احمد الحمد المندلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 4260 - 2013 / 10 / 30 - 21:53
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة :
احمد الحمد المندلاوي
**كان في الحمام مع ولده الصغير،لم ينتبه الى الماء الذي يريد سكبه على رأسه،سكب الماء على قمّة رأسه بلا تردّد.
فصاح:أوفـ..فـ...من شدّة الحرارة..ولا إرادياً استمر في سكب الماء على جهته اليمنى.
فصاح أيضاً: أوفـ ..
و لكن بنبرة إختلفت عن سابقتها بنوع من الهدوء..
و استمر بالسكب على جهته اليسرى،و كأنّه لا يريد أن يستفيد من السكبتينِ الأوليينِ اللتينِ صرخ (أوف..) من وطأة حرارتيهما،ولكن هذه المرّة لم يصرخ،و لم ينطق بكلمة..بل راودته إبتسامة رشيقة،وهو يمدُّ يده لأخذ الفوطة (المنشفة) ووضعها على رأسه الأعزل من الشعر إلا قليل منه..والطفل ينظر الى أبيه مراقباً كلَّ حركاته و كلامه بلا إستثناء ؛ و هكذا شأن جميع الأطفال سيما الأذكياء منهم .
هنا نادى الطفل: بابا .
الأب:نعم.
الطفل: بابا ..لو كنتَ تسكب الماء البارد على جسمك، أيضاً كنتَ تصرخ من برودته ..
الأب: طبعاً يا بُني.
الطفل: بابا .. و تسكت عن الصراخ في المرّة الثالثة أيضاً!
الأب: و هل كنتُ صامتاً في المرّة الثالثة.
الطفل: نعم يا بابا، إذاً الحار و البارد سيّانِ في نهاية الشوط، مثل ماما (والدتي) ..
الأب : وكيف ذلك يا صبي؟
الطفل : يا بابا أقصد بالعكس من والدتي،فإنَّها تصمت مرتينِ حين تغضبُ أنتَ عليها،و بالثالثة تصرخ بأعلى صوتها بوجهك فتسكتُ أنتَ يا أبي،أليس كذلك !
صمت الأب،و ظلَّ بلا جواب ،و لا ردّ.
و أردف الطفل قائلاً:
- هناك فرق بين الحالتينِ.
الأب: (بتهكم) ما هو يا (كنديّ) العصر؟
الطفل:لا تزعل يا بابا .. - مجرد كلام - .
الأب :صحيح - مجرد كلام-،
و لكن إفصحْ عنه كي نرى رأيك يا عبقري- بتهكم-!
الطفل:إنَّك لم تبتسم لها بعد إنتهاء الشّوط كما في الحمّام..يا أبي عليك أن تبتسم لها أيضاً؛فليست قيمتها أقلُّ من الماء،بل هي ماء الحياة !!..
*****
احمد الحمد المندلاوي
بغداد – 20/7/2012م
Ahmad.Alhamd2013 @yahoo.com
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟