|
الشباب وامراض التكنولوجيا المعاصرة
سندس سالم النجار
الحوار المتمدن-العدد: 4257 - 2013 / 10 / 26 - 02:30
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
"الشباب وامراض التكنولوجيا المعاصرة "
"نص المحاضرة التي القيتها في البيت الايزيدي في مدينة ( لاهر الالمانية ) يوم 3 ـ 10 ـ 2013 "
في محاضرتي هذه يسرني ان القي الضوء جليا على محورين رئيسيين واساسيين للتكونولوجيا المعاصرة وصداها على الفرد والاسرة والمجتمع ...
المحور الاول : التكونولجيا كتعريف علمي وثقافي ومعلوماتي ، ونظرة مقتضبة على محاسنها ومساوئها على الفرد والاسرة والمجتمع .. المحور الثاني : التكنولوجيا المعاصرة صداها وتاثيراتها المباشرة والغير مباشرة ، السلبية والايجابية على الفرد والاسرة والمجتمع .. المحور الاول : تعريف علمي وثقافي ومعلوماتي للتكونولوجيا زائدا نظرة مقتضبة على محاسنها ومساوئها على الفرد والاسرة والمجتمع :
التكنولوجيا كتعريف ، مفردة مشتقة اساسا من المفردة اليونانية ( Tekhnologi ) الشق الاول من الكلمة باللغة الانكليزية (Techne( معناها الحرفة ، اما الشق الثاني ( Logia ) ومعناه دراسة شئ . وللتكنولوجيا مفاهيم عديدة تشير الى العديد من فروع العلم والدراسة . وهي العملية التي يقوم بها الانسان بهدف تحسين وتعديل طبيعة الحياة او الاشياء بشكل يسهل حصوله على حاجياته . والغالبية تحلل مفهوم التكنولوجيا على انها كل شئ من صنع وبراعة الانسان . كالكومبيوتر والهواتف النقالة والكومبيوتر المحمول والتلفونات التي تعمل باللمس وكثير الكثير نحن في غنى عن ذكرها في محاضرتنا هذه .. . . وللتكنولوجيا محاسن ومساوئ في نفس الوقت . فهي بقدر ما خلقت للانسان الراحة والتسهيل ، بقدر ما خلقت له مشاكلا على اصعدة مختلفة . فالتسهيلات التي منحتها للانسان وسائل المواصلات والتواصل الانساني ، وما كانت تحققه في شهر اختصرته الى بضع سويعات وبلا مشقة ، كما كانت ترسل الرسائل والطرود سابقا ، وما كان يرسل في اسابيع او شهور اصبح وصوله محققا في ثواني كارسال الايميلات عبر النت او المسجات عبر الهواتف او التحدث بالهاتف صوتا وصورة عناء . . ومحاسن التكنولوجيا ايضا ترجح كفتها ، فهي اضافة الى انها جعلت العالم مكانا صغيرا واختصرت المسافات البعيدة بين بلدان العالم ، فهي تغلبت واختصرت الفوارق الثقافية واللغوية الى جانب الجغرافية ، فلم تعد هناك حدود ، حيث اصبح تبادل خبرات ووجهات النظر المختلفة ، وهذا يعني زيادة الوعي لدى الشعوب . فالانترنت خير مثال على ذلك ،اصبح اليوم ثورة علمية نتيجه لوفرة المعلومات والمعارف التي بامكان الانسان الحصول عليها سهولة . ولم تعد هذه الخدمة تسلية او ترفا فحسب حتى ارتقت الى الضرورة القصوى احيانا ، ولكن المشكلة الرئيسية تكمن في الوعي في تنظيم استخدامه وكيفية الاستفادة منه و من الوقت وادراك سلبياته وايجابياته الانية والمستقبلية ، وعدم الاكثار منه للدخول الى عالم الانحرافات والجريمة احيانا . .. والخطورة تكمن عند الاطفال والمراهقين الذين لا يتجاوزون اعمار دون العاشرة من العمر الذين يحترفون استخدام النت الذي يكون متوفرا في كل منزل بل مع كل فرد من افراد الاسرة كوجوده في الهواتف النقالة .. كما نعلم ،الاطفال والمراهقون فضوليون بطبيعتهم وهذا يطبق على النت ايضا ولذلك يجد الاطفال فرصتهم الذهبية لزيارة المواقع المثيرة التي تقودهم الى مواقع اخطر كالمواقع الاباحية ومواقع العنف والجريمة . وليس لهم الا التفاعل مع تلك المواقع التي تسهل عليهم الاغراء لارتكاب اي سلوك منحرف وغير سوي ليصبح متمردا على اهله وعلى الواقع او مجرما حقيقيا محترفا الجريمة في المستقبل وبكل بساطة الايجابيات :.
ايجابيات الانترنت حقيقة لا حدود ولا حصر لها . ولا يمكن الوقوف عليها جميعا ببضعة نقاط لكننا سوف نقف على الهامة منها والتي لها ارتباط مباشر في حياتنا وابناءنا اليومية . 1ـ للانترنت منفعة كبيرة في مجال الدراسة والتعلم . حيث توفر جميع المصادر والمراجع التي يحتاجها الفرد لكتابة ابحاثه وواجباته المدرسية . 2 ـ معرفة اخبار العالم ومعرفة كل ما يجري من احداث في المجالات الثقافية والرياضية والسياسية وكثير الكثير . 3 ـ تعلم اللغات الاجنبية حيث توجد مواقع كثيرة للترجمة والتعلم . 4 ـ ممارسة الالعاب الجماعية كالعاب الذكاء والالعاب التعليمية وهذه تنمي روح المنافسة . 5 ـ المواقع الترفيهية التي يحصل من خلالها الفرد على الموسيقى والافلام والصور وكل الاخبار العالمية المصورة . 6 ـ تعلم فن ومهارات التواصل والحوار الحضاري مع مختلف الجنسيات اضافة الى التعرف على ثقافات العالم المختلفة . 7 ـ الكتابة على برنامج الكتابة والطبع ، وبهذا يتم الاستغناء عن الحبر والورق . السلبيات :
1 ـ الدخول الى المواقع الاباحية والخلاعية التي تقود المراهقين الى الانحراف . 2 ـ اهمال متابعة الدروس والواجبات اليومية . 3 ـ انتشار المعلومات والاخبار المجردة عن الصحة . 4 ـ الانطواء على النفس والانعزال عن افراد الاسرة . 5 ـالمواقع اللاخلاقية التي تعمل على اغراء الاطفال والمراهقين ونشرها باساليب تقودهم الى سلوك منحرف ومنافي للاخلاق والقيم الدينية والانسانية . واغوائهم والتحرش بهم في غرف الدردشة . 6 ـ تشجيع الانتحار من خلال بعض غرف الدردشة . 7 ـ الوقوع والتورط بقصص الحب الوهمية والصداقات الخيالية مع شخصيات مجهولة تدخل باسماء مستعارة وتخوض معها قصصا تنتهي بنهايات خطيرة . 8 ـ القمار ومواقعه المنتشرة والترويج لها عبر الانترنت . 9 ـ التعب الجسدي والارهاق النفسي الذي يسببه الاستخدام الطويل للكومبيوتر . والامراض المباشرة التي تصيب الفرد مثل ضعف النظر وآلآم في العيون ـ امراض المفاصل والعظام والعمود الفقري والاعصاب ـ قلة النوم ـ قلة الطعام ـ قلة التحدث مع من حوله .. ويقول البروفيسور ليف سولفورد رئيس قسم الأبحاث بجامعة لوند السويدية, السويد أكبر مصدر للتليفون المحمول في العالم, إننا لا نحتاج لأن ننتظر المستقبل لكي نشعر بخطورة وحجم ما يحدثه المحمول من أضرار, بل إننا نشعر به الآن, فأورام المخ الخبيثة تعد ثاني أسباب الوفاة من السرطان في الأطفال أقل من15 عاما, وايضا في الشباب أقل من 43 عاما في السويد, ويضيف د.سولفورد إنك عندما تستخدم المحمول علي أذنيك لمدة طويلة, فإنك تضع بارادتك ميكروويف يمكن أن يطهو خلايا مخك علي الهادي. وفي استراليا تعتبر أورام المخ هي السبب الأول للوفاة من السرطان, وهو ما يشير باصابع الاتهام إلي التأثير الطويل المدى للموجات الكهرومغناطيسية الناتجة عن استخدام المحمول, وفي إحدى حلقات برنامج الشأن الحالي علي التلفاز الاسترالي ظهر واحد من جراحي المخ والاعصاب البارزين وهو د.تشارلي تيو ليعلن أن ازدياد نسبة سرطان المخ بنسبة21% في الاطفال في الآونة الأخيرة له علاقة باستخدام التليفون المحمول, والتعرض للموجات الكهرومغناطيسية بكثرة, وحذر الأهالي من استخدام الاطفال والشباب الصغير للمحمول, وفي الوقت نفسه اعترف الطبيب أن ابنته البالغة من العمر12 عاما لديها أكثر من محمول وتستخدمه بكثرة, وهو لايستطيع أن يمنعها, وهو ما يسبب انزعاجه الشديد وقلقه عليها... واثبتت الدراسات ان الدفء الحاصل حول الأذن نتيجة التحدث بالهاتف اوقاتا طويلة يكون سببا واضحا في حرق الجلد ، والصداع ، والدوار ، وعدم الراحة ، والتعب ، والالم وذلك لما ينبعث من الهاتف النقال من اشعاعات كهرومغناطيسية .. ... ...
استخدام التليفون المحمول أثناء الحمل أو بالقرب من المولود في الأشهر الأولي بعد الولادة هناك دراسات بواسطة د.روبرت كين تؤكد زيادة نسبة حدوث مرض التوحد اوتيزم نتيجة التعرض بكثرة للموجات الكهرومغناطيسية, وقد لوحظ من خلال الدراسة ارتفاع نسبة الإصابة بمرض التوحد من4 ـ5 من بين كل عشرة آلاف طفل لتصبح واحدا لكل500 طفل, والشيء المثير حقا أن هذه الموجات تؤثر أيضا علي جهاز المناعة الذي لم يكتمل نموه بعد في هذه السن المبكرة, أما أطباء الأسنان في بريطانيا فقد حذروا من زيادة وقت التحدث عبر التليفون المحمول لأنه قد يكون له تأثير علي زيادة نسبة سرطان الفم عند شريحة المراهقين, وأن زيادة تأثير الموجات الكهرومغناطيسية للمحمول يزداد خاصة عند الذين يركبّون في أسنانهم معادن لتقويم الأسنان. .. سماعات الأذن هل تحل المشكلة؟ أِشار باحث إلى أن بعض سماعات الأذن زادت بمعدل ثلاثة أمثال من كمية الإشعاعات التي تنتقل إلى الإنسان بدلاً من أن توفر الحماية من المخاطر الصحية المحتملة من استخدام الهاتف الجوال…وسبق وان ربطت ابحاث بين استخدام الهاتف ا لجوال وبعض الأعراض المرضية مثل ورم المخ رغم استمرار انقسام العلماء بشأن المشكلة ..إذا كان مستخدموا الهاتف يخشون من كمية الإشعاعات التي تنتقل إليهم فعليهم الاستغناء عنها . ..
واقي جهاز الهاتف المحمول: وهو عبارة عن قطعة ملتصقة بالهاتف من سبيكة معدنية خاصة ذات قدرة على امتصاص الطاقة الكهرومغناطيسية الصادرة من الهاتف , و تنتقل هذه من السبيكة لليد لتتوزع على الجسم و يتجنب تأثيرها المباشر على الرأس , و بالتالي يقل الضرر الناتج من المحمول على الدماغ .. المحور الثاني : التكنولوجيا المعاصرة صداها وتاثيراتها المباشرة والغير مباشرة ، السلبية والايجابية على الفرد والاسرة والمجتمع ..
الأسرة (Family) تعرف الاسرة على انها فئة او مجموعة إنسانية منظمة بيولوجيا واجتماعيا ،و تشكل النواة الاولى للمجتمع .. ، تتكون من الزوج والزوجة تربطهما رابطة زوجية مقررة ومعلنة وشرعية.. من اهم الوظائف التي تقوم بها هذه المجموعة من المجتمع ، هي إشباع الحاجات العاطفية وانجاب الاطفال ،وتهيئة الاجواء الاجتماعية والثقافية التربوية والعلمية الملائمة لرعاية وتنشئة وتوجيه الأبناء ، ومحاولة ضبطهم وتربيتهم تربية تتلائم و مدى ما تحمله الاسرة نفسها من مقومات ومواصفات اجتماعية وثقافية واخلاقية ومجتمعية .. مما يجدر به الذكر ~ ان اشد الاضرار الاجتماعية للبرامج الالكترونية والمعلوماتية للتقنية الحديثة هو تقليص للعلاقات وعدم التكيف مع الآخرين وعدم فتح مجالات للحوار والتفاعل مع المجتمع والأسرة ، كما ان الوسائل التكنولوجية الحديثة بالرغم من أهميتها في التقريب بين الشعوب والحضارات الا انها ساهمت ايضا في إقصاء أفراد الأسرة عن عادات طيبة كانت سائدة في الماضي . وكانت هذه العادات هي العامل المساعد لبقاء السلوك الأسري داخل الإطار الذي يجب ان يكون عليه بلا تعقيدات او تجاوزات لتلك القيم والاحوال . فالانترنيت اليوم اصبح عاملا كبيرا يساهم في ضرر الأبناء من حيث المستوى الدراسي والقدرة على التركيز والانتباه ، وتقليل ا لاحساس العاطفي لديهم اتجاه الاهل ، لما يعانون من الانطواء والعزلة وأصبحوا يفتقدون للمهارات الاجتماعية في إقامة الصداقات والتعامل مع الآخرين و حتى يصبح فقيرا بالتحدث والحوار وطريقة صناعة الكلام والتعبير عن نفسه مع فقدان ثقته بنفسه . وهذا بالإضافة الى اكبر المخاطر الاجتماعية وأكثرها ضرراً على الفرد بأكمله هو تبني السلوكيات والأخلاق المنحرفة والصداقات التي تتعارض مع قيمنا الدينية وتقاليدنا الاجتماعية ، التي اصبحت عاملاً مساعدا في توسيع الهوة بين الاجيال فيما يتعلق بثقافة الاتصال مع العالم الخارجي في القيم والأفكار، بل أصبح الكثير من الأبناء يتهمون أبائهم بالتخلف والغباء مما ساعد على تطوير نموذج من الصراع الاجتماعي والثقافي بين الأجيال او شرائح المجتمع او بين الصغار والكبار ،مما ساهم في ارتباطهم بالقيم والأخلاقيات الغربية التي تفصلهم بل وتبعدهم عن مجتمعهم وارتباطهم بذلك المجتمع وتاثرهم به سلوكيا و ظاهريا وروحيا ، مما يقلل من درجة انتمائهم الوطني والقومي والاجتماعي، كل هذه السلبيات ساعدت على زيادة التمزق الأسري وارتفاع نسبة الطلاق ومعدلات الانحرافات الاخلاقية والأضرار النفسية وغيرها لذلك ينبغي على كل اسرة ان تعي بالمجتمع ككل ، خطورة استخدام التقنية الحديثة وآثارها السلبية على المجتمع والفرد.. وعليها ان تدرك جيدا واجباتها في إكساب المعارف العلمية في نفوس الأبناء عن التكنولوجيا ودورها الايجابي في تقدم الفرد والمجتمع ايضاح ابرز واهم الآثار السلبية التي يمكن ان يقع تحت تأثيرها الفرد والمجتمع .. ويمكن ان يكون ذلك عن طريق الحوارات والمناقشات الأسرية التي تتم بين الأبناء والآباء داخل الأسرة في جو من الهدوء والتوازن للحوار والاجابة على تساؤلات الأبناء واستفساراتهم وما يدور في أذهانهم من أفكار ومعلومات . للأسرة دور هام في تربية الأبناء وتوعيتهم وارشادهم الإدراك الصحيح وفلسفة وجود التقنية في الحياة ودورها في بناء المجتمعات ومدى تأثيرها وما هي الطرائق الأساسية التي يجب ان تتبع لترشيد استخدام التكنولوجيا ، ويتم ذلك داخل الأسرة من خلال ضرب الأمثلة الحية التي توضح الأخطار الاجتماعية والنفسية والمجتمعية الناتجة عن سوء استخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، فدور الأسرة لا يقتصر على الجانب المعرفي والإدراكي فحسب ولكن دورها يتعدى ذلك الى الأبناء في استخدامهم القويم للتكنولوجيا وسلوكهم الناتج عن الاستخدام الغير مجروس والغير منظم لتلك التكونولوجيا ومحاولة تعديله وتوضيح طرق الإساءة في استخدامها حتى تنعكس هذه الإساءة ليس عليهم فقط وانما على الأسرة والمجتمع ايضا .. من خلال تفاعلي مع بعض الابناء الذين التقيهم خلال عملي ونشاطاتي المجتمعية كالتي اقدمها الان ، تلقيت مجموعة اعترافات مِن أحَد الابناء ، قائلاً: لا الوم احد واقولها في غاية الحزن ، بانني حتى اليوم لم أتلقَّ تربية سليمة من والديّ منذ صغري ولم اذكر ان احدهم قد كلف نفسه وجلس امامي ذات يوم ليلقي علي بعض النصائح والمواعظ ، فتربيتي وثقافتي تلقيتها من التلفاز ،ومن المجتمع . يحمّلونني اهلي مسؤولية تصرُّفاتي المؤذية لمشاعرهم، ومشاعر الآخرين، ولم يسألوا أنفسهم أولاً عن أسباب تصرفاتي السيئة ..!! . . وقال الاغلبية منهم بانهم سابقا كانوا يتناولون طعامهم مع ابويهم على مائدة واحدة لكنهم بدأوا ينسحبون منها لاسباب عدة منها ك رغبتهم بتناول نوعية معينة من الطعام كان تقوم الام بتحضير وجبة طعام شرقية وهم اي الاطفال لا يرغبونها ، أوكأن يشعرون بالمتعة بالجلوس بمفردهم، ، او الجلوس على الإنترنت بغرفتهم، إضافة إلى مواعيدهم التي لا تنسجم مع مواعيد الغداء أو العشاء" او بسبب تضارب اوقاتهم ووالديهم باوقات المدرسة او العمل ، ما يشكل تذمرا لدى الآباء الذين لا ينسجمون مع أيقاع الحياة العصرية ، وفق ما يقوله مختصون يرون أن الآباء يضيقون أحيانا الخناق على الأبناء،ويوجهون لهم النقد عند جلوسهم على المائدة، ما يجعلهم يفضّلون الأكل بعيدا عن "اللمة" العائلية. كلنا يعلم ان مشهد العائلة مجتمعة إلى المائدة كان وما زال تقليدًا تطبقه الاسرة الشرقية وتعتز به وتحافظ على استمراريته وحمايته وهنا يكون اجتماع العائلات على مائدة في الاجازات فقط، ما يبدي تخوفا من ازدياد الفجوة بين الاباء والابناء .. ويتهرب بعض الابناء من الجلوس على المائدة ، في وقت يبدون استيائهم من والديهم الذين يفتحون في كثير من الاحيان مواضيع مزعجة تسبب لهم الارباك، "فلا يستمتع بالطعام مع العائلة" البعض منهم يقال عنهم إنهم لا يحبون الجلوس مع أهلهم، ولكنهم يرون أن "السفرة" يجب ان تكون بأجواء مريحة، ليتسنى للفرد الاستمتاع بطعامه ، واضافوا انهم قبل البدء بتناول الطعام، يسألهم الوالد عن دراستهم بغضب، ويبدأ بمحاسبتهم على تصرفاتهم، والتضييق عليهم، لدرجة بدأوا ينفرون من الجلوس معهم على المائدة ... .. شكوى وملامة بعض الآبآء لابنائهم : بعد البحث والاستجماع لمجموعة من الاراء لكثير من الاباء والامهات بخصوص ابنائهم وطرق استخدام الهاتف المحمول كانت الردود موحده وكما يلي : يدعي كثير من الاباء والامهات بان الهاتف النقال لا يفارق ايديهم طوال اليوم . ولا يمنحونا اية فرصة للتحدث معهم ، وان طلبنا منهم الجلوس معنا لبرهة كان يكون مع تناول الشاي او الطعام فتكون اجسادهم معنا فقط دون حواسهم جميعها التي تكون مع النت والهاتف . نتحدث معهم احيانا لا يسمعونا اصلا لانهم مندمجين مع برنامج معين ، وان ردوا علينا بكلمة او جملة لا غير ويعودوا ليعاودوا اندماجهم مرة اخرى . وان دُعينا الى مناسبة معينة ورافقونا سيكون الهاتف مرافقا لهم منذ خروجنا من المنزل وحتى في المناسبة نفسها او البيت الذي استضافنا ، فقد نكون جميعا منسجمين بالحديث الا هم منحنين على هواتفهم ومندمجين معه وهنا ايضا لا نجد منهم سوى اجساهدم بيننا ، وان عاتبناهم قليلا متذمرين من الحاله ، يبدون غضبهم وينسحبون على الفور ولا يتقبلون اية نصيحة او توجيه او تحاور او تفاهم في هذا المجال . نحن بهذا نشعر وكان العاطفة منعدمة بيينا وخاصة من قبلهم فلا يعيرون لنا ولقيمتنا وحقوقنا اية اهمية كأم وكأب لنا الحق عليهم ونحبهم ونحتاج عاطفتهم وحنانهم ومجالستهم في امور كثيرة .. أن العادات الحميدة تلاشت منذ زمن طويل، ولم يعد الأبناء على صلة وثيقة بأهلهم، وخصوصا فيما يتعلق بمائدة الطعام، مشيرين إلى ياسهم من أن يتغير الحال للأفضل، بسبب ما تفرضه الظروف المحيطة على العائلة ويستذكرون الأيام الماضية، عندما كان الناس يعيشون على البساطة، حيث كان جلوس أفراد العائلة مجتمعة على مائدة الطعام او على الارض كتقليد شرقي ، من أولويات الحياة العائلية، نظرًا لما له من تأطير لمفاهيم الدفء والألفة والتعاضد الاسري. وفي هذاالمضمار يؤكد بعض علماء الاجتماع وضع حلول مناسبة للطرفين بتحديد وقت لاجتماع العائلة على "سفرة" العشاء، ليجتعموا ويناقشوا أمورا عامة على المائدة بهدف تقوية الروابط الأسرية. ويشددوا على أهمية عدم تناول مواضيع قد تزعج أحد الابناء أمام العائلة، وبعيدا عن الاحراج أمام الأخوة وبقية أفراد الأسرة، حتى لا تدفع الأبناء للجلوس وحدهم. ولأن لمائدة الطعام آدابها، فإن على رب الأسرة أن يبادر بفتح مواضيع عامة تشمل الأسرة بشكل عام، أو فتح مواضيع لها علاقة بأمور الحياة، ولا تخص أحد الأفراد لأن الأبناء عموما، يرفضون السؤال المستمر والإلحاح من قبل أهلهم خصوصا على مائدة الطعام، وإذا أراد الأب او الأم أن يسألا ابنهما عن موضوع معين كالعمل والدراسة وغيره من الامور، فيمكن سؤاله في غرفته الخاصة، او على انفراد بحيث يستطيع الابن التجاوب بشكل سليم مع الأباء ويتحدث براحة أكبر، وفق قول احد اساتذة علم الاجتماع .. ويؤكد اختصاصي علم النفس الدكتور جمال الخطيب، على أن الأهل يتأثرون بشكل سلبي لعدم جلوس أبنائهم معهم على المائدة، إلا أن عليهم ادراك أن الابن يمر طوال فترة حياته بما يسمى بتناقضات بين الآبآء والمجتمع. ويبتعد الأبناء عن الجلوس مع آبائهم، لسببين الأول يتعلق بالمرور في مرحلة (ضغط الأقران) التي يحبذ فيها الأبناء الجلوس مع أقرانهم وأصدقائهم أكثر من الأهل، أما الأمر الآخر فيعود الى روتين الآباء، الذين قد يضيقون السؤال على الأبناء، ما يجعل الابن يفضّل أن يأكل بعيدا عن "اللمة" العائلية متهربا من كثرة الأسئلة التي تزعجه. ويرى الخطيب أن الأهل يجب أن يكونوا على وعي بتلك المرحلة التي يمر بها الأبناء سواء في فترة المراهقة أو ما يتعلق بالظروف الاجتماعية والروتين المستمر، بحيث لا ينزعج الأهل كون الابن سيتغيّر مع الوقت، ويصبح أكثر ادراكا لأهمية الجلوس مع العائلة على "السفرة"، خصوصا اذا التزم الأهل بعدم فتح المواضيع المزعجة لأبنائهم على المائدة، وفق الخطيب ..
سندس سالم النجار
#سندس_سالم_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- - على درب التبانة التقينا
-
- بيوت الله للعبادة لا للسياسة -
-
- هل يتعظ الشعب العراقي من نظيره الشعب المصري العظيم ؟ -
-
- لوحة ما ئية -
-
-يا أنين المسرى-
-
- أيزيديوا العراق تحت النار -
-
- رحلة محاربة في كردستان الجديدة -
-
- والتقينا -
-
-وشنكال الحسناء مازالت تنتحب -
-
- حمامة شرودٌ انا -
-
- اجيتك يا عراق -
-
الشارع الأيزيدي في ظل عاصفة الاصلاح والتجديد -
-
-الموت في رحاب الحب -
-
- ايها الآباء ، ايهما يقودكم الى الفضيلة ، موت بناتكم قتلا ً
...
-
-شئ من الرؤى المتواضعة لحروف شاعر-
-
- ليلة العيد كعينيك -
-
- الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها ! ( من يحب ارضه لا يسعى ال
...
-
- البيت الايزيدي الكردستاني في النمسا يدين بشدة العمليات الغ
...
-
- مزاد وطن -
-
-ويكبر السؤال
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|