|
مشروع قانون المالية 2014: - لا دين لا ملة-
المريزق المصطفى
الحوار المتمدن-العدد: 4261 - 2013 / 10 / 31 - 12:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مشروع قانون المالية 2014: " لا دين لا ملة" المريزق المصطفى
لا يهمنا، كثيرا، إستعراض الأرقام و المؤشرات السوسيو- إقتصادية التي تستنطق السياسات العمومية في علاقتها بميزانية الدولة، لأن ذلك - ربما - من مهام الإقتصاديين و رجال القانون و المال و الأعمال. ولكن الذي نريد الإهتمام به هوالإنعكسات التاريخية و النفسية و الإجتماعية على الفئات المتوسطة و الصغيرة و الضعيفة و الفقيرة و المهمشة. و قبل إستعراض ملاحظاتنا حول مشروع المالية الجديد، لا بد من مساءلة أحزاب المعارضة عن كيف أستدرجت لمناقشة مشروع قانون المالية الجديد من دون أن تعلن "الحكومة المرممة" عن برنامجها الإقتصادي و الإجتماعي و السياسي "الجديد"، و من دون أن تقدم نفسها أمام البرلمان كما هي ملزمة قانونيا و دستوريا؟ إن المغاربة لا زالوا ينتظرون من رئيس الحكومة عرض البرنامج الحكومي الذي من المفترض أن يحمل في طياته ما إشترطه حزب الأحرار على السيد بنكيران أثناء المفاوضات. طبعا، لعلم السياسة و لخبرائه مقاربتهم و مناهجهم وأجوبتهم التي تدور حول دراسة السلطة و نظم الحكم، كما أن لعلم الإقتصاد أسئلته الخاصة التي تهتم بالموارد الإقتصادية و استخدامها في عملية الإنتاج و توزيع السلع بين أفراد المجتمع...ألخ. لكن ما تضمنه مشروع المالية الجديد من غياب إستراتيجية إجتماعية و إغراق البلاد في المديونية - في زمن قياسي- يحتاج لأكثر من مقاربة، نظرا لما جاء به من ألغام خطيرة تهدد مستقبل البلاد و إستقراره، رغم التمويه بإعطاء الأولوية لبعض القطاعات الإجتماعية كالتعليم و الصحة. إنه مخطط قديم في حلة جديدة، ينهل من نفس التبريرات التي تختبئ وراء ما يسمى بالظرفية الإقتصادية التي تتحكم فيها الزيادة في أسعار المواد الطاقية في السوق العالمية، و يستهدف القلب النابض للمجتمع من دون مراعاة ما قد يحدث عن ذلك من توتر إجتماعي نتيجة إستغلال فاحش لجهود العمال، و من خلال تجميد الأجور و زيادة ساعات العمل و التشجيع على الثراء السريع، و اتساع الهوة بين الطبقات، و المزيد من تعطيل الطاقات و تهميش و عزل فئات واسعة من المجتمع، و شرعنة إحتكار الثروة و توسيع رقعة الملكية، و القضاء على ما تبقى من القطاعات الإجتماعية و الحيوية...إلخ. كما يعتبر مشروع قانون المالية لسنة 2014، سمة جديدة من سمات التخلف في شكله المكشوف من حيث إضعاف القدرة الشرائية للمواطنين و الحكم عليهم بعقوبة التقشف و سوء التغذية و الأمية و البطالة و العزلة و قساوة البرد. كما يعتبر من ناحية أخرى، تكريسا جديدا للتبعية، و آلية للتحكم السلبي في رقاب المغاربة، بدل مشروع قانون مالي وطني يعيد الإمكانية لتنظيم الحياة الإجتماعية و الإقتصادية بكل حكامة و شفافية، إنطلاقا من سياسة إقتصادية إستراتيجية تهدف توفيرالشغل و رفع حجم الإستثمار العمومي و رفع مستوى العيش و توفير مقومات الحياة الطبيعية للمغاربة على حد سواء. و هذه، في الدرجة الأولى، ميزة ما جاءت به " الحكومة المنقحة"، و هذه ثانيا ميزة السيد بنكيران و مختلف أجهزته، أي بإختصار أولائك الذين " لا دين و لا ملة لهم". فحتى إذا كانت التمايزات الإجتماعيمة و الإقتصادية و رثها المغرب من أنساقه التقليدية و من أنماطه السياسية و الدينية، فإن الرجوع إليها اليوم من خلال قانون مالية بدون روح إنسانية و إجتماعية، يعتبر كارثة سياسية جديدة، تحرض الفئات المتضررة و المتضامنين معها على الإحتجاج، و رفض السياسة اللاشعبية التي يقرها مشروع قانون المالية للسنة المقبلة. إن السؤال الإجتماعي في مغرب اليوم، لا يمكن الجواب عنه بالنفاق الإجتماعي و بالكذب و الشعودة و الشعبوية، بل بتكتل القوى الديمقراطية و التقدمية، أحزابا و نقابات و فرقاء إجتماعيين و جمعيات المجتمع المدني، من أجل إطلاق دينامية وطنية جديدة و متحدة، تجبر من تصدر نتائج الإنتخابات الأخيرة على التنحي بسبب عدم وفائه بالإصلاحات التي وعد بها المغاربة. لقد بات من المؤكد أن المخطط الإجتماعي الذي كان يحلم به السيد بنكيران، أصبح ينفذه من دون أي إعتبار للأسر و العائلات الفقيرة، و للدواوير القروية المنعزلة، و لا للعاطلين عن العمل، و لا للشباب الذين لا يتوفرون على مصدر قار للدخل، و لا للمسنين و العجزة و المعاقين و المرضى...إلخ. حيث يسعى إلى كبح جماح المغاربة و تقنين حياتهم و جعلهم رهينة في يد مؤسسات القروض و المنح المالية. لقد غاب عن مشروع قانون المالية للسنة المقبلة كل الإستراتيجيات و البرامج التنموية الهادفة الى محاربة الفقر، و تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب و بالكهربة القروية، و بناء الطرق و تعميم التمدرس و توفير السكن، و تعميم الحماية الإجتماعية للعمال و الفلاحين و تنفيذ إلتزامات الحوار الإجتماعي، و ترسيم الموظفين المؤقتين و العرضيين و المياومين، و تحسين المعاشات و إدماج المعاقين و إنصاف المرأة و حماية الطفولة من الإستغلال و الإغتصاب...إلخ. و إذا ما تحقق حلم السيد بنكيران، و فاز بالتصويت لصالح برنامجه، فسوف يكون من الصعب الحديث عن أي سلم إجتماعي في ظل مغرب التسول و الإستبعاد الإجتماعي من جهة، و مغرب الرشوة و المحسوبية و الزبونية و الريع من جهة أخرى. كما سينعكس ذلك على مصير البناء الديمقراطي، و سيجعل التطلع الى التقدم والعدالة الإجتماعية حلم بعيد المنال، لن يتأتى إلا برفض الموروث السياسي و الإقتصادي و الخرافي، و المطالبة بميزانية 2014 يشعر فيها المغاربة بالأنتماء الى وطن العدالة الإجتماعية، و ليس وطن البؤس الإجتماعي و الإقتصادي، خاصة و أن السيد رئيس الحكومة، و بعد ما سرق الربيع المغربي، أصبح همه الوحيد هو خدمة اّلإستراتيجية المالية العالمية المنبوذة، و نهج سياسة تعميق الفوارق و شرخ البنيات الطبقية، ليضمن - للمستقبل - جيشا عرمرم من الفقراء و المتسولين و الضعفاء و المهمشين، الذين يحلمون بالجنة في اليوم الآخر، و يتنازلون له عن الحق في حياة الدنيا. ا
#المريزق_المصطفى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بنكيران و الجريمة السياسية
-
بنكيران أصغر من دستور 2011
-
الحركة الطلابية ليست إرهابية
-
-إئتلاف مرضي- جديد
-
من التنابز و الفذلكة إلى الحكومة رقم 2
-
المسألة التعليمية في المغرب: من أجل بديل ممكن
-
نبش في ذاكرة الصراع السياسي في مصر
-
رسالة مفتوحة
-
بيان الى الرأي العام الوطني
-
جبهة المستقبل
-
من أجل الحقيقة كاملة
-
لا دين في السياسة و لا سياسة في الدين
-
دفاع عن الحرية
-
الخصوصية و الضرورة التاريخية
-
اغتيال شكري بلعيد...كلنا معنيون
-
ايمن لم يمت...
-
من قتل محمد؟
-
رسالة مقتوحة الى السيد رئيس الحكومة
-
بنكيران أفيون الشعب
المزيد.....
-
فيديو مراسم ومن استقبل أحمد الشرع عند سلّم الطائرة يثير تفاع
...
-
نانسي عجرم وزوجها يحتفلان بعيد ميلاد ابنتهما..-عائلة واحدة إ
...
-
-غيّرت قراراتنا في الحرب وجه الشرق الأوسط-.. شاهد ما قاله نت
...
-
ماذا نعلم عن الفلسطيني المقتول بالضربة الإسرائيلية في الضفة
...
-
باكستان: مقتل 18 جنديا و23 مسلحا في معركة بإقليم بلوشستان
-
واشنطن بوست: إسرائيل تبني قواعد عسكرية في المنطقة منزوعة الس
...
-
قتلى وجرحى في غارات جوية إسرائيلية في الضفة الغربية
-
أحمد الشرع إلى السعودية في أول زيارة له خارج البلاد
-
ترامب يشعل حربا تجارية بفرض رسوم تجارية على كندا والمكسيك وا
...
-
-الناتو- يطالب ألمانيا بزيادة الإنفاق على الدفاع
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|