|
الواقعية السياسية تنتصر أخيراً
منذر خدام
الحوار المتمدن-العدد: 4261 - 2013 / 10 / 31 - 10:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبيل انعقاد مؤتمر جنيف2 وفي سياق الاستعداد للمشاركة فيه انعقد بتاريخ 22/10/2013 في العاصمة البريطانية لندن مؤتمر مجموعة ما يسمى بأصدقاء الشعب السوري(أصدقاء الائتلاف الوطني السوري) المكونة من إحدى عشر دولة من بينها خمسة دول عربية تتقدمها المملكة العربية السعودية، إضافة إلى وفد يمثل الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة. في نهاية المؤتمر صدر بيان عنه تضمن جملة من المواقف تبنتها بالإجماع الدول المشاركة إضافة إلى وفد الائتلاف. ومن خلال مقارنة ما جاء في البيان مع النهج السياسي الذي اتبعه الائتلاف الوطني وقبله المجلس الوطني طيلة الفترة الماضية من زمن انتفاضة الشعب السوري، يمكن القول أن المؤتمر قد نجح أخيرا في إعادة الائتلاف إلى الواقعية السياسية، بعد أن ظل طيلة زمن الانتفاضة السورية يحلق في فضاء الشعارات، مستخدماً لغة مبتذلة في تعامله مع خصومه السياسيين، وخصوصا النظام، ومعارضته لكل المبادرات الدولية لحل الأزمة السورية سواء تلك التي صدرت عن الجامعة العربية أو تلك التي صدرت عن الأمم المتحدة، ومنها مبادرة مجموعة العمل الخاصة بسورية والتي صدر عنها إعلان جنيف1 الذي يجري العمل اليوم على تطبيقه من خلال مؤتمر جنيف2. لقد جاء في الفقرة الأولى من البيان:ترحب مجموعة أصدقاء سوريا "لندن 11" بالإجماع بتوافق مجلس الأمن الدولي يوم 27 سبتمبر على الحاجة الملحة إلى الانتقال السياسي وتأييده لإعلان جنيف والذي كان موضوعه تشكيل هيئة حكومية انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة تشمل الأمن والجيش والهياكل الاستخباراتية". في هذه الفقرة يلفت الانتباه أن البيان صدر بالإجماع، هذا يعني أن الائتلاف والسعودية موافقان عليه، وهو يعلن تأييده " لإعلان جنيف" وما تضمنه من خارطة طريق للخروج من الأزمة. إضافة إلى ذلك فهو يتحدث عن انتقال "سياسي" وليس عن انتقال "السلطة"، كما كان يطالب بذلك قادة الإتلاف دائماً، وبين الانتقالين توجد فروقات جوهرية كما هو معلوم. وان هذه الحكومة ينبغي أن تتمتع بصلاحيات " تنفيذية "كاملة، وليس بصلاحيات " كاملة" كما كان يطالب الائتلاف أيضاً. لقد صيغت هذه الفقرة بالكامل بما يتوافق مع بيان جنيف1 الذي كان يرفضه الائتلاف. في الفقرة الثانية، والتي تبدو شكلاً أنها محابية لخطاب الائتلاف المعروف، جاءت أيضاً على عكس ما ظل قادة الائتلاف يطالبون به. فهم على الأغلب لم يفكروا بالمعنى الذي تعطيه كلمة " نوافق" التي تقدمت هذه الفقرة من البيان والتي لا يمكن لمعارض أن يختلف معها فيعارضها. لقد جاء في النص " نوافق على أنه عندما يتم تأسيس الهيئة الحكومية الانتقالية فإن بشار الأسد ومساعديه المقربين والملطخة أيديهم لن يكون لهم دور في سوريا ..ولا بد أن تكون هناك مساءلة على الأعمال التي تم ارتكابها أثناء الصراع الحالي". من الواضح أن الخطاب في هذه الفقرة موجه إلى أصحابه، ولا يلزم مؤتمر جنيف2 بشيء، وهناك فرق كبير بين أن توافق أنت على حصول شيء وبين حصوله فعلياً. بالطبع من المتوقع أن تطالب جميع أطراف المعارضة التي سوف تشارك في مؤتمر جنيف2 بأن تتحمل السلطة القائمة المسؤولية عما حصل في سورية وان تتنحى، بل وان تحاسب أيضاً، وهذا شيء مفهوم ومطلوب، لكن ذلك ليس شرطا واجب التنفيذ، فقد يرى المؤتمر غير ذلك، على الأقل خلال المرحلة الانتقالية. حتى "المساءلة" التي طالب فيها البيان في نهاية هذه الفقرة جاءت عامة لا تخص السلطة وحدها بل جميع " الأعمال التي تم ارتكابها أثناء الصراع" مما يترك الباب مفتوحا لمساءلة المعارضة ذاتها، وخصوصا المعارضة المسلحة. والمساءلة هنا غير " المحاسبة " التي لطالما طالبت بها المعارضة السورية بجميع فصائلها، مما يترك باباً لنجاة حتى المجرمين الذين ارتكبوا المجازر ضد السوريين من العقاب، أقله في المدى المنظور. في الفقرة الرابعة من البيان ورد في مقدمتها عبارة " نرحب بالتقدم المنجز بخصوص التحضيرات لمؤتمر جنيف 2 ونتعهد بتقديم الدعم الكامل للممثل الخاص المشترك.." .لقد حسمت هذه العبارة مواقف الأطراف المشاركة في لقاء لندن ومنها بطبيعة الحال الائتلاف، بصورة لا لبس فيها من مؤتمر جنيف، ومشاركتها فيه، بل وتعهدها بتقديم " الدعم الكامل" للسيد الأخضر الإبراهيمي "الممثل الخاص المشترك". في الفقرة الثامنة من البيان أشير بوضوح إلى المخاطر الناجمة عن " انتشار التطرف" ويذكر بالاسم " تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" – داعش" وجبهة النصرة .. " ويترك الجملة مفتوحة لتشمل قوى أخرى محتملة. يفترض بالائتلاف بعد هذا البيان الذي وافق عليه أن يخرج من خطابه تصنيف هذه الجماعات المسلحة من قائمة "قوى الثورة" ويعتبرها قوى إرهابية. وعلى خلاف مع خطاب الائتلاف السائد فإن البيان في هذه الفقرة يطالب أيضاً بخروج جميع " المقاتلين الأجانب.." من سورية، وليس فقط تلك القوات التي تقاتل إلى جانب النظام. في الفقرة 12 من البيان ورد بالنص يتم " بالموافقة المتبادلة تأسيس هيئة حكومية انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة وتتمتع بالسيطرة على جميع المؤسسات الحكومية بما في ذلك القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وأجهزة الاستخبارات .. وهذه الهيئة يجب أن تكون هي المصدر الوحيد للشرعية والالتزام القانوني في سوريا وإن أية انتخابات في سوريا يجب أن تجري ضمن إطار الانتقال السياسي". قد يكون ما جاء في هذه الفقرة هو " شيطان التفاصيل" بذاته، فالموافقة المتبادلة المنصوص عنها هنا سوف تترك الباب مفتوحا على مصراعيه لتعظيم الاختلافات بين المعارضة والنظام، وإذا ما استخدم كل طرف حق الفيتو الممنوح له بموجب هذه الفقرة، فيمكن توقع عدم التقدم إلى الأمام على طريق الخروج من الأزمة. لذلك لا بد من وضع آليات لحل التعارض والاختلاف في الآراء والمواقف بين المعارضة والنظام، وهي مؤكدة، من أجل نجاح المؤتمر والمساعي اللاحقة للخروج من الأزمة. في الفقرة16، وفي معرض الحديث عن وفد المعارضة الذي ينبغي أن يفاوض وفد النظام ورد بالنص " يجب أن تجري المفاوضات عبر وساطة الممثل الخاص المشترك ما بين وفد منفرد للنظام السوري، ووفد منفرد للمعارضة، والتي يجب أن يشكل الائتلاف الوطني السوري جوهرها ورائدها بصفته الممثل الشرعي للشعب السوري". تبدو هذه الفقرة الطعم الذي ألقي للائتلاف لتحفيزه على تغيير إستراتيجيته السياسية والقبول بالحل السياسي. لكن هنا أيضا لم يعتبر الائتلاف الممثل الشرعي والوحيد للمعارضة، وإن عبارة " أن يشكل الائتلاف جوهرها ورائدها.." تعني أن هناك قوى معارضة أخرى، سوف تشارك إلى جانب الائتلاف في مواجهة وفد النظام، وإن توصيف دوره بالجوهري والرائد لا يعني ان دور المعارضين الآخرين ليس جوهريا ورائداً. بصورة عامة يمكن القول أن بيان "لندن11"، يتطابق في أفكاره الرئيسية مع بيان جنيف1، وهو يكاد يستلهم في أغلب بنوده ما جاء في المذكرة التنفيذية لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي والتي سلمت للمسؤولين الروس والأمريكان وكانا قد أبديا إعجابهما بها في حينه.
#منذر_خدام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أوهام تعاند السقوط
-
مؤتمر جنيف2 وسقوط الأوهام
-
حظوظ مؤتمر جنيف2 بين النجاح والفشل
-
ويبقى للتاريخ قول....
-
أسئلة مشروعة
-
بانوراما الثورة
-
مذكرة تنفيذية لرؤية هيئة التنسيق الوطنية للحل السياسي التفاو
...
-
مثقفون وسياسيون رعاع
-
عفوا مانديلا نحن غير
-
للامنطق في - منطق الثورة والمعارضة-
-
السوريون وخطة كوفي عنان
-
روسيا والدم السوري المسفوح
-
مبادرة كوفي عنان إنقاذ للنظام السوري
-
عام على الثورة- الشعب يزداد تصميماً
-
النظام السوري والمآل المحتوم
-
حول دور القوى اليسارية في الربيع العربي
-
رؤية هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديمقراطي في
...
-
عندما تأسرنا الكلمات
-
النظام الذي نريد اسقاطه
-
سأظل أقتلكم حتى ترفعو السلاح
المزيد.....
-
بيستوريوس: لا يجوز أن نكون في موقف المتفرج تجاه ما يحدث في س
...
-
أردوغان يعلن -مصالحة تاريخية- بين الصومال وإثيوبيا
-
الرئيس التركي أردوغان: اتخذنا الخطوة الأولى لبداية جديدة بين
...
-
قوات -قسد- تسقط طائرة أمريكية مسيرة
-
-CBS NEWS-: ترامب يوجه دعوة إلى شي جين بينغ لحضور حفل تنصيبه
...
-
مجلس النواب الأمريكي يصادق على الميزانية الدفاعية بحجم 884 م
...
-
العراق.. استهداف -مفرزة إرهابية- في كركوك (فيديو)
-
موسكو تقوم بتحديث وسائل النقل العام
-
قوات كردية تسقط بالخطأ طائرة أميركية بدون طيار في سوريا
-
رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان التطورات الإقليمية
المزيد.....
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
المزيد.....
|