|
قضية الصحراء الغربية: هل عزمت إسبانيا على كشف أنيابها وإسقاط الأقنعة؟
إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 4257 - 2013 / 10 / 27 - 04:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تمكنت اسبانيا من إقناع برلمان الحلف الأطلسي "الناتو" بعدم تصنيف البوليساريو كمصدر خطر على المغرب. وهذا فعل قد أثار امتعاض الجميع بالمغرب. وقد تكون خطوة من شأنها أن تثير ردود فعل الديبلوماسية المغربية في عهد الوزيرالجديد صلاح الدين مزوار. ومن المعلوم الجمعية البرلمانية للحلف الأطلسي مكونة من نواب برلمانات الدول الأعضاء في هذه المنظمة العسكرية وممثلين عن 18 دولة أخرى منها المغرب. في هذا الاجتماع ترأست الوفد الإسباني، النائبة "بياتريس رودريغيث سالمونيس" من الحزب الشعبي الحاكم، وهي التي قدمت مقترح "إلغاء أي إشارة إلى اعتبار أن الصحراويين وجبهة البوليساريو يشكلون خطرا على سيادة بعض الدول في الصحراء الغربية". صفعة اسبانية من المرتكزات التي قعّد عليها الوفد الاسباني مقترحه أن جبهة البوليساريو "تخلت منذ سنوات عن العنف وتهدف إلى حل النزاع بالطرق الدبلوماسية والمفاوضات، وتثق في المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة في هذا الشأن". ويعتقد الوفد الاسباني أنه لا يمكن التنصيص في أي بيان اعتبار البوليساريو خطرا، وتبقى القضية من اختصاص الأمم المتحدة. ويرى الكثيرون في هذه المبادرة الإسبانية ضربة لمجهودات المغرب لاسيما وأن اسبانيا كانت قوة استعمارية في الصحراء حتى سنة 1975، ويأخذ برأيها ملف الصحراء. كما أن المغرب ظل غالبا ما يتبنى الصمت في ملف سبتة ومليلية المحتلتين على أمل الحصول على دعم اسباني لموقفه في نزاع الصحراء، فهل المقترح الاسباني الأخير في الجمعية البرلمانية للحلف الأطلسي يدل على عدم التزام اسبانيا بهذا الاتفاق الضمني غير الموثق بين البلدين؟ والغريب أن تأتي مبادرة الحزب الشعبي الحاكم في اسبانيا في اليوم نفسه الذي بدأ فيه المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ملف الصحراء "كريستوفر روس" زيارته إلى المنطقة. كما يتزامن مع مرحلة صعبة يجتازها المغرب بخصوص هذا الملف، وهذا أكّده الملك محمد السادس في خطاب افتتاح البرلمان. نعم، منحت الولايات المتحدة الأمريكية المغرب، منذ سنوات، امتياز الحليف الاستراتيجي لها خارج حلف الناتو، وهي صفة خولته وضعا متميزا على حساب العديد من الدول العربية الأخرى، فضلا عن دول الجوار. كما خولت له صلاحية الحصول على الأسلحة المتطورة بأسعار تفضيلية ووفق شروط مجزية، وهذا امتياز لا تتوفر عليه العديد من الدول النامية التي تعاني الأمرين في الحصول على وسائل الدفاع الخاصة باستراتيجيتها الوطنية. هذا دون أن يغيب على الأذهان، أن هذا التعيين هو من القرارات التي يختص بها الجهاز التنفيذي والرئيس الأمريكي بالذات، ويدخل في سياسة التوازن التي شرعت الولايات المتحدة في سلوكها بالنسبة للمغرب العربي وشمال إفريقيا منذ 2004، وهي سياسة ترتكز على الحفاظ على الأصدقاء التقليديين، وربط علاقات مفضلة معهم، ولكنها في الوقت نفسه سياسة ترتكز على حماية المصالح الحيوية للولايات المتحدة حيثما كانت. كما أن الولايات المتحدة تعتبر أن المغرب يمكن أن يشكل ورقة قوية في المنطقة ، فهو يتوفر على موقع استراتيجي ممتاز، وبإمكانه أن يكون وسيطا بامتياز في ربط علاقات مفضلة مع بلدان إفريقيا ومع باقي البلدان العربية. وقتئذ كان موقف اسبانيا إيجابي من الصحراء المغربية. إذ حذرت الحكومة الإسبانية من إجراء استفتاء حول الصحراء، واعتبر إن ذلك من شأنه أن يدخل المنطقة كلها في صراع وتوتر وتكون مضاعفاته خطيرة على كل الأطراف. وخلال زيارة العاهل الإسباني إلى المغرب، جددت إسبانيا دعمها للجهود الأممية لإيجاد حل سياسي لقضية الصحراء.
أول ردة فعل حكومية في أول ردة فعل حكومية، تحدثت مباركة بوعيدة، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، عن وجود تحركات دبلوماسية مغربية على أكثر من جهة للتصدي للمقترح الإسباني الذي وافقت عليه الجمعية البرلمانية التابعة لحلف الشمال الأطلسي (الناتو) القاضي بعدم استمرار تصنيف جبهة البوليساريو منظمة تشكل خطرا على وحدة المغرب. بالأمس القريب بالأمس القريب أطلق المعهد الأوربي للدراسات الإستراتيجية من مقرة في (بروكسل) تحذيراً من خطورة حالة التفكك التي تعيشها جبهة البوليساريو، كونها ستصب في خدمة تنظيم القاعدة في المغرب العربي الإسلامي. كما أشار أن الكثير من عناصر البوليساريو أضحوا من أهم الناشطين في التهريب حيث غدت بالنسبة لهم الفائدة والربح هي الهدف الرئيسي من كل فعل يقومون به ، لذلك فهم يكرسون نشاطهم في البحث عن عائدات إضافية ، على غرار المرتزقة الذين يسعون إلى تصريف تجربتهم السابقة داخل الهياكل العسكرية للحركة الانفصالية الصحراوية، حيث صار لديهم الاستعداد الكامل للانخراط في أي منظمة إرهابية سيما بعد أن مارسوا التهريب بكل أشكاله وصوره. لقد اختلطت الأوراق ولم يعد من السهل التمييز بين المهربين والإرهابيين وبين أولئك الذين يطلقون على أنفسهم سياسيين ودعاة حرية. وكشف هذا التقرير عن وجود تواطؤ بين الإرهاب في المغرب الغربي وتهريب الأسلحة والمخدرات، وأعضاء سابقين أو حاليين للبوليساريو التي تشهد حالة من التفكك، الأمر الذي سمح بنمو ما اعتبره المعهد "صناعة هجينة للاختطاف"، التي تمول، بفضل دفع الفدية، الإرهاب وأنشطة تنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي" في كل أرجاء المنطقة.ويشير المعهد إلى أنه منذ بضع سنوات، لوحظ أن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" أولى اهتمام أكيدا بجبهة البوليساريو، التي أصبحت أحد الروافد الرئيسية للاستقطاب بالنسبة للمنظمة الإرهابية.. مؤكداً أن الشبان الصحراويين اليائسين يمكن استقطابهم. وهكذا، باتت مخيمات تندوف تشكل "منجم ذهب محتمل" بالنسبة للمستقطبين. وهذا خطرا حقيق يهدد أمن واستقرار ليس المملكة الغربية وحسب وإنما دول المغرب العربي والمنطقة. كما أنه تعالت أصوات عديدة تدعو إلى "إغلاق" مخيمات الحمادة لكونها أصبحت تمثل نقطة ضعف أمام مكافحة الإرهاب في تجمع جيو-استراتيجي يمتد من المغرب العربي إلى منطقة الساحل. كما أنه تعالت أصوات عديدة تدعو إلى "إغلاق" مخيمات الحمادة لكونها أصبحت تمثل نقطة ضعف أمام مكافحة الإرهاب في تجمع جيو-استراتيجي يمتد من المغرب العربي إلى منطقة الساحل. وقد أكد تقرير نشر برسم سنة 2012 بواشنطن من قبل المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب التابع لمعهد "بوتوماك" تحت عنوان "الإرهاب في شمال إفريقيا وفي غرب ووسط إفريقيا: من 11 سبتمبر إلى الربيع العربي" أن "مخيمات تندوف التي توجد تحت نفوذ ميليشيات البوليساريو تحولت إلى أرض خصبة لتجنيد شبكات إرهابية ومهربين من كل الأصناف وعصابات إجرامية وبالتالي فإن إغلاقها بدأ يكتسي طابع الأولوية". وأقرّ أيضا أن التهديد الذي يشكله تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" يحتم على المجتمع الدولي أن يجعل في مقدمة أولوياته الترحيل الدائم لسكان هذه المخيمات وفقا للبروتوكولات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة. وخلص إلى ضرورة إيجاد حل نهائي لقضية الصحراء . التي تشكل "عائقا للأمن بالمنطقة وتحول دون إقامة تعاون اقتصادي حقيقي بالمغرب العربي ومنطقة الساحل". وأشار التقرير إلى أن سلسلة الاعتقالات أكد وجود صلات وثيقة بين تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وشبكات إجرامية من أمريكا اللاتينية لتنفيذ عمليات واسعة لتهريب المخدرات نحو أوروبا عبر منطقة الساحل. بتواطؤ مع أعضاء جبهة البوليساريو. كما حذر تقرير آخر أصدرته مجموعة التفكير الأمريكية "كارنيجي إندومنت" من أن المصالح المشتركة والتواطؤ الواضح بين تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وجبهة البوليساريو تعتبر محركا لتنظيم إرهابي ستكون له انعكاسات "لا حصر لها" على استقرار وأمن المنطقة. وأوضح التقرير أن "الفروع التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تعمل بإصرار على تقوية علاقاتها بتجار المخدرات في مخيمات تندوف، الذين تغلغلوا فيها على نطاق واسع من خلال تجنيد شباب يشعر بالإحباط". وأبرز التقرير أن "تورط شباب صحراويين في تهريب المخدرات بالمنطقة أضحى حقيقة مثيرة للقلق"، مشيرا إلى أن هؤلاء الشباب "يعانون من تنامي عزلتهم اجتماعيا وغياب التوجيه، ولا يتوفرون على أي أفق". وظل المغرب يحذر المنتظم الدولي من خطر الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء ، خصوصا بعدما تأكد تورط عناصر من جبهة البوليساريو في أعمال إرهابية ، سواء في موريتانيا أو في مالي أو في الجزائر . وفي هذا الإطار سبق أن حذرت وكالة الأنباء الإيطالية "أنساميد" ، في غشت 2012 ، من حالة الفوضى غير المسبوقة التي تعرفها منطقة الساحل والصحراء. وكذا من خطر تفاقم انعدام الأمن بالمنطقة وامتداد رقعته إلى السواحل المتوسطية.
فهل كل هذه الأخطار غير ذات أهمية في عيون من كانوا وراء مقترح عدم تصنيف البوليساريو كمصدر خطر على المغرب والمنطقة؟
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطب الحسن الثاني النارية
-
قضية المدينتين السليبتين: سبتة ومليلية بين صمت الحكومة المغر
...
-
-من أجل مصلحة الوطن- مقولة حق أريد بها الباطل المستطير
-
يستنكر السود العنصرية والاستعباد الذي تمارسه جبهة البوليساري
...
-
طموحات الذهب الأسود المغربي لا تنضب
-
تعيين مغربي وزيرا في حكومة مالي الجديدة
-
حكومة بنكيران لا تجيد إلا شيئا واحدا سياسة تنغيص حياة المواط
...
-
أطول شريط تخصصه القاعدة للمغرب يستهدف النظام الملكي هل هي ال
...
-
تزوير العملة جريمة اتسعت بالمغرب
-
بين مقهى فاخرة وأخرى مقهى فاخرة ما سرّ تناسل مقاهي من هذا ال
...
-
يتساءل المواطن المغربي المغلوب على أمره: هل منظومتنا القضائي
...
-
التصاعد الصاروخي للوافدين من جنوب الصحراء على المغرب فرض اعت
...
-
ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر قضية ظلت مطمورة في سلة مهمل
...
-
أصدقاء ملك المستقبل للمغرب
-
قسمة ضيزى
-
لا وجود لعلاقات تجارية بين المغرب وإسرائيل ... لكن
-
المغرب : كان الأمل سابقا أما اليوم فضباب فوق ضباب
-
جذور تهميش وإقصاء جيل من المغاربة لم يفرح بشبابه
-
تقنين زراعة الكيفّ في المغرب... إلى أين؟
-
هل ولج المغرب نادي مالكي الغواضات الحربية؟
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|