أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الاساطير وما ادراك من الاساطير














المزيد.....


الاساطير وما ادراك من الاساطير


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 4256 - 2013 / 10 / 25 - 20:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لكل عصر اساطيره ، وأساطير عصرنا هذا كثيرة وطويلة وباهرة ، ولعل من اهمها وأقواها الاساطير التي تنشئها وتمطرنا بها وسائل الاعلام الكثيرة . كانت الاساطير في المجتمعات البدائية بطيئة النشأة ، وبطيئة الانتشار ، إذ كانت تستغرق العقود والقرون . اما اساطير اليوم ، فهي اسرع من البرق واقوى من الرعد ، وأطول عمرا من فقاعة الصابون . انها تعكس القدرة الهائلة للتطور المهول لوسائل الاعلام ولتقنياته التي أخذت تلف الكوكب كله عبر غشاء من الاقمار الاصطناعية . وقد لا يكون من المبالغة ان نقول اننا امام نوع جديد من الصناعة ، هو صناعة المتخيل وتسويقه على اوسع نطاق . فوسائل الاعلام اليوم تتمتع بقدرة رهيبة على التدويل والتأويل والتعتيم والمسخ والتحريف والتشويه ، إذ انها انطلاقا من حدث صغير وقع في اقصى ركن من اركان الكرة الارضية ، تستطيع ان تنشئ اساطير فقاعية تشد النفوس لفترة ، وتلهب العقول والأخيلة والأفئدة ، وتبلبل العامة والساحة لمدة من الزمن .
وطيف الاساطير الحديثة طيف واسع وعريض ، يمزج الرغبة بالمتخيل ، والمعقول باللاّمعقول ، مستقدما فضاءات تمتد من الطبيعة الى الانسان الى التقنية : من اساطير النجوم البشرية ( بنكيران ، اليوسفي ، لشكر ، شباط .. ) الى اساطير النجوم الفلكية ( القابضون بزمام القرار ) ، ومن حياة وممات الساسة الى الكوارث الكونية ( مذنب هالي ) ، ومن غزو الكواكب البعيدة الى كوارث البيئة ، ومن الكوارث النقدية الى الغرائب والحروب .
الآلية الاساسية في عمليات الاساطير الاعلامية تقوم على التضخيم والتهويل ، وإضفاء الطابع الدرامي والقدري على الاشخاص والوقائع والأحداث . لهذا الاسلوب البيداغوجي الدرامي والسوداوي وظيفة اساسية ، هي جلب الانتباه ، واستقطاب اهتمام المشاهد الكوني ( ولا اقول المواطن او الكائن البشري ) في اتجاه دفعه الى ان يعيش هذه المسرحيات الكونية المؤسطرة ، وكأنها قدر من نوع جديد ، قدر دهري لا فكاك منه ابدا .
هذا فيما يخص الاسلوب . اما فيما يتعلق بالمرجعية الخلفية التي تلجأ اليها الاساطير الاعلامية الحديثة لكي تدعم ( صدقيتها ) ، وتضفي على ذاتها الرديئة مشروعية من زاوية المنطق والحقيقة ، فإن هذه المرجعية متعددة . فهي في الاغلب الاعم تتحدث باسم العلم والاكتشافات العلمية ، ونحن نعلم جميعا مدى القوة السحرية لمفهوم العلم والاكتشافات العلمية . فالعلم هو مصدر المعرفة ، وكاشف الحقيقة ، وأساس القوة ، ومطية الترقي والتقدم . والحديث باسم العلم اشبه ما يكون بأداء القسم بقول الحقيقة ، فذكر مصطلح العلم يغني الخطاب عن البرهنة على صدقه لأنه يحيل الى مرجعية هي مصدر الصدق والحقيقة . وقد يختفي مصطلح العلم و’يستبدل بمصطلح بديل آخر ، هو مصطلح الحقيقة . ومن البديهي ان المقصود في غالب الاحيان بمصطلح الحقيقة هنا هو الحقيقة العلمية سواء من حيث المنهج والطريقة ، او من حيث الموضوع والغاية ، وهكذا تأخذ الاحالة الى العلم طابعا سحريا ، وكأن العلم هو سحر العصر الحديث .
وقد تلجأ الاساطير الاعلامية الحديثة الى مرجعية قريبة من العلم ، او ذات طابع علمي ، هي التجربة . فما تقدمه لنا وسائل الاعلام الحديثة ليس وليد الخيال او الهذاء ( هذيان ) ، بل هو وليد الواقع والتجربة والاختبار ، ومن ثم الحرص على التحقيقات والمراسلات الميدانية . فالخبر الاكثر صحة لم يعد يستمد صدقيته من نوع وكالة الانباء والإخبار ، بل من صوت وصورة المراسل في الميدان ، اي عين المكان : مكان الزلزال ، الشرقي ضريس يحرس على صحة وطمأنينة رعايا صاحب الجلالة في الحج ، المدير العام للأمن الوطني يطير الى فاس ..لخ .
تريد الاساطير الاعلامية الحديثة ، من خلال مرجعيتها الضمنية ، ان تقول لنا ان ما تقدمه ليس فيلما من نسج خيال هيئة التحرير ، بل مجرد حكاية وصفية لما يقع في الميدان ، وكأنها ، إن لم توقف في ايهام المتلقي بأنه قد انتقل شخصيا ( بطريقة سحرية الى عين المكان ) ، فهي انما تنوب عنه في المشاهدة والوصف .
هكذا فيما يخص المرجعيات المعرفية او الابستيمولوجية للأسطورة الاعلامية الحديثة . اما فيما يتعلق بالمرجعية الايديولوجية فقوامها عنصران اساسيان : النزعة الانسانية ، والديمقراطية في سياقهما الليبرالي المشوه و المعطوب .
الاسطورة الاعلامية الحديثة هي خير نصير للديمقراطية ، وحكم الاغلبية ، وصناديق الاقتراع ، وخير نصير للإنسان في صراعه ضد استبداد الطبيعة ( الفيضانات ، الزلازل ، البراكين والأمراض والكوارث ) وضد الاستبداد السياسي ، ومن اجل نصرة قوى الخير والحق على قوى الشر والبغيان والطغيان .
انها اسطورة حكائية كثيفة ودرامية ، منسوجة من صوت وضوء ، ابطالها فاعلون حقوقيون مرئيون ، ومادتها وقائع سياسية واجتماعية وبيئية ، تم اخراجها بالشكل الملائم ، في اسلوب لا يخلو من درامية وتهويل ، حكاية تنال صدقها من العقل والعلم والتجربة والحقيقة والواقع ، وتستمد طلاءها الاخلاقي من القيم اللبرالية والنزعة الانسانية ، وذلك من اجل خير الجميع ولصالح الانسانية كلها .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحور الثالث : حوار مع نوبير الاموي بعد احداث 14 دجنبر 1990
- حوار مع نوبير الاموي مباشرة بعد احداث 14 دجنب 1990 ( المحور ...
- حوار مع نوبير الاموي مباشرة بعد احداث 14 دجنبر 1991
- الكنفدرالية الديمقراطية للشغل
- الوعي لا يحدد وضعية الانسان - قوة الاشياء وقوة الافكار -
- تمريغ حقوق الانسان في وحل الصراعات السياسية الداخلية والخارج ...
- التقنية والسياسة
- المدرسة والمسألة المعرفية
- نحو المحافظة على الهوية الثقافية والاصالة الحضارية
- تنزيل الماركسية
- تذليل المفهوم القروسطوي للدين
- فشل اردوغان والاخوان في محاولة بعث الفاشية العثمانية
- المثقف الماركسي والوعي الطبقي
- دفاعا عن سورية وليس عن الأسد
- الإتجار بالديمقراطية البرلمانية
- الديمقراطية وترويض القدرة السياسية في المجتمع
- الاخوان الفاشيون
- الإستعارة في اللغة السياسية
- - امرأة عند نقطة الصفر -
- الطب والامبريالية في المغرب


المزيد.....




- ماذا قالت أمريكا عن مقتل الجنرال الروسي المسؤول عن-الحماية ا ...
- أول رد فعل لوزارة الدفاع الروسية على مقتل قائد قوات الحماية ...
- مصدران يكشفان لـCNN عن زيارة لمدير CIA إلى قطر بشأن المفاوضا ...
- مباشر: مجلس الأمن يدعو إلى عملية سياسية شاملة في سوريا بعد ف ...
- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الاساطير وما ادراك من الاساطير