وصفي أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4257 - 2013 / 10 / 27 - 13:25
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
العلاقة بين المعارضة والعائلات التجارية المتضررة من الاحتلال البريطاني
تم التركيز في المقالات السابقة عن العلاقة بين حركات المعارضة والعائلات التجارية المتضررة في فترة الاحتلال البريطاني , أو العائلات لبتي أصبحت لها رابطة بالصناعة العراقية الفتية والتي لم تتفق مصالحها مع القوة الشرائية شديدة الانخفاض لسواد السكان . ولكن , ماذا عن الدور السياسي للعائلات التجارية وصاحبة المال التي استفادت اقتصادياً من الأوضاع القائمة ؟
كانت الشرائح العليا من الطبقة التجارية اليهودية ـ التي شكلت مجموعة من المستفيدين الرئيسيين حتى سنة 1948 ـ مرتاحة تماماً للسياسة البريطانية منذ الغزو البريطاني لبغداد سنة 1917 وحتى نهاية الانتداب سنة 1932 . وفي الشؤون السياسية , كان نوابهم في البرلمان , والممول ساسون حسقيل , الذي كان صاحب حقيبة المالية في وزارات النصف الأول من العشرينيات , يوافقون على ما يوافق عليه الانجليز ويعارضون ما يعارضه الانجليز . وكان هذا إلى حد ما , نتيجة طبيعية لخط سلوك الحكومة البريطانية , وكان المفوض المدني البريطاني قد كتب منذ سنة 1918 يقول : (( إن العناصر التي علينا أن نشجعها أكثر ما يمكن هي الطائفة اليهودية في بغداد بالدرجة الأولى )) . وبعد سنة 1932 بقي التجار اليهود دوماً خارج النشاط السياسي . وكانت ظروفهم الموضوعية تجعل أي طريق آخر مستحيلاً . وفي الوقت نفسه , فإنه كانت لبعضهم ـ الأغنى ـ اتصالات جيدة . وعلى سبيل المثال , فغن عائلة زلخا , الذين عملوا في الصيرفة بنجاح , وخصوصاً في اقراض المال , والذين كانوا يساوون 100 جنيه استرليني فقط سنة 1899 صاروا يملكون بيتاً مالياً له فروع في القاهرة والاسكندرية وبيروت ودمشق , وممتلكات قيمتها 10 ملايين جنيه استرليني سنة 1948 . , وأصبحوا مصرفيي نوري السعيد و العائلة المالكة . وكانت عائلة زلخة تظهر أمام الملك الجانب الليبرالي فيها عندما تسنح الفرصة , فعندما ذهب الملك في زيارة له إلى مصر , مثلاً , وضعوا بتصرفه هناك منزلاً ريفياً وجياد . وكذلك فقد كان حاييم نائانييل , وهو مليونير متعهد نقل , صديقاً شخصياً لجميل المدفعي الذي تسلم رئاسة الوزارة أكثر من مرة . أما اللاويون فكانوا (( يدهنون بالدسم أكف )) كبار مسؤولي الدولة لحماية أو تسهيل تجارتهم بالسيارات . ويروي محمد مهدي كبة في مذكراته أنه عندما أصبح وزيراً للتموين سنة 1948 وجد من الضروري أن يشتري سيارة خاصة لنفسه , فنبهه ممثل اللاويين إلى أن (( العادة تقتضي بإجراء تخفيض في الأسعار لأصحاب المعالي الوزراء وخصوصاً وزير التموين )) , وأن الشركة مستعدة لإجراء أي تخفيض يقترحه كبة نفسه , ومن المؤكد أن هذا لم يكن سلوك اللاويين وحدهم , بل كان واحد من السبل الأكثر شيوعاً وملائمة التي كان التجار يشترون بها النفوذ ويحصلون على عطف رجال السلطة . يتبع
وصفي السامرائي
#وصفي_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟