عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4258 - 2013 / 10 / 28 - 12:32
المحور:
الادب والفن
كُلّنا .. كيوسف في البئر
كُلّنا .. كيوسف في البئر
لا أحدَ يفتحُ عينيه .. ليُبصرَ دمنا الخفيف ..
وهو يطفو فوق المخلّفاتِ الصَلبةِ للقتَلَة ْ.
لا أحدَ ينتظرُ البدو َ الذين يمرّونَ صُدفَةً .. ليعلكوننا .. مثل صُبّيرٍ رخيص ْ ..
نحنُ الذينَ نـَقُصُّ عليهم أحلامنا عن القحطِ .. والقمحِ .. ونساءِ " العزيز " المستحيلاتْ
والسلاطينَ القابضينَ على الحُنجُرَةْ .
***
أنتَ تحتاجُ المرأةَ - الحُلمَ
لتعقِدَ صفقَتَكَ الأخيرة مع العالم
العالم الذي أحببتهُ كثيراً
فلمْ ينتبِهْ لكَ .. وأنتَ تشيخُ وحيداً .. كفَحْلِ النخيل .
وها أنتَ .. في هذه العُزلةِ الموحِشَة
تحاولُ أن تفترِضَ أنّكَ تُحِبُّ وجهاً جميلاً .. لأمرأةٍ ما .. لاتعرفها
لكي تكون احلامكَ مُضيئة .
في هذا العُمرِ .. نحنُ نحتاجُ شيئاً كهذا ،
لكي نموتَ بسلام ،
والأبتسامةُ مرسومةٌ .. على وجوهنا المُطفأة .
***
ذهبتُ لزيارة امّي
رأيتُ على جدار غرفتها رقعةً
" لا تحزن ْ إنّ اللهَ معنا " .
لم تكنْ أمّي في البيت
والغرفةُ خاليةٌ
كنتُ وحيداً ..
فحَزَنْتْ .
***
كنتَ تتمنى أن تعبِرَ جسوراً كثيرةً .. ذاهباً صوبَ حُلمكْ .
وأنتهى العمرُ قبل أن تكتشِفْ ..
أنّ المرايا لاتتعرفُ على وجهكَ في الفراغِ المُقابلْ .
وأن الجسورَ لمْ تكُنْ موجودةً .. إلاّ في مُخيّلتكَ التي تشبهُ البحر .
وأن النساءَ تتداولُ جَسَدَكَ .. كالذهبِ المغشوش .
وأنّ لا حبيباتَ في إنتظاركَ .. يُلَوّحنَ لكَ .. كأنّهُنَ واقفات على جُرف روحك .
وأن رائحة الأمّ قد ماتت معها .. منذُ أنْ قرّرَ أبوكَ الزواجَ بجنيّاتِ الحروبِ .. التي لا تنتهي .
***
كلُّ إناثِ البطاريقِ عادتْ .. عَداها .
أنظرُ إلى بطريقِنا الطفل ، كسيراً ، وينظرُ إليّ ،
ونمضي معاً إلى الثلجِ العظيم .
يقولُ لي .. قدْ تعودُ
أقولُ .. لا .. لن تعودْ
فنشعرُ بالبَرْدِ ، لأوّلِ مرّة ،
منذُ الشتاءِ القديم .
***
لا أحَدَ يُجيد ُ قراءة التاريخ ْ.. مثل ُ أمــّي .
كانت تردّدُ على مسامعي دائماً .. مقطعها المفضّل في " إلياذة " الروح :
ترَفّق ْ بروحِك َ يا بُنيّ ..فلا بدائل َ للحُزن ِ هنا ..غير ُ الله ِ ..أو السُلطان ِ.. أو المنفى ..
أو هذا الذي أنتَ فيـــه .
***
حينَ تبدأُ لُغَةُ النارِ بالعزفِ
سأنزَعُ نايَ الماءِ عن فَمي
وألملمُ خوفي
وأجيءُ لأحميكِ من رصاصِ لا يفهمني
وقاتلٍ لايعرفني
وسكاكين لاتثقُ بقلبي
وبنادق محشوّة بـاليائسين .
وكلّما همَمْتِ بي .. داهمَكِ الأسى
وكلّما همَمْتُ بكِ .. كان الضجيجُ يمنعني من البَوْحِ
فأرتدي قميصي الذي لمْ يُقّدْ
وأعودُ إلى البيتِ وحدي
لأعْلِكَ صُبّيركِ النابتِ في فمي
مثل حصانٍ عتيق .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟