أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - عاصمة الياسمين














المزيد.....

عاصمة الياسمين


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4261 - 2013 / 10 / 31 - 08:24
المحور: الادب والفن
    


عاصمة الياسمين

إبراهيم اليوسف


إذا كانت دمشق لم تمرخلال حياتها، حتى في أصعب فترات تاريخها طراً، بمثل ماتتعرض له اليوم، من محاولة ليس لمحو الملامح، وإنما لإزالتها عن مسرح الكون، فإن ذلك يأتي مما تحرزه هذه المدينة من كاريزما ليس لدى ابنائها، وحدهم، فحسب، بل لدى كل من رأوها في بوحها، وشفافيتها، وألقها، إنها "شامة" على خدالمكان، أو الجغرافيا، و التاريخ، ولا يمكن الغوص عميقاً للوقوف على أوجه المفاضلة التي تسجل لها، في أي امتحان، مادامت -ستحسب- لأبنائها، ممن استحوذوا علامات فارقة في سايكولوجيتهم، كما أؤمن، عن طريق العدوى، إنها عدوى الكائن من المكان، ماجعل كل من يقع ضمن حدودمغنطة هذه الجهة، يغدو على هذا النحو، ولعل ثيمات كثيرة، في ثقافة ابن المكان، يمكن إعادتها إلى أرومتها، ومن بينها: قاسيونها العالي، برداها، بمائه الرقراق السلبيل، الذي طالما كانت هناك محاولات لإطفائه، ياسمينها الذي يعكس بياض قلب السوري، الأصيل، البياض الذي نعول عليه، بإعمارالمكان أنى أمعن في إيلامه الهدم، وماهذه الثلاثية التي أتوقف عندها-هنا- إلا مناهل للمبدع السوري، شاعراً، وكاتباً، وفناناً-كما محيطهم الأُنسيُّ العام- ويمكن لأي دارس أن يستطيع الحكم على إبداع ابن هذا المكان، من خلال استقراء موشوراته، لمثل هذه المفردات، مادام أن تواجدها من معاييرهذا المبدع، وإن كل خروج عنها، من قبله، ليس إلا تحت دافع الحاجة إلى مواجهة آلة محوها، أنى كانت.
ولعل الشاعر، قادرأن يسجل في دفتره بعض خصائص هذه المدينة، مستعيناً بجملة عناوين أخرى، يظهربعضها، ويواري بعضها الآخر، في إطاركتابة قصيدته، والقصيدة-هنا-كل شيء، وإن كانت نبرة الألم ستهيمن على حبرالكتابة، وكيف لا؟، لاسيما أن هذه المدينة التي طالما ظلت عصية على العابرين، باتت تقدم إلى النطع، ما يجعل كل قصيدة تخطها أنامل أبنائها في حالة استنفارقصوى
ودمشق، بالنسبة إلي، يضيف ابنها، أم أخرى، صدرآخر، عنوان آخر،منهل آخر، حديقة أخرى، لايمكنني أن أنأى عنها، كما هوحال علاقتي بالأمكنة: تل أفندي مسقط الرأس، وقامشلي جارة" الجغجغ" المطفأ، وملعب ظلال الجبال العالية التي حاول واضعو "خط الحديد" قطع رأس المكان عن الجسد، حيث كنت كلما وجدت في جيبي ثمن تذكرة السفرذهاباً وإياباً إليها، من مسقط حلمي، وقصيدتي، ورأسي، بالإضافة إلى أجرة الفندق، ومصاريف الكتب والرغيف، يممت الوجه والقلب والروح، صوبها، تحت سطوة سحروجاذبية كبيرين، ما زلت لا أفهمها، ولا أجرؤ على فك شيفراتها، حيث طالما أعدُّ أن لي، مهما شطت بي عناوين العالم، أن لي بيتين، يفصل بينهما ثمانمئة وستون كيلومتراً، ودمشق-بهذا المعنى- تعني إيقاع الاسم الذي التقطته أذني الطفلية، من أبوي، وبيئتي الأولى، وتعني ذكريات رحلتي الأولى إليها، كما تعني ذكريات الدراسة، ومعارض الكتب، والمقاهي، والشوارع، والصديقة الجميلة، الحانية، التي ضاعت-فجأة-وهاهي ذي تحت رحمة خط آخر، خط من النار، والخوف، يحول بيني وهذا العنوان الذي يعيش معي، في دمي، ووريدي، ونبضي وصباحي، وظهيرتي، وعصري، ومسائي، كما الأشياء الجميلة التي أؤثرها، ولا أستطيع الفكاك عنها البتة.
تلك هي دمشق
ذاك هوحبي لها...!







#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -استعادة طه حسين:
- ثقافة الخلاص
- استنساخ -سانشو-
- مختبرات دهام حسن للتحليل النفسي
- جحيم الثقافي فردوس السياسي
- ملحمة النسر
- سلالم النفس
- التاريخ..1
- صناعة الألم:
- موت الذاكرة
- -دائرة الطباشيرالقوقازية-
- حبكة القص حبكة الواقع
- جيل الاغتراب الأكبر.........!
- الطفل الذي قدم أدوات قصته:
- كرد ستريت ترصد آراء المثقفين والسياسيين الكرد حول انضمام الم ...
- أطفالنا والحرب: من يوميات أيان
- اللاكتابة
- الكاتب و أسئلة الطوفان
- الأول من سبتمبر:
- روح الشاعر


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - عاصمة الياسمين