعوة وكسب التأييد لقضايا تحديث مصر.

بيان الرؤية المستقبلية لجماعة تحوتي
تتطلع جماعة تحوتي إلى إقامة مجتمع مصري متطور تسوده قيم المعاصرة والحداثة ويحكم ذهنيته المنهج العلمي بمناهجه وأدواته وتلعب فيه الجماعة دور "مستودع فكر" قومي يعمل تجميع الخبرات المصرية في مختلف المجالات، أفرادا وكيانات.

-;- الموقع الرسمي لرئاسة الوزراء الماليزية:
http://www.pmo.gov.my/?menu=page&page=1898



#السيد_نصر_الدين_السيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن الهوجة
- عن الثورة الثقافية ... معالم على الطريق (3/3)
- عن الثورة الثقافية ... عشان ايه وليه؟ (2/3)
- عن الثورة الثقافية ... ترويض المفاهيم (1/3)
- نظرية رأس السمكة
- تحديث الثقافة المصرية .... المشروع القومى المنتظر
- سلام مربع ل -جهادية- بلدنا
- نظرية التطور والثقافة
- الثقافة العَلمانية: كلمنى عن بكره (4/4)
- الثقافة العَلمانية: وإنك لعلى خلق عظيم (3/4)
- الثقافة العَلمانية: المعرفة هى الحل (2/4)
- الثقافة العَلمانية: هكذا تحدث أمارتيا سن (1/4)
- وقُضِيَ الأمر ... فماذا أنتم فاعلون؟
- الرفاه المُنتظَر والمرجعية المنشودة
- مجتمع المعرفة ودستورنا المرتقب
- الأقدام الصينية وحداثتنا المشوهة (2/2)
- الأقدام الصينية وحداثتنا المشوهة (1/2)
- الإنسان والواقع ... ملحمة التفسير والتغيير: عصر علوم التعقد ...
- الإنسان والواقع ... ملحمة التفسير والتغيير: عصر الفكر العلمى ...
- الإنسان والواقع ... ملحمة التفسير والتغيير: عصر الفكر العلمى ...


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - السيد نصر الدين السيد - جاءنا البيان التالي